أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أنوار الأنوار - الخروج من القفص














المزيد.....

الخروج من القفص


أنوار الأنوار

الحوار المتمدن-العدد: 5384 - 2016 / 12 / 27 - 12:52
المحور: المجتمع المدني
    


الخروج من القفص
كنتُ في مقتبل عمري حين شاهدت حلقةً من مسلسل سوريّ تتمشى فيه شابةٌ مع رفيقاتها في الشارع وهي تسألهنّ: هل تشعرن بغرابة ما تفعلن؟ فيجبن بالنفي، يدخلن إلى مقهى ويجلسن فتعيد السؤال ليُعدن الإجابة بالنفي. وبعد بثّ الحيرة فيهنّ من تكرار سؤالها تجيب بأن ما يقمن به الآن من أمور عادية حدّ البداهة كان قبل عقود أمرًا مستهجنُا حدّ الاستحالة، وإنما هنّ ينعمن اليوم بما قادته نساءٌ سابقاتٌ من تغيير رؤى المجتمع حتى بات ما كان مستحيلًا (بات) أبسط من عاديّ. في إشارة أنّ كل تغييرٍ للمفاهيم يحتاج مغامرين شجعانًا للمبادرة به، بل وفي إشارة أعمق لكون المرأة هي محرّك التغيير الأهمّ والأقوى في المجتمعات.
حضرني المشهد وأنا أشارك في حوارٍ لنساء "مثقفات" حول العنف الذي تنبّه الجميع فجأةً كم غدا سيد الموقف في مجتمعنا، لأستمع إلى الأيقونة التي تتكرر بعد كلّ فكرة :"الأعراف، الدين، العادات، ورضى المجتمع" لأتساءل كيف يمكن أن تبني ذاتك الحقيقية إن كنتَ لا تنشد غير الصورة المطلوبة؟

يبدو المجتمع مجموعة أفرادٍ يمارسون دكتاتوريتهم بشرعية الجماعة، باسم ماضٍ اختارته جماعةٌ أخرى ممن غابوا وظلت سطوتهم حاضرةً ممتدة، سواء باسم الدين أو العرف أو الأخلاق التي في غالبها ترتدي أقنعةً مزيفة. هو سلاح قتل الفردانية والاختلاف لصالح من اعتنقوا حالةً قطيعيةً تجيد قطع كلّ أمل بمستقبل مغاير. ما يُنسب إلى صلاحية المجتمع هو أعمق حالات العنف الحقيقي الوائد لأية بذور لفردانية الإنسان. فكيف يمكن التخلص من العنف ما دام يترسّخ منذ لحظة ولادتك على أيدي من لا يرتضون لك خطوةً إلا إن تماشت وخطًّا رسمه الأوّلون فأصرّ اللاحقون أن يعيشوه ماضيًا حاضرًا بل وماضيًا مستقبلًا، لاغيًا لأيّ مسارٍ من الحياة الحقّة؟! وكيف يمكن أن تكون مثقفًا ما دمت تسلّم خيط حياتك وخيوط حيوات الآخرين لتلك الحالة الجمعية راضيًا؟! وكيف يمكن للأنثى "المثقفة" أن ترسّخ سطوة المجتمع عليها وعلى أبنائها وبناتها كي تتناسل بقية المسارات؟.

المجتمع الذي يعبُر أعمى عن امرأةٍ تتلقى الضرب والإهانة في الشارع بتبرير أن من يضربها هو زوجها، هو مجتمعٌ تخلى عن أخلاقه التي يدّعي الدفاع عنها. المجتمع الذي يبارك قتل نسائه بتجربم الضحية لتُقتل مرتين، ومباركة الجاني بوسام الشرف يضع شرعيته أمام ألف إشارة استفهام وتعجّب! المجتمع الذي يُضرب أطفاله ويهانون ويُقمعون بوحشيةٍ باسم صلاحيات الوالدين، يؤسس لأفرادٍ ينتظرون أن يكبروا كي يمارسوا ذات الصلاحيات لنظلّ نتوارث صورًا لأبناء منضبطين "مؤقتًا" ريثما يتسنى لكلّ منهم ممارسةُ قمعه على من يليه.
المنظومة التي تحارب كلّ سمةٍ فردانية وترسّخ لتنشئةٍ قطيعية، تتقوقع في الماضي وتصرّ على وأد المستقبل ألا تستحق صرخةً في وجهها لخلق رؤى مغايرةٍ تدافع عن حق الإنسان في أن يكون ذاته لا صورًا وظلالاً مزيفة؟
أن تؤمن بكونك ضحيةً هو السبيل الأسهل كي تتشبّث ببراءتك من دمك، لتظلّ متقوقعًا في حالةٍ تغتالك. بيد أنّ مساءلة الذات الفردية والجمعية هي العتبة الأولى نحو التغيير والارتقاء، ومن المرأة تحديدًا لا بدّ أن تبدأ، إذ تنشئ أبناءً حقيقيين وبناتٍ مؤمناتٍ بإنسانيّتهنّ، لا أطيافًا موهومة متوارَثة.
ما أحوجنا إذن لنساءٍ حقيقيات، كي تبني أفرادًا أحرارًا ومسؤولين، ربّما حينها سنشهد أن لدينا نواةً لمجتمع أرقى، مشرّعة أبوابه نحو المستقبل والحياة.

أنوار الأنوار
كاتبة من الجليل.



#أنوار_الأنوار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الرمان
- نملٌ في العين
- دواة مائلة


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أنوار الأنوار - الخروج من القفص