أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير يوسف - تعقيب ورد السيد محمد باقر الصدر وعلم الاقتصاد















المزيد.....


تعقيب ورد السيد محمد باقر الصدر وعلم الاقتصاد


سمير يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5274 - 2016 / 9 / 3 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سمير يوسف / تجمع سومريون

المقدمة

ما نشر تحت عنوان (( محمد باقر الصدر وعلم اقتصاد)) كان جزءا ضئيلا من بحث طويل اعدته للنشر ويبدو ان احح المقربين قد تمكن من الحصول على نسخة منه , و تغيير بعض اجزائه واضافة عبارات بدلا من تلك التي استخدمت. من اجل هذا وجدت ضرورة التنبيه لهذا الامر وانا هنا اقدم الشكر لبعض الكتاب الذين اشاروا لهذا الامر وجلبوا انتباهي . وساقوم هنا بنشر اصل البحث .

يبدو ان الابتعاد عن العلم والمعرفة والاندماج في الجهالة خصلة اساسية عند الشيعة في العراق هذه الايام. حيث يقوم هؤلاء باتباع المعممين والنصابين وهم يقودوهم يمينا ويسارا وعلى نحو مطلق من الاذعان والطاعة. اين هي حب المعرفة لديهم؟ ماذا حل بها؟ اين اسس البحث العلمي المستنير؟ اين التخصص واين العادات والاعراف الاكاديمية؟

اين هم اساتذة علم الاقتصاد؟ هل من المعقول تقبل مثل هذه الحال التي يقوم فيها رجل دين بتأليف كتاب في فرع من فروع المعرفة الانسانية الاساسية وبدون الحاجة لدراسة هذا العلم على نحو صحيح؟ هل يكفي الاطلاع على كتاب ((مدخل لعلم الاقتصاد لطلبة الصف الاول كما فعل السيد محمد باقر الصدر)) لفهم وادراك ادق اسرار هذا العلم؟ هل وصل الحال بنا نحن المتخصصون العراقيون الى هذا المستوى المرفوض علميا؟ مع الاسف وشديد الاسف.

ويبدو ان الجامعات العراقية فقدت على نحو كامل امكانيتها في تفهم اسس البحث العلمي مما جعلها تتخلف عاما فآخر واصبح رجال الدين يقودون البحث اللاعلمي امام انظار اساتذة الجامعات ويؤلفون الكتب والمراجع لهم وبدون الحاجة لتفهم وادراك الموضوع تحت الدراسة.

السيد محمد باقر الصدر و تأسيس الاسلام الطائفي بالعراق

ان افضل ما يمكن ان نبدأ به بحثنا هذا هي مقارنة احداث الصراع بين الامام على (ع) ومعاوية بن ابي سفيان. والسبب في ذلك ان الامام على(ع) كان خير مثال للرجل المبدئي ذو المثل العليا , في حين مثل معاوية رجل السياسة الذي لا يتواني عن عمل اي شيء , شرعي ام غير ذلك, اخلاقي ام غير ذلك, لتحقيق ما يصبو اليه. وهنا قد اسأل ما علاقة هذا الصراع بمقال عن السيد محمد باقر الصدر؟

لقد كان السيد محمد باقر الصدر رجل دين يحظى بالاحترام والتقدير وفجأة قرر ان ينتقل من كونه ((رجل دين)) الى ((العمل السياسي)) ويصبح رجلا سياسيا يعمل وفق اجندة سياسية تمثل ذيلا لدولة اجنبية (ايران) . من ثم, وبسبب انه اصبح رجل سياسة, يحق لنا ومن جميع الجوانب ان ننتقده , نتفق معه او نختلف, وتحت مثل هذه الظروف كان الاولى به ان يحترم عمامته السوداء وان يضعها جانبا طالما اختار ان يسلك منحى معاوية بن ابي سفيان ويدخل عالم السياسة ويبتعد عن النهج المبدئي للامام على (ع).

