أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ترامب وسقف الموجة الشعبوية















المزيد.....

ترامب وسقف الموجة الشعبوية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 20:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل يعود فوز المرشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشعبوية التي اتّسم بها خطابه ومخالفة السائد والمألوف في السياسة الأمريكية، أم ثمّة متغيّرات لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار في التقييم، ليس على الصعيد الأمريكي فحسب، بل على الصعيد الأوروبي بشكل خاص، والعالمي بشكل عام؟
هذه المتغيّرات التي ساهمت في صعود التيار الشعبوي، تساوقت مع المرحلة الجديدة من مراحل أزمة الرأسمالية العالمية، خصوصاً منذ العام 2008 والتي عُرفت بأزمة "الرهن العقاري" التي انهارت على إثرها مصارف عملاقة وشركات تأمين ضخمة، يضاف إليها مشاكل اللاّجئين والهجرة من الجنوب إلى الشمال واتّساع ظاهرة الإرهاب الدولي، وأزمة الطاقة (النفط والغاز)، وهي مشكلات كان قد تحدّث عنها فرانسيس فوكوياما عشية انتهاء عهد الحرب الباردة، مبشراً بظفر الليبرالية على المستوى الكوني.
وإذا كانت الشعبوية الأمريكية التي ارتفع رصيدها على يد رجل الأعمال القادم من خارج المؤسسات السياسية التقليدية، فإن التيار الشعبوي في أوروبا كان له حضور أقدم وأعمق، وقد تمكّن في السنوات الأخيرة من اجتياحها، لأسباب تتعلّق بسياساتها الداخلية والخارجية.
لعلّ أكثر القضايا تداولاً هي الأصعب عند التحديد أو التعريف، فهل الشعبوية هي نظرية سياسية أم فلسفة أم اتجاهاً فكرياً واجتماعياً، أم أنها مثل الكثير من المصطلحات التي تثير تعارضاً واختلافاً نظرياً وعملياً؟ وتنظر الشعبوية إلى أن المجتمع منقسم إلى فئتين متجانستين، وفي الآن ذاته متعارضتين، الأولى التي تمثّل "الشعب النقي" أو "الطاهر"، في حين تمثل الثانية النخبة السياسية الفاسدة، التي يفترض فيها أن تكون الممثّل عن والناطق باسم الإرادة العامة.
وللتدقيق في ظاهرة التيار الشعبوي يمكن القول إنه ليس جديداً، لكنه يبرز في كل مرحلة من مراحل التطوّر التاريخي، وخصوصاً في الأزمات. ففي القرنين التاسع عشر والعشرين وجد التعبير عنه في حواشي الفكر السياسي في أوروبا، وتمثّل إلى حدود غير قليلة بصعود الاتجاهات الفاشية والنازية، وبعض التيارات اليسارية والشيوعية، وخصوصاً عندما تكون في المعارضة.
ويمكن قراءة صعود وهبوط التيار الشعبوي في أوروبا، ولا سيّما الغربية من خلال ثلاث قضايا أساسية، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية:
الأولى – تتعلّق بـ"الحرب الباردة"، وانفراط عقد التحالف المعادي للفاشية والنازية، الذي كان يضم الاتحاد السوفييتي، والتوجّه الغربي الجديد لتطويقه. وكان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل قد أطلق صيحته الشهيرة لحماية "العالم الحرّ" في العام 1947، والتي تمثّلت في المواجهة طويلة الأمد والناعمة مع الاتحاد السوفييتي والشيوعية الدولية، وذلك بتعزيز التحالف مع الولايات المتحدة، القوة الأكبر بعد الحرب.
والثانية – إحداث نوع من التعاون والتنسيق وصولاً للتكامل الأوروبي، وتجسّد ذلك بقيام الاتحاد الأوروبي، الذي كانت مرحلته الأولى، التعاون في مجال الفحم والصلب في العام 1951، لإيجاد سوق مشتركة ضمت فرنسا وألمانيا الغربية وإيطالية وبلجيكا ولكسمبورغ وهولندا، ثم أصبح كياناً له وزن دولي مؤثّر، ولم يكتفِ البعض بما تحقق بل تجاوز طموحه ما هو قائم حين أخذ يدعو إلى "وحدة أوروبية" و"مواطنة أوروبية" بعد "دستور أوروبي" و"برلمان أوروبي" و"عملة موحّدة" (اليورو) وحدود مفتوحة وتسهيلات إقامة عمل ومصالح، وغيرها.
أما الثالثة – فهي قيام دولة الرفاه العام، أي الانتقال من دولة الحماية إلى دولة الرعاية، بتوفير مستوى معيشي وحياتي لائق، وذلك في إطار المنافسة مع الدول الاشتراكية السابقة.
