أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - من وحي مؤتمر فكر - 15: -بصرة الإمارات-















المزيد.....

من وحي مؤتمر فكر - 15: -بصرة الإمارات-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5399 - 2017 / 1 / 11 - 15:03
المحور: الادب والفن
    



حين يزور المرء دولة الإمارات العربية المتحدة، لا يستطيع إلاّ أن يبدي إعجابه بمستوى التطوّر الحاصل في البلد:
أولاً – في معيشة المواطن ورفاهه وتمتّعه بقدر كبير من العيش الكريم والضمان المستقبلي.
وثانياً – للعلاقة الإيجابية التكافلية بين الحاكم والمحكوم، وهي علاقة تمتاز بدرجة عالية من الرضا والقبول، الذي نادراً ما يوجد في دول العالم الثالث، حيث يغلب على العلاقة التصادم والتشكّك، في حين أنها في دولة الإمارات، علاقة تصالحية ووثوقية.
وثالثاً – للاستثمار الكبير في الميدان الإنساني، والمقصود هنا ليس مستوى البناء والعمران والطرق والجسور والخدمات البلدية وغيرها، وإنما في فرص العمل وكفالة التعليم بمختلف مراحله، إضافة إلى التقدم الكبير في الميدان الصحي وتوفيره لعموم المواطنين.
ورابعاً – للقدرة الكبيرة على التعايش السلمي واحترام الخصوصيات في إطار الأمن الإنساني، لا سيّما إذا ما عرفنا بوجود الكم الهائل من الأجانب من مختلف الجنسيات، سواء على مستوى العمالة الوافدة أو مستوى السياحة أو خدمات المطارات وغير ذلك.
وإذا كانت مبادرة تأسيس وزارة للسعادة قد جاءت من باب الاستثمار البشري لمستقبل الإنسان، فإن الأمن الإنساني، اختار تأسيس وزارة للتسامح، وهما خطوتان اتخذتا في العام 2016.
وقد كان مؤتمر "فكر – 15" الذي تنظمه سنوياً "مؤسسة الفكر العربي" هذا العام قد خصص أعماله لـ"التنمية الثقافية" بمناسبة مرور 45 عاماً على تأسيس دولة الإمارات، فرصة مناسبة للاطلاع على جوانب أخرى مهمّة من حياة الناس في "دول مجلس التعاون الخليجي"، حيث تصادف الذكرى الـ 35 لتأسيسه، الأمر الذي طرح أبعاداً جديدة لتناول مسألة التنمية من زاوية العلاقة بالثقافة والآداب والفنون، فالخليج والإمارات تحديداً، ليست آبار نفط وصحارى وأبنية شاهقة فحسب، وإنما هناك ثقافة ومثقفون وآداب وفنون وإبداع، إضافة إلى عمران وبناء وتعليم وتطبيب مجاني وعمل وضمان، في حين أن بلداناً نفطية أخرى لديها مؤهلات إضافية، لكنها تعيش أوضاعاً أقل ما يقال عنها إنها قاسية ومؤلمة، بسبب حروب ومغامرات وهدر للمال العام، والبصرة المدينة والحالة نموذج لذلك.
خلال زيارتي للطبيب الاختصاصي الكبير فرحان باقر، برفقة طبيب الأسنان كوثر الواعظ للاطمئنان على صحته، وهو يدلف عامه نحو التسعين، وقد حبته الإمارات برعاية وإقامة خاصة في ربوعها العامرة في "أبو ظبي"، مقدّرة علمه وتفانيه، تجاذبنا أطراف الحديث بين الحاضر والماضي، واستذكرنا كيف كان العراق مضرب المثل، وكان الشيخ زايد مؤسّس الدولة الاتحادية يردّد: "علينا أن نجعل الإمارات مثل البصرة"، وكان ذلك بالطبع أيام ازدهارها في أواخر الستينات ومطلع السبعينات، وكيف كانت العلاقة الإيجابية بينه وبين الرئيس أحمد حسن البكر الذي كان فرحان باقر طبيبه الخاص، وقد نقل له هذا الإعجاب بعروبة الشيخ زايد ورجاحة عقله وإنسانيته.
وإذا كان حال البصرة يرثى له اليوم على الرغم من أنها كانت ولا تزال المصدّر الرئيس للنفط في العراق، لكنها من المدن الأكثر فقراً وخراباً، وحتى التمور التي كان مصدرها الأساسي محافظة "البصرة" العراقية ليس لدول الخليج فحسب، بل للعالم أجمع، فإنها اليوم تعاني من شحّ في هذه المادة الغذائية الغنيّة، وذلك بفعل الحرب العراقية – الإيرانية التي دامت 8 سنوات وراح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين، إضافة إلى أكثر من 6 ملايين نخلة، ومن ثم الحصار الدولي الجائر، وفيما بعد الاحتلال الأمريكي وما فعله بالعراق الذي تعرّض إلى فوضى عارمة، وظلّت البصرة منذ ذلك التاريخ تتنازعها ميليشيات وجماعات مسلّحة ومراكز نفوذ وإرهاب وعنف طالت الجميع، وبشكل خاص مجموعاتها الثقافية المتميّزة، من المسيحيين والصابئة المندائين وغيرهم، ويتمدّد فيها النفوذ الإقليمي على نحو لم يسبق له مثيل، فضلاً عن استشراء الفساد المالي والإداري وتفشي الطائفية السياسية.
