أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجيد صراح - كمال داود و الأخرون...















المزيد.....

كمال داود و الأخرون...


ماجيد صراح

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 07:09
المحور: الادب والفن
    


صدر مؤخرا للكاتب و الصحفي الجزائري الفرانكوفوني كمال داود كتاب بعنوان "حرياتي" و الذي جمع فيه حوالي المئة مقال رأي مما نشر في مختلف الجرائد الوطنية و الدولية. بمناسبة صدور هذا الكتاب، الجريدة الفرنسية "لوبوان" خصصت ملفا كاملا للكاتب في عددها ليوم الخميس 9 فيفري أين عنونت بالبند العريض على صفحتها الأولى "كمال داود المثقف الذي يهز العالم".

داود ينتمي لتلك الفئة من الصحفيين و الكتاب الذين يقرأ الجمهور ما يكتبون، و لتلك الفئة القليلة التي تنتقد النظام، ولتلك الفئة القليلة جدا التي تنتقد المجتمع الذي تعيش فيه و تساءل معتقداته. إن كان فيكتور سيرج في كتابه "الأدب و الثورة" 1932، يعتبر أن "الجماهير تطلب منهم (الكتاب) أحكاما، أفكارا، أمثلة و حتى نصائح، و تنتظر منهم التعبير عن ما عجزت هي عن التعبير عنه" ففي مجتمع لا وجود فيه للفرد، حيث المجموعة ترى نفسها وصية عليه و سواء تعلق الأمر بالدين، بالماضي أو بالحاضر فهي تتفق على مسلمات لا تسمح للفرد سواء كان مثقفا، كاتبا أو صحفيا بمسائلتها، و ترسم له حدودا لا تسمح له بتجاوزها و إلا كان مصير هذا الفرد الانتقاد، الكره، العزل و المحاكمة. و هي تنتظر من الكاتب أو الصحفي تكريس مقدساتها، و رفع شعاراتها، و تمجيد أبطالها، و معاداة أعداءها.

كمال داود لم يقم فقط بتجاوز هذه الحدود و بمساءلة هذه المسلمات، بل كان ذلك حتى سببا في نجاحه، الشيء الذي يعتبر في مجتمعاتنا جرما لا يغتفر. يقول ألبيرت كامو "أن تكون مختلفا لا يعني في ذاته شيئا ايجابيا أو سلبيا، بل ببساطة هذا يعني أنك تملك من الشجاعة ما يجعلك تكون أنت ".

في 2014 و بعد عام عن صدور روايته الأولى "ميرسو تحقيق مضاد" التي لاقت نجاحا فقد ترجمت لأكثر من 29 لغة و نال عنها جائزة الغونكور لأول رواية، خرج أحد الاسلاماويين و طالب عبر صفحته بالفايسبوك بتطبيق حكم الإعدام على الكاتب الذي وصفه "بالزنديق و المتصهين المجرم الذي يسب الله تعالى و يتطاول على القران و يحارب الإسلام و اللغة العربية"، طبعا دون أن يقرأ الكتاب أصلا. الحادثة تناقلتها الصحافة أنذاك و لا تزال على أنها "فتوى" أصدرها "داعية" أو "امام" لإهدار دم الكاتب. و في الحقيقة هذا الشخص، ليس بإمام و ليس له أية صفة لإصدار الفتاوي، فهو ليس أكثر من ناشط سياسي اسلاماوي ذهب حتى للقول أنه مع فتح سفارة لداعش بالجزائر. طبعا، هذا لا يقلل من خطورة ما صدر عنه خصوصا و ان علمنا أن الذي أهدر دمه لا يزال مقيما بالجزائر.

بعد الحادثة سارع رئيس الوزراء الفرنسي أنذاك "مانويل فالس" لإعلان مساندته للكاتب بمقال طويل عريض دعا فيه ل "حماية كمال داود". هل كان ما فعله "فالس" حبا لكمال داود و دفاعا عن حرية الرأي و التعبير أم كان له فيه مأرب أخرى؟ لا أدري، لكن الشيء الذي أنا واثق منه هو أن لا دخل لداود لا في "فالس" و لا في كل أولائك الذين استغلوا الحادثة و استغلوا ما يكتب ليضربوا به المسلمين. لكن تمنيت لو أن الذي كتب مقالا يدافع فيه عن حرية كمال داود في التعبير كان رئيس الوزراء الجزائري، ليطمئنه و يقول له و لغيره أن دستور الجمهورية يضمن حرية الرأي و التعبير و الدولة موجودة لحماية مواطنيها و ضمان حقوقهم، و تمنيت لو أن العدالة تحركت تلقائيا، دون انتظار قيام الكاتب برفع قضية أمام المحكمة، كما حدث مع المواطن بوحفص سليمان الذي حكم عليه القضاء بثلاث سنوات سجنا نافذا بسبب منشوراته في الفايسبوك التي اعتبرها القضاء مسيئة للدين الإسلامي.

إن كان الاسلاماويون تهجموا على داود لأنه حطم أصنامهم و داس على مقدساتهم، اختيار الكاتب الكتابة باللغة الفرنسية دون العربية لأن الأخيرة حسبه "لغة يطغى عليها المقدس" الشيء الذي يقيد حرية الكتابة بها، و دافع عن جزائر جزائرية بكل مكوناتها لا جزائر عربية و فقط، جلب له سخط البعثيين من أمثال عثمان سعدي الذي عنون إحدى مقالاته "كمال داود... جزائري سخر قلمه لمحاربة الإسلام و العربية". إن كانت مقالات عثمان سعدي "مرت دون اهتمام" فان عريضة وقعها مجموعة من المؤرخين، الأنثروبولوجيين و علماء الاجتماع من المختصين و المهتمين "بالعالم الإسلامي" و التي نشرت بجريدة "لوموند" الفرنسية بتاريخ 11 فيفري 2016 أين اتهموا فيها الكاتب ب "تغذية الأحكام المسبقة في الغرب عن المسلمين" و وضعوه في خانة أولائك الذين ينتجون الكراهية للإسلام و المسلمين و المحرضين ضد اللاجئين.

العريضة أتت بعد مقالين للكاتب حول الاعتداءات الجنسية الجماعية التي عاشتها مدينة كولونيا الألمانية في رأس سنة 2016 و التي اتهم فيها أول الأمر اللاجئون. كمال داود الذي بدأ مقاله بالتذكير بالاعتداءات الجنسية التي وقعت في ميدان التحرير بمصر، كتب أن "الجنس هو المأساة الأكبر" في الدول الإسلامية التي قال أنها تعاني من "علاقة غير سوية" مع النساء، فمن الكبت الجنسي السائد في هذه المجتمعات إلى "الحديث عن الجنة و حور العين هو من الخطابات المألوفة لدى الدعاة ممن يقدمون مسرات الآخرة كمكافئات لأولئك المعذبين و المعانين من التعاسة الجنسية في الأراضي الإسلامية". الكاتب قال أيضا أن استقبال الغرب لهؤلاء اللاجئين و منحهم الوثائق وحده لا يكفي، بل يجب عليه تعليمهم مبادئ العلمانية و احترام و تقبل الأخر و المساواة بين الجنسين.

هل ما ذكره داود في مقاله من وقائع لا أساس لها من الصحة ؟ طبعا لا. فهل هناك حقائق ووقائع مما يعيشه الصحفي لكن عليه السكوت عنها، تغطيتها و الامتناع عن ذكرها، لأن ذكر هذه المواضيع و التطرق إليها يحتكره الأكاديميون و الجامعيون (المقيمون بالغرب) فهم الوحيدون الذين يملكون آليات التحليل و الاستنتاج دون سواهم؟ أم أن ما في الأمر أن هنالك حدا على الكاتب و المثقف الذي يأتي و يعيش في هذا العالم "العربي إسلامي" أن لا يتجاوزه، و عليه أن يهتم فقط بمواضيع من شاكلة "الاستعمار"، "القضية الفلسطينية"، قضايا بلده الداخلية، و أن لا يتجاوز هذا الحد و يجرؤ على مخاطبة الغرب و تقديم النصائح له؟

هل نقصد أن كمال داود يحق له انتقاد ما يشاء و غيره لا يحق له انتقاده؟ طبعا لا، و سواء أخطأ أم أصاب، فما دام ينشر و يشارك أراءه فإنها قابلة للنقاش و قابلة للنقد، لكن ذلك يتم بانتقاد ما كتب و بتقديم قرائن و براهين على عدم صدق ما قدمه، و على عدم إصابته في أحكامه و استنتاجاته و ليس بالسعي لإسكاته و تجريمه و باتهامه ب "معاداة العربية و الإسلام" تارة و "خدمة مصالح فرنسا و الغرب" تارة أخرى أو "الجري وراء الجوائز العالمية بجلد الذات"...



#ماجيد_صراح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد تامالت؟
- الجزائر: عن العنف و خطاب الكراهية
- الجزائر: ثلاث سنوات سجنا بسبب منشورات على فايسبوك
- لا لعقوبة الإعدام بالجزائر


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجيد صراح - كمال داود و الأخرون...