والغريب بالامر ان السيد محمد باقر الصدر اختار ان يؤسس حزبا طائفيا بدلا من تأسيس حزب عراقي وطني في وقت كان الشعب العراقي يتطلع لتأسيس مثل هذا الحزب. لننظر الى المملكة البريطانية المتحدة. في هذا البلد يوجد اربعة اقاليم تمثل اربع قوميات مختلفة وهذه الاقاليم هي انكلترا ,و اسكتلندا, ويلز وايرلندا الشمالية. وبوجود اربع قوميات في المملكة البريطانية المتحدة ظهرت احزاب وطنية تجمع الشعب كله في هذه الاقاليم الابعة مثل حزب المحافظين وكذلك حزب العمال وحزب الاحرار واحزاب صغيرة اخرى مثل الحزب الشيوعي البريطاني. هذه الاحزاب الوطنية تقوم بجمع جميع القوميات الاربع بحزب سياسي واحد.

اما في العراق فنجد ان النخب السياسية الممثلة للاسلام السياسي (السني والشيعي) والتي استلهمت عملها مما قام به السيد محمد باقر الصدر بانشاء حزب الدعوة الطائفي , قامت بانشاء احزاب شيعية وسنية وكردية هدفها , ان شاءت ام ابت, هو تعميق التفرقة والتقسيم بين ابناء الشعب الواحد. وقد تلقت هذه الاحزاب الطائفية والعنصرية الداعم اللامحدود من دول الجوار, مثل ايران والسعودية وقطر وتركيا.

هدف الاسلام السياسي هو تبرير التباين في الدخل بين الفقراء والاغنياء. اي ايجاد اعذار دينية وحجج تؤكد الموافقة الاهية العليا على مثل هذه التباين وسوء توزيع الدخل. من ثم يوفر الدين الغطاء الشرعي لامتلاك شخص مثل عمار الحكيم مليارات الدولارات وكما فعلت الكنيسة في اوربا زمن العصور المظلمة. ولهذا يعتبر الفكر الديني فكرا سياسيا يمينيا متطرفا وفاسشتيا بطبيعته. فهو يعتبر وجود الفقراء رغبة الله ومشيئته وكذلك وجود الاغنياء. ومن يخالف شريعة الله يكون مصيره الاعدام ليكون مثالا لمن يجرؤ على مخالفة شريعة السماء.

الهدف الرئيسي الآخر للاسلام السياسي هو ابقاء الشعب في حالة تخلف وتأخردائمين , اي تحويل الشعب الى مجرد قطيع . وبدون استمرار هاتين الحالتين فلن يتمكن الاسلام السياسي ,أو أي فكر ديني آخر ,من الاستمرار في الاستحواذ على السلطة وقيادة القطيع يمينا وشمالا.

ويمكن للسلطة الدينية ان تركز على الحياة الاخرى وتتفنن في وصف معان الخلود والوان الجنة وجمال النساء في الآخرة لكي تبعد الانظار عن التوزيع غير العادل للدخل تحت حكم الاسلام الظالم. فهناك من يملك الملايين وجيرانه يموتون جوعا. وتؤكد النظرية السياسية ان الذي يملك النقود يملك السلطة والقوة والنفوذ ويتحكم بحياة الاخرين. فما هو الفرق بين القانون والمال؟ فالمال سلطة وكذلك القانون. وهنا يلعب الدين دوره الاساسي في تبرير الظلم وانتشار الفساد ويركز الدين دائما على المعان العليا للدين وصفات المسلم المثالية والتي لا تجد في الواقع مرادفا لها.

عندما امسكت بكتاب أقتصادنا تأليف السيد محمد باقر الصدر تفاجأت بمدى جهله بابسط اسس البحث العلمي وتقبله للبديهيات باعتبارها افتراضات في زمن يتطلب اثبات جميع الافتراضات وجهله الكامل بتعريف علم الاقتصاد. ببساطة قام بتأليف كتاب بعلم الاقتصاد وهو يجهل علم الاقتصاد من جهة, وجهله الكامل بطرق البحث العلمي المتبعه في العلوم الاجتماعية, من الجهة الاخرى.

ان التطور العلمي والتكنولوجي الذي حدث في اوربا الغربية واستمر في العالم المتقدم حدث نتيجة فصل الدين عن الدولة بعد عصر التنوير وانقضاء ما يسمى بالعصور المظلمة وهي عصور سيطر فيها الدين على امور الدولة. وما لبث ان تحرر الانسان من الدين وحتى بدا يخطو الخطى تلو الخطى نحو التقدم وانفتحت امام الانسانية آفاق لا حد لها من التقدم واستثمار هذا التقدم في الحياة اليومية للانسان. فتمكن الانسان ولآول مرة في التاريخ من مقارعة الامراض واطالة عمر الانسان بنسية تزيد عن 100% وتبين ان خرافة القدر لا صلة لها بموت الانسان وان العلم قادر على اطالة عمر الانسان حيث اصبح متوسط عمر الانسان في اوربا الغربية اكثر من 80 سنة بعد ان كان بحدود 35 سنة اقل. اما الامراض والاوبئة التي كانت تفتك بمجتمعات بكاملها وتسبب بانهيار امبراطوريات اصبحت جزء من الماضي. حدث كل هذا نتيجة فصل الدولة عن الدين وفقد رجال الدين موقعهم وامتيازاتهم وتأثيرهم على عقول البسطاء. وانتهت فصول النصب والاحتيال والى الابد في العالم الغربي المتقدم.

وخلافا لذلك نجد ان تأثير الدين على مجتمعات الشرق الاوسط وخاصة العراق يزداد يوما بعد آخر. ومع ازدياد تأثير الدين يزداد الجهل وتزدهر الخرافات ويقود المجتمع مافيات لا ترحم تنشر الجهل والفساد على نحو متعمد وتستخدم جميع الطرق غير القانونية لمحاربة الحقيقة واغتيال العلماء وتتبنى سياسة الاصطفاف الطائفي والعنصري للمحافظة على موقعها السياسي.

خلال فترة حكم الاسلام السياسي للعراق , اي منذ عام 2005, نجد ان المبالغ المسروقة من ميزانية الشعب العراقي تجاوزت الثلاثمائة 300 مليار دولار امريكي وهي حالة لم تحدث في التاريخ من قبل. ومع انتشار الفساد وسرقات المال العام ازدادت قوة احزاب الاسلام السياسي وخاصة حزب الدعوة الطائفي وبدأوا يهيمنون على جميع مفاصل الدولة بما في ذلك الهيئة المستقلة للانتخابات. هذه خلاصة سريعة لنتيجة سيطرة الدين على مقاليد الحكم وهو امر غير مختلف عما حدث في اوربا خلال العصور المظلمة. وخلال العصور المظلمة لم تجد اوربا خيارا غير الثورة على الدين وفصله عن السياسة. في الحقيقة ادت الثورة على الدين لانشاء دين جديد يعرف بالمذهب البروتستانتي . وقد تمكنت الدول التي اعتنقت هذا المذهب الجديد من تحقيق تطور اقتصادي منقطع النظير , مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا فيما لا تزال تعاني الدول التي رفضت اعتناق هذا المذهب الجديد , مثل اليونان واسبانيا وايرلندا واوربا الشرقية , من التخلف الاقتصادي والاجتماعي مقارنة بدول اوربا الغربية.

