جئنا نحميكم!. مهمات الاشتراكيون في العصر الراسمالية الوحشية

أكرم سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5278 - 2016 / 9 / 7 - 22:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

جئنا نحميكم!.
مهمات الاشتراكيون في العصر الراسمالية الوحشية
كتب ماركس وانجلز في البيان الشيوعي ما يلي: ( فلترتعد الطبقات السائدة خوفا من ثورة شيوعية. ). لكن اليوم تبدوا صورة مقلوبا رأس على العقب، وأصبح سائر البشر اليوم يرتعدون خوفا من جنون الارهاب البرجوازية، لأن البرجوازية بجيوشها ومنظماتها الارهابية والمتطرفة من الداعش واخواتها، اليمين المتطرف، و... هلمجرا، يرهب الناس ويضع العالم في الحافة الإنهيار. ان البرجوازية يجر العالم نحوى خلط السياسية بالدين، نحو صراع الاديان والطوائف، نحو حروب بين الدول على جيوبولتيك .. الخ، اي ان البرجوازية يجر العالم بقسوة نحوى اليمين، بحيث ليس فقط يضع سلامة نفسه في المهالك، بل يجازف ان يضع سلامة وجود الانسانية والطبيعة في خطر العظيم.
ماهي متطلبات ومستلزمات النضال الاشتراكي في مرحلة الفوضى والتوحش؟
كيف نقلب الطاولة على رأس البرجوازيين وحركاتها الارهابية؟!. ماهي الاستراتيجية الاشتراكيين المضادة لإستراتيجية الفوضى والادارة التوحش؟!.
برأي ان حركة الاشتراكية من افضل لها ان يرفع شعار فيها خَبَر الايجابي المُؤَكَّد بصورة جَليَّة وواضحة للانقاذ وخروج الناس من المحنة والخوف من ظروف الفوضى والوحشية الذي هم فيها. شعار: جئنا نحميكم لا للفوضى نعم للإِطْمِئْنانٌ، جئناكم باستقرارٌ وسكينةٌ. مطلوب ان يظهر الاشتراكيون امام عيون الناس بصورة الحامي، كمنقذ، مسلح، قوي ومنظم، واقف بالمرصاد للارهابيين.

ثورة الاشتراكية
لقد دقت ساعة الملكية الراسمالية، ونازعوا الملكية تنتزع ملكيتهم هم بدورهم، ودقت ساعة الثورة الاشتراكية؛ فغاصبين الأموال الناس يجب ان يغتصب أموالهم. ان جوهر الثورة الاشتراكية هوهذا انقلإب الاقتصادي على المجتمع الراسمالي المعاصر؛ اي تدمير عملية انتاج الفائض القيمة بإلغاء العمل المأجور، والغاء الملكية الخاصة، وقف تبادل في السوق ونظام العملة والبنوك. من جاء اليك وقال: فلنأجل الآن الثورة الإقتصادية، لأنه يجب ان نعمل من اجل الحرية والديموقراطية وحقوق المرأة والعلمانية و.. الخ، فكون متأكدا ان هذا الشخص اما غير واعي ماذا يعني الثورة الاشتراكية، او دجال ومنافق غير مهتم اصلا بالثورة الاشتراكية.

منتقطتان وخندقان
ومع ان العالم اليوم يحكمها نظام الراسمالي، لكن بلدان العالم لا يشبه بعضها بعضا، هناك اختلاف في درجات التطور واختلاف في نظم السياسي والاستقرار والامن. يضع الاشتراكيون في كل بلد وفي كل المنطقه حسب وضعها الامني، التاكتيك والاستراتيجية المناسبة. العالم اليوم ينقسم الي نوعان من المناطق : المناطق الآمنة والمناطق غير الآمنة، المناطق الفوضى والمناطق الاستقرار والنظام. مناطق يعش الناس في ظل الدولة الراسمالية مستقرة، و مناطق لم يبقى فيها الدولة بمعنى الكلمة او يحكمها دولة فاشلة. حسب هذه المناطق يختلف المنهج النضال وخنادق النضال ضد العدو.
ماركس و الارهاب
ليس على المناضل الشيوعي ان يتصرف بشكل يضمن الحصول على الشهادة حسن السلوك عند السلطة البرجوازية، وليس مفروض من الشيوعي ان يعدل سلوكه ونضاله لكي يتطابق مع المعاير الاخلاق البرجوازية المنافقه، بل على المناضل الشيوعي ان يتصرف حسب المعاير الاخلاق الشيوعية العمالية وما يتطلبه نصرة ثورتها الاشتراكية.
بتأكيد سيغضب ملاحظات البريئة، من شخص لا يدعي إلمام بكل اسرار وعمق فكر ماركس، بعض الكهنة المعبد الماركسيين الارذوكسيين، الذين يحسبون انفسهم حراس النصوص المقدسة، ويعتبرون مجرد طرح موضوع حول العنف أو ضرورة العمل والتنظيم المسلح هو بحد ذاته خروج عن الصف وتجاوز خطوط الحمراء. لكن ( إن الماركسية أسلوب في التحليل قبل أن تكون أي شيء آخر. على أنها ليست أسلوبا لتحليل النصوص ولكن لتحليل العلاقات الإجتماعية . لينين). لذلك بعيدا عن ضجيج وإحتجاجات هؤلاء الكهنة دعونا ندخل سويا المنقطة التابو ونرى ماذا نجد.

الإرهاب البورجوازي والارهاب العمالي :
إرهاب العمال الثوريين المضاد للإرهاب البورجوازي ناجم عن ميل إلى المحافظة على حياة الناس المدنيين وليس ناجم من غريزة القتل. انها دفاع وردع من اجل الحفاظ على المناطق الامنة، يشكل الاشتراكيون جهاز ( الامن) بمثابة رد احترازي على أعمال العنف والإرهاب البرجوازيين.
ان توعية الناس وتنظيمهم في وحدات حماية المدنيين بوجه الجرائيم التي ترتكب يوميا في المناطق غير الامنة، هو مهام الاول للشيوعيين. ان تجربة وحدات الحماية الشعب في سوريا مفيدة جدا، وهي تجربة حديثة في بلد انتشر فيها الفوضى والارهاب.

أسمع كلامك أتعجب، أشوف أفعالك أستغرب
كتب احدهم من الشيوعيون بعد كارثة ما في بلد ما، مايلي :
( بوسع الشيوعيون والطبقة العاملة، بل وينبغي عليهم، ان يلعبوا دوراً مهما وحاسماً ضد الإيقاع بالجماهير وجرها نحو الحروب. في هذه المرحلة، توسيع الصلات، الفكر المشترك، تقارب الشيوعيين والمنظمات العمالية في المنطقة، الدور والمكانة الخاصة في تنظيم قوة الدفاع عن النفس ضد كل معسكر الرجعية). مشكلة هذا الرفيق وامثاله الذين اصبحوا مثل الصحفي سيئ في جرائد المجانية الرديئة، لا يكتب عن الحادثة ما الا بعد مرور بضعة الايام، لكي يتأكد من الحقائق، لكن هذا الصحفي لايلاحظ ان الناس فقدوا الفضولية عن الحادثة وما عادوا يهتموا بالموضوع. ان رفيقنا الذي كتب مقالة سيئة ونشرها على حساب منظمتهم في انترنيت، يكتب الاستنتاج مليئة بأرشادات والنصح جميلة للاشتراكين ماذا عليهم ان يفعلوا ( توسيع الصلات، الفكر المشترك، تقارب الشيوعيين والمنظمات العمالية في المنطقة ) وهو نفسه غير مستعد يطبق نصائحه الجميلة ويصبح قدوة للاخرين، اي ان يذهب على الاقل يسلم على رفيق الطفولة والنضال العمر، الذي اختلف معه فكريا وانشق عن الحزب، وتخاصموا بسبب تلك. هكذا امثال من الرفاق، ليس الا قوم من المنافقين والكذابين غير جديرين بالثقة عند العمال. إن وجود امثال هؤلاء هو أحد اهم مشكلة حركة الاشتراكية وسبب ضعفها في وقتنا الحاضر.
تاكتيكان متناقضان لكن متكاملان :
تاكتيك المقاومة المدنية والمقاومة المسلحة
لقد رسم ميديا البرجوازية في الاذهان الناس، الاشتراكون كمجموعة من الارهابيين، لان الاشتراكيين يؤمنون بالثورة من اجل تغير النظام الرأسمالي، فيشن الابواق البرجوازية حملة الشعواء ضدهم بالقول: يا لهم من قوم الاشرار هؤلاء الاشتراكيون، انهم يريدون تغير السلطة عن طريق العنف. ليما كل هذا الوحشية؟!، لماذا لا تكونوا الأولاد الصالحين والمسالمين وتسلكوا فقط طرق السلمية ونضال المدني؟!. مثل هذه الانتقاد لا يستحق التفاف اليه ورد عليه.

ملف الارهاب ملاحظات فلسفية، سياسية والاقتصادية
1/ لا تدع المظاهر يخدعك، الارهابي ليس فقط هو ذلك الشخص متدين المتطرف حيث يتبع نصوص مشجعة للعنف في ثلاث من الاديان الابراهيمية، شخص ملتحي٬ مدجج بالسلاح في مكان ما ويهدد بالقتل، بل ان الاخطر الارهابي هو ذلك الشخص ذو مظهر مدني، جالس في برلمان، او هو يشغل منصب كبير لاحد الدول المنضوية تحت تحالف ضد الارهاب، ويلقي خطاب حول الديموقراطية والحقوق الانسان.

2/ البرجوازيين ليسوا جادين في محاربة الارهاب، انهم في احسن الاحوال يحاربون الارهاب كما يحاربونه ظواهر ( السرقه ، تجارة المخدرات والدعارة ) في المجتمعهم، أي انهم لايحاربون اسس واسباب التي يولد هذه الظواهر، بل انهم يحاربون نتائجه. انهم لا يستطيعونه قضاء على الارهاب، لان الارهاب هو ناتج مجتمعهم الراسمالي.

3/ كثير من الناس ينادون بتفعيل دور التربية والتعليم والمساجد والاوقاف من اجل توعية وتربية الشباب لحمايتهم من تأثير الفكر سلفي جهادي داعشي الارهابي، لكن هؤلاء ينسون ان كثير من الرجال الدين والتربية في بلداننا هم انفسهم يحتاجون الى حماية والتربية والتعليم المدني والانساني لكي يكفوا عن دعاية والتحريض للارهابيين، اي كما قال ماركس أن المربي هو نفسه في حاجة إلى تربية.
4/ الارهاب هو بزنس : قلما تضع الاهداف الاقتصادية والاستراتيجية التي تحفيز الارهاب بتمدد والانتشار على الطاولة البحث وقلما تبرزها ميديا. فأن قال لك البرجوازيون والاصحاب السلطة انهم ضد الارهاب، فكن واثقا انهم كذابون. فأن كان الارهاب بنسبة للناس العاديين مشكلة حقيقية يعانون منه، فامر ليس كذلك للبرجوازيون الاصحاب السلطة، لان الارهاب هو بزنس مربح و وسيلة السياسية نافعة لتثيت سلطانهم على رقاب الناس الفقراء.
5/ دافع الى الارهاب النصوص‮ ‬أم الظروف الموضوعية : حين لا تجد الانسان سعادة والمعنى لحياته، فيبدأ بحث عنها في الآخرة، وحين يرى الانسان حياة الدنيا عبارة عن الذل والمهانة، فهو يكون مستعدا ان يضحي بهذا الحياة الدنيا من اجل سعادة في السماء. لم يترك الراسمالية الوحشية للعمال والفقراء غير البؤس، فليس عجبا ان يختار بعضهم طريق العنف، فليس غريبا ان نرى الارهاب في عصرنا، بل يكون عجيبا ان لم توجد.

#أكرم_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل