أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خليل - هل انهيار الاتحاد السوفييتي سبب أزمة اليسار؟















المزيد.....

هل انهيار الاتحاد السوفييتي سبب أزمة اليسار؟


حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5315 - 2016 / 10 / 15 - 11:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل انهيار الاتحاد السوفييتي سبب أزمة اليسار؟

كثير من المعلقين علي أزمة اليسار في العالم يربطون هذه الأزمة بانهيار الاتحاد السوفييتي . سأحاول في هذه المقال البرهنة علي العكس . أي أن انهيار الاتحاد السوفييتي هو أحد نتائج أزمة اليسار.

كانت الفكرة الأساسية عند ماركس هي أن عدد من الدول الرأسمالية المتقدمة سوف تتحول للاشتراكية مرة واحدة بفضل ثورات العمال . و بالتالي ستسود الاشتراكية العالم . و ربما كان يمكن أن تتحقق هذه النبوءة لو لم تتحول الرأسمالية إلي الإمبريالية . و قبيل الثورة البلشفية في عام 1917 كان هناك نقاش حول أمكانية أقامة الاشتراكية في بلد واحد . و في جوهر النقاش أن الإمبرياليات ستجتمع كي تسحق الاشتراكية الناشئة . و قد وقف لينين لجانب أمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد . و قد صدقت توقعاته لحد ما . طالما أن هذا "البلد الواحد" هو روسيا بأبعادها الشاسعة و ثرواتها من كل نوع . لكن من الصعب تصور حدوث ذلك في بلد متوسط الحجم . علي كل حال كانت الاشتراكية تعني بناء مجتمع جديد . مجتمع تحكمه الطبقة العاملة . ديكتاتورية الطبقة العاملة بدلا من ديكتاتورية الطبقة البرجوازية.و ديكتاتورية الطبقة العاملة كانت تعني ليس فقط تحسن أحوالها ماديا و روحيا لكن أساسا سيطرتها السياسية عبر مجالسها المنتخبة. و عوضا عن ديكتاتورية البروليتاريا ظهرت دكتاتورية الحزب ثم ديكتاتورية الفرد . و يعتقد البعض أن ستالين مسئول شخصيا عن ذلك و أنه كان يمكن الوصول للاشتراكية لولا ستالين . لكن لا يوافق التاريخ هذه الاستنتاجات لأن ستالين رحل و مضت عشرات السنوات و لم تظهر الاشتراكية بل علي العكس تفككت الدولة السوفييتية تدريجيا حتي وصلت لمرحلة الركود في عصر بريجينيف ثم التفكك في عصر جورباتشوف . و بدون نفي كل مسئولية لستالين فقد كان هناك عامل موضوعي في ديكتاتورية ستالين و هو الحصار الإمبريالي علي الدولة السوفييتية الذي لم يتوقف أبدا . بل أن روسيا الحالية مازالت تعاني من الحصار لحد ما , فكون روسيا شاسعة المساحة و الموارد و تضمن بناء الاشتراكية في بلد واحد لكنها من ناحية أخري تجلب الأطماع الشرسة في ثرواتها . كما أن الصين أيضا تحولت لعبادة الفرد و ليس للاشتراكية فهي الأخري كانت محاصرة. لكن نظرية لينين تحققت من زاوية معينة و هو بناء دولة قوية متقدمة مستقلة عن الإمبرياليات .
و يري البعض أن انهيار الاتحاد السوفييتي كان بسبب العسكرة. و بالطبع العسكرة تخالف مثل الاشتراكية . لكن العسكرة كانت أيضا حتمية مثل الاستبداد . فلم يصل الاتحاد السوفييتي للتعادل الاستراتيجي مع أمريكا إلا في السبعينات. لا يجب أن ننسي أن الاتحاد السوفييتي كان يواجه أمريكا و أوروبا الغربية و اليابان مجتمعين أي 80% من الإنتاج العالمي و أقصي تقدم تكنولوجي و عسكري . أدت العسكرة و الاستبداد لظهور فئة – أو طبقة – متنفذة و حاكمة و لها مصالح مستقلة عن مصالح الشعب و هذه الطبقة هي التي فككت الاتحاد السوفييتي . و الآلة النظرية و الدعائية السوفييتية الجبارة كانت من ناحية كانت تقيس كل قضية نظرية علي مصلحة دولة الاشتراكية الأم و من ناحية أخري تقدم التبريرات المزيفة لمختلف المقولات عن اشتراكية الاتحاد السوفييتي و دولة كل الشعب و التطور اللارأسمالي و بالتالي تزيد الأزمة تعقيدا بدلا من المساهمة في حلها.
و الحصار الإمبريالي ليس كل شيء . فلم يعرف أحد كيف يجيب عن سؤال كيف تقوم الطبقة العاملة بالحكم مباشرة عبر لجانها المنتخبة دون أن يسيطر عليها أقل القطاعات تقدما فيها ناهيك عن القوي العميلة للغرب . أي كيف تكون هناك تعددية في ظل الاشتراكية. فمعضلة الاتحاد السوفييتي ليست عملية -حصار- فحسب بل نظرية و فكرية أيضا . روزا لكسمبورج تقول أن ديكتاتورية البروليتاريا هي الحكم المباشر لجماهير الطبقة. كما أنها حذرت من البيروقراطية السوفييتية. لكنها لم تقل كيف يمكن فعل هذا في ظل وجود قطاعات متقدمة و متخلفة و تحالف مع الفلاحين الخ. بينما لو عدنا لفكرة ماركس الأصلية عن تحول عالمي للاشتراكية فأن هذه القضية تجد حلها بشكل تلقائي طالما أن الحصار لن يكون موجودا و العسكرة لن تكون ضرورية . بل أن حتي دول التحرر الوطني تعرضت لنفس الحصار فعبد الناصر أضطر للحرب أعوام 56 و 62 – في اليمن – و 67 ناهيك عن الحصار الاقتصادي . و علي هذا المنوال في كل الدول بما فيها الاغتيالات و كل صنوف العنف للدول التي تخرج و لو جزئيا عن الانضباط الإمبريالي الصارم. كذلك لم يقدم تروتسكي أكبر منتقد لستالين أي حل لقضية الاشتراكية في بلد واحد . فرغم أنه رفض الفكرة لكنه لم يقول كيف يمكن أهدار السلطة السوفييتية المتحققة بفضل الثورة البلشفية و كيف يمكن أن يكون الروس بديلا عن شعوب أوروبا التي انهارت ثوراتها الخاصة في ألمانيا و إيطاليا . ثم لم يحل قضية التعددية و الاشتراكية أيضا.

الدعاية الإمبريالية تروج لأن الاتحاد السوفييتي تفكك لأنه كان دولة استبدادية بينما العكس هو الصحيح تحول الاتحاد السوفييتي للاستبداد و العسكرة بسبب الحصار الإمبريالي. لكن علي المستوي الشعبي هناك قناعة أن الاشتراكية "فشلت" و هذا ليس بعيدا عن الواقع بالمفهوم السالف الذكر . لكن الرأسمالية أيضا فشلت مرات عديدة . و لا داعي لسرد قائمة فشل الرأسمالية في العديد من الدول التي كانت متقدمة في العصور الوسطي خصوصا الصين و مصر الفاطمية ثم الجمهوريات الإيطالية الخ. و كثير من محاولات الرأسمالية المبكرة قضي عليها نمط الإنتاج الإقطاعي السابق لها . تماما مثل الاشتراكية. فأزمة اليسار نابعة من فشل الاشتراكية بالمعني المشار ألية.
و قد اتضحت أزمة اليسار منذ ثورة 1968 الشبابية التي كانت تساوي بين الاتحاد السوفييتي و الإمبريالية الأمريكية . رغم صدور انتقادات واسعة له ليس من تروتسكي فحسب بل و الصين و عديد من الفصائل الشيوعية و اليسارية .لكنها كلها لم تستطيع أن تقدم حلا نظريا لقضية ديكتاتورية البروليتاريا الثورية في ظل هذه الشروط .كما أن "التحريفية السوفييتية" لم تكن سوي تحايل رخيص علي واقع الدولة السوفييتية. و هذا يوضح أكثر كيف أن انهيار الاتحاد السوفييتي نتاج للأزمة لا العكس.
و بدون شك أن هناك ما يسمي "تغذية عكسية" أي أن الأزمة التي قادت الاتحاد السوفييتي للانهيار عمق هذا الانهيار نفسه أزمة اليسار سواء من الزوايا المادية أو الفكرية . فلقد انهار العالم كما عرفه أغلب اليساريين لعقود بدء من ظهور حركة تضامن البولندية و وقوف الطبقة العاملة البولندية ضد السلطة "الاشتراكية"...
لكن أزمة اليسار لا يمكن حصرها في حصار الدولة السوفييتية و أثره الهائل و لا التحدي الفكري لنظرية الاشتراكية في بلد واحد هذا يمكن أن نسميه الجانب الإيجابي للأزمة . بمعني من جانب معسكر اليسار . لكن هناك جانب سلبي أيضا أي معسكر أعداء اليسار. الطور الجديد الذي اتخذته الإمبريالية منذ السبعينات . أي بداية العولمة و الهجمة الرجعية الشرسة المتمثلة في النيوليبرالية .
مع انقضاء فترة التوسع الرأسمالي الكبير عقب الحرب العالمية الثانية دخلت الرأسمالية في أزمة طاحنة و لأول مرة ركود مع تضخم . و كان الرد هو التحول للنيوليبرالية و معادة تدخل الدول في الاقتصاد و الديون المفخخة الخ . كل هذا أدي لتوقف التنمية مع زيادة عدد السكان . أصبح لدينا طبقة كبري من المهمشين بل دول كاملة مهمشة فاشلة . و هذا التحلل الاجتماعي و ضعف العلاقة المنتظمة بالإنتاج يشكل وسطا غير ملائم لليسار بل ملائما للهجرات و الأمراض الاجتماعية المختلفة . و كي تعزز الإمبريالية هجمتها علي شعوب العالم قامت مع اتباعها المحليين بنشر العصابات الفاشية من كل نوع حول العالم . عصابات الكونترا و شبيهاتها في دول أمريكا اللاتينية و عصابات الإسلام السياسي في منطقتنا و عصابات التناحر العرقي و القبلي في أفريقيا . فبالنسبة لمنطقتنا كان صعود اليمين الديني المتطرف أساسا بسبب الدعم الرسمي من اتباع الإمبريالية و أسياهم و ليس ظاهرة "ثقافية" أو حتي "دينية" كما يروج البعض . و ها هي تلك العصابات تتوسع لأبعد حد اليوم لا تهدد اليسار فحسب بل مجمل المجتمع .
لا أريد أن أتوسع فيما أسميه الجانب السلبي في أزمة اليسار . فقط أردت أن أبرهن علي أن انهيار الاتحاد السوفييتي كان نتاج الأزمة . فالأزمة ظهرت طويلا قبل أنهيار الاتحاد السوفييتي بل منذ نشأته تقريبا حقا . أن اليسار و الشيوعيين عليهم أن يبتكروا حلولا لأزمتهم
حسن خليل
10/14/2006



#حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الماركسية كم من الجرائم ترتكب باسمك
- أسطورة القومية العربية
- بين الشمال و الجنوب
- الثورة كصنم
- جيل الثمانينات
- رحيل المناضل الكبير خليل كلفت
- الثورة و مأساة الليبرالية المصرية
- نظريات اليسار حول التدخل الروسي
- الصعود الروسي
- العالم الجديد
- ملاحظات عن الثورة
- عمي
- قضية الإخوان (1)
- ملاحظات عن التنظيم
- نظرة متفائلة
- الثورة بين النظرية و التطبيق
- اغتيال شيماء الصباغ الرسالة و رد الفعل
- عقلنة الثورة
- القاعدة الاجتماعية للإرهاب
- توجهات خاطئة للمؤتمر الدائم لعمال إسكندرية


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خليل - هل انهيار الاتحاد السوفييتي سبب أزمة اليسار؟