أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أحمد القاسمي - ترجمة محاورة : الرأسمالية زمن الشراء العالمي دخول السوق إلى قطاعات غير مألوفة كمشكلة.















المزيد.....

ترجمة محاورة : الرأسمالية زمن الشراء العالمي دخول السوق إلى قطاعات غير مألوفة كمشكلة.


أحمد القاسمي
(Ahmed Alqassimi)


الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 02:53
المحور: مقابلات و حوارات
    


الرأسمالية ـ زمن الشراء العالمي ـ دخول السوق إلى قطاعات غير مألوفة كمشكلة*

محاورة بين آكسيل هونيت و راينر فورست و راحيل ييغي.

ترجمها عن الألمانية : أحمد القاسمي


مستعمرات جديدة للاقتصاد

هناك تشخيص شائع حاليا وهو أن الاقتصاد يسعى لاحتلال قطاعات جديدة غير مألوفة. لكن هل هناك تعريف يتّسم بالدقة عند الحديث عن احتلال أو دخول الاقتصاد إلى قطاعات جديدة؟
آكسيل هونيت: دخول الاقتصاد إلى قطاعات جديدة يعني توسع السوق، كإحدى المؤسسات الاجتماعية القائمة، للدخول في قطاعات حياتية جديدة لم يسبق لها الوصول إليها. الفهم الكلاسيكي للسوق يعتبرها واسطة مجتمعية تتيح للكثير من الفاعلين عرض خدماتهم أو بضائعهم بهدف تحقيق الأرباح عن طريق التبادل مع الآخرين. لكن مثل هذه الأسواق "النقية" غير موجودة في الواقع، لأن الأسواق لا يمكن أن تعمل بكفاءة بمعزل عن وسائل التوجيه الاجتماعية الأخرى. فكل ما يجري في سوق ما يرتبط بقوة بقيم فوقية لها علاقة بالتقاليد والعادات وموازين القوى وكلها تحدّد للفاعلين في تلك السوق قناعات نمطية من نوع ما. ما الذي يعني دخول الاقتصاد قطاعات جديدة إذاً إذا ما تخلينا عن مفهوم السوق النقيّة؟ أي أنواع من السوق ستتوسّع بعدها؟ مفهوم توسيع الاقتصاد لشمل مجالات جديدة يتضمّن ادعاءً للقدرة على مدّ يد الاقتصاد للوصول إلى مجالات اجتماعية ظلت حتى الآن بمنأى عن النشاط الاقتصادي.وهذا يعني بصورة غير مباشرة في الأغلب التوسع الاقتصادي النفعي المقصود. ولكن هذا تصور بعيد عن الصواب. ليس فقط من الناحية التاريخية، وإنما حتى في المجتمعات الرأسمالية اليوم، لأن الاقتصاد فيها غير مبني دائما على نظرية حصول الفاعلين الاقتصاديين على منافع مشتركة. فكل فاعل اقتصادي في مجريات السوق لديه مصالح إضافية هي نتاج قيمه، ويسعى خلف قواعد محدّدة أثناء نشاطه الاقتصادي.
راينر فورست: علينا الآن أن نترك فكرة السوق المرتبطة بقيم ومُثل اجتماعية لنسأل بدلا من ذلك عن العوامل الدقيقة المحرّكَة لتبادل السلع في سياق التبادل المجتمعي. يبدو أن السعي الاقتصادي لدخول قطاعات جديدة يعني أن البضائع التي لم تدخل مجال السوق باعتبارها حقلا اقتصاديا، مثل الصحة، قد خضعت لمنطق سُوقي وهو ما جعلها تكتسب قيمة سوقية جديدة. إن تحليلا لهذا الجانب يطرح سؤال بنيويا آخر هو أي بضاعة يمكن أن تتم إعادة توزيعها بطريقة جديدة على المستهلكين، وبعدها سنطرح سؤالا له علاقة بثقافة المجتمع، يدور حول القواعد المحرّكة المرتبطة بهذا التوزيع. كما أن هناك مستوى ثالثا للتحليل يطرح سؤالا هو: ما أثر ذلك على العلاقات الاجتماعية في مجتمع ما، هل ستتشكّل عندها صيرورات فوقية جديدة تعيد بناء الطريقة التي تم بها تنظيم المجتمع حتى الآن؟
راحيل ييغي: عندما يتم الحديث اليوم عن مفهوم دخول السوق لقطاعات جديدة يبقى من غير الواضح فيما إذا كان ذلك يشمل العلاقات السوقية أيضا أو أن المسألة هي عملية تبادل سلعية بطابع رأسمالي تحوّل خدمات التسويق الجديدة إلى سلع تبادلية تخترع ديناميكيتها الخاصة بها.
آكسيل هونيت: ربما ينبغي علينا ألاّ نتحدث ببساطة عن الأسواق بصفتها مجالا خاضعا لعلاقات التبادل الاقتصادية، بل عن أسواق رأسمالية لديها منطقها المعتمد والمقبول من أطرافها والذي يعمل وفق منطق المال فقط. التوسع الذي نتحدث عنه يعني أننا أمام أسواق من مستوى جديد مُنَظّمَة عن طريق المال وهذا ما يجعلها مسألة قابلة للحساب الربحي كخدمات أو سلع يتم تبادلها هناك."


