أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟















المزيد.....

ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5391 - 2017 / 1 / 3 - 10:05
المحور: المجتمع المدني
    



لم تكن التحدّيات التي تواجه التجربة الجديدة في ميانمار بشرية فقط، تتعلّق بالانتقال الديمقراطي والعقبات التي تقف في طريقه فحسب، بل كانت كارثية طبيعية أيضاً، فقد واجهت البلاد كارثتين طبيعيتين هما الزلزال الذي ضربها، والفياضانات الكبرى التي اجتاحتها لدرجة أن أكثر من 600 ألف مشرّد عانوا من ظروف قاسية، وأدّت الأمطار الغزيرة إلى انهيارات أرضية كانت نتائجها وخيمة.
لنحو قرن من الزمان خضعت ميانمار (وهو اسمها الجديد بعد أن استبدل الاسم القديم "بورما" في العام 1989)، للاستعمار البريطاني، الذي حكمها خلال 1948 - 1852، وبعدها عانت من حكم الدكتاتورية العسكرية نحو نصف قرن أيضاً (من الاستقلال ولغاية عام 2016)، علماً بأن الانتقال إلى الحكم المدني بدأ في العام 2011، وحقّق إصلاحات سياسية محدودة، لكنه تباطأ وتلكأ وانتكس في العديد من القطاعات، على الرغم من وجود بعض هوامش الحرّيات، ولا سيّما حرّية التعبير، وخصوصاً في الإعلام.
ولهذه الأسباب نستطيع أن ندرك المصاعب الجدّية التي تواجه التجربة الميانمارية للانتقال الديمقراطي، ولا سيّما في ميدان العدالة الانتقالية، إذا ما عرفنا تاريخها خلال القرن ونصف القرن الماضيين، تُضاف إليه عوامل جديدة، وهي انفجار عناصر التعصّب والتطرف المجتمعية، خصوصاً بعد وصول تجربة الحكم السابقة إلى طريق مسدود، الأمر الذي وضع البلاد على مفترق طرق، فإما استمرار القديم على قدمه، وهذا ما قد يؤدي إلى الانفجار، أو حلحلة الأوضاع باتجاه تغيير يتم عبر الانتخابات، وهذا ما حصل بالفعل.
وقد شهدت ميانمار، التي يبلغ عدد سكانها 51 مليون نسمة وتتكوّن من 130 مجموعة ثقافية دينية وسلالية وإثنية وفيها نحو 30 لغة، تطوّراً سياسياً جديداً بإجراء أوّل انتخابات حرّة، وتشكيل حكومة منتخبة، واختيار رئيس جديد للبلاد (مارس / آذار 2016)، ولا تزال التجربة الوليدة تواجه تحدّيات كبرى، خصوصاً أن التركة العسكرية الدكتاتورية ثقيلة، وتأثيراتها ونفوذها لا يزالان باقيين، إضافة إلى استمرار تأثير القوات المسلّحة، سواء على الصعيد الدستوري (النص بأن يكون 25% من أعضاء البرلمان من العسكريين وفقاً لدستور العام 2008) أو على الصعيد العملي والسياسي.
وعلى الرغم من أن ميانمار كانت خلال الحرب العالمية الثانية بؤرة مواجهة يابانية –بريطانية، فإن علاقاتها اليوم طيبة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وجيّدة مع الهند والصين التي تتحدث النسبة الأكبر من السكان بلغتها، وهي في الوقت ذاته عضو في المجموعة الآسيوية. كما أن علاقة ميانمار وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقد رفع عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقوبات بلاده الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها، حيث كانت تعتبر "دولة منبوذة"، وأعلن ذلك عند زيارة زعيمة الرابطة الديمقراطية وزيرة خارجية ميانمار أونغ سان سوتشي المكتب البيضاوي، وتأتي هذه الخطوة المهمة بعد سنوات من التقارب الميانماري – الأمريكي.
ولكن وجهاً آخر سلبياً رافق التطوّرات الإيجابية التي حصلت في ميانمار، ففي السنوات الخمس الأخيرة ارتفعت وتيرة التعصّب وأعمال العنف ضدّ المسلمين الذين يزيد عددهم على مليون نسمة، خصوصاً مع ظهور وتنامي نزعة قومية فوقية في البلاد قادها اتجاه أحادي عرقي وديني تزعمه راهب بوذي ويُعرف التشكيل التنظيمي لهذا الاتجاه اختصاراً باسم "ماباثا".
وقد نجحت "الماباثا" في صياغة أربعة قوانين تمييزية رجعية ومتخلفة الأول – قانون حماية العرق والدين، والثاني – قانون الحدّ من عدد السكان، والثالث – قانون زواج النساء البوذيات، والرابع – تغيير الديانة والزواج الأحادي، وهي قوانين أحدثت صراعاً وعنفاً في المجتمع، واتهِم من عارض هذه القوانين بأنه "خائن"، واعتبرت هذه القوانين استهدافاً للمسلمين، في حين برّرها أنصارها بأنها تحدّ من "الغزو الإسلامي".
وخلال عام 2015 ارتفع عدد سجناء الرأي وتعرّضت حركات احتجاج لأعمال عنف، كما ازدادت هجرة المسلمين المعروفين باسم "الروهينغا" من ميانمار إلى بنغلاديش بحكم أصولهم البنغالية وإلى بلدان أخرى، وحسب الأمم المتحدة، فقد خاض هذه المغامرة نحو 100.000 شخص ما بين عام 2014 و2015، وتعرّضت العديد من القوارب إلى الغرق وتوفي العشرات من الفارين، ومُنع اللاجئون من الوصول إلى تايلند وماليزيا وأندونيسيا، إضافة إلى نزوح داخلي شمل نحو 140 ألف نازح من مسلمي الروهينغا، بأوضاع صحية ومعيشية ونفسية سيئة للغاية.
وإذا كان الحكم العسكري الاستبدادي قد تعامل مع الجميع بمنطق القوة، فإن الانتقال إلى الوضعية المدنية فجّر صراعات عديدة كانت غير منظورة، وقد كان نصيب المسلمين الجزء الأعظم منها. فهل سيستطيع الرئيس المنتخب هيتين كياو أن يضع حداً لها، خصوصاً أنه بدأ عهده بشيء من الانفراج السياسي، فقام بإطلاق سراح عشرات المعتقلين والسجناء السياسيين وأصدر عفواً عاماً، الأمر الذي رجّح موضوع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ووضعه في جدول عمل الحكم الجديد، إضافة إلى مطالبات مؤسسات المجتمع المدني.
وعلى الرغم من أن الرئيس الجديد هيتين كياو حاز على 360 صوتاً من مجموع 652 نائباً، فإنه سيكون - بحكم المراتب الحزبية - خاضعاَ لقيادة "حزب الرابطة من أجل الديمقراطية"، التي تتزعمها سوتشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي كان من المؤمل أن تكون في موقع الرئاسة لولا قيود وضعت أمام توليها هذا المنصب في حقبة النظام السابق، وهي تتعلّق بالجنسية البريطانية التي يحملها نجلاها، لكنها أنيطت بها حقيبة وزارة الخارجية.
وإذا كان السلام المنشود وتحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية هدفاً يُراد الوصول إليه، كما هو معلن، خصوصاً بالتخلص من إرث الماضي، فإن الأمر يقتضي تحديد المسؤوليات وكشف الحقيقة، وجبر الضّرر وتعويض الضحايا، وإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، لمنع تكرار ما حدث من جهة، ولمواجهة أعمال التطرّف والعنف من جهة ثانية، وهو ما دعا سوتشي إلى التصريح خلال زيارة كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة في 6 أيلول (سبتمبر) 2016، قائلة: "علينا تحقيق السلام المنشود".
وكان أنان قد دعا لإعادة الثقة وإيجاد السبل الكفيلة بالتمسّك بالقيم المشتركة القائمة على العدل والإنصاف والمساواة، وهو ما قابله البوذيون بفتور ملحوظ، خصوصاً أن البلاد قد هيمنت عليها نزعات الإقصاء والاستئثار، وهو ما يضعها على مفترق الطرق.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة د. عبد الحسين شعبان في ندوة حوار مثقفي الأمم الأربعة
- التكفير والتفكير
- (فكر - 15) والتكامل الثقافي
- بوصلة الباحث وشعار الداعية
- علمتني الشام حب الصباح
- ثلاث عقد قانونية لإسرائيل
- خير الدين حسيب: الرياضة النفسية والمثقف الكوني والكتلة التار ...
- في التنوع الثقافي وملحقاته
- حكيم الحكام من قاسم إلى صدام: ثلاث لقطات مثيرة في مذكرات فرح ...
- ترامب وسقف الموجة الشعبوية
- ترامب -الشرق أوسطي-!!
- مأزق العدالة الدولية
- نزع سلاح الآلهة: المسيحية والإسلام من منظور فريضة اللاعنف
- ترامب بين الشعبوية والنخبوية!!
- معركة الموصل و-الاخوة الأعداء-
- الأمل.. في الطريق إلى لياج
- شعبان في مؤتمر سوون - كوريا
- فضل الله وإدمون رزق وشعبان في محاضرة عن الطائفية والإرهاب
- في مغزى الانتخابات المغربية
- تركيا والموصل والخرائط


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