هذه القضايا الثلاث التي حقق الغرب فيها نجاحات غير قليلة، لم تكن بمعزل عن الصراع المحموم مع الشرق، بما فيه سباق التسلّح، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وتفرّد الولايات المتحدة بالنظام الدولي الجديد، وخوضها مغامرات وحروب دون رادع، بدأت بعض العيوب بالظهور إلى السطح على نحو أشد، خصوصاً منذ مطلع التسعينات، لا سيّما ازدواجية خطابها فيما يتعلّق بحقوق الإنسان وكَيْلِها بأكثر من مكيال، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة في الغرب عموماً، من جهة وتعاظم الهجرة من جهة أخرى، وهو ما دفع العديد من الحركات الشعبوية للعزف على وتر القومية مجدداً، ففي فرنسا ظهر "حزب الجبهة القومية" بزعامة جان ماري لوبان الذي رفع شعار "فرنسا للفرنسيين والعودة إلى ثقافتها العلمانية المتميزة"، ليس هذا فحسب، بل إن الأحزاب اليمينية ذات الخطاب الشبعوي انتعشت في عموم أوروبا.
وقد حقق التيار الشعبوي نجاحات في أوروبا فائقة الأهمية، على مستوى الفوز بالحكم أو مستوى المشاركة أو نيل عضوية البرلمان الوطني أو البرلمان الأوروبي، سواء اتخذ شكلاً يمينياً أو يسارياً، وذلك في ألمانيا وفرنسا والمجر وبلغاريا وبولونيا واليونان وإيطاليا وبعض دول اسكندينافيا (الدانمارك والسويد وفنلندا) والنمسا وهولندا وبلجيكا، إضافة إلى بريطانيا، وغيرها.
إن فوز الخطاب الشعبوي الترامبي في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، سيثير قلقاً غير قليل في العديد من الأوساط، بحكم ثقل الولايات المتحدة وتأثير سياساتها عالمياً، والجميع سيترقّب: هل سيمضي ترامب لتطبيق برنامجه الانتخابي الشعبوي أم سينتصر الرئيس فيه على المرشح؟ وهل سيختار سياسة نخبوية على حساب برنامجه الشعبوي المتطرّف الذي أوصله إلى البيت الأبيض أم سيضع وعوده الانتخابية موضع التطبيق حتى وإن كانت بطريقة مخفّفة؟ الأمر الذي قد يخلق توترات ويفجّر نزاعات لا حدود لها، سواء في الداخل الأمريكي أو على المستوى الخارجي.
وإذا كان جذر الخطاب الشعبوي واحداً، سواء كان أوروبياً أو أمريكياً أو غيره، إلاّ أنه يتّخذ أشكالاً مختلفة، فلكل بلد خصوصياته، لكن تأثيراته ستكون مختلفة بحكم وزن البلدان وثقلها وتأثيراتها في السياسة الدولية، وهذا ما ينتظره العالم في نهاية يناير (كانون الثاني) 2017، حين يتسلّم ترامب مفاتيح البيت الأبيض. وإذا كانت الشعبوية الأوروبية ممثلة بـ 47 حزباً، قامت على الدعوة لإعادة النظر فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية والموقف من حلف شمال الأطلسي وقضايا الهجرة والمهاجرين، والتجارة الحرة، والدعوة إلى استفتاءات قد تطال 18 دولة أوروبية، بعضها يريد السير في ركاب المملكة المتحدة (مثل حزب الشعب الدانماركي) وإجراء تصويت بخصوص عضوية الاتحاد، وأخرى تريد الانسحاب من منطقة اليورو أو منع اتفاقية شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي، أو تقييد حرية العمالة وتنقلها، فإن الطبعة الشعبوية الترامبية قامت على شعارات منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وطرد ما يزيد عن 10 ملايين لاجىء وازدراء اللاتينيين والمجاميع الثقافية الأخرى، إضافة إلى الموقف من المرأة، والبرنامج الصحي المعروف باسم "أوباما كير Obama Care"، فهل سيكون هذا السقفُ عالياً، أم أن ترامب سيضطر إلى خفضه؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب -الشرق أوسطي-!!
- مأزق العدالة الدولية
- نزع سلاح الآلهة: المسيحية والإسلام من منظور فريضة اللاعنف
- ترامب بين الشعبوية والنخبوية!!
- معركة الموصل و-الاخوة الأعداء-
- الأمل.. في الطريق إلى لياج
- شعبان في مؤتمر سوون - كوريا
- فضل الله وإدمون رزق وشعبان في محاضرة عن الطائفية والإرهاب
- في مغزى الانتخابات المغربية
- تركيا والموصل والخرائط
- وميض نظمي - الحالم الذي قتلته النزاهة!
- جائزة نوبل والدرس الكولومبي
- اليونيسكو و-نظرية- الهيكل
- صفاقس وتجديد الفكر
- الدولة العراقية والسيناريوهات المحتملة
- تضاريس التنوع الثقافي
- عن قانون جاستا
- قانون -جاستا- غير القانوني
- الطائفية فيروس خطير ضرب المجتمعات العربية
- حوار مع عبد الحسين شعبان لصحيفة المغرب


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ترامب وسقف الموجة الشعبوية