أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس العنبكي - العدالة حقيقة حال أم سحر مقال















المزيد.....

العدالة حقيقة حال أم سحر مقال


عباس العنبكي

الحوار المتمدن-العدد: 1418 - 2006 / 1 / 2 - 11:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ما هي العدالة؟ بهذا السؤال وعلى لسان معلمه سقراط بدأ افلاطون بناء مدينته الفاضلة.ولم يكن هذا العبقري عبثيا بسؤاله،فمن قبل الميلاد وحتى يومنا هذا،مجرد مخاض دون أن يلد لهذا السؤال جواب محل اتفاق الاراء.فهل هي إنصاف،خير،فضيلة،إستقامة، وغيرها من مبهم الالفاظ.هل العدالة كمنديل البهلوان يضع فيه ما يشاء بمجرد قليل من الحيلة والخداع،أم هي حقيقة حال مثل المسك بمجرد لوكها يفوح عطرها.وهل القول بنسبيتها يحل الاشكال،ويكون معناها الخير للصديق والضرر للعدو.
وإذا تعذر مقصدها فما هو موردها،ما يحكم به عقل المعتزلة،أو ما يوجبه الشرع عند الاشاعرة،أو تمليه المصالح الطبقية بدليل الماركسيين،أم طبيعة الانسان عند الكنسيين،ولعلها بدعة لحل مشكلة النقص بين المتناهي واللامتناهي.أم أن العدالة مجرد تصور ذهني دون وجود خارجي، كالعنقاء إن قيل لها طيري إعتذرت بكبر حجمها وثقل وزنها،وإن قيل لها إحملي أثقالا قالت،إني طائر وهل يكلف الله نفسا إلا وسعها.
إذا كانت العدالة بلا صورة ولا عنوان، لماذا يلوكها كل لسان ويحلم بها كل إنسان؟!ولماذا يوسم بها حاكم ونظام ويحرم من وسمها حاكم آخر ونظام؟ولماذا يعصم انسان دون انسان،وتكون هذه القضية عادلة وتلك لا؟الجميع يريد العدالة،ولكن لن تجد إجماعا عما يحتويه هذا الوعاء. هل العلة في عصا السلطان أم في كون العدالة أفيون للصابرين المحتسبين؟نعم لم يقع تعريف جامع مانع للعدالة متفق عليه،بيد إن إجماعا قد وقع على جل مصاديقها لايهمل بحجة عدم إدراك الكل.وباتت مفاهيم تلك المصاديق مبادئ أجمعت عليها كل دساتير هذا الزمان.الا ان الفرق بين هذا النظام وذك يكمن بالتباين بين المفهوم ومصداقه،أي التجانس بين النص المعلن والواقع المطبق.
من مبادي العدالة سيادة القانون،والقانون ليس التشريع وحسب كما يقع الخلط بل كل مصدر يقره القانون ومنها التشريع والعرف والشريعة وما يقره الفقه والقضاء أو الاجتهاد لواقعة لم يرد فيها نص.ومن طبيعة القانون أن تكون قواعده ملزمة. والقانون هو مجموعة قواعد للسلوك ،والقاعدة هي واقعة نموذجية ولها حكم محدد أي حل،والحل يكون باعادة الحال الى ماكان عينا وان تعذر يكون الرد مثليا،أما الالزام فالاصل طوعا وإلا عقوبة .ومن مصاديق القانون أن يعبر عن القيم السائدة والا فقد الاحترام وان سمي قانونا.ومن مصاديقه أن لا يكون حلا لا يترتب على واقعة محددة،اويكون واقعة دون حل أي يترك امر تقرير العقوبة لمن يطبقها.لذا بات مبدا لاجريمة ولا عقوبة الا بنص من عناوين العدالة.