السلعية أم الشخصانية؟

آكسيل هونيت: ولكن فرضية أنّ التوسع في علاقات التبادل المبنية على المنفعة فقط سيقود بصورة قسرية إلى التشيؤ وفقدان الطابع الشخصي هي فرضية تعاني من نقاط ضعف. فسوق البضائع لم تعاود خلق بُعدها الشخصي في أوساط المجتمع إلا في الأعوام الخمسين الماضية. تعاني سوق الاستهلاك من التخمة حاليا بما يُسمى بضائع الهوية. هذه البضائع ليست ذات أثر عاطفي فقط، بل أنها قد تسهم فعلا بالمحافظة على هوية مستهلكيها. من الصعب أن نتصور اليوم إمكانية المحافظة على هوية اجتماعية ما دون الانضمام إلى مجموعة تميل لاستهلاك مجموعة من البضائع المُحدَّدَة المرتبطة بها. فالمستهلكون الذين يشترون بضائع ذات صفات خاصة لوضعها في منازلهم أو يفضلون نوعا ما من السفر أو يلجأون لقيادة سيارتهم بطريقة خاصة بهم يبنون جزءا من هويتهم الاجتماعية.
راحيل ييغي: هل حقاً أن البضائع بدأت باكتساب صبغة شخصية خاصة بها، أم أن الأفراد هم الذين يضفون عليها أهمية شخصية، لأنهم اعتادوا على التعبير عن ذواتهم من خلال إقامة علاقة مع تلك البضائع؟
آكسيل هونيت: أعتقد أننا إزاء علاقة ذات تأثير قوة متبادل. فبضائع هذا النوع يمكن أن تثير رغبات وتفضيل مشتريها. ولذلك قوتها تنبع من طرفي العلاقة معا وتجعل إنتاج مثل هذه البضائع مستمرا. لدينا من جهة الرغبة الإبداعية الملحّة للأفراد الذين يجعلون من هذه البضائع الاستهلاكية جزءا مكمِّلا لذواتهم. في ذات الوقت فإن صناعة الاستهلاك قادرة على إثارة مشاعر وتلبية رغبات المستهلكين بطريقة تمتاز بخصوصية.
راحيل ييغي: نقد الولع الشديد بالبضائع بمعنى الجمال البضائعي موجود منذ زمن طويل جدا. في عقد السبعينيات تم انتقاد السوق الرأسمالية بأنها توحي بإضفاء شعور غامر بالحياة وبطريقة حياتية محددة وبأنها تصطاد مشترييها عن طريق تقديم هويات ووعود تجلب السعادة، ولكنها زائفة. لكن لدينا من جانب آخر تبدّلا في أمزجة المستهلكين: هناك تنوّع هائل في العروض وسرعة في استجابة الأسواق لرغبات المستهلكين. وأيضا هناك ميل للتفرّد عن طريق الدعاية لبضائع غير منتجة سوقيا بكميات كبيرة ولا تعتمد على مفهوم التبادل، أي أنّها تلعب على رغبات الأفراد للتفرّد في امتلاك مجموعة من الأشياء.
