أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عربي بومدين - الإقتصاد الجزائري ورهانات تجاوز الأزمة: أزمة الثقافة وتحدي المستقبل















المزيد.....

الإقتصاد الجزائري ورهانات تجاوز الأزمة: أزمة الثقافة وتحدي المستقبل


عربي بومدين

الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 04:35
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يعدّ البناء الاقتصادي لأية دولة ركيزة أساسية، ومنطلقا محوريا في عملية التنمية، ويقابله في ذلك البناء السياسي والدستوري، مع محور آخر يتعلق بالبناء الثقافي والاجتماعي الذّي يؤسس إلى الثقافة المجتمعية، والتّي تحدد معالم التوجهات العامة في استراتيجية الدولة على المدى البعيد. والحال أنّ هذه الأبعاد الثلاثة في الجزائر لم تأخذ الحيز الكبير في النقاشات النخبوية في مرحلة النضال ضدّ المستعمر أو بعد الاستقلال وظل التوجه العام متأثرا بافرازات مؤتمر طرابلس الذّي حدد طبيعة هذه الأبعاد وفصل فيها الفصل الحكم، فقد بدأ الاقتصاد اشتراكيا، والمسلك السياسي أحاديا، وتأثرت الثقافة المجتمعية بذلك تأثرا بالغا، ولا مراء في القول بأنّ ما نعيشه اليوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هو نتيجة لمرحلة تاريخية كان المنطلق فيها يخضع لاعتبارات آنية تارة متأثرة بطبية النظام الدولي آن ذاك، وتارة أخرى انتقاما من المستعمر، إذ ترسخت في الذاكرة الجماعية قناعة بطرد كل ما له علاقة به، ولو أنّ الأحداث كشفت عن نتائج غير محسوبة في هذا السياق.
الاقتصاد الريعي في الجزائر: التاريخ والإيديولوجيا
ظلت الجزائر مرتبطة بالاقتصاد الريعي القائم على الجباية البترولية على مدار الست عقود الماضية، وظلت الحكومات المتعاقبة تنادي بشعارات التفكير في مرحلة ما بعد النضوب البترولي، لكنها بقيت حبيسة الخطابات الشعبوية، والاستهلاك المحلي، وفي الغالب لأهداف سياسوية واضحة. فقد أسفرت مرحلة الرئيس "هواري بومدين" عن توجه نحو التطوير الزراعي والصناعي، ولكن سرعان ما تلاشت هذه الجهود لعدم تماشيها مع التطور المجتمعي، فالبناء الاجتماعي في هذه الفترة كان ضعيفا، فلقد بنينا المصانع ولكن لم نبني الانسان ولم نستثمر فيه.
لقد أثر التوجه الاشتراكي في هذه الفترة بشكل بالغ على بنية الاقتصاد الجزائري، فقد ظلّ اقتصادا ريعيا، يقوم باعادة توزيع مداخيل البترول دون إنتاج الثروة، في محاولة لخلق نظام اجتماعي تكون فيه الدولة الضابط العام لكل التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هذه الوضعية انعكست بشكل مباشر على البناء الثقافي والاجتماعي للفرد الجزائري، وتأسست بذلك ثقافة سياسية خاضعة أنتجت اتكالية واضحة ونمت روح الفساد، وقتلت روح المبادرة، وهجرت أدمغة من البلاد ساهمت ولا تزال تساهم في نهضة أوروبا.
ومع إقرار التعددية (السياسية) في الجزائر بدستور سنة1989، وما رافقه من انفتاح اقتصادي في إطار اقتصاد السوق كحتمية للتحولات الهيكلية على المستوى العالمي ظلت التراكمات التاريخية ترهق كاهل صانع القرار، فمن جديد ظهر توحش المؤسسات المالية الدولية في صورة صندوق النقد الدولي مع تراجع أسعار البترول في السوق الدولية، وبات الاقتصادي الجزائري رهين مؤسسات العولمة. وعلى الرغم من ذلك لم يتم التفكير في أطر بديلة، واتضح جليّا أنّ النخب الحاكمة لم يعد بمقدورها التحكم في نزيف المديونية الذّي أصاب اقتصادها.
إنّ الايديولوجيا لعبت دورا حاسما في تخلف السياسة الاقتصادية التي بقيت حبيسة رؤية واحدة، ولم يتم تطوير البناء الثقافي والاجتماعي الذّي يقود التغيير، ومن ثم يكون قادرا على التكيف مع ثقافة اقتصاد السوق، وكما أعبر عنه بالقول: "رسمنا معالم اقتصاد السوق ونحن نبحر في اشتراكية السوق"، فالتوجه السياسي مازال اشتراكيا، والثقافة المجتمعية ما زالت تسيير بعقلية الاشتراكية. لهذا عندما ينادون بتطوير اقتصاد بديل تكون السياحة قوامه، يأخذنا الأمر إلى طرح تساؤل مشروع، هل بنينا ثقافة مجتمعية سياحية؟ فما وصلت إليه تونس والمغرب اليوم كان نتيجة توجه منذ الحصول على الاستقلال، فالجميع هناك تربى على الثقافة السياحية، فصارت نظاما اجتماعيا يؤمن به الجميع، وصناعة يقودها الانسان في خدمة الاقتصاد.
التعافي الاقتصادي : هل نبدأ من الإصلاح السياسي؟
تزامن ارتفاع أسعار البترول في سنة2001 ببداية فترة حكم الرئيس "عبد العزيز بوتفليقية"، ولعلّ فحص مسار الرجل السياسي يكشف عن انتمائه إلى المدرسة "البومدينية" الذّي كان يهدف إلى بناء اقتصاد قويّ برؤية اشتراكية، ترقب الجميع في الساحة السياسية الجزائرية تبني هذه الدور من طرف بوتفليقية برؤية أكثر انفتاحا ونجاعة تستجيب للمتغيرات الجديدة وتهدف إلى إعادة المكانة الحقيقية للجزائر سياسيا واقتصاديا، وعلى الرغم من تحسن الوضعية الأمنية والتخلص من المديونية الخارجية، إلاّ أنّ الاقتصاد ظل رهينا للخيارات التقليدية وعجزت الحكومات المتعاقبة عن بناء ثقافة اقتصادية تتماشى والوضعية المريحة التي أصبحت تعيشها الجزائر في هذه الفترة.
ومع الأزمة البترولية وتراجع أسعار البترول في السوق الدولية سنة2014 دخلت الجزائر في أزمة التخبط، فمع تراجع احتياط الصرف الأجنبي الذي بلغ سنة2012 أكثر من 200مليار دولار، وتراجع المداخيل بشكل واضح، طرحت مسائل التقشف والزيادات وفرض الضرائب كبديل للخروج من الأزمة.
ضمن هذا السياق، باتت الحلول براغماتية إلى حدّ كبير، ولم تعالج الأزمة هيكليا، ويبدو أنّ النخبة الحاكمة في الجزائر لم تستوعب حجم الشرخ الموجود. فالأمر لا يعدو أن يكون مرحلة مؤقتة سرعان ما تنتهي انعكاساتها. والواقع أنّ التعامل مع الأزمة سنة 1988يتشابه في سياقه العام مع ما نشهده اليوم، فالبيئة الدولية نفسها، والتحديات الداخلية كذلك، ولو أنّ الظرف يختلف.
إنّ المتأمل في هذا الوضع يدرك تماما بأنّ المسألة التنموية في الجزائر تحمل في طياتها أبعادا سياسية، ذلك أنّ نوعية النظام السياسي يؤثر بشكل كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية، هذا الأخير الذّي استمد في إطار مشروع بناء الدولة الوطنية وبعدها شرعيته السياسية من ثورة التحرير الوطنية، وشرعيته الاقتصادية من الريع البترولي. إنّ الخلل المحوري هو في الجانب السياسي، وهو الأمر الذّي يطرح إعادة النظر في العملية السياسية برمتها.
لذا فإنّ تفعيل الجانب الاقتصادي يجب أن ينطلق من إصلاح سياسي حقيقي، يضمن التداول السياسي السلمي، وإشراك جميع الفواعل في عملية صنع القرار، بعيد عن منطق الحسابات الضيقة، ولن يقتصر الأمر على المستوى السياسي، بل لا بدّ أن يشمل الأمر البعد الثقافي في صورة تفعيل أطر التنشئة الاجتماعية، لأنّ الأزمة في الحقيقة هي أزمة الثقافة والعقل، وهو ما أشار إليه "مالك بن نبي" في إصلاح أعطاب العقل والفكر وبناء مشاريع النهوض الثقافي. يبدو أنّ الأزمة هي أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى، ولا حديث عن النهوض الاقتصادي إن لم يتم الاهتمام بجانب التعليم، والبعد القيمي لأنّه أساس البناء.
نحو مقاربة مبدعة لاقتصاد بديل
لا شك أنّ الخروج من الأزمة التحولية الراهنة على المستوى الاقتصادي في الجزائر تستوجب التوجه نحو بناء تصورات واستراتيجيات بديلة من شأنها بعث عجلة التنمية والتخلص من التبعية للمحروقات، فكثير من النماذج الدولية مثل الإمارات التي اتجهت نحو اقتصاد الخدمات والسياحة، وانتقلت نماذج عالمية أخرى لا تحوز على موارد طبيعية إلى الاستثمار في العنصر البشري والاعتماد على اقتصاد المعرفة، من خلال الاهتمام بمجتمع المعلومات والمعرفة كاليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافوره. ويبدو أنّه لا بديل أمام الجزائر سوى إحداث قطيعة مع الماضي والتوجه نحو فلسفة جديدة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة، وتطوير بدائل استراتيجية للتمويل، وعليه فإنّ هذا التوجه يحتاج إلى قيادة سياسية تتبنى المشروع وتدفع نحو نجاحه، وهي المقاربة التي تتكون من أربعة ركائز في اعتقادنا، نشير لها في الآتي:
الحماية: وتنطلق من الحد الأدنى في الإستراتيجيات الاقتصادية للتعامل مع التحديات الداخلية المتعلقة بالتنمية في الجزائر، والخارجية المتعلقة بقضايا الاقتصاد العالمي.
الإستباق والإستشراف: وهي الأهم، وتعني تقديم قراءات استشرافية للتطورات الخاصة في مجال الظواهر الاقتصادية، والتخطيط للمستقبل من خلال وضع آليات كفيلة من شأنها التنبؤ بما سيحدث سواء في مجال الاقتصاد الدولي، أو فيما يتعلق بحاجات التنمية على المستوى الداخلي، ولن يتأتى ذلك إلاّ من خلال الاهتمام بالبحث العلمي في هذا المجال، وعماد ذلك التخطيط الاستراتيجي على المدى القريب، المتوسط، والبعيد.
الوقاية: وهي التعامل مع أسباب التهديد والمخاطر لمنع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر للحد من تأثيراتها السلبية، ويبدو أنّ الجهود تبذل في هذا المجال من خلال بعض الاجراءات التي شرعت فيها الحكومة خاصة على المستوى المحلي، وإعادة النظر في كثير من المسلمات التي حكمت الاقتصاد الجزائري، ونهج سياسة "شدّ الجزام" غير أنّ العوائق أكبر، ولا سبيل في ذلك إلاّ نهج الخيار الجذري والتحول الأفقي والعمودي ضمانا للفاعلية وجودة الأداء.
الترقية: وينصرف ذلك إلى ترقية سياسة واجتماعية واقتصادية شاملة متعددة الأبعاد، تمنع تفاقم الأزمة والعودة إلى نقطة الصفر، مع التطوير المستمر وبعقلانية للأدوات السياسية القانونية والتنظيمية والمادية والثقافية الضرورية لتنفيذ إستراتيجية اقتصادية فعالة، مع تقييمها بشكل دوري وعلمي من طرف علماء الاقتصاد والخبراء في المجالات ذات الصلة، لأنّ نجاح أيّ سياسة اقتصادية لا بدّ أن يطلق أساسا من تحليل علمي، تحدد فيه نقاط القوة والضعف، الفرص والتهديدات في عالم يشهد حركية اقتصادية متسارعة بفعل منطق العولمة، ومجتمع يشهد تحولاّ نوعيا على جميع المستويات.
إنّ التحول لاقتصاد المعرفة في الجزائر أصبح أكثر من ضروري، وعلى جميع الأصعدة، وعلى النخبة الحاكمة أن تستوعب هذه الحقيقة، في أن تدفع إلى تحضير الجوّ السياسي المناسب، فالأمر يحتاج إلى بناء ثقافة مجتمعية تبدأ من التنشئة وتنمية الوعي، ويكون أساسها انفتاح النظام السياسي وإدراكه المخاطر المستقبلية في أن يستجمع جميع القوى المجتمعية والسياسية وإشراكها في العملية التنموية بما يضمن الاستمرارية والبقاء.



#عربي_بومدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرت ...
- أزمة شمال مالي والمقاربة الجزائرية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عربي بومدين - الإقتصاد الجزائري ورهانات تجاوز الأزمة: أزمة الثقافة وتحدي المستقبل