أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل ستقضي نتائج استفتاء 4 ديسمبر في إيطاليا على أحلام رئيس حكومتها؟















المزيد.....

هل ستقضي نتائج استفتاء 4 ديسمبر في إيطاليا على أحلام رئيس حكومتها؟


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5359 - 2016 / 12 / 2 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُقبل الناخبون الإيطاليون يوم 4 ديسمبر القادم على الإدلاء بأصواتهم في أهمّ استفتاء حول تنقيح دستور 1948 الذي حكم الحياة السياسية منذ 70 سنة. وقد حاول "ماتيو رنزي" الوزير الأول الحالي تمرير هذا التحوير من خلال غرفتي البرلمان، إلا أنه وإن تحصل في كلتيهما على الأغلبية المطلقة لكنها لم تكن كافية لتمرير التنقيح، مما اضطره إلى اللجوء إلى الاستفتاء كما ينصّ على ذلك دستور البلاد، وهو يعلم كل العلم أن نتيجة الاستفتاء قد تكون كارثية ليس على حزبه ومنصبه فحسب، بل على الوضع الداخلي في إيطاليا وفي علاقة هذه الأخيرة بالاتحاد الأوروبي. وقد شبّه بعض المراقبين هذه المغامرة بمثيلتها التي أدت إلى تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت).
ويهدف الاستفتاء الحالي إلى إدخال تحوير جوهري على هيكلة السلطة التشريعية والمتكوّنة اليوم (ومنذ 1948) من مجلسين يتمتعان بنفس الصلاحيات: مجلس العموم الذي يُنتخب انتخابا حرا مباشرا من كافة الشعب الإيطالي، ومجلس الشيوخ الذي يُنتخب انتخابا غير مباشر من الشخصيات والهيئات المنتخبة على الصعيدين المحلي والجهوي (رؤساء بلديات، أعضاء مجالس جهوية أو إقليمية ألخ...). وقد اختار الشعب الإيطالي تلك الصيغة في دستور 1948 للحدّ من تغوّل السلطة التنفيذية التي انتهت عندهم بين أيدي رجل واحد ألا وهو رئيس الحكومة، وقد تبوّأ ميسوليني هذا المنصب لما يزيد عن عقدين عرفت فيهما إيطاليا ويلات النظام الديكتاتوري الفاشستي وخاضت خلالهما الحرب إلى جانب ألمانيا النازية.
لكن تمتع الغرفتنين أو المجلسين بنفس الصلاحيات يجعل الجهاز التشريعي يتحرّك ببطء شديد في كل القضايا المصيرية التي يصعب فيها اتخاذ موقف موحّد في كلتيهما. وهو ما خلق على مرّ السنين حالة من عدم الاستقرار في السلطة التنفيذية إذ تشكلت في إيطاليا خلال السبعين سنة الأخيرة ما لا يقل عن 63 حكومة أي أن حياة أيّ منها ومهما كان لونها لا تتجاوز السنة الواحدة في غالب الأحيان، وما من حكومة أمكنها الصمود لمدّة نيابية كاملة. كما أن الخلافات بين الغرفتين قد تعطّل حتى انتخاب رئيس الجمهورية، كما هو الحال مع الرئيس الحالي والبالغ من العمر 88 سنة والذي تجاوز مدة نيابته لكنهم اضطروا للإبقاء عليه نظرا لعدم توصل النواب والشيوخ على الاتفاق على رئيس جديد للبلاد.
لذلك فإنه إذا ما نظرنا إلى الاستفتاء من هذه الزاوية فحسب، فإنه يبدو إيجابيا، بما أنه يسعى لتوفير نوع من الاستقرار للسلطة التنفيذية، بل أكثر من ذلك لأن التحوير الدستوري يرمي إلى التقليص من دور مجلس الشيوخ بتحديد عدد نوابه إلى 100 عوضا عن 315 الحاليين وقصر صلاحياته على الشؤون المحلية والجهوية، وبالتالي إلغاء حقهم الحالي في سحب الثقة من الحكومة الذي يبقى من مشمولات مجلس العموم وحده، وكذلك عدم تمتيع أعضائه بالمنحة البرلمانية وهو ما سيُمكّن الدولة من اقتصاد 500 ألف يورو سنويا. كما يشمل التحوير المقترح تغيير طريقة انتخاب النواب وجعله انتخابا عن القائمات، وفوز القائمات الحائزة على الأغلبية في دورتين، وهو ما من شأنه أن يقطع الطريق أمام الأحزاب الصغرى وجعل الانتخابات حكرا على الحزبين أو الثلاثة الأكبر. وهذا من شأنه توفير المزيد من الاستقرار للحكومات القادمة وهو مطلب شعبي، لكنه سيفسح المجال لأصحاب المال والجاه إلى تعزيز نفوذهم وسلطانهم على الحياة السياسية والتحكم في تفاصيلها. لذلك فبقدر ما تحظى بعض التنقيحات بتأييد شعبي، بقدر ما تعبّر شرائح كبيرة من المجتمع عن تخوّفها من العودة إلى تغوّل السلطة التنفيذية التي سيمتّعها الدستور الجديد بصلاحيات كبيرة تسهّل عليها تمرير كافة "إصلاحاتها الموجعة" والتي تتصدّى لها اليوم شرائح كبيرة من المجتمع السياسي والنقابي والجمعياتي.
فمنذ وصول "ماتيو رانزي" وهو زعيم الحزب الديمقراطي (من وسط اليسار) على رأس الحكومة وهو يحاول المرور بقوّة في تطبيق سياسة تقشفية تدفع ثمنها الطبقة العاملة الإيطالية والشرائح والطبقات الوسطى التي طحنتها أزمة الرأسمالية التي تلقي بظلالها على إيطاليا بصفة أعمق. وقد خاضت النقابات ومازالت ـ كما في فرنسا ـ معركة التصدّي لتنقيح مجلة الشغل التي تبيح للرأسماليين كل ما تحرّمه القوانين الحالية: تسريح العمّال بسبب وبدونه، الترفيع في عدد ساعات العمل الأسبوعية، الترفيع في سنّ التقاعد، الترفيع في قيمة الحجوزات بعنوان التقاعد والتغطية الاجتماعية، التخفيض في جرايات التقاعد... وهي الوصفات المعهودة التي تمليها مؤسسات النهب الدولية على الحكومات التي تواجه صعوبات اقتصادية.
لذلك تفيد أغلب عمليات سبر الآراء المجراة خلال المدة الأخير إلى تفوّق طفيف لعدد الذين يعتزمون التصويت بلا في استفتاء يوم الأحد القادم : 35℅ نعم، 42℅ لا، والبقية لم تحدّد موقفها بعد. وتساند هذا التحوير الدستوري خليط من أحزاب البورجوازية الكبرى مهما كانت أسماؤها: الديمقراطية المسيحية، الحزب الاشتراكي الإيطالي والأحزاب المتذيّلة للسياسات الليبرالية مثل حركة إعادة بناء الحزب الشيوعي الخ... ويتصدّى له، من منطلقات مختلفة، خليط آخر من الأحزاب من اليمين واليسار على حدّ السواء والحزب الشعبوي الصاعد "حركة النجوم الخمسة". لذلك وبقطع النظر عن وجاهة بعض مسوّغات التحوير الدستوري التي تعرّضنا لها، تبقى أسبابه العميقة تكمن في الرغبة في القطع النهائي مع دستور ما بعد الحرب والذي صيغ في غمرة الانتصار على الفاشية، لذلك كان محتواه في مجمله ديمقراطيا وضامنا لآليات التوقي من العودة إلى الفاشية، كما تضمّن بنودا عديدة تضفي عليه طابعا اجتماعيا نوعا ما اعترافا بالدور المحوري الذي لعبته الطبقة العاملة وأحزابها في هزم الفاشية. واليوم في غمرة تصاعد نفوذ التيارات النيوليبرالية في كافة أقطار أوروبا، فإن البورجوازية تريد التنصّل من كل التزاماتها والعودة إلى تحميل الطبقات الشعبية تبعات أزمتها حفاظا على مكاسبها وتوقا إلى تحقيق الربح الأقصى في كل الظروف، في حالات الانتعاش كما في حالات الركود الاقتصادي.
فالتصويت بلا الذي تدعو إليه كبرى النقابات المناضلة والتنظيمات السياسية الحاملة لهموم الطبقة العاملة من شأنه أن يسعّر التناقضات بين شرائح البورجوازية ويفتح الطريق أمام قوى التقدّم لفرض شروطها ورؤيتها لمستقبل البلاد. إنّ "رانزي" الذي يعتبر التصويت الإيجابي مبايعة له ولسياساته والذي كان تعهّد بترك الحكم في صورة التصويت السلبي، سرعان ما تراجع عن ذلك غداة انهزام نظيره البريطاني ومغادرته لرئاسة الحكومة فعلا. فهل ستؤكد نتائج التصويت اتجاهات سبر الآراء، فاتحة مستقبل البلاد على احتمالات ليست جميعها محمودة العواقب أم هل ستعطي صكّا على بياض إلى رئيس الحكومة وحزبه، سنة وبعض السنة فقط قبل الانتخابات العامّة القادمة؟



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمين الفرنسي ينظم صفوفه استعدادا لانتخابات 2017
- هل ستتغيّر السياسات الأمريكية بصعود دونالد ترامب؟
- حملة النهج الديمقراطي تكشف الوجه الحقيقي لمهزلة الانتخابات ف ...
- ما الذي يعيق توحّد اليسار في تونس؟*
- النهج الديمقراطي على طريق تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة ...
- ماذا يعني فوز حركة النجوم الخمسة برئاسة بلديتي روما وتورينو ...
- من المستفيد من الانتخابات المُعادة في اسبانيا؟
- قراءة في كتاب حسين الرحيلي -الاقتصاد التونسي بين فشل الساسة ...
- ماذا يجري في جمهوريات يوغسلافيا السابقة؟
- تاريخ الحركة النقابية التونسية بين قراءات المؤرخين وقراءات ا ...
- هل انتهى الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب والجرائم ضد الإن ...
- إفريقيا حبلى بثورة ديمقراطية معادية للامبريالية وللرجعية وال ...
- النضال ضد الانتهازية ، شرط لانتصار قضية البروليتاريا
- هل يساعد الانقلاب على ديلما روسيف البرازيل في الخروج من أزمت ...
- الكتابة السجنية، كتابة ضدّ النسيان
- اليونان: هل تعصف الأزمة الحالية بحكومة تسيبراس الثانية؟
- عيد العمّال العالمي، موعد متجدّد للنضال
- الطبقة العاملة تستقبل عيدها العالمي بمزيد من النضال
- الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية بيان غر ...
- إقامة الأسوار حول أوروبا تتسبّب في موت المزيد من مواطني البل ...


المزيد.....




- سمكة قرش تهاجم طفلة.. والجراحون يعيدون ترميم يدها الممزقة
- وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق لـCNN: الولايات المتحدة -تمتلك ...
- عُيّن خلفا لغلام علي رشيد.. الجيش الإسرائيلي: اغتيال قائد مق ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...
- تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
- تواصل التصعيد بين إسرائيل وإيران ـ ترامب يطالب بإخلاء طهران ...
- ‌‏الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران ع ...
- نتنياهو يزعم أن إيران حاولت اغتيال ترامب
- بقصف إسرائيلي.. مقتل 20 شخصا على الأقل من منتظري المساعدات ا ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل ستقضي نتائج استفتاء 4 ديسمبر في إيطاليا على أحلام رئيس حكومتها؟