لسنا بصدد مقارنة بين البصرة والإمارات، فالأمر قد يدخل في باب الحسد أحياناً، وفي هذه المقاربة نستهدف الغبطة، لأن الحسد يعني تمنّي زوال نعمة الآخرين، في حين أن الغبطة تعني التمنّي لأنفسنا مثل ما عند الآخرين من نعمة وصلوا إليها بتعب وإرادة وحسن تعامل وبُعد نظر وحكمة، لا سيّما بإرضاء المواطن وتوفير حاجاته وتلبية حقوقه، وخصوصاً الاقتصادية والاجتماعية، في ميدان العمل والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي وغير ذلك.
ومن باب الألم والشعور بالمسؤولية أيضاً استعدنا موقف الشيخ زايد ومبادرته الأخيرة لإنقاذ العراق عشية الاحتلال، والحيلولة دون تدميره، خصوصاً وقد أدرك بحكمته وبُعد نظره ما كان يُخطط له، لكن الأمور سارت باتجاه آخر، وكان الثمن باهظاً والجرح لا يزال نازفاً.
وقد أسعفتني الذاكرة واستعدت زيارة الشيخ زايد إلى العراق العام 1974، واتصلت بمنذر المطلك السكرتير الخاص بالرئيس البكر حينها، وزوج ابنته، لأستفسر منه عن الانطباع الشخصي للبكر عن الشيخ زايد، فأجابني: إن "أبو هيثم" على الرغم من أنه قليل الكلام، إلاّ أنه كان يكرّر القول في مجلسه: إن الشيخ زايد رجل عربي وشهم وله رؤية ثاقبة ويعمل بإخلاص من أجل بلده والعرب، ويا حبّذا لو وُجد مثله أو على شاكلته من الذين يتولون شؤون الأمة، وهو الانطباع الذي كنت قد استمعتُ إليه من الشيخ عبد العزيز التويجري ومن شخصيات عربية عديدة، عَرَفت الشيخ زايد عن قرب.
لقد قدّم العراق للدولة الناشئة مساعدات عديدة كيما تنهض، وقد ذكر لي الدكتور فرحان باقر أن عدداً من الكوادر الطبية والتعليمية، لا سيّما من وزارتي الصحة والتعليم العالي أُرسلوا للعمل في الإمارات، بمتابعة خاصة من الرئيس البكر نفسه، وباتصالات مباشرة لضمان سرعة وحُسن التنفيذ، إضافة إلى مهندسين وفنيين من مختلف الاختصاصات. كما قدّم العراق منحة مالية لوزارة الصحة، ودعم تأسيس أول جامعة في الإمارات، وقد نشرت في حينها مجلة ألف باء العراقية الخبر بصورة موسّعة في شهر (نوفمبر – تشرين الثاني/ العام 1977).
وقد أشاد الدكتور عز الدين إبراهيم مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الثقافية بمساهمة العراق في إنشاء أول جامعة بدولة الإمارات، وإرسال الأساتذة والمدرسين للتدريس فيها، ومن الجدير بالذكر أن الدكتور عبد العزيز البسّام وهو شخصية أكاديمية عراقية مرموقة كان رئيساً لها.
ولتعزيز العلاقة ودعم دولة الإمارات مادياً ومعنوياً قدّم العراق فسائل النخيل هديّة للإمارات، بتوجيه رئاسي خاص، كما حدثني بذلك منذر المطلك، واليوم فإن التمور الإماراتية تُعتبر من أفخر التمور في المنطقة والعالم، ونتذكّر من الصور القليلة التي بثها التلفزيون العراقي في حينها، الحفاوة الكبيرة التي استقبل فيها الرئيس البكر، الشيخ زايد الذي أخذه بالأحضان على خلاف الرؤساء الآخرين الذين كان يصافحهم، ويُقال إنه أرسل طائرة خاصة إلى H3 لجلب حليب النياق لفطور الشيخ زايد. وحسب سعدون حمادي، فإن الشيخ زايد أهدى الرئيس البكر في وقت لاحق مبلغاً قدره 15 مليون دولار بشيك خاص، لكن البكر أودعه في البنك المركزي العراقي لحساب خزينة الدولة.
وإذا كان الشيخ زايد قد تمنى أن تكون الإمارات مثل البصرة، فيحق لنا أن نتمنّى أن تكون البصرة مثل "الإمارات" مثلما نتمنى لجميع البلدان العربية أن تكون على مستوى المواطن في الإمارات من حيث المعيشة وكفالة العمل والصحة والتعليم والضمان، وبصرة الإمارات أو إمارات البصرة هي "الحكمة ضالة المؤمن" كما يُقال!!.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن حكم القانون
- سؤال وستفاليا العربي: الخرائط الجديدة ما بعد داعش
- في نستولوجيا المثقف اليساري
- حوار الأمم الأربع
- ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟
- كلمة د. عبد الحسين شعبان في ندوة حوار مثقفي الأمم الأربعة
- التكفير والتفكير
- (فكر - 15) والتكامل الثقافي
- بوصلة الباحث وشعار الداعية
- علمتني الشام حب الصباح
- ثلاث عقد قانونية لإسرائيل
- خير الدين حسيب: الرياضة النفسية والمثقف الكوني والكتلة التار ...
- في التنوع الثقافي وملحقاته
- حكيم الحكام من قاسم إلى صدام: ثلاث لقطات مثيرة في مذكرات فرح ...
- ترامب وسقف الموجة الشعبوية
- ترامب -الشرق أوسطي-!!
- مأزق العدالة الدولية
- نزع سلاح الآلهة: المسيحية والإسلام من منظور فريضة اللاعنف
- ترامب بين الشعبوية والنخبوية!!
- معركة الموصل و-الاخوة الأعداء-


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - من وحي مؤتمر فكر - 15: -بصرة الإمارات-