أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس العنبكي - المحاكم الخاصة















المزيد.....

المحاكم الخاصة


عباس العنبكي

الحوار المتمدن-العدد: 1162 - 2005 / 4 / 9 - 12:21
المحور: حقوق الانسان
    


إذا كانت المقابر الجماعية قد هزت ضمير العالم في أرجاء المعمورة، وأسقطت آخر ورقة من أيدي أنصار النظام السابق؛ فان هناك مقبرة أكثر بشاعة،وأشد إيلاما؛هي المقبرة الجماعية لحقوق الإنسان،ألا وهي المحاكم الخاصة.وتقع على الصحافة الوطنية وحقوقي العراق وأصدقائهم مسؤولية حفر تلك المقبرة، والكشف عن مظالم ملفاتها.ليطلع العالم على أحكام هي أشد جرما من الأفعال التي قضت فيها على فرض أن تلك الأفعال تعد جرائم. والمحاكم الخاصة لم تكن بدعة النظام العراقي السابق، بل هي من مخلفات القرون الوسطي، وقبل أن يستكمل القضاء استقلاله عن المؤسستين التنفيذية والتشريعية.ومازالت الأنظمة الاستبدادية تتمسك بنظام المحاكم الخاص بدائرة المنازعات المتعلقة بمصالحها، لإضفاء الصفة القضائية والشرعية على جرائمها.ويخلط البعض بين القضاء ونظام تلك المحاكم.لذا أثرنا المقال في هذا المقام.
دفع نضال الشعوب وتوقها للحرية إلى تطور النظام السياسي، وكان من ثمار هذا التطور مبدأ الفصل بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، لضمان ممارسة الشعب لسلطته.وأصبح هذا الفصل معيارا مسلما به لتقييم أنظمة الحكم.ووجدت الأنظمة الاستبدادية نفسها مجبرة على تبنيه في دساتيرها، بيد أن هذا المبدأ يتناقض وطبيعة تلك الأنظمة الشمولية.وفي مسعاها للخروج من هذا المأزق، عمدت إلى منح بعض مؤسساتها القمعية دور الفصل في المنازعات التي تتعلق بمصالحها،مع إضفاء الصفة القضائية عليها.فكانت المحاكم الخاصة تمارس الحكم ضمن دائرة النظام بموازاة المحاكم العدلية التي انحصر نطاق عملها في المنازعات التي تقع خارج دائرة النظام.إلا أن هذه الأنظمة لم تدرك إن الحل بين نقيضين أمر متعذر،فأصبحت هذه المحاكم وصمة عار ودليل قاطع على الاستبداد. لقد لجأ النظام السابق للعمل بنظام المحاكم الخاصة، ليمارس الجريمة والنهب في وضح النهار، وينشر رث ملابسه على حبل القضاء.وأناط بتلك المحاكم مهمة النظر بأخطر المنازعات التي تتعلق بحقوق الإنسان، سواء كان موضوع المنازعة يتعلق بالنفس أو المال.ومنع القضاء العراقي من النظر فيها،بل حتى أن بعض المنازعات الخاضعة للقضاء كانت تحال إلى تلك المحاكم إذا أمر رئيس النظام بذلك.وإذا كانت غاية العمل القضائي إدراك الحقيقة الواقعية وإعلانها، باعتبارها حجة على الناس كافة، فان غاية المحاكم الخاصة، إدراك مصلحة النظام الحاكم وإعلان إملاءات أركانه، باعتبارها عذرا يستر قبيح أفعاله، فكان العذر أقبح.ووصل الأمر إلى أن تلك المحاكم تصدر أحكاما بالإعدام بحق ضحايا النظام الأبرياء بعد تنفيذ جريمة القتل ،كما حصل بجريمة قتل آل حمرة ومن معهم.إذ بين القبض والإعدام ساعات فأين المحاكمة؟!وكانت أحكام محكمة الكمارك ومحكمة البنك المركزي العراقي،وسيلة غير مشروعة لإثراء الأجهزة الأمنية ومنتسبي تلك المحاكم .إذ كانت نسبة 80%من الأموال المضبوطة ومبالغ الغرامة توزع عليهم،فكان الخصم هو الحاكم. إن تشكيل تلك المحاكم وإجراءاتها تنفي عنها الصفة القضائية، فالقضاء ساحة عدل يتوسل لتحقيق رسالته بمباديْ مسلم بها قانونا.ومن أهم خروقات المحاكم الخاصة للمباديْ القانونية :
1- الاستعمال الواسع للتعذيب الجسدي والنفسي لإجبار المتهم على الإدلاء بأقوال تدينه وإن كان بريئا فالأصل في هذه المحاكم أن المتهم مدان حتى تثبت براءته،خلاف القاعدة القانونية من أن المتهم بريْ حتى تثبت إدانته.
2 - حرمان المتهم من حق الدفاع، فليس لمحامي المتهم الحق في الحضور في مرحلة التحقيق، أما في مرحلة المحاكمة ‘فلا يسمح بالدفاع عن المتهم في الغالب، إلا من محامين محددين.
3- الأخذ بأدلة إثبات باطلة قانونا، مثل شهادة أحد الزوجين على الآخر، أو شهادة الأصول على الفروع أو العكس في الدعاوى السياسية، خلاف قانون أصول المحاكمات الجزائية.
4 -عدم مراعاة مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. على سبيل المثال؛ من أركان جريمة التهجم على رئيس النظام ركن العلانية، في حين إن أكثر الأحكام الصادرة، تستند إلى أن الواقعة حصلت بين شخصين وليس أمام جمهرة من الناس، أو بإحدى وسائل العلانية كما بين قانون العقوبات في تعريفه لركن العلانية.كما إن الأحكام الصادرة كانت تتضمن أحيانا عقوبات أكثر من الحد المقرر للجريمة.
5- حرمان المدان من حق الطعن أمام جهة قضائية أعلى.وكانت أحكام المحاكم الخاصة تخضع للمراجعة والتدخل من دائرة ديوان النظام.أما الأحكام الصادرة من محكمة البنك المركزي سيئة الصيت، فإنها كانت تخضع للطعن أمام هيئة برئاسة محافظ البنك المركزي.وإحكام محكمة الكمارك تنظرها هيئة خاصة في محكمة التمييز.
لقد أقام النظام شبكة معقدة من المحاكم الخاصة بموجب قوانين خاصة لم ينص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية،وكان يطلق عليها اسم محكمة أو لجنة،ومنها:
1- محكمة الثورة الملغاة، والتي حلت محلها المحاكم الخاصة في وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية كافة، وقد ألغيت هذه المحاكم وحلت محلها محكمة أمن الدولة التي لم تباشر أعمالها بسبب سقوط النظام.وهي محاكم موضوع.وبقى التحقيق ضمن صلاحيات الأجهزة الأمنية.
2- محاكم مؤقتة من أعضاء قيادة النظام، وقد راس عزت الدوري وطه ياسين رمضان قسما منها، إضافة إلى لجان من الحزبين أو ما يسمى ثوار تموز.للتدخل بالمنازعات المعروضة أمام القضاء.
3- لجنة فض المنازعات الزراعية، وهيئة تمييز الإصلاح الزراعي التابعة لوزارة الزراعة والتي ألغيت مؤخرا.
4- محكمة الكمارك، ومحكمة التجارة، ومحكمة البنك المركزي.
5- منح شعبة حزب البعث صلاحية الفصل بمخالفات البطاقة التموينية.وأخضع قرار الشعبة للطعن أمام فرع الحزب المذكور.
6- منح أمين العاصمة ومديري البلديات صفة قاضي جنح بموجب القانون 198لسنة 1983.ومنح المحافظ سلطة قاضي جنح في قانون المقالع المرقم 163 لسنة1980.وتخويل المدراء العامين للهيئة العامة للزراعة والإصلاح الزراعي صلاحية فرض الغرامة واستبدالها بالحبس بموجب قانون حماية الإنتاج الزراعي رقم 14 لسنة 1983.ومنح رئيس المؤسسة العامة للسياحة صلاحية فرض العقوبة بالقانون 68لسنة1948.وخول الوزراء صلاحية حجز الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن الضرار بالمال الموجود بحيازته.وقد أساء الوزراء استخدام هذه الصلاحية بصورة واسعة عانى منها قطاع واسع من الناس.كما منح مديرو النواحي والإقامة والحدات صفة قاضي بموجب قوانين لا يتسع المقام لذكرها.
9- منح لجان تعقيب الهاربين صلاحية القتل، ومنع المحاكم من اتخاذ الإجراءات بحق منتسبي هذه اللجان0هذا قطر من فيض المحاكم الخاصة.بيد إن هذه المحاكم لم تشفي هي الأخرى عطش النظام الحاكم للدم،فراح يمارس القتل الجماعي دون محاكمة ولو شكلية.ويمارس شتى أنواع السلب للأموال العامة وأموال الأفراد0أن القضاء العراقي بريء من جرائم النظام وقرارات محاكمه الخاصة.كما إنه برئ مما يحصل اليوم من خرق لكل المعايير القانونية والأخلاقية ومن تكريم لقضاة لجان النظام وقضاة إمنه في إدارة الاحتلال وأعوانه.

عباس حسن العنبكي



#عباس_العنبكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انصروا العدالة
- مؤتمر رابطة القضاء العراقي
- إصلاح القضاء وإفساد العدالة -تعليق على مقال الاستاذ زهير كاظ ...


المزيد.....




- واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكت ...
- الولايات المتحدة تقول إن خمس وحدات بالجيش الإسرائيلي انتهكت ...
- العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل ...
- ماذا نعرف عن اتهام أمريكا لـ5 وحدات عسكرية إسرائيلية بـ-انته ...
- الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بحق إس ...
- ماذا قالت المحكمة الجنائية الدولية لـCNN عن التقارير بشأن اح ...
- واشنطن: خمس وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت -انتهاكات جسيمة لح ...
- مجددا..واشنطن تمتنع عن إصدار تأشيرة للمندوب الروسي وتعطل مشا ...
- البيت الأبيض يحث حماس على قبول صفقة تبادل الأسرى
- واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس العنبكي - المحاكم الخاصة