أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - معدان الوردة الهولندية














المزيد.....

معدان الوردة الهولندية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5431 - 2017 / 2 / 13 - 22:10
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



ما أن يعبر القطار الذاهب من مدينة دوسلدورف الى امستردام مدينة فينلو الهولندية حتى تظهر لكَ حقول ملونة من زهرة التوليب بضوئها المتعدد الألوان واغلبه البرتقالي الذي صار شعارا للملكة الهولندية ولون قمصان منتخباتها الوطنية .
أتت زهرة التوليب الى هولندا من اراضي الدولة العثمانية وكان في القرن السادس عشر كيلو غرام من بصيلاتها يساوي سعر طن من الزبدة .
تعرفت على التوليب من خلال زميل معي في ذات المدرسة التي تعينت فيها في الاهوار ، وكان هذا المعلم مغرما بهولندا ويزورها كل عطلة صيفية أيام كان الدينار العراقي يساوي اكثر من 3 دولارات امريكية ، وكان الوصول الى تركيا ومن ثم دول أوربا بقطار طوروس لا يكلف سوى خمسة دنانير.
لم يسمح لي راتبي (33 ) دينار شهرياً أن ارافق زميلي بسبب أن أبي أخذ منه وكيل الخواجه اليهودي علوة القمح وعليه أن يتدبر اخرى وهو لا يملك من الدنيا سوى تنور خبز يذهب عنا الجوع وبيت بغرفة من الصرائف واثنتين من الطين.
لهذا ومن خلال عشق صديقي لزهرة التوليب كنت اصغي لحكايات ممتعة عن جمال بنات لاهاي وامستردام ولماذا اهدى الهولندي فان كوخ إحدى اذنيه الى سيدة ابدت ملاحظة هزلية حول حجمهما ، تلك القصص بخيالها ومتعة صديقي بالحديث عنها دفعت عاملي الخدمة في مدرستنا ( شغاتي وريكان ) الى الطلب من المعلم ومني إن كان بالإمكان جلب بصيلات او بذور زهرة التوليب لزرعها في حقل صغير امام المدرسة ، وحين قال صديقي أن زراعتها تحتاج الى سماد جيد ،اجابا : أن روث الجواميس افضل انواع السماد ، معللين ذلك انهما تولعا بالزهرة وهولندا وحكاية الهولندي الطائر ، فهي تحمل رسائل مثل رسائل نوح ، وايضا استغربت من اصغائمها لموسيقى الهولندي الطائر التي صنع منها فاكنر اوبرا شهيرة، وربما شغاتي وريكان اول رجلين من اهل المعدان يستمعان الى موسيقى أوبرا .
جلبت أبصال زهرة التوليب بعد ان وجدتها في محل لبيع البذور ، وكانت سعادة الرجلين كبيرة عندما بدآ بشتلها والعناية بها مع اول ظهور للنبتة من بين التراب ، وهكذا مع مرور الزمن وحكايات زميلنا عن سحر هولندا وجمال نسائها وحدائقها وعلنية القبلات الغرامية بين العشاق في الباص والقطار والشارع العام ، كبرت زهور التوليب وظهرت بألوان عديدة في حقل صار يهدئ فينا التعب والغضب.. وفي المساء نضع حوله الكراسي ونستمع لأوبرا فاكنر او اغنية لنجاة او ام كلثوم فيما شغاتي وريكان يفترشان الارض وهما يستمعان بمرح للموسيقى وعيونها تنظر بحنان الى حقل الورد.
كبر الحقل بعدما كانت عناية الرجلين له تزيد من ابصاله وبذوره ، ولينقلا بعضا من تلك الابصال ويزرعاها امام بيتهما ، وحين توفي ريكان وفارق صديق عمره شغاتي كانت امنيته أن يزرعوا زهرة التوليب قرب قبره ولقد اوفى شغاتي بما تمنى عليه صديقه أن يفعله ، ولكنه قال لي مرة بحزن : أنا حين اموت اتمنى أن يكون التوليب قرب قبري ،هل تتكرم وتزرعه قرب رأسي النائم.
قلت :بكل امتنان.
الآن أنا اعيش حياة المنفى قرب قبر غوته وازور هولندا بين الحين والحين واتذكر شغاتي وريكان كلما تداهمني حدائق التوليب بجمالها ثم انفث حسرة على عدم وفائي لما تمناه شغاتي مني ،حيث انتقل الى السماء فيما انا اعيش هنا صباحات غربتي بعيدا عن سعادته المسائية وهو يستمع الى موسيقى فاكنر وينظر بحنان لزهور التوليب.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب التوراة في قضاء قلعة صالح
- أساطير الطور الصُبيّْ
- عندما يبوح حمام الدوح
- ماري المسيحية وشبوط المعيدي
- أطفال الأهوار والقاص المصري
- هل نحن عبيدكم أيها التيوس..؟
- المداعبة الايروتيكية والسياسة
- عندما يهاجمكَ القرد
- شوبنكن الالمانية ( أمازيغ وصابئة وايزيدين )
- حِينَ يُباعُ الشَرفُ بالترفْ
- يوم جعلنا الورد جنكيزخان
- القيامة عند الملكة فكتوريا ومعدان الجبايش
- خلطة سحرية لعشاء النمور
- ماركو بولو المندائي
- رسالة الى حسين نعمة
- الصوفيون ووكالة ناسا الفضائية
- تريزا المندائية في شارعنا
- مغنيات منفذ طربيل الحدودي
- حمامة في سوق في المنامة
- الاحزمة الناسفة والواح الطين السومرية


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - معدان الوردة الهولندية