أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد يوسف - ثقافة الاستلاب















المزيد.....

ثقافة الاستلاب


سيد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1415 - 2005 / 12 / 30 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمهيد
إذا أردت شراء قميص فلماذا تذهب إلى محل لا يعرض سوى نوع واحد من القمصان؟
فى حين يبعد عنك قليلا كثرة من المحلات التى تعرض أنواعا متعددة وبألوان متباينة وبنفس الأسعار ؟
لماذا تحرم نفسك من عدة خيارات بسبب الكسل؟ أو بسبب الخوف من التجربة؟ أو بسبب استمراء الواقع؟
وكان لسان حالك (ليس فى الإمكان أبدع مما هو كائن )!!!

هكذا الاستلاب....فكيف هو إذن؟ وما مجاله؟ وكيف نفهمه؟ وكيف نسيطر عليه؟
هذه تساؤلات مهمة سوف نعرض لها ههنا.

بداية استعمالنا لكلمة ثقافة ههنا هو استعمال مجازى يهدف إلى أن تلك الممارسات السلوكية التى نقوم بها أصبحت تمثل أشبه ما يكون بالعادة الاجتماعية الراسخة لدى قطاعات كثيرة من المجتمع مما يرجح استعمالنا
لكلمة ثقافة ههنا ولو مجازا أو مؤقتا .

ويقصد بثقافة الاستلاب:
العجز عن رؤية البدائل المطروحة وكأنك تتساءل فى دهشة ما الذى يفعله هؤلاء بأنفسهم؟ ما الذى سلبهم حق الاختيار من تلك البدائل المطروحة أمامهم؟ هل أصابهم ما يشبه التنويم المغناطيسى فسلبوا القدرة على الرؤية ؟ كيف تم استلاب إرادتهم هكذا؟ كيف انغلقوا على رؤية واحدة جامدة ؟

تساؤلات توضح المفهوم:
كيف صاروا صرعى رؤية واحدة تستبد بهم فلا يرون غيرها؟؟
لماذا يشعرون بالأمان مع المألوف لديهم ولسان حالهم ( اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش)؟؟
لماذا يدافعون- بغباوة رائعة -عن أوضاع فيها هلاكهم؟؟وضياعهم السياسى والاجتماعي؟؟؟
لماذا يشعرون بالاضطرار للكذب على أنفسهم وخداعها....؟؟؟
أى قوة تلك التى سلبتهم الرؤية السليمة ؟؟؟
لماذا يسود فيهم إحباط شديد الوطأة فيخشون من مجرد فكرة التغيير؟؟؟
لماذا يسود فى حوارا تهم جو عام من الإحباط...والشكوى....وتبرير الوضع القائم؟؟
هل هو خشية التغيير؟؟
هل هو استمراء الوضع الراهن؟؟
هل هو الجبن والخوف؟؟
لماذا تمر جرائم الوطن عليهم دون اهتمام أو حساب؟؟
لماذا يبحثون دوما عن كبش الفداء...لتبرير واقعهم ؟؟؟
لماذا يختزلون حل مشكلات الوطن الكبرى فى أشخاص معدودين..دون النظر إلى أبعاد المشكلة وأسبابها الحقيقية؟؟

مثال(1):
فى انتخابات الرئاسة المصرية 2005 لم يجد الناس إلا المرشح القائم بالفعل على حكم البلاد بمصر انطلاقا من قاعدة ( اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش).
فما الذى أدى بالناس إلى ذلك؟؟؟

سيادة جو الإحباط الذى مورس بتعمد واستمرار بحيث صارت رؤية قطاع عريض من الناس للأحداث بأنه لا تغيير..وللأشخاص باستحالة تغييرهم...بل وباليأس التام حتى صار هذا اليأس عاما بين قطاع عريض من طبقات المجتمع...بل وصل هذا الإحباط مداه حين فقد الناس-كثير منهم- القدرة على التصور الإيحابى على تحقيق تغيير نحو الأفضل أو حتى تحقيق ايجابيات ولو جزئية.
وقد يتحول أمر اليأس وإحباط الآخرين إلى نوع من التعود الذى يشبه الإدمان وكأنه لا يرى إلا كل ما هو قاتم.

وما الذى أدى إلى هذا الإحباط العام؟

هذا تساؤل يفرض نفسه....لا شك أن الأزمات والمشكلات المزمنة قد ساهمت فى تعميق الشعور العام بالإحباط واليأس وساعد على ذلك أكثر كتابات المثقفين وتعميماتهم الانفعالية فى الوصف بدلا من معالجتهم الموضوعية بل واستغراقهم فى وصف الأوضاع المحبطة (يستخدمون ما يسمى بالمنهج التفكيكى للأزمات) مما ساهم فى خلق جو عام من الشعور باليأس والإحباط بل وتأسيس ما يسمى مجازا بثقافة الاستلاب التى بنيت على تفكيك ماضي الأمة ...مما أدى بالتالي إلى وجود ما يشبه الفراغ المعرفى وسيادة روح الشك فى كثير من الأمور السائدة على الساحة سواء العربية أو الإسلامية.

مثال (2):
يمكن اختبار تلك الثقافة فى مصر أيضا من خلال طرح نجل الرئيس المصري كمرشح للرئاسة مع ملاحظة ردود فعل الطبقة العريضة من غير النخبة .....ودرجة اليأس والإحباط السائدة فى أحاديث تلك الطبقة العريضة.

مثال(3):
ما أن تفتح حوارا محبطا حول أوضاع البلاد والفساد فيها حتى تجد نفسك تنتقل من نقطة فساد إلى نقطة أكبر وهكذا وكأنه حوار لن ينتهي ففيه يزاد الناقدون المستلبون شهية لاستكمال ذلك الطرح من الأمثلة ولكننا ننصح بغلق هذا النوع من الحوار لئلا يزداد المستلبون استلابا.


فما سمات تلك الثقافة؟
تتسم ثقافة الاستلاب بعدة سمات يسهل التعرف عليها من خلال العرض السابق فمثلا:
يشيع فيها جو عام بالإحباط واليأس، ويسهل فيها الانقياد لرأى المجموع دون نظر عقلى
الانطلاق من فكرة المألوف وعدم إعمال العقل( اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش)
ندب الحظ على الواقع المرير دون محاولة إحداث تغيير ايجابي فعال
الرضا بالأمر الواقع خشية التغيير انطلاقا من المثل السابق
الانهزام النفسى تجاه الطغيان والقهر الذى تمثله السلطة أيا كان نوعها
الشعور بالتبعية الشديدة والاعتمادية على آخر قوى كالطفل يخشى الكلام دون أن يسترق النظر لوالده وكأنه يخشى العقاب.
اعتبار الهوى ( بزعم أنه العقل) هو المرجعية التى تحكم تقييمه للأمور....
( لسان حاله ما هى حاجة بالعقل كدا) رغم أنه عقل ينقصه كثير من الضوابط العلمية والصقل الخبراتى.
الانطلاق من فرضيات مسبقة نحو تفسير الواقع (ليس فى الإمكان أبدع مما هو كائن..)
النظرة القريبة التى تهتم بإشباع الحاجات الأولية دون التعقل لما وراء ذلك من أهداف مهمة للأمة .
التقلب الانفعالي والتذبذب سعيا وراء المصلحة الآنية .
تفسير الأحداث والواقع بلغة متقاربة شديدة التسطيح والتكرار لأنماط ثابتة جاهزة وكأنها لا تقبل الجدل....
الوقوع تحت تأثير اللذة العاجلة أو المنفعة مما يجعلهم صريعي الفكرة الواحدة والرؤى الثابتة التى لا تتغير....ومن ثم الجمود الفكرى أو التصلب أو التشنج الثقافي( إن كانت ثمة ثقافة حينئذ)
سيادة جو التبعية والإحباط والخوف والكسل وان للكسل للذة يتحدث عنها العجزة والقاعدون بمهارة واقتدار!!!
كما يشيع فى تلك الثقافة السلبية وبث روح الانهزام النفسى فى نفوس قطاع عريض من طبقات المجتمع

ما المطلوب؟؟؟
والآن جاء السؤال الحتمى: كيف نحد من تلك الثقافة المتأصلة فى قطاعات كثيرة من جموع الناس؟
فى اعتقادى أن القضية تتحدد بموقفنا من قضية الوعى وتحمل نتائج إثارته....فلقد استبان لى أن الناس إذا رأوك مفكرا أثار ذلك إعجابهم أما حين تدعوهم إلى التفكير فان ذلك سوف يجلب لك كثيرا من المتاعب وربما العداء بدعاوى كثيرة- تتعدد المسميات والنتيجة متقاربة لدرجة التطابق- لذا ففى يقينى أن تبنى استراتيجية طويلة المدى لتنمية الوعى لدى الناس بمنهج مدروس هو سبيل ناجع للحد من تلك الثقافة الهدامة.

كيف؟؟؟
هنا على الوسائط التربوية من مساجد وإعلام ومدارس وجامعات ونوادي وأحزاب وجمعيات أهلية ...على كل دور- وفق ضوابط محددة شرعا وقانونا وعرفا- لكن ذلك لن يتسنى إلا بتبنى استراتيجية على أساس قومي...فهل يستجيب الفاقهون؟

كما على الفاقهين تغيير لغة خطاب الناس بحيث تنزل لمستواهم وفق منابر الإعلام المختلفة.
وهناك جهود أخرى أرجو أن تتسع لها عقول وكتابات الفاقهين.

فى النهاية:
هذه كلمات موجهة بالأساس للذين يناط بهم تغيير وعى الناس وعسى ..فإن أول الغيث الندى ..
أسأل الله أن يلهمنا الصواب والخير لنهضة هذه الأمة كل فى مجاله وميدانه.



#سيد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن فى نفوسهم شيئا
- لقد استبان لى 18
- فساد عريض فمن يتصدى له؟
- لقد استبان لى (17)
- حين يجتمع الفشل مع الغباء والبلطجة
- والله ممكن ..... إيه المشكلة؟؟
- اتفاقية معبر رفح فى الميزان
- لماذا ننتقد أكثر مما ندعو للإصلاح؟
- لقد استبان لى8
- غباء تطوعى
- لقد استبان لى-6
- كلام فى الشخصية الحساسة
- وقفات مع وخزات ضمير
- الخصائص النفسية للمواطن المصرى
- الضغوط اليومية وعلاقتها بالتنبؤ بالأمراض
- كيف تحاصر امريكا العقلية العربية
- لقد استبان لى 5
- أساليب معاملة الزوجة كما يدركها الزوج
- لقد استبان لى -4
- تأملات فى مسيرة حركات التغيير المصرية


المزيد.....




- اصطدمت بسيارة أخرى وواجهته بلكمات.. شاهد ما فعلته سيدة للص س ...
- بوتين يوعز بإجراء تدريبات للقوات النووية
- لأول مرة.. دراجات وطنية من طراز Aurus ترافق موكب بوتين خلال ...
- شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية: العرب عموما ينتظرون من الرئي ...
- بطريرك موسكو وعموم روسيا يقيم صلاة شكر بمناسبة تنصيب بوتين
- الحكومة الروسية تقدم استقالتها للرئيس بوتين
- تايلاند.. اكتشاف ثعبان لم يسبق له مثيل
- روسيا.. عقدان من التحولات والنمو
- -حماس-: اقتحام معبر رفح جريمة تؤكد نية إسرائيل تعطيل جهود ال ...
- مراسلنا: مقتل 14 فلسطينيا باستهداف إسرائيلي لمنزلين بمنطقة ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد يوسف - ثقافة الاستلاب