أما سيادة القانون، ومفهومه سريان القانون على الراعي والرعية في كل أمر وحال دون النظر الى المنازل والمراتب.هذا هو التصور الذهني أما مصاديقه،أن يصدر القانون من سلطة مختصة والشعب خير السلطات ومصداقه الانتخابات.ومن مصاديق السيادة أن لا تخالف قاعدة قانونية قاعدة أعلى منها أو تناقض قاعدة قاعدة أخرى،أما التعارض فيمكن حله لقواعد بنفس القوة،والنقص يمكن سده.ومن مصاديقها أن يكون الاستثناء فيها تاكيد للاصل بتفصيل.ومن مصاديقها ان يركن الى تطبيقها الى جهة حيادية مستقلة فكان القضاء.وأصبح حق التقاضي عنوانا آخرا للعدالة.ومن مبادئ هذا الحق،استقلال القضاء أي أن لا تكون ولاية لاي سلطة سواء كانت تنفيذية أو تشريعية أو مجلس قضاء على المحاكم عند الفصل بنزاع ،والولاية تنحصر بالمحكمة الاعلى على المحاكم الادنى.ومن مبادئ استقلال القضاء الولاية العامة للمحاكم ومن مصاديقها عدم تشكيل لجان للعقاب،سواء سميت تلك اللجان شعبية أو حزبية أو ديمقراطية أو قضائية.
واذا كانت العدالة إحساس فمن مصاديق هذا الاحساس أن تكون الحقيقة القضائية مطابقة للحقيقة الواقعية،إلا في نطاق الحادثة وهذا لن يحصل الا بالحوار، حوار دائرته مستديرة لا مستطيلة كي لا ترتطم بحقيقته الأركان،يبني الوقائع على ضوء معيار الفرض في القاعدة لينتهي الى نتيجة،ولا يضع النتيجة ويبحث عما يبررها،ونطاقه الوقائع المنتجة وليس حديث فضائيات .إنك تتهمني وأنا أنكر،.إذن لا موضوع للحوار،ولا محل للقرار.إن ما يناقش هي الوقائع والأدلة.والحكم بأسبابه وليس بنتيجته..وصناعة حوار العدالة البرهان لا السفسطة والجدل كما يفعل الساسة والشعراء ولا الادعات الجوفاء بالديمقراطية والاصلاح.،وعذوبة مقاله بصدقه لا بلحنه،وحوار العدالة مواجهة يستبدل فيها طرفا الخصومة تقارع السيوف بتقارع الحجج، ولو غاب أحد طرفي الحوار كان له حق الاعتراض. القول فيه لصاحب الحجة القاطعة لا بالحن وعذوبة المنطق ولا لمن يملك اكبر ترسانة لاسلحة الدمار أو قرقعة الاعلام ،ولا بالعلم الشخصي للقائمين بشؤون العدل أو الاستنتاج،وليس فيه إذا قال فلان قال العراق. لذا كانت نتيجته حجة على الناس كافة.لان مصاديقه الحوار والبرهان، وصورتهما القانونية حق الدفاع وأدلة الإثبات المحددة قانونا وليس تقارير البغاة أو رأي رئيس مجلس أو وزير ،فلا عصمة الا ببرهان .
ولان الغدر عمل من أعمال قطاع الطرق ودوائر المخابرات، وقانونه القوة وليست قوة القانون،لذا تغشاه السرية، ولكي تنأى العدالة بنفسها عن هذه الشبهة،كان من مصاديقها العلنية والتسبيب.ونرى القضاء العراقي يبدأ محاضرجلساته بعبارة(بوشر بالمرافعة العلنية)وينهي محاضره بعبارة(وأفهم علنا) وينشرها على الناس ليقدم الحساب للناس عن دليل عدالته.ولكن لا التسبيب ولا العلنية تحفظ للعدالة مصاديقها دون وعي قانوني،لذا فالعدالة هي وعي قبل كل شئ.نعم قد تخفق العدالة في إدراك مبتغاها وتنفرج الحقيقة القضائية المعلنة عن الحقيقة الواقعية ‘ ولكنه خطا مغتفر إذا كان في حدود الحادثة وليس سياق،وتبقى مرعية إذا راعت مصاديقها لأنها مقيدة بطرق إثبات.ولكنها تكون جريمة لا عدالة إذا خلت من مصاديقها وإن ادركت الحقيقة الواقعية أرتجالا،فالعدالة هنا لم تخطأ إنما غيبت وجرمها الأكبر إن القائمين عليها استهانوا بعقول الناس.
إن جمال العدالة ليس بإجمالها أو الثرثرة بها،ولا بصبغ الايام بالوان الاعراس ،أو الادعاء بالثأر لدماء الشهداء،أو الدعوة للسير على درب الاحرار،إنما بمصاديقها التي هي كخيط الفجر من أمسك به صلى وإلا جحد وتولى،إلا إذا كانت عدالة ميكافيلية تتوسل الشيطان لبلوغ غايتها. بيد أن هذه الحقيقة البسيطة تغيب بغياب الوعي الحقوقي للأفراد.وقد يجهلها حتى القانوني إذا ما سلطن أفيون الاعلام موجها أو حرا في الرؤوس او فاضت القلوب بالاحقاد .ويكون السؤال، هل أن فلان مذنب أم بريء؟!ويهمل السؤال الأهم والوحيد،هل أن إدانة فلان أو براءته تمت بإجراءات قانونية أم لا؟وما هي الوقائع والأدلة التي نوقشت واعتمدها قرار الإدانة أو البراءة؟ إما السؤال أن فلان مذنب أم بريء،فهو سؤال بليد.فالسلطان لا يجلد ضحاياه إلا باسم العدالة.فالسؤال للقاضي،بماذا قضى،وليس لماذا قضى.
مما تقدم يتبين أن مصاديق العدالة ينظر اليها من خلال الواقع العملي لنصوصها التشريعية،فهي تكمن بالتجانس بين النص وتطبيقه،والواقع هو المعيار. ومن الامثلة التي نقدمها على عدالة بدون مصاديق والتي من خلالها نحكم على هذا النظام أو ذاك دون أن نؤخذ بالادعاء، التجربة العراقية. فالدستور العراقي السابق نص على إستقلال القضاء وبنفس الوقت جعل رئيس النظام رئيسا للقضاء ناهيك عن سلطته في منح المناصب القضائية على أساس الولاء،ونص على ضمان حق التقاضي وبنفس الوقت منع المحاكم من نظر بعض المنازعات،ونص على الولاية العامة للمحاكم ولجأ لتشكيل لجان،ومنع التعذيب نصا وممارسه واقعا ،وغيرها من الخروفات وعلى هذا الاساس كان يوصف بالاستبداد.
بيد أن العراق في ظل الاحتلال، أن كان إدارة حاكم مدني أو سلطة إنتقالية شهد تغيبا أكبر حجما وأكثر وضوحا لمصاديق العدالة سواء على مستوى النص أو التطبيق رغم ما تضمنه قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية واتفاقيات جنيف وتعالي الثرثرة بالعدالة والديمقراطية.فاستمر القتل الجماعي والتعذيب والاعتقال والتدخل المباشر باعمال القضاء،فهو لم يحترم نصا أو ميثاقا بل زاد ذلك باصدار تشريعات دون اختصاص وهدر صراحة المألوف بالصياغة القانونية من حيث الشكل والجوهر للقاعدة وأهدار حق الدفاع واستقلال القضاء وغيرها مما لا يتسع له المقام وسنفرد لها مقال يذكر الواقعة ودليلها. وبسبب غياب الوعي ينساق البعض ويصدق ديمقراطية الامريكان،أو يعتبر سائد جرائمها استثناء.غير إن ما يحصل يؤكد ان الاحتلال ليس بديل الديكتاتورية انما امتداد لها،وان منح العدالة مصاديقها هي مهمة البديل الديمقراطي الوطني،وليس مهمة من يستبدل بضاعة فاسدة بكذبة.
إن ما ذكرته هو مجرد إدعاء، خبر يقبل الصدق والكذب،وهي دعوى للحوار لكل حريص على عدالة مصاديقها الحق والصدق ليامن قادم الايام،وأول الحوار تقديم كل طرف ما لديه من سجلات،ولا ندع العدالة مفهوما مبهما كمفهوم أزلام صدام الذي أصبح استثناؤه هو الاصل واصله استثناء.



#عباس_العنبكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحم الله قرقوش
- تحرير أم احتلال نكتة العقل العراقــــي
- المحاكم الخاصة
- انصروا العدالة
- مؤتمر رابطة القضاء العراقي
- إصلاح القضاء وإفساد العدالة -تعليق على مقال الاستاذ زهير كاظ ...


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس العنبكي - العدالة حقيقة حال أم سحر مقال