أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - وبكى لينوكس!















المزيد.....

وبكى لينوكس!


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 5400 - 2017 / 1 / 12 - 21:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في 25 ديسمبر، اتصلت لكي أُهنيء لينوكس بالكريسماس ..
آلو لينوكس .. ميري كريسماس ..
ميري كريسماس ليديا ..
أخبارك إيه؟ هل كل شئ تمام؟!
الصوت إختنق في حنجرته!
وبكى لينوكس!

من حوالي 5 سنوات، إعتدت علي زيارة سيدة فاضلة من ترينيداد، كانت قد أصيبت بجلطة دماغية "Stroke" أثرت علي ذراعها ورجلها.

دولة ترينيداد يُطلق عليها "جمهورية ترينيداد وتوباغو" وتقع جنوب البحر الكاريبي، علي بعد 11 كيلومتر من فينزويلا، أهلها يتكلمون الأنجليزية، وتُعرف الترينيداديات بقمة الجمال والأنوثة.

مسز جيمس لا أستطيع حفظ أسمها لأنه مكون من حوالي عشرة أحرف أو اكثر، سيدة فقيرة جداً، جميلة جسديًا وروحيًا، لونها الأسود يميل إلي البرونز، فيُزيدها جمالًا، بالرغم من تخطيها التسعون عامًا.

تعيش في كندا تقريبًا معظم حياتها، حضرت هي وزوجها وكانت مازالت شابة، بسبب مرضها وفقرها المُدقع، وفرت لها الدولة شقة مُدعمة تدفع ايجارها من معاشها الضئيل، وأيضًا تُرسل لها بعض الممرضات، أو العاملات الذين يقومون برعايتها بعض الساعات علي مدي الأسبوع، قد يقومون بعمل بعض الأعمال المنزلية أو الطبخ أو تنظيف السيدة نفسها.

السيدة لديها بنتان، وابنها لينوكس الذي غالبا تخطي الخمسون عامًا، وكان يعيش مع أمه، ولكن يبدو أن حظه مُتعثر في الحصول علي وظيفة يعيش منها!

منذ أن حضرت إلي كندا، وأنا أقوم بخدمة المُحتاجين لمن يسأل عنهُم، بسبب مشاكلهم الأسرية أو النفسية، وأيضًا أقوم بخدمة زيارة المرضي وكبار السن سواء في منازلهم أو المستشفيات أومنازل كبار السن، هذه الخدمة اقدمها للمصريين والعرب والأجانب.

هذا العمل عندنا في المسيحية يُسمى "افتقاد" و بالإنجليزية يُسمي "Visitation" ويُعتبر خدمة تطوعية، غير مدفوعة الأجر، بل في بعض الأحيان والمناسبات، أقوم بشراء بعض الهدايا البسيطة، لكي أُدخل البهجة علي قلوب حزينه أو أجساد واهنة، تحتاج لمسة محبة وحنان.

كل الناس من مُنطلق الإنسانية، مُطالبين بان يُقدموا محبة وعمل رحمة للمحتاجين، والمسيحيين مُطالبين بالأكثر أن يُقدموا المحبة العملية للآخرين، كما علمنا المسيح حينما قال، "لأني جُعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كُنت غريبًا فآويتموني، عُريانًا فكسوتموني، مريضًا فزُرتموني، محبوسًا فأتيتُم إليّ" (متي 25: 35-36).
ويتساءل الأبرار، متي يارب رأيناك جائعا فأطعمناك أو عطشانا فسقيناك .. أو ...أو .. ؟
فيرد عليهم قائلاً: الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتُم (متي 40:25).

كانت مسز جيمس من الناس الأجانب الذين أقوم بزيارتهم وافتقادهم، برغم كبر سنها ومرضها كانت تتذكرني بالأسم مهما ان غبت عنها، كنت أقرأ لها الأنجيل، وأقوم بشرحه، وأصلي لها، وأحيانا اشجعها علي أن ترنم حيث أنها كانت تقوم بالترنيم في الكنيسة.

رحلت مسز جيمس من حوالي 5 شهور، وأصبح لينوكس في الشارع، وبدون عمل، لا أدري تفاصيل حياتة، غير أن الحكومة أخذت الشقة!

اتصلت في العيد لأعطي لينوكس نوع من التعزيات والتهاني، ولكنه بكي!

حينما تسمع أو تشاهد إمرأة أو طفل يبكي، ستحتقن مشاعرك بالألم من أجلهم، ولكن حينما يبكى رجل، يكون الموضوع صعب جدًا، لأن هذا يعني أن أمرًا صعبًا أو حدثًا جللاً ابكي هذا الرجل!

لم أتدخل كثيرا في حالة لينوكس، حاولت الحديث عن وحدته وفقدانه أمه، ولكنه إكتفي بالبكاء، وأنا اكتفيت بأن أنسحبت من المُكالمة، والدموع تنهمر من عيوني، وقلبي يؤلمني، لأنني أعلم أنه في الغالب يبكي بسبب، ضيق المعيشة، وربما لا يجد مكانًا يأويه، وإذا وجده، ربما لا يستطيع دفع الأجرة!

ظللت أيامًا مُتألمة، وأفكر كيف أتصرف وأقدم المساعدة له، ولكنني لست في وضع مالي يسمح لي بتقديم المساعدات المالية، وأيضًا لا أستطيع الزيارات، لأنه رجل ويعيش بمفرده، استقر الرأي بعد إشتشارة بعض الأصدقاء علي أن أترك موضوع لينوكس علي الرب، فهو كفيل بأن يرعاه ويُسدد كل إحتياجاته .. آمين!

ضحكت وتذكرت هذه الردود التي دائما نسمعها، مما يتهربون من تقديم عمل رحمة أو محبة للمحتاجين، وللأسف هذه الردود من أثرياء ومُقتدرين، لكي يُبرروا إمتناعهم عن تقديم المساعدات للمحتاجين، تسمعهُم يقولون، ربنا يرسل لهم ملابس ، ربنا يُدفئهم، ربنا يرسل لهم أكل ليأكلوا، فعلاً ربنا هو المسئول!

ولكن الرب يُريددنا أن نعمل معه، يُريدنا أن نُظهر محبتنا لمن يحتاجون لعمل محبة، نحن سنفرح بأننا عملنا كما علمنا المسيح، والآخرين سيفرحون بأخوتهم الذين يقدمون لهم المحبة العملية.

ياما عيون بتبكي وراء أبواب مقفولة، و ياما عيون بتبكي وراء شبابيك مقفولة، ناس كسرتها الضيقة وشظف الحياة، حياؤهم يمنعهُم أن ينطقوا بما يُعانون، وحتي إذا لمحوا بإحتياجاتهم فليس بمستجيت، هؤلاء يبكون كما بكي لينوكس!

وياما ناس قلوبها جاحدة، لهُم مظاهر التقوي وليس جوهر التقوي، تجدهم يُهرولون علي دور العبادة، ويحثون الناس علي ممارسة الطقوس الدينية، وكأنهم أدوا واجباتهم أمام الله، ولكن إياك أن تقترب من جيوبهم!

أقول هذا الكلام لإخواتنا في مصر، الذين يعانون إقتصاديا، ويعتقدون أن مصابهم بسبب مصر!

يا مصريين، لينوكس واحدا من كثيرين يعانون إقتصاديا في دولة غنية مثل كندا، لينوكس يبكي ولا يعرف كيف يأكل ويدفع أجرة غرفة تحميه من ثلوج الشتاء!

يا مصريين لستم أنتم فقط الذين تبكون، بل كثيرين مثلكم، وفي دول كثيرة من دول العالم، وقد تعتقدون أنهم ينامون علي الدولارات والإسترليني واليورو، ويتغطون بالدولارات والإسترليني واليورو!

أختم كلامي بأن أوجهه لمن يملكون الثروات الطائلة، لمن يملكون الملايين، فكرتوني بزمان في مصر، كانوا يقولوا علي المليون "أرنب"، وكل واحد عايز الأرنب يبقي أرانب، هنا أيضا عايزين المليون تبقي ملايين وكأنه سباق الملايين!

وفي هذا السباق المليونى، نسيّ أو تناسى هؤلاء الذين يربون الأرانب، أو يحصدون الملايين، بأن يساعدوا أي شخص، حتي ولو وجدوه محتاجًا لمبلغ بسيط يفك ضيقة مالية عنده، أنهم يكتفون بالقول، أن الله سيفك ضيقته!

أنهم يستندون علي المثل القائل، "عُض قلبي ولا تعُض جيبي"، وإركن المسيح علي جنب بتعاليمه التي تحضنا علي العطاء بدون عائد!

أحيانًا إللي غاوي يربي أرانب، إقصد إللي عايز يعمل ملايين، تجده يضع المليون بجانب المليون، علشان يدفوا بعض، ويبقوا ملايين، تجد الشخص يشتغل سبعة أيام في الأسبوع، ولم يعط نفسه أجازة، لم يستمتع بما حققه من ثروة، والتالي ليس عنده الوقت للبحث عن شخص محتاج، يستحق أن يعطيه مما أعطاه الله، وفجأة تجد الشخص، طب ميتًا، أو طب مريضًا، وفي غضون فترة بسيطة تجده رحل، بدون ملايينه، بدون ثروته، بدون مشاريعه، ملايينه تركته يذهب بمفرده فاضي اليدين والجيوب ودفتر الشيكات، لم تشفق عليه ملايينه، لم تعوضه عن صحته وعمره الذي أفناه في جمع الأموال، وذهبت ربما لتسعد سعيد الحظ الذي سيأخذ علي الجاهز!

جميل أن نسعد بالمال، وليس أن نكون عبيدا للمال!
جميل أن تُسعد إنسانًا بأن تُعطيه مما أعطاك الله، والله سيسعدك كما أسعدت غيرك!
جميل أن تتذكر أن نابليون بونابرت قال: إذا لم تستطع عمل أشياء عظيمة، إفعل أشياء صغيرة بطريقة عظيمة!



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة شارتر
- ماجي الشهيدة الضاحكة
- لماذا تخدشون حيائي؟!
- نوفوديفيتشي
- الشحاتون يُقاضون مُصَممّي الأزياء
- كلبة البيه
- ادخلوا الجسمانية بهدوء ووقار
- السيسي هو السبب!
- ديانتك إيه .. يا هذا؟!
- عيد التركي
- دير سُليمان ذات الألف عام
- ليه العربية؟!
- حلم الملك سُليمان
- هل أصحاب الياقات البيضاء أفضل؟
- إوعيَ تقرب مِنْ إسرائيل!
- حرقوا سابا .. قامت الكاتدرائية
- مام .. مام ..!
- أنا والسيجارة
- د. زويل المصري العربي المُسلم!
- كاتدرائية و جامع


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - وبكى لينوكس!