أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إبراهيم ابراش - ترامب وسياسة حافة الهاوية















المزيد.....

ترامب وسياسة حافة الهاوية


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 12:07
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لا شك أن الرئيس الأمريكي ترامب شكل نمطا غير مألوف أمريكيا ودوليا ، سواء من جهة اسلوبه الخطابي أو من جهة أصوله الاجتماعية والوظيفية أو من جهة نظرته للإدارات الأمريكية السابقة وللعالم ، ولا شك أيضا أنه أثار قلق ليس فقط حلفائه الأوروبيين ودول في الشرق الأوسط بل أيضا قلق وغضب فئات متعددة داخل المجتمع الأمريكي ، كل ذلك خلق حالة (الترامب فوبيا) التي نستشفها من تصريحات وكتابات ساسة وصحفيين .
نعتقد أن التخوف مشروع ولكن هناك مبالغة في قدرة ترامب على إحداث تغييرات كبيرة ، فحتى وإن كان راغبا في ذلك فالأمر يحتاج لوقت لأن ترامب رئيس للولايات المتحدة الامريكية ، دولة المؤسسات السياسية العريقة والمركب الاقتصادي العسكري والمصالح الممتدة عبر القارات ، وليس رئيس قبيلة أو رئيس دولة من دول العالم الثالث .
كما أن الحكم على سياسات زعماء الدول يكون بعد توليهم كرسي الرئاسة وليس من خلال حملتهم الانتخابية ، ومن خلال الأفعال وليس الأقوال ، وما هو خفي في السياسة أكبر بكثير مما يُقال أو يُفصَح عنه في الخطابات والتصريحات العلنية ، دون أن ننسى أن ترامب مرشح الحزب الجمهوري ودوما كان الحزب الجمهوري على يمين الحزب الديمقراطي سواء في السياسة الداخلية أو السياسة الخارجية.
في ظني أن ترامب وبالرغم من انتقاداته للإدارات الأمريكية السابقة وخصوصا إدارة أوباما إلا أنه سيوظف انجازات سابقيه وما تم تحقيقه وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط ، وفي نفس الوقت سيُحرر أمريكا الدولة من السلبيات والأخطاء الناتجة عن الإدارات السابقة ويلقي بها على مسؤولية الحزب الديمقراطي والرئيس أوباما . الفرق بين ترامب وأوباما أن ترامب يوظف سياسة (حافة الهاوية) حيث يبدأ بالهجوم والتصعيد وصدم كل الأطراف ثم يتدرج بالتراجع والتنازلات ، أما أوباما فقد بدأ بخطاب لين ومثالي ومتصالح مع الجميع ثم مارس عكس كل ما كان يقول وخصوصا فيما يتعلق بمشكلة الشرق الأوسط .
الجديد في شخصية ترامب وسياساته المتوقعة أنه اكثر واقعية وأكثر تحررا من تركة الحرب الباردة بتحالفاتها وأحلافها ومنظماتها الدولية ، أو بصيغة أخرى إنه أبن زمانه ، زمن المال والاقتصاد والواقعية السياسية . لو تمحصنا بعض التصريحات والمواقف التي دفعت كثيرين للخوف من التوجهات السياسية لترامب لوجدناها تندرج ضمن سياسة حافة الهاوية وهي جزء من السياسة الواقعية :
1- ترامب ومقوله (أمريكا أولا)
ترامب لم يأتي بجديد ، لأن كل دول العالم تنطلق من مبدأ المصلحة القومية أولا ، حتى الإدارات الأمريكية السابقة كانت تتصرف على هذا الأساس . فلا نعتقد أن إدارة أوباما عندما أرسلت جيوشها للشرق الأوسط وغيرها من المناطق ونشرت الفوضى والخراب الخ إنما للدفاع عن شعوب العالم ونشر الديمقراطية على حساب مصالحها القومية ! . كل الإدارات الأمريكية السابقة كانت تعمل للحفاظ على مصالح واشنطن وحليفتها إسرائيل ، كما أن هذه التدخلات لم تكن بلا ثمن بل كانت بثمن باهظ تدفعه الدول المتلقية (للمساعدات) ، مثلا الدول الخليجية اشترت بمئات ملايير الدولارات صفقات أسلحة كما تدفع هذه الدول نفقات القواعد العسكرية الأمريكية القائمة على أراضيها أيضا السيطرة على النفط والتجارة الخارجية والاستفادة من تريليونات الدولارات الخليجية الموظفة في الاقتصاد الامريكي.
2- ترامب والدعوة لعزلة الولايات المتحدة
تاريخيا هناك جدل داخل الحزب الجمهوري بين دعاة الانغلاق ودعاة الانفتاح . ويبدو أن ترامب من دعاة الانغلاق ولكن ليس الانغلاق الكامل ، لأن طبيعة التكوين الاجتماعي للولايات المتحدة الامريكية وما وصل له اقتصادها من نمو لا يسمحان بذلك . لذا لا يمكن للولايات المتحدة الامريكية أن تعزل نفسها عن العالم لعدة أسباب أهمها الاقتصادية ، حيث قوة الاقتصاد الامريكي وحالة الرخاء فيها مرتبط بسياستها الامبريالية بحيث يمكن القول بأن امبريالية أمريكا هو ضمان وجودها واستمرارها كدولة . عزل أمريكا عن العالم يعني انهيار المركب العسكري الاقتصادي الركيزة الأساسية للاقتصاد الامريكي ، وهذا المركب يعتمد على الهيمنة الامبريالية لواشنطن .
3- القول بأن ترامب يعزز الشعوبية والنزعات اليمينية
هذا قول صحيح ولكن ، الشعوبية ظاهرة عالمية سابقة لترامب وتتجاوز حدود الولايات المتحدة . الشعوبية واليمين المتطرف كان وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ،وهذه النزعة ممتدة في كثير من دول أوروبا ، وفي الولايات المتحدة الامريكية نفسها فإن اليمين المحافظ واليمينيين الجدد صعدوا إلى مواقع قيادية في الإدارة الأمريكية منذ الثمانينيات ، وترامب نتيجة أو خلاصة لهذه التوجهات . الشعوبية ستثير إشكالات داخل الولايات المتحدة بسبب التركيبة السكانية فيها وهذا هو الخطر من شعوبية ترامب وليس تداعياتها على السياسة الخارجية .
4- الموقف من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي
قبل أن يثير ترامب هذا الموضوع فإن جدلا كان يثور داخل أوروبا حول دور ووظيفة هاتين المؤسستين اللتين من مخلفات الحرب الباردة وكانت وظيفتهما مواجهة الخطر الشيوعي – الاتحاد السوفيتي سابقا- وكان دعم واشنطن لهما من هذا المنطلق ، أما اليوم فترامب رجل الاقتصاد يُدرك أن الصراعات القادمة ستكون حول المصالح الاقتصادية وهو يرى أن الخطر على الولايات المتحدة في هذا السياق لا تمثله روسيا بل الصين وبالتالي على الاتحاد الاوروبي وحلف الأطلسي التكيف مع هذه المتغيرات .
5- ترامب والشرق الأوسط
أثار ترامب غضب وخوف دول المنطقة عندما انتقد صفقة الاتفاق النووي مع إيران وهدد بإلغائها ، كما انتقد طريقة تعامل واشنطن مع دول الخليج متهما الإدارات السابقة بأنها تحمي هذه الدول دون مقابل ، وعلى هذه الدول دفع مقابل الحماية الأمريكية لها - وقد بينا أعلاه عدم صحة هذا الزعم ، ولكنه يريد المزيد - . كما وعد بمحاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة بلا هوادة ، ونعتقد أن وراء هذا الموقف من هذه القضايا يكمن حرصه على إسرائيل ومواجهة كل مصادر تهديدها ، أيضا العداء للإسلام والمسلمين وما يؤكد ذلك موقفه من المسلمين الأمريكيين ، وطقوس تنصيبه حيث القيت كلمات رجال دين مسيحيين ويهود ، مع أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة يفوق عدد اليهود .
نعتقد أن سياسة إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط ستُبنى على انجازات سابقيها من الإدارات الأمريكية . حتى وإن كان ترامب راغبا بمحاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة وإيران فسيحتاج للدول العربية ، ومن هنا نلاحظ مواقف عربية مرحبة بفوز ترامب مثل مصر والعربية السعودية . ولكن ما نخشاه أن ترامب سينقل فوضى الربيع العربي لدول أخرى كإيران وتركيا والعربية السعودية .
6- ترامب والصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تصريحات ترامب حول هذا الموضوع وخصوصا رغبته بنقل مقر السفارة الأمريكية للقدس ، بالإضافة إلى خلفيته السياسية أثارت غضب وقلق ليس فقط عند الفلسطينيين بل عند كثير من قادة العالم ، لأن إقدامه على هذه الخطوة سيترك تداعيات خطيرة على مجرى الصراع وعلى عملية التسوية السياسية وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد جميعا بأن القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن دولة فلسطين ، ومن جهة اخرى فإن الإقدام على هذه الخطوة سينهي عملية التسوية السياسية التي ترعاها واشنطن .
وفي هذا السياق يجب أن لا نستبعد أن يكون في جعبة ترامب رؤية لتسوية سياسية جديدة تقصي القدس وقضية اللاجئين ، ويريد تمريرها من خلال التصعيد أو الهجوم المبكر على العرب والمسلمين ليصدمهم أولا ثم يفرض العودة لطاولة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين انطلاقا من رؤيته الجديدة الأكثر انحيازا لإسرائيل ،وليس انطلاقا من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات .
نعم نقل السفارة أمر خطير ، ولكن ترامب سيستفيد في تمرير قراره من أوضاع خلقتها الإدارة الامريكية في عهد اوباما ، فهذه الأخيرة سكتت على عمليات الاستيطان والتهويد في القدس وكامل الضفة الغربية ، واستعملت أو هددت باستعمال حق الفيتو في وجه كل مشروع قرار يُدين الممارسات الإسرائيلية في القدس – باستثناء قرار 2334 – ولم تعترف بالدولة الفلسطينية ، بالإضافة إلى ما الحقته من خراب ودمار في العالم العربي تحت مسمى الربيع العربي ، مما أضعف قدرة العرب على مواجهة أي خطوات تصعيدية كقرار نقل السفارة الامريكية أو حتى قرار ضم إسرائيل لجزء من الضفة الغربية .
[email protected]




#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات الهوية والثقافة الوطنية ودور الشباب في الحفاظ عليهما
- السلام : هذا المصطلح المراوغ
- مؤتمر باريس : أهميته في انعقاده وليس في مخرجاته
- اجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت كان دون اتوقعات
- اجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت كان دون التوقعات
- انتصرت الرواية الفلسطينية فمتى سيتغير الواقع ؟
- حركة فتح بين استحقاق التحرر الوطني والرهان على حل الدولتين
- الاستيطان أكثر خطورة من الاحتلال
- المؤتمر الأخير لفتح الثورة والأول لفتح السلطة والدولة
- استبصارات من وحي رحيل فيدل كاسترو
- تركيا ما بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة شنغهاي
- المؤتمر السابع لحركة فتح وتحدي تصويب المسار
- قراءة استردادية لوثيقة إعلان الاستقلال
- حركة فتح بين المصادرة والاستنهاض (3) فزاعة حماس وفتح وقطع ال ...
- رئيس أمريكي مختلف واستراتيجية ثابتة
- حركة فتح بين المصادرة والاستنهاض (2) كعب أخيل حركة فتح
- حركة فتح بين المصادرة والاستنهاض (1) حركة فتح انطلقت من عين ...
- وعد بلفور : ملابسات صدوره وإستراتيجية مواجهته
- الأمر أكبر واخطر من خلافة الرئيس
- حول التجربة السياسية المغربية مرة أخرى


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إبراهيم ابراش - ترامب وسياسة حافة الهاوية