راينر فورست: البضائع الأكثر نجاحا في السوق هي تلك البضائع التي لا توحي بأنها قابلة للتبادل السوقي، أي ليست بضائع بالمعنى السوقي. هذه المسألة تبدو لي كأحد الأسرار المكشوفة للتبادل السلعي. أما الجديد في الموضوع فهو النمو الكبير في الطلب والإنتاج على هذا النوع من البضائع في أزمان التحولات الثقافية. إذا كان آكسيل هونيت محقّا فمعنى ذلك أنّنا إزاء نوع شخصي مبتكر بمواصفات نوعية خاصة به في مجال بيع وشراء البضائع. فرضية أن هناك ضياعا للطابع الشخصي الرابط بين البضائع والأفراد في السوق يجب أن توضّح لماذا يجب اعتبار أن هذا النوع ليس هو الصحيح في مجال العلاقات الشخصية للأفراد والخواص "الشخصية" للبضائع. الإجابة على ذلك ليست سهلة. لكن جانبا آخر يبدو أكثر وضوحا وهو مشكلة العدالة، فالبضائع تغدو نادرة وبأسعار باهظة كلما اكتسبت طابعا فردانيا أكثر وضوحا. يؤدي التميّز إلى ظهور كل من التهميش الاجتماعي والنزعة الانتقائية فيما يتعلّق بالنوعيات المتفردة للبضائع وكذلك في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد. فعندما تغدو الاستفادة من مزايا التأمين الصحي على سبيل المثال مرتبطة بحجم المدفوعات تصبح علاقة الأشخاص القادرين على دفع أموال أكثر ثقة وحميمية مع شركات الصحة من أولئك الذين لديهم تأمين صحي عادي.
آكسل هونيت: استخدام تعبير "التميّز" مُضَلِّل، لأنه يوحي بإن سوق البضائع هي حقل لتكريس اللاعدالة الاجتماعية بالمقام الأول. لكن استهلاك البضائع يؤدي وظيفة التوطيد والإفصاح عن الهوية الشخصية. فكما أوضحت عالمة الاجتماع إيفا إيلوز بجلاء فإنّ علاقات الحب تكتسب ثباتا أكبر عن طريق إهداء بضائع تمتاز بغرابتها وتفردها وبقدرتها على التعبير عن علاقات الحب المشتركة. ومع ذلك فإن مشكلة العدالة الاجتماعية تظل قائمة، لأن إشباع تلك الحاجات يظل معتمدا بقوة على مدى توفّر الثروات الاقتصادية والثقافية."


استعمار عوالم الحياة

راحيل ييغي: صاغ هابرماس نقده الذي وجّهه للتسويق المتطوِّر كنظرية للاستعمار. فهابرماس يعتبر أن النسق يشمل المجال الاقتصادي الخاص وهذا النسق يهدد بالولوج إلى عوالم الحياة لأجل استعمارها. ولكن بسبب التغييرات التي أشرت إليها يبدو لي أن نظرية الاستعمار غير قادرة على تقديم وصف ملائم، لا في مجال النسق ولا في مجال عوالم الحياة."

آكسيل هونيت: هناك بعض الأشياء الخاطئة في نظرية الاستعمار. فالنظام ليس محايدا، ببساطة لأنّ الأسواق الرأسمالية ومؤسسات الإنتاج ليست محايدة، بل إنها تعمل من وجهة نظر وظيفية صرف، بالاتكاء على قواعد ونظم روتينية وقيم وأنماط ثقة وتقاليد وعلاقات قوى. فعلى الضد من ذلك إنّ عوالم الحياة لم تتعرض للاستعمار لأول مرة مع ظهور الأسواق الرأسمالية. لكن كل ما أقوله لا يعني أن الفكرة التي تكمن خلف "الاستعمار" غير ضرورية وغير مثمرة."
راينر فورست: نعثر على ظواهر الاستعمار الاقتصادي على الدوام حيث يكون هناك تبدّل في منطق إنتاج وتبادل أو توزيع البضائع في الأسواق. هابرماس يشخّص هنا تحويل الخدمات والعلاقات والوقت إلى بضاعة مدفوعة الثمن. يبدو لي أن تعبير الاستعمار هنا يرتبط بكل من الاستملاك والخضوع. هذه الصيرورات ترتبط بالقسر الاقتصادي وتغيّر موازين القوى المجتمعية. لذا فإن مفهوم الاستعماربهذا المعنى يتضمن أولا تدخلات جديدة مفروضة ومُشرعَنة تتناول إنتاج بضائع من نوع مميز وطرق توزيعها. وهذا لا يبتعد عن الفكرة التي تحدّث عنها ميخائيل فالتسرس والتي أطلق عليها فضاءات العدالة.
راحيل ييغي: فرضية الاستعمار تخلط بين منظوري الوظيفية والإخلاقية. يعتقد هابرماس أن ظلما يمارسه النظام القائم سيدمر القدرة على إعادة الإنتاج في عوالم الحياة. هل هذه النظرية الوظيفية معقولة؟ هل هذا حقا ما يجري، بمعنى أن قدرة إعادة الإنتاج في عوالم الحياة ستصاب بالعطب، هل يمكن الحديث عن عطب الوظيفية دون الاعتماد على منظومة أخلاقية في إصدار هذا الحكم؟ في الحقيقة يمكن القول إنه سواء كانت عوالم الحياة مُستَعمَرَة أم لا فإن دمارا لن يلحق بها بهذا المعنى. يمكن تقييم جوانب لقسر اقتصادي في مجتمع ما على أنها سيئة أو خاطئة بالطبع. كما يمكن الحديث عن أشكال حياتية تعاني من الإفقار أو الاغتراب أو القبح. لكن مجتمعا خاضعا لمنطق الاقتصاد سيحافظ على ديمومته الوظيفية حتى لو لم تعجبنا طريقة استمراره بالعمل."
راينر فورست: إن أحكاما أخلاقية من قبيل الإفقار، أو أخرى جمالية من قبيل القبح، تعد لغة عتيقة من أشكال النقد المجتمعي. أما نظرية الاستعمار فهي تنتقد منطقا تم تسخيرة ليمتد إلى حقول مجتمعية كانت حتى الآن منظمة بطريقة تواضعية مقبولة. إن مثل هذه التبدلات تتنصّل من القيم السياسية الديمقراطية وتقوم إما بالتهرّب منها أو تخترع معايير قسرية لتبرير وجودها. إن النقد الموجّه لمثل هذه الصيرورات التي تتهرّب من الشرعية لا يشترط توفّر تصورات قوية لماهية الحياة الخيّرة، وإنما فهم عميق للديمقراطية. فالسؤال الذي يسعى للحصول على إجابة عن كنه التغييرات الاجتماعية المرغوبة وطرحها للنقاش العام هو الشرط لظهور مسائل القيم الأخلاقية والوظيفية."
آكسيل هونيت: النقد الذي وجّهته راحيل ييغي لنظرية الاستعمار فيه فائدة كبيرة. فعندما يجعل هابرماس معياره الخاص في سلامة علاقات العوالم الحياتية ببعضها عائما في مكان ما بين المعايير الوظيفية والأخلاقية يكون بذلك قد اكتسب برهانا إضافيا: فالعوالم الحياتية أو المجتمعات لن تتمكن من إعادة إنتاج نفسها دون الحفاظ على ديمومة رؤى أخلاقية. وللبرهنة على صحة هذه النظرية يجب أولا اعتبار أن خاصية عدم الخذلان الموجودة في بعض الميكانزيمات على أنها وسائل للمحافظة على حياة المجتمعات ومن جانب آخر يجب إظهار أنّ القيمة الأخلاقية المرغوبة في هذه الميكانيزمات ليست مقتصرة على بعض العوالم الضيقة ذات الصبغة الخاصة بها. فعندما يتم تنظيم التعليم العام في مجتمع ما على أساس الفاعلية الاقتصادية فإن ذلك لن يخلق مشكلة أخلاقية وحسب، بل أنه سيُلحق ضررا بالأنماط الوظيفية المرتبطة بمؤسسة التعليم العام الذي يهدف إلى ربط الأجيال المختلفة في المجتمع في سياق ثقافي وتقليدي خاص به.

غير عادل أم غير لائق؟

راحيل ييغي: هل السؤال المطروح عندما نتحدث عن امتداد النشاط السوقي لقطاعات جديدة أخلاقي يتعلق بالحياة الخيّرة أم أنه يتجاوز ذلك ليطرح مشكلة العدالة؟ تدور في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا نقاشات حادة حول جانب حساس لموضوعة امتداد الاقتصاد لمجالات جديدة، أي تحويلها إلى قطاعات اقتصادية استثمارية، مثل تأجير الأرحام مقابل المال لمصلحة شخصين متزوجين. هل امتداد الاقتصاد لهذا القطاع هو إشكالي فقط لأن هناك أشخاص يضطرون بسبب فقرهم لعرض إحدى كليتيهم للبيع لأجل الحصول على المال، أم أنهم يعرضون البويضات أو الأرحام للبيع أملا في التخلص من الفقر؟ إذا افترضنا أن مجتمعا ما تسود فيه العدالة ويتمتع فيه الأفراد بذات الفرص في الحصول على الفرص والثروات لدخول عالم النشاط الاقتصادي، ألن يكون مثل هذا القرار اختيارا حرّا يقوم به أفراد أحرار؟ أم أن هناك معيارا آخر من نوع داخلي يحكم تبادل مثل هذه "البضائع" سيكون مناقضا لمفهوم تبادل السلع المألوف؟ هل يمكن "لبضائع" مثل الصحة أو التعليم أو الحب أن تحافظ على شخصياتها وتتحقّق، إذا تم إدخالها للسوق الاقتصادية، من ناحية العرض أو الاعتبار، أم أنها ستتحول إلى مجرد بضائع سوقية؟
راينر فورست: إن دخول الاقتصاد قطاعات جديدة لن يقود قسرا بالضرورة إلى تحويل هذه الأشياء إلى مجرد بضائع سوقية. فالأشخاص الذين يتمتعون بتأمين صحي مميز لا يتلقّون بصورة جلية معاملة خاصة من الأطباء تعتمد على إمكانياتهم على الدفع، كما أن العلاقات السائدة بين الطلبة والأساتذة في جامعة خاصة لا تختلف كثيرا عن العلاقة المألوفة في الجامعات العامة. أعتقد أن المشاكل موجودة في مكان آخر، أي في مسألة العدالة وذلك بتوفّر إمكانية دخول مثل هذه المؤسسات، أو بعبارة أخرى ميكانيزم دخول عالم الحصرية. السؤال الجوهري هو فيما إذا كان ظهور مثل هذه الحصرية في المجال الطبي أو التعليمي لا يعني في ذات الوقت غيابا، ولو جزئيا، للإنصاف. أما الأمثلة الأخرى التي وردت أثناء حديثنا مثل تجارة الأعضاء البشرية فغياب العدالة جلي فيها بكل تأكيد."
آكسيل هونيت: لنتصور أوّلا علاقات لا تؤدي فيها التبدلات الاقتصادية التي نتحدث عنها إلى نتائج سلبية في مسألة العدالة الاجتماعية أو الإنصاف. هل سيكون لدينا حينها معايير جيدة لتوجيه الانتقادات لتلك التبدلات، أي عن طريق طرح السؤال فيما إذا كانت نوعية العلاقات الاجتماعية والذاتية، التي قد تنشأ عن طريق تلك التبدلات، مرغوبة من الناحية الأخلاقية؟ طرح هذا السؤال يستدعي تصورات لما هو ملائم أولا في مسألة الهوية وثانيا وبصورة أقوى في مسألة ما هو حقيقي وأصيل. فنحن نفهم التعليم العام كشكل من أشكال التأهيل الثقافي الاجتماعي. لكن إذا تحوّلت الجامعات إلى قطاعات اقتصادية يُعامل فيها الأستاذ طلبته على أساس المنافع المالية المتأتية عن انضمامهم إليها، عندها لن تكون العلاقة بين الأستاذ والطلبة متّفقة مع تصوراتنا لما يجب أن تكون عليه وظيفة التعليم. على الضدّ من ذلك فإن الجامعات الأمريكية تعتمد إلى حد ما على التمويل المالي باعتبارها وكالات لتقديم الخدمات فقط في علاقاتها مع أطراف خارج الجامعة، أما العلاقات داخل الجامعات فلا تعمل وفق منطق المنافع الاقتصادية."
راينر فورست: قد يعني امتداد الاقتصاد ليشمل قطاعات جديدة ضرورة طرح أسئلة عن بديهيات الاقتصاد. اللغة الاقتصادية اليوم تقدّم نفسها على أنها قادرة على عرض إجابات جديدة للسؤال عن معنى المؤسسات الاجتماعية. واللغة الاقتصادية الحالية تطرح نفسها كمُقيّمَة جديدة بدلا من لغة القيم الأخلاقية السائدة أو لغة القواعد الاجتماعية الأخلاقية المبررة أخلاقيا. فالخطاب الاقتصادي يتحدث عن المسؤولية الفردية والحرية والإلتزام باعتبارها قيما ستنمو عندما يتحقق تسويقها. لدينا هنا صيرورة تبدل قيم شاملة بنتائج شديدة التباين. لكن إمكانية إصدار حكم عليها هو سؤال عن العدالة بالدرجة الأساس: كيف يمكن تبرير طرق التوزيع الجديدة؟ مَن هم المسؤولون عن البت في طرق توزيعها؟ وقبل كل شيء: مَن سيستفاد منها وبأية صيغة؟

* كنتُ ترجمتُ هذه المحاورة بتكليف من مجلة ثقافية، لكنها توقّفت عن الصدور، قبل نشرها. أرسلها لموقع الحوار المتمدّن تعميما للفائدة. المترجم.

راينر فورست: أستاذ السياسة النظرية والفلسفة في معهد العلوم السياسية في جامعة يوهان فولفغانغ غوته في ألمانيا.
راحيل ييغي: أستاذة الفلسفة القانونية والسياسية في جامعة هومبولت في برلين في ألمانيا.
آكسيل هونيت: أستاذ الفلسفة الاجتماعية ومدير معهد البحوث الاجتماعية في جامعة يوهان فولفغانغ غوته في ألمانيا.







#أحمد_القاسمي (هاشتاغ)       Ahmed_Alqassimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب والفن محطّتا استعداد لجدّية الحياة المستقبلية؟
- لماذا لا يجب تقسيم العراق؟
- مَن هو العراقي؟
- ثلاثة نماذج للجيش العراقي
- حنا بطاطو والعراق، قصة حب أكاديمية؟
- القوة الشريرة دائمة الثبات - راينهارد هالر
- الأزمة الاقتصادية كحادث نتج عن العجالة والسرعة المفرطة مقاب ...
- العراق: من الغزو المغولي إلى العراق الحديث المستقل
- نصّان قصيران ل فرانتس كافكا
- -لُغة القلب-


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أحمد القاسمي - ترجمة محاورة : الرأسمالية زمن الشراء العالمي دخول السوق إلى قطاعات غير مألوفة كمشكلة.