مؤتمر رابطة القضاء العراقي

عباس العنبكي

الحوار المتمدن-العدد: 847 - 2004 / 5 / 28 - 05:35
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

عقدت رابطة القضاء العراقي في يغداد على قاعة الهندية بحضور أكثر من أربعمائة شخصية حقوقية مؤتمرها السنوي الأول هذه الرابطة التي ولدت ردا على الأنتهاكات التي تتعرض لها العدالة في دولة هي مهد العدالة في العالم،وهي نتاج للصراع بين السياسة والعدل ،هذا الصراع الطويل المرير،لكن جديده اليوم أن السياسة قد خرقت كل المعايير القانونية والاخلاقية غايتها تسيس القضاء ووسيلتها تغييب العدالة فلا غاية شريفة ولا وسيلة مشروعة.
إن للعدالة صناعة هي صناعة القضاء وهي البرهان وغاية العدالة إدراك الحق والصدق،أما السياسة فصناعتها السفسطة والجدل وغايتها التضليل،فهي تحتل باسم التحرير،وتفسد باسم الاصلاح وتخضع المؤسسات لأرادتها باسم بناء العراق الجديد وتعبد الاستعمار باسم إعادة الاعمار وتشتري الذمم باسم الشفافية وتجلد الناس باسم العدالة وتحمي المجرم بأجراءات صورية.إنها تبرر كل المواقف المتناقضة فجمال الاشياء عندها باجمالها.وأعذب القول عندها اأكذبه وتنفذ سمها عندما يغيب الوعي الحقوقي للافراد والجماعات ويختلط الورق.
إن لكل واقعة مادية حقيقة،أما ان تكون قانونية أو سياسية أو أخلاقية والحق يوجب أن تمنح تلك الوقائع اسمها الحقيقي الا إن السياسة تأبى الا أن تزور وتمنح الوقائع القانونيةالاسم الذي تريد فالواقعة القانونية هي وحدها التي ترتب أثرا ملزاما.فالسيد بوش بخطابه الاخير وصف التعذيب في سجن أبي غريب في ظل النظام السابق بجرائم وما يحصل اليوم في ظل سلطته بانها تجاوزات من أشخاص لايمثلون الامة الامريكيةولكم أن تقيسوا هذين الحكمين بما شأتم.سؤل أحد أعضاء لجنة المراجعة على صفحات جريدة الصباح عن أعمال لجنته اللاقضائية فأجاب إنها تعمل على إصلاح القضاء من أجل عراق فدرالي،ما علاقة إصلاح القضاء بالفدرالية إلا من باي النكتة القرقوشية.
أيا السادة إن ما حصل من تعذيب للمعتقلين وقتل للمدنيين وتدمير للمدن وأنتهاك لحرمة القضاء العراقي هي وقائع قانونية بحته وأن كان لها أبعاد اخلاقية وسياسية اثرها غير ملزمة الا ان حقيقتها قانونية وبالتالي فانها ترتب ائرا ملزما بصفتها قانونية وهو الاثر الذي رتبته المواد 54و70و86 و90 وغبرها من المواد الوارة باتفاقية جنيف الرابعة وملحقيها.فالزام الامم المتحدة بتشكيل هيئة تحقيق مستقلة هو الحكم القانوني وليس تشكيل محكمة امريكية صورية او الاعتذاز والاستقالة التي طبل لها الاعلام بمحاولة لمصادرة العقل العراقي.
اليوم يزور تاريخ قضائكم الذي كان مرشدكم وبرهانكم للقبول بالمنظمة الدولية. اليوم تنتهك العدالة،فالعدالة ليست كالعنقاء تصور ذهني مجرد بل العدالة هي سيادة القانون وهي الولاية العامة للمحاكم فلا عدالة لحكم لم تنطق به محكمة ويقى مجرد راي سواء كان صادرا من لجنة حزبية أو شعبية او ثورية او قضائية.والعدالة هي احترام استقلال القضاء وحق التقاضي وحق الدفاع بما يؤمن معرفة التهمة والوقائع والادلة ومناقشة الشهود واجها وان العدالة لاتكتفي بوشاة سريين ظاهرهم الفساد لانهم ارتضوا العمالة للاجنبي. وتوجب العدالة أن تكون الاحكام مشفوعة بالاسباب لا الاعذار،فما يهم العدالة هو بماذا ادين فلان وليس لماذا أدين.وأفضع مافي الدنيا عدالة منفصلة عن مشاعر الخير والمحبة.
إن العدالة قد تخطا،فتفترق الحقيقة القضائية عن الحقيقة الواقعية،بيد أنه خطأ مغتفر ما دامت الإجراءات قد روعيت.أما إذا غيبت العدالة فعندها لا نكون أمام خطأ في العدالة أنما أمام جريمة. ويقول القاضي اللبناني الأستاذ خليل جريج(وكما يقع الغدر من جانب شقي في مجاهل الغابات،كذلك يمكن أن يقع من جانب رجل القانون في مجالس الحكم،عندما تغشيها ظلمات السرية والمفاجأة،وتسودها جماحات الهوس والاستغلال في غياب صاحب الحق)وما يحصل اليوم هو جريمة أجمعت عليها كا القانونية بعالمنا،حتى ليتسائل من لم يفقد عقله بعد الاطلاع على اعمال لجنة المراجعة الأمريكية كما تسائل المفكر الفرنسي بالامس(عجبت لامة تدعي كل هذا الظرف والجمال أن تبلغ هذه الدرجة من الوحشية)أم أن دعاة الحرية يرون إن كلمة الحق ،وجدانية معنوية مجردة،وليس على صحتها دليل وأن الصرف من الخدمة يعطي الفرصة لتحقيق المرونة بانتقاء عناصر جديدة أطوع،يكفيهم أن يوقعوا الأوراق ولا حاجة لهم إلى التمعن فيها. وأن الشعوب عندما تخلد إلى النوم يسهل وضع القيد في أرجلها.
وقد إستبق الشاعر العراقي المرحوم معروف الرصافي أحداث مايجري اليوم في مدينته وقال:
أرى بغداد تسبح بالملاهي وتعبث بالاوامر والنواهي

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة رابطة القضاء العراقي

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات