أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسن حمود الفرطوسي - دعوة مبكرة للتخلّي عن الهيكليات العسكرية الدينية















المزيد.....

دعوة مبكرة للتخلّي عن الهيكليات العسكرية الدينية


حسن حمود الفرطوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1423 - 2006 / 1 / 7 - 09:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ــ عيدك مبارك .
ــ ايامك سعيدة، بس العيد خلص ؟
ــ كل ايام الله عيد .
لم يبق لمثل هذا الحوار السبعيني مكان في المشهد العراقي اليوم، فكل ايام الله اضحت مفخخة لا تحمل معها سوى أشلاء ممزقة وأوجاع وكوارث ودماء .. انها حالة عبور الى جهة أخرى ولكنه عبور متخم بالفجائع .. ما الذي يحدث ؟؟
انه صراع آخر يكتسح المشهد ويغيّب تماما استعدادات العراقيين لاعادة اعمار بلدهم .. انه صراع الهيكليات العسكرية الدينية فيما بينها، صراعات متداخلة وغامضة يتبادلون خلالها الرسائل المشفرة بالموت وبالخراب ..
فالهيكليات العسكرية الشيعية تستغل المراسيم الدينية التي يمارسها المواطن الشيعي وترفع خلال تلك المراسيم شعارات وصور لزعماء احزاب دينية وقادة ميليشيات، للايحاء وبرسالة حيّة للطرف الآخر وهو المعسكر السنّي، كأنهم يقولون لهم ( بأن لدينا جنود كثر وقوتنا هائلة وقادرون على سحقكم ! )
لكن جواب تلك الرسائل عادة ما يكون على هيئة دموية كالذي حدث على جسر الأئمة أو الذي يحدث كل يوم في حشود العزاءات، كانهم يقولون لهم ( وها نحن نقتلهم لكم قبل أن يكونوا جنودا )
وهكذا يقتل المواطن المسكين الذي هو ليس جزء، في غالب الاحيان، من تلك المعسكرات، فأصبح عبارة عن وقود مجاني لادامة الصراع على هذا النحو ، بينما يكتفي الجناح العسكري الشيعي بالشجب والاستنكار، ثم يبدأ خطاب المظلومية بالعويل وتحريض الناس على الاصرار في مواصلة الشعائر الدينية وبأعداد أكبر ( على عناد النواصب )
انها لعبة ذاتيّة الديمومة، كما الالعاب الفيزيائية التي تعتمد حركاتها الاهتزازية الدائمة على قطبي مغناطيس .. لعبة لا تنتهي الى الابد، الا بتحطيمها بالكامل .
فالعسكريّة الدينية لها مفاهيمها الخاصة وتأريخها الخاص وبرامجها الذاتية لديمومة الصراع .. وكما نقلت لنا كتب التأريخ متباهية بنبل قائد المعسكر الاسلامي، صلاح الدين الايوبي وهو يتسلل ليلا ليعالج قائد معسكر الاعداء، ريتشارد قلب الاسد من اصابته في المعركة !! اين النبل في ذلك ؟؟ انها محاولة لاطالة أمد الحرب ليس الا، بل هي خسّة واسترخاص لدماء الناس .. ربما ما زال البعض يراها نبلا ولكنهم حتما سوف لن يتقبلوا هذا النبل اذا ما أقدم عليه رئيس الوزراء الدكتور الجعفري ـ مثلاـ ويقوم بالتسلل الى مخبأ الزرقاوي لغرض علاجه ، هل تعد هذه فروسية ؟ الجواب، لا، بكل تأكيد، لأنها اساليب بالية وعاطلة عن العمل في زماننا هذا، بالاضافة الى أن هناك تطورا خفيا في كيفية استلام المعاني الحقيقية للمفاهيم أو السلوكيات .
فديمومة الصراع عند الهيكليات العسكرية الدينية، تأخذ انماطا متعددة وآليات متحركة وفق المعايير الذهنية العامة، مكونة منظومة ذاتية منتجة لوقود مجاني يشغّل آلة الحرب ويبعد حالة السلم قدر المستطاع .
الدين بحد ذاته كفكرة وكمنهج روحي وأخلاقي، ليس هو العائق الحقيقي في عملية التغيير التي تحدث الان في العالم العربي بشكل عام وفي العراق بشكل خاص، بل هو وجود الكيانات والهيكليات العسكرية المحيطة بالديانات والتي تتكون وتتلاشى وتنشطر وتتفرع وتتصارع وتتصالح وكل ذلك تحت شعار حماية الدين من اعدائه ! من هم اعداءه ؟؟ ولماذا للدين اعداء ؟! لا احد يعلم !
في حقيقة الامر، ليس هنالك اعداء للدين في العصر الحديث، بل هناك اعداء افتراضيون لا تستطيع المؤسسة العسكرية الدينية الاستغناء عنهم، لانهم يمثلون ديمومة وجودها .. فالتغيير نحو النظم الليبرالية والديمقراطية لا يلغي الديانات ابداً ولا يكن العداء لها بالمطلق، فليس بأمكان أي شعب من شعوب العالم ان يدير الحياة يشكل سوي دون ان يكون له دينا ، لأن الانسان بطبيعة الحال بحاجة دائمة الى دين يحمل عنه اعباء تساؤلاته اللامتناهية ويخفف عنه توتر الحياة وصعابها .. ولكن أي دين نحن بحاجة له ؟ هل نحن بحاجة الى دين محاط بجنرالات عسكريين وضباط امن وعسس ومخبرين ؟؟
هل نحن بحاجة الى دين مسلّح بأحدث الاسلحة البايلوجية والجرثومية ؟؟ أم نحن بحاجة ماسّة الى دين أعزل مسالم يعيننا في ترميم بنانا الأخلاقية والروحية بعد أن افسدتها النظم الهمجية السابقة ؟!
نحن بحاجة الى دين أعزل، دين غير مسلّح .. بحاجة الى أن نتخلّص وبالكامل من جميع الهيكليات العسكرية الدينية، لكي نستطيع ان نرى الدين بوضوح، فاذا كانت هناك فكرة دينية راسخة تستحق البقاء فهي باقية وهذا ما نبحث عنه، أما اذا زالت الفكرة مع زوال المعسكر، فهي فكرة عسكرية، حتما، ولسنا بحاجتها، طالما توجد هناك أجهزة عسكرية وأمنية رسمية تابعة لحكومة شرعيّة تأتي عادة عبر صناديق الاقتراع ؟!
هناك أكثر من محور واحد للصراع اذن ، المحور الاول والاهم هو ما تقوم به قوات التحالف والجيش العراقي ضد الهيكليات العسكرية الاكثر شراسة وهي القوى العسكرية السنية المتمثلة بتنظيم القاعدة والتنظيمات الوهابية والسلفية .. اما المحور الآخر للصراع فهو في ترويض عقول قواعد الاحزاب الاسلامية الشيعية على قبول التغيير، بعد أن تفهّمت بعض قياداتها اصول اللعبة السياسية وتخلّت عن شعارات الأمس بالعداء ضد الامبريالية والشيطان الأكبر، لكي يسهموا في عملية ارساء اسس الديمقراطية في العراق وهذا ما حصل فعلا، فبالأضافة الى الكتل السياسية العلمانية التي تنادي بالديمقراطية وتحلم بممارسة الانتخابات الحرّة وأحترام حق الانسان في الاختيار، فقد قامت أهم الكتل الشيعية وهما المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق وحزب الدعوة الاسلامية وهما كتلتان تنتميان الى الهيكلية العسكرية الدينية، قامتا برفد العملية الديمقراطية والمساهمة الفعالة في اقامة الانتخابات .. ولكن رغم ذلك، ما زال اللعب على عامل الزمن هو السمة الرئيسية لسياسة تلك التيارات ودخلت من جديد في سياسة الجرّ والعرّ وكأنها انجرفت وباللاشعور نحو منظومة ادامة الصراع الذاتي، للبقاء في سلطة حقيقية اطول فترة ممكنة، في وقت تكون فيه تلك القوى الاسلامية المعتدلة بحاجة حقيقية الى فترة استجمام خارج الحكم لكي تعيد الأستقرار والأنسجام بين ماضيهم المتمثل بقواعدهم وحاضرهم المتمثل بقادتهم .. والرهان على الزمن هو الكارثة الحقيقية التي تواجه اهلنا في العراق .
فمن أجل أختصار زمن وجع الانسان في العراق وأختصار زمن الفجيعة وزمن العبور الى حياة رغيدة ومستقرة، علينا أن نتخلّص من هذا الصراع ولا يمكننا اتمام ذلك الا بالتخلّي الفعلي وحتى الوجداني عن تلك المعسكرات غير الشرعية، لأنها كانت ومازالت وستبقى العائق الأهم أمام استقرار الحياة .
نريد دينا يعلم ابناءنا الفضيلة لا الكراهية .. هذا كل ما نريد .



#حسن_حمود_الفرطوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس الطالباني والفنان راسم الجميلي .. ماراثونات علي شيش
- المشعل ... و 14 تموز المجيدة ... وصندوق ابي
- نصل السكّين


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسن حمود الفرطوسي - دعوة مبكرة للتخلّي عن الهيكليات العسكرية الدينية