أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوميديا جرّوفي - رواية - ق . م سيرة سجين سيّاسي- للرّوائي -لؤي عمران موسى-.















المزيد.....

رواية - ق . م سيرة سجين سيّاسي- للرّوائي -لؤي عمران موسى-.


نوميديا جرّوفي

الحوار المتمدن-العدد: 5435 - 2017 / 2 / 17 - 04:16
المحور: الادب والفن
    


الروائي "لؤي عمران موسى" من مواليد 1961 بالسماوة، العراق. يحمل شهادة في علم الحاسوب، له ترجمات أدبية عديدة من العربية للإنكليزية و من الإنكليزية للعربية، يكتب مقالات في المجالات الاجتماعية و السياسية في عدّة مواقع و صحف.
"ق.م سيرة سجين سياسي" هي أوّل رواية له و هو بصدد إنجاز عمل جديد قريبا.

"سيرة سجين سيّاسي" هي مُذكّرات حيّة من زمن كابوسي، زمن لم تندمل جراحه ليومنا هذا، زمن رعب حقيقي، زمن مخابرات أمنيّة و تقارير سريّة، زمن سجون، زمن التعذيب، زمن ذهب فيه شباب و شيوخ و عوائل كثيرة.
إنّه الزمن الذي ذاق فيه الشّيوعي،و المعارضة العراقية أبشع أنواع العذاب.
عندما نقرأ العنوان جيّدا و نتمعّن فيه، نرى الغلاف من سجن مازال محفورا في الذّاكرة لم يُنس و لن يُنس.
(ق.م) حرفان من عدد من العنابر في سجن أبي غريب أُطلقت عليها علامات لتمييزها عن بعضها فهناك (م1، م2...) و (ق1،ق2،...).
الرّوائي "لؤي عمران" عاد بنا لتاريخ قديم جدّا ، أخذنا معه في سرد (بسّام) قبل أربعين سنة عندما كان فتى مراهقا ذو التسعة عشرة عاما حينها يحكي ما جرى له بطريقة تجعلنا نشاهد وثائقي لا نقرأ سرد مكتوب.
بعد سنين طويلة مضت، استجمع بسّام شجاعته للحديث عن كلّ ما حصل له حينها، و ذاكرته مازالت تحفظ الأحداث كلّها، و لم ينس و لا لحظة من تلك السّنين، قرابة الثلاث سنوات قضاها في السّجن بعد أن كان يحلم بالجامعة.
"سيرة سجين سيّاسي" هي وثيقة حيّة و إدانة أخرى لأعتى الدكتاتوريّات في الشّرق الأوسط.. كي لا يعود دكتاتور ثانيّة.
إنّها ذكريات صدى السّنين الحاكي.
هي سرد لوقائع السّجن، فترة الإعتقال من مديرية الأمن العامّة و قبلها في سجن الخناق في المثنى، ثمّ الصعود إلى محكمة الثّورة.
صدق شاعرنا الكبير (يحيى السماوي) حين قال: " علينا أرشفة هذا التاريخ كي لا يضيع".
أجل كي يبقى بصمة تأريخيّة للأجيال القادمة و ليقرأه العالم كلّه.
بسّام يتذكّر تفاصيل سجنه بروح غفور سمحة، لكأنّما علّمته السّنين أنّ الحياة مفهوم واسع، و أنّ أولئك الجلاّدين كانوا بشكل ما ضحايا، تروسا صغيرة في آلة القهر و الدكتاتوريّة.
إنّها مذكرة حيّة في فترة مهمّة جدّا من التأريخ العراقي في ذلك الزّمن الرّهيب.
بعد سقوط الصّنم... و بعد أكثر من ستة و ثلاثين سنة مضت يبدأ السّرد...

سرد بسّام

في منتصف سبعينيات القرن الماضي، عمل البعثيّون على السيطرة على كلّ شيء، و عملوا بصفة خاصّة للقضاء على الحزب الشيوعي و على كلّ شيوعيّ وكل معارض لنظامهم أيضا. فبثّوا شبكاتهم السريّة المسمومة لتعثر على كلّ من ينتمي للحزب الشيوعي لتسوقه للسجن و هناك العذاب الذي لا يمكن تصوّره من طرف وحوش همجيّون الحيوانات أشدّ رأفة منهم.
ففي ذلك العام الذي تمّت فيه مهاجمة مقرّات الحزب الشيوعي و اعتقال عناصره فقد غادر من غادر العراق ، و قد أعدم من أعدم، و اعتقل من اعتقل.
يومها كان بطل روايتنا و صاحب السّرد هنا بسّام يبلغ تسعة عشرة سنة و هو شاب من مدينة السماوة العريقة، كان قد أنهى الإمتحانات الوزارية و حلمه لا يتعدّى إكمال دراسته الجامعيّة ككلّ شابّ.
يتذكّر بسّام الساعة التي اقتحم فيها البعثيون بيته العائلي لأخذه للمديرية في قوله:

" الساعة حوالي الحادية عشرة صباحا كنتُ أراقب التلفزيون منتظرا نتائج الإمتحانات الوزارية و صوت أخي الصغير ينادي " جماعتك بالباب يردوك" رجلان لهما من الوجوه ما لا يبعث في النفس التفاؤل، كانا بارعين بعكس وجوه مخيفة ".

من هنا بدأ المسير نحو المجهول بالتحرك إلى المديرية فيبدأ القلق و الترهيب للاعتراف.

التعذيب:

في المديرية بدأ الكابوس و السير نحو المصير المجهول.
عندما قيل له (اعترف) لم يكن له ما يعترف به فأخذوه للمسلخ معصوب العينين مُقيّد اليدين و نفوسهم عطشى لسماع أصوات التعذيب و صرخات الموت.
فكيف لشاب صغير أن يتعامل مع نوع من الوحوش البشرية؟
هناك قيّدوه و علّقوه و تركوه فغاب عن الوعي و أيقظوه بعدها بركلة، ثمّ عادوا و علّقوه بطريقة أخرى و بدأوا في التناوب على تعذيبه، منهم من يضع قدمه على وجهه و آخر يبصق عليه و الجميع يضحك بقوّة و برغبة عالية مستمتعين بكلّ ما يجري حتى فقد وعيه.
و أخذوا يكرّرون معه حفلهم البغيض يوميّا و لعدّة أيّام . و بعدها قرّروا إرساله إلى النّظارة ليكون مع الآخرين.
بعد بدأ الحرب قرّروا إرسالهم ( بسّام و معه جبار سالم و محمّد) لسجن آخر من السماوة إلى سجن الخناق. في زنزانة صغيرة جدّا، رطبة، و رائحة العفونة فيه لا تُطاق.
و هناك أمضوا أكثر من تسعة أشهر، حيث لا حياة و لا موت و لا شمس و لا قمر و لا حاضر و لا مستقبل.
في تلك الغرفة الصغيرة كانت الأفرشة بالية، الرطوبة شديدة، البرد قارس ، الخنافس لا تُحصى و القمل يملأ الرؤوس.

يقول بسام:

" تسعة أشهر أو أكثر قليلا مضت، و نحن ننتظر الموت الذي قد تكون فيه نهاية للعذاب الذي نحن فيه، لا أحد يتصوّر ماذا و كيف و إلى أين تسير الأمور؟ حيث التعذيب متواصل جسديّا كان أم نفسيّا، فانتظار المجهول وحده يمنعنا من النوم كثيرا. ننام ليلا و الكوابيس تُرافقنا و نستيقظ صباحا على أصوات الذين يُعذّبون تارة، و أخرى على أصوات أفراد الأمن و الشّرطة".

أدوات التعذيب في المسلخ:

غرفة المسلخ أرضها مغطات بقطرات الدم، و الجدران مطلية باللون الأسود، من السقف تتدلى سلاسل حديدية و من حمالة المروحة تتدلى قيود فولاذية. و عدد من الأنابيب البلاستيكية و الهراوات الخشبية منتشرة هنا و هناك في أرجاء الغرفة. مقاعد مدرسية، و عمود خشبي مربوط ببعض الحبال، يشكلان الآلة التي تستخدم بما يسمى الفلقة. عدد من الشبابيك الصغيرة في وسط الجدران، تظهر منها واجهات لأجهزة كهربائية.

محكمة الثورة:

يقول بسام:

" صباح مثل كلّ صباح، ألم و خوف و انتظار. فُتحت باب الزنزانة، نادوا أسماءنا، عصّبوا أعيننا، قيّدوا أيدينا، و ضعونا في سيّارة. و تحرّكت السيّارة لتجوب شوارع بغداد، توقّفت أمرونا بالترجّل. رفعوا العصابة عن عيوننا، و إذا بنا في بناية مليئة بالرجال و النساء.الحزن و الخوف، السّمة التي تعكسها وجوههم المتعبة، و نظرتهم الحائرة. عرفنا فيما بعد أنّها قاعة انتظار محكمة الثورة و هي أعلى محكمة عسكريّة في العراق".

هناك في محكمة الثورة حُكم على (بسام عمار موسى، جبار خضير عباس، محمد عبد الأمير مشل، فاضل هاني طاهر) بالسّجن خمسة عشر عاما مع مصادرة أموالهم المنقولة و غير المنقولة.
أخرجوهم من قاعة المحكمة، قيّدوا أيديهم و عصّبوا أعينهم، و سارت بهم السيارة إلى قسم الأحكام الخاصّة في سجن أبو غريب.
هناك مضى عليهم أكثر من خمسة عشر شهرا لا أحد يعرف عنهم شيئا و لا يعرفون عن أحد شيئا.

زيارة الأهل:

بعد عام و نصف أمروهم أن يُرسلوا البرقيات لأهاليهم في السماوة.
و من هناك بدأت زيارات الأهل لهم في اليوم الأول من كلّ شهر و الجمعة التي تليه و كذلك اليوم الخامس عشر من كلّ شهر و الجمعة الذي تليه.
أوّل زيارة لبسّام كانت من طرف عمّه الأصغر من والده سنّا و والدته، حيث رفض والده الزيارة خوفا من أن يفاجئه الجلادون بجثّته، و هكذا توالت الزيارات.

خارج الأسوار:

بعد ما يُقارب السنتين سجنا صدر عفو عام شمل بسّام و بعض الرفاق فغادروا السّجن و هم لا يصدقون أنّهم نجوا من الإعدام و الموت المحتوم على يد جلاوزة البعث .

كلمة أخيرة:

"سيرة سجين سيّاسي" هي سرد وثائقي و أنا أسمّيها "مذكّرات سجين سيّاسي" لأنّها مذكّرات حقيقيّة أخذتنا لزمن كابوسي من تأريخ العراق، يبقى وثيقة إدانة للدكتاتور و ما عاناه كلّ شيوعيّ في تلك الحقبة الزّمنيّة من تعذيب جسدي و نفسي و التي لا تُنسى و لن تُنسى أبدا فجروحها لا و لن تندمل بمرور الأعوام ليومنا هذا لتبقى وصمة للأجيال القادمة.
التقدير للروائي "لؤي عمران موسى" الذي أجاد في توصيل السّرد للقارئ بطريقته الأدبية و أسلوبه في الكتابة الراقية فجعلنا نشاهد وثائقي و نحن نقرأ إبداعه الفنّي.
تمنيّاتي له بالتألّق في إنجازه القادم و مزيدا من الإبداع و النّجاح.



#نوميديا_جرّوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبي عمري هاتف
- لا قبل و لا بعد
- أور
- كُلّ عام و أنت حبيبي
- جماليّة النّصوص في كتابات الشّاعر -بهاء الطّائي-
- رواية -متاهة إبليس- للكاتب الروائي برهان شاوي
- تلمسان مدينة الفنّ و التّاريخ (جوهرة المغرب)
- كُلّ ما قالوه عنّي صحيح
- رواية -الخامس و العشرون من أيلول- لعامر موسى الشيخ و ماجد ال ...
- لودفيج فان بيتهوفن و السمفونيّة الثالثة
- إليك يا حياتي
- ديوان -حين يتكرّرُ الوقت، يتوقّف..- للشاعر -سعد ناجي علوان-
- نبضي النّابض
- الموصل
- أحبّك أكثر
- مثقفون عراقيون -يهود في خدمة صاحبة الجلالة الصحافة العراقية-
- اسكب لي روحك و...
- رواية -الجحيم المقدّس- للكاتب و الروائي -بُرهان شاوي-
- سمير نقاش.. نقش عراقي في الذّاكرة.
- رواية -مسك الكفاية- للشاعر و الروائي -باسم خندقجي-


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوميديا جرّوفي - رواية - ق . م سيرة سجين سيّاسي- للرّوائي -لؤي عمران موسى-.