الخطا المنهجي الاول الذي اقترفه السيد محمد باقر الصدر هو عنوان كتابه ((اقتصادنا)) – فهذا عنوان غير علمي حيث لا يوجد في العلم شئ اسمه اقتصادنا أواقتصادكم او مصطلح اقتصاد الآخرين. حيث اذا فتشنا ارجاء العالم كلها فلن نعثر على شئ اسمه الاقتصاد المسيحي او الاقتصاد اليهودي اوالاقتصاد الهندوسي ...الخ .وحتى الدراسات المقارنة وهي دراسات تقارن نظاما بنظام آخر مثل مقارنة النظام الحر بالنظام الاشتراكي لا تمتلك في جزئياتها شيئا يشير الى وجود دراسة مقارنة مابين الاقتصاد اليهودي والاقتصاد المسيحي....... فالاسعار بمختلف انحاء العالم تتحدد بقوانين موضوعية خارجة عن ايماننا الديني او الطائفي. لنأخذ مثالا على ذلك. اذا كان سعر بيع برميل النفط الخام 40 دولارا فان هذا السعر سوف يكون 40 دولارا في حالة كان المشتري مسيحيا ام يهوديا ام مسلما او هندوسيا. اما القوانين التي تحدد هذا السعر فهو قوانين تخضع لقوى السوق ولا تخضع لمذهب او دين المشتري او البائع. اما كيفية تحديد الاسعار في الاسواق فهذا الامر يقع في قلب علم الاقتصاد.

ان دراسة قوى السوق هذه تمثل جزءا من علم الاقتصاد. واعتبرت دراسة الاقتصاد علما وليست فنا من الفنون وذلك لخضوع هذه الدراسة لمتطلبات البحث العلمي اضافة لتبني المنهجية العلمية في البحث .وتمتلك منهجية البحث العلمي ادوات وطرق منفصلة انفصالا كاملا عن المعتقدات الدينية والشخصية للباحث. وهذه احدى الحقائق التي يجهلها محمد باقر الصدر.

تتناول طرق البحث العلمي المواد والموضوعات القابلة للاختبار والدحض. وان اي فرضية او فكرة غير قابلة للدحض تقع خارج حدود البحث العلمي وتصبح جزءا من الخرافات او ما يسمى بالسوديو سانينس pseudo-sciencesوهو العلم المزيف وتقع جميع مؤلفات السيد محمد باقر الصدر ضمن هذا التصنيف. وتتبنى حجج السيد محمد باقر الصدر منهجية ما يسمى بتقديم فرضيات خاصة ad hoc hypothesis هدفها انقاذ الفرضيات التي ثبت خطأها .

وهذه المحاولة ليست جديدة في تاريخ المنهجية العلمية. فقد حاول الكثير من مؤيدي الفكر الديني تقديم حجج مبنية على فرضيات خاصة من اجل انقاذ عقيدتهم وخرافاتهم امام حقائق العلم الثابتة.

وفي كتابه البنك اللاربوي في الاسلام قام السيد محمد باقر الصدر بسرقة افكار وممارسات الحركة التعاونية Cooperation Movement التي ظهرت في اوربا الغربية خلال القرن التاسع عشر والتي دعت الى امتلاك العمال للمؤسسات التي يعملون فيها كبديل للنظام التقليدي الرأسمالي. وفي مثل هذه المشروعات التعاونية يمتلك جميع العمال العاملين في منشأة معينة جميع اسهم هذه المنشأة. واذا طبقنا هذه الفكرة على قطاع المال نجد ان الشخص الذي يودع امواله في البنك يطلق عليه مصطلح المساهم Contributor بدلا ان يكون مودعا او عميلا Customer كما جرت العادة , ويستلم هذا المساهم ارباحا من البنك بما يتناسب مع المبلغ الذي شارك فيه بدلا من ان يستلم فوائد على ايداعاته. وعمليا فان الحالتين متشابهتان عدا اننا غيرنا المصطلحات. وهنا يصبح الدين مجرد محاولة لابقاء المؤسسات كما هي عدا تغيير العناوين. وقد حاول هؤلاء الذين يحاولون اقناع القطيع ان البنوك الاسلامية مختلفة لانها لا تقدم فوائد ثابتة على المدخرات خلافا للبنوك الرأسمالية. وهذا يمثل مغالطة اخرى حيث ان البنوك الرأسمالية لا تقدم فوائد ثابتة وليس هذا فقط بل ان الامر يصل احيانا الى خسارة المودع لجميع امواله عند افلاس البنك. الفوائد او الاباح كلها انعكاس للحالة العامة للاقتصاد. فالذي يحدد قيمة رأس المال او ما يسمى بالفائدة وهو سعر النقود في لحظة معينة هو العائد الداخلي للاستثمار. وهذا العائد الداخلي يختلف من قطاع لاخر من ثم فان هذا التباين في الربحية توجه الاستثمارات نحو القطاعات الاكثر انتاجية وربحا مما يؤدي الى توزيع امثل للموارد المتاحة ليس بحالة ستاتيكية وانما عبر الزمن أي بحالة ديناميكية متواصلة. وهذه الحقيقة الاساسية في علم الاقتصاد والتي تعرف بألية توزيع الموارد من خلال اسعار الفائدةغابت عن رجال الدين والذين يناقشون في امور هم بعيدون كل البعد عنها.

لقد كان الهدف الاساسي لتحريم الربا زمن ايام الاسلام الاولى هو فرض حصار اقتصادي على الاقلية اليهودية. واليوم تعد هذه الحادثة اول محاولة مقصودة لفرض عقوبة جماعية على دين بأكمله.

المعضلة التي تواجه الاسلاميين هي ان الاسلام ظهر في زمن العبودية. واعتبر الاسلام العبودية حالة طبيعية وقام بتقسيم المجتمع البشري الى احرار وعبيد, وهناك الكثير من الآيات القرانية التي تؤكد العبودية وتشرعها. اما اليوم فالواقع تغير تغيرا كاملا وانتهى عصر العبودية وكذلك انتهى عصر الاقطاع ودخل المجتمع البشري في عصر الاقتصاد الصناعي الحر مما ترتب عليه علاقات ومتطلبات تختلف اختلافا جذريا عن متطلبات الاقتصاد العبودي. وهذه احدى المعضلات التي عجز عن مناقشتها الجاهل محمد باقر الصدر وغيره من رجال الدين.

فالمجتمع الصناعي يتطلب وجود قطاع مصرفي متطور ولا يمكن للقطاع الصناعي ان يعمل ويتطور بدون وجود مثل هذا القطاع المصرفي. وهذه الحقيقة ليست ترفا حضاريا وانما حاجة اساسية وركنا اساسيا من اركان الاقتصاد الصناعي. وتلعب الاستثمارات العامل الاساس في حركة الاقتصاد وتطوره اضافة لتوفيرها السيولة المطلوبة. اما في الاقتصاد العبودي والذي كان سائدا عصر الاسلام فلم تكن هناك حاجة لوجود المصارف ولم تكن هناك حاجة للاستثمارات أو للسيولة. الحاجة الوحيدة التي كانت سائدة زمن الاسلام هي حاجة الفرد احيانا للاقتراض الشخصي لتلبية احتياجات عائلية. وعلى هذا الاساس اعتبر الاسلام ان فرض الربا على مثل هذا الاقتراض خطأ واعتبره حراما. وتشير النظرية الاقتصادية على نحو صحيح ان توزيع الاستثمارات وفق العائد الداخلي هدفه توزيع الاستثمارات ما بين الاقطاعات المنتجة المختلفة خلال الزمن Intertemporal Allocation of Resources لغرض تطور البلاد وليس لسد حاجة شخصية. تؤدي الاستثمارات الى توسع القطاعات الاقتصادية وفتح فرص عمل جديدة لقطاعات الشعب المختلفة اضافة الى ان هذه الاستثمارات هي السبب في نمو الاقتصاد وتطوره

ويؤدي غياب سعر الفائدة عن الاقتصاد القومي عدم امكانية تحديد العائد الداخلي للاستثمار( حيث لن نتمكن من مقارنة كلفة رأس المال مع ربحيته) ولن تكون هناك استثمارات هدفها تطوير الاقتصاد. ومن الجانب الاخر, لا يمكن للأستثمارات ان تتواجد بدون ادخارات, من ثم تكون لدينا حلقة مفرغة. ما يجذب الادخارات (والتي بدورها تتحول الى استثمارات) هو العائد الداخلي على الوحدة المستثمرