أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - المودودي الدود ادم - صراع مفهوم الدولة التقليدي و الحديث في المجال العام















المزيد.....

صراع مفهوم الدولة التقليدي و الحديث في المجال العام


المودودي الدود ادم

الحوار المتمدن-العدد: 5360 - 2016 / 12 / 3 - 15:21
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


ان صراع المجتمع السودانى و الشباب اليوم أصبح أكبر و أعمق من صراعاً حول السلطة و الإمتيازات ان هذا الجيل الذي عاش 27 عام تحت حكم نظام الإنقاذ. تعلم درس التاريخ و فشل الأجيال الماضية في اقامت دولة السودان الحديثة يمكن وصف صراع هذا الجيل بصراعاً بين مفهوم تقليدي للدولة و الذي يتمثل في العلاقات الإجتماعية و السياسية و الأقتصادية و علاقة الفرد مع الآخر و مفهوم الدولة الحديث الذي يقوم على أسس مفارقة للمفهوم الأول أي الانتماء للدولة كهوية قانونية تضمن للفرد المواطنة الكاملة و الحقوق المكفولة بنصوص الدستور .

المفهوم التقليدى للدولة موجود مسبقاً في ثقافة المجتمعات السودانية منذ المماليك القديمة و إلى نهاية المماليك المسحية و تأسيس دولة مملكة سنار التى كانت تعتمد على التحالفات القبيلة و العرقية و حركة المهدي و لكن بعد الاستعمار الثنائي و مع تطور الاقتصاد و التعليم ظهر تصور جديد للدولة الا كان تصور لم يتجاوز ذات المثقق السوداني و لم يتشكل كقوي سياسية و فكرية على ارض الواقع اي انقطع التواصل بين النظرية و الفعل. هذا لا ينفي رغبة ذلك الجيل الأول من المثقفون على تحديث المجتمع و الدولة و يتضح في صراع المثقف و الطائفية و التكتلات الآخر. فانتصرت روح التحديث على التخلف لكن كان انتصار مؤقتاً سببه ظهور تصور الدولة الحديثة هو نتاج تحديث ومدن المجتمع السوداني حتى تلاشى بعض تمظهرأت العلاقات التقليدية.
يمثل عام 1924 قمة تحديث العلاقات في السودان مع ظهور الأسرة المنتجة الصغيرة و توسع نخبة البرجوازيين مع ازدياد الأراضي المزروعة و وسائل النقل الحديثة و انتشار الخرجين الذين اصبحوا موظفين في دوائر الدولة هذا الصعود صاحب وعى بالذات و القومية كمواطنين سودانيين و تطلعات التحرر و محاربة المستعمر كانت كلها عوامل ساعدة في تشكل نواة التحديث الأولى في السودان.

لكن بعد خروج المستعمر أصبح الصراع داخلياً حول السلطة و بدأت حركة التاريخ العكسية مع الانقسامات الداخلية للمثقفون المجموعة التى كانت حداثوية و سقوطها في الاستقطاب من قبل زعماء الطائفية التقليدية و فشل الديمقراطيَّة في السودان بظهور احزاب طائفية و قبيلة في السلطة انتهت مرحلة التحديث في السودان

نحن اليوم في السودان لا نجد في السلطة تلك الطائفية التى تأمرت على الجيل الجديد الذي كان يحمل مفهوم حديث للدولة و لا تلك القبيلة التى أعادها المستعمر بعد ان كاد ينتهي دورها في المجال العام.الا اليوم نجد نظام سياسي يدعي أنه الوريث الشرعي للنهضة الإسلامية و للسلام. يهدف لإقامة دولة إسلامية وتطبيق أمر الله .

اذا قام شخص لاختراق حجاب الخطابوية إلى ما ورا هذا التنظيم و قام بتفكيك هذا الخطاب الاسلاموي سوف يجد نسق من المفاهيم التقليدية هذه المفاهيم هي التى تحرك و تتحكم في وعي هذه المجموعة الحاكمة، يكاد يشابه العقلية التى أسست المملكة السنارية أو تلك الممالك التى توجد حينها. و من ضمن تمظهرات العقل التقليدي مفهوم المجتمع البطريركي الذي سيطر على كل أدبيات النظام اعتمد على مبدى القوة في حل النزاعات و السيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة و يظهر رجال النظام على شكل الكائنات السماوية التى لا علاقة لها بالشعب السوداني هذه هي ذهنية الملوك هم السادة و نحن الرعية لهم حق النصر و حق الحكم باسم الله و على الشعب الطاعة، اصبح كحق الأب في السلطة المطلقة على الاسرة و النتيجة هي سيطرة التقاليد و العادات ما قبل مدنية.

هذا أثر على شكل الاقتصاد و يغيب دور العلاقات التبادلية في هذه المجتماعات و دون وجد اقتصاد رسمي و اصبحت الجباية و الغزوات و الهداية هي المصدر الوحد للمال في الدولة.لا يجمع المال من أجل توظيفه لخدمة الشعب باكماله بل من أجل الحاكم و وزرائه و الأسرة الحاكمة و هذا نجده اليوم في شكل الاقتصاد السوداني و أن نخبة رجال المال الراسمالية فقط من اسرة المجموعة الحاكمة تحتكر السوق بشكل كلي حتى هذا الاحتكار و عملية جمع الاموال ليس من أجل تأسيس مؤسسات وطنية و شركات يمكن أن يعمل فيها و يستفد منها كل الشعب السوداني أو يمكنها أو تحرير السوق.بل من أجل الذات فقط بمعني أن الأموال و الممتلكات في المجتمعات القديمة كانت ليس من أجل الاستثمار و التجارة ولكن من أجل إشباع حاجة في نفس صاحبها والتباهي اذن غياب التبأدل الاقتصادي بين روس الأموال أنتج ثقافة تقليدية لأن التجارة و علاقة التبادل تأسس مجتمعات متمدنة مما يتطور سلوك الإنسان في طريقة التعامل مع بعضهم البعض. اذن هدف رجال الدولة ليس لزيادة الإنتاج من أجل تمنية و رفاهية الشعب أو من أجل التفوق السياسي و العسكري للدولة. من هنا يظهر اهتمام رجال الإنقاذ بتدمير مؤسسات الدولة العامة الجيش و المشاريع الزراعية و المستشفيات و المصانع و الجامعات و الإماكن الأثرية كأنها دار للحرب هذه المؤسسات أو خارج حدود المملكة، مما انتج اقتصاد تقليدي.
كل هذه الظروف ساعدة في انتشار المفاهيم التقليدية في المجتمع السوداني و ازداد وتيرة التناقضات في داخل المجتمع الواحد، مما سبب حرب أهلية و فقر يتمدد كل يوم و بنفس حجم الاتحكار لمصادر الإقتصادية يتم احتكار المجال العام عبر تسويق خطاب القبيلة و العرق لأن الملاذ الأمن للفرد كبديل للدولة الوطنية و رفع عرق على و الخطاب الديني الذي يستخدم كمصدر للشرعية لتحديد صلاحية الحاكم و قداسته و وضع الإنتماء للحزب مكان الإنتماء للوطن

لكن بالرغم من تمكن العقل التقليدي المسيطر على الدولة و الاقتصاد و الثقافة، اليوم الا هناك شعاع مستقبل مع انتشار وسائل الإتصال الإجتماع الحديثة أصبحت سبباً ارتداد الذات و توسع أفقها لأن هذه الوسائط أنتجت فضائات حديثة و أصبحت المعلومات تتداول بين الكل ليس يوجد هناك احتكار المعرفة كما يوجد على المستوي الاقتصادي. احدث تغير في طبيعة النقاش في القضاء العامة تختلف من طبيعة النقاش في المجتمعات التقليدية التى كانت تدور الدولة بما يشبه النقاش في داخل الاسرة او مجتمع القبيلة في النهاية يجرع الامر للاب او الشيخ أو أهل الحل و العقد هى التى تمتلك صلاحية في صنع القرار و المناقشة خارج هذه التجمعات كانت عبارة عن أعداداً للفعل الذي يتخذه الأشخاص أنفسهم في داخلها عند نهاية المطاف و ليس المناقشات غير رسمية مفصولة عن فضاء الدولة أو السلطة ، و لكن مع الوسائط الحديثة يختلف طبيعة النقاش فالقضاء العام هو فضاء للنقاش ينظر إليه على نحو مدرك باعتباره خارج السلطة و يفترض أن تستمع السلطة اليه، لكنه في ذاته ليس ممارسة للسلطة.
فحالته خارج السياسية بهذا المعنى بالغة الأهمية.هذا ما يجبر السلطة أن تخضع لتدقيق شيئ ما خارجها و مراقبته. إذن ما يفعله المجال العام الحديث هو تمكين المجتمع من الوصول إلى تصور مشترك مستنير توسيط المجال السياسي و ذلك ضمن خطاب عقلي خارج السلطة على الرغم من أنه يظل معياريا بالنسبة إلى السلطة لأن المجال العام الحديث محل مناقشة تشمل الجميع مني الاحتمال وفيه يستطيع المجتمع أن يصل إلى تصور مشترك في ما يخص المسائل المهمة.

وهذا التصور المشترك نظرة نسبية تنبثق من المناقشة النقدية و ليس مجرد مجمل أو خلاصة لمختلف الآراء التى ظهرت لدي الناس إذن على الحكومة أن تصغي إليه لأن يمكن أن يكون هذا الرأي مستنيرا ما يعني أن من الحكمة أن تأخذ الحكومة به و كذلك أن الناس التى تجتمع في مواقع الاتصال الاجتماعي هم أشخاصاً واقعين أي لهم الوجود الموضعي كمواطنين في الدولة ويعني. هذا ذوو سيادة و الحكومة لا تكون حكيمة فحسب أن هي اتبعت و اهتمت بالرأي العام بل هي ملزمة أخلاقيا ً و تستمد شرعيتها من هذا المجال إذن المجال العام هو محل أحكام الآراء العقلآنية التى ينبغي أن ترشد الحكومة .

كل هذا التراكم الموضعي للنقاشات حول الاقتصاد و الإنتهاكات التى تقوم بها الدولة و فساد رجال الدولة و البحث عن البديل أو المخرج من المآزق أنتج الروح المشتركة الأخيرة التى تمظهرت في العصيان المدني بتاريخ 27 نوفمبر و هذا هو مؤشر ظهور مفهوم الدولة الحديثة أو توسع المجال العام الحديث. نحن نأمل أن يستمر قطار التحديث هذا حتى ينصل لمجتمع أكثر عقلانية من أجل الدولة الوطنية الحديثة .



#المودودي_الدود_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظهور المجال العام الحديث في السودان
- ما الثورة
- طبيعة ديكتاتورية الإنقاذ


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - المودودي الدود ادم - صراع مفهوم الدولة التقليدي و الحديث في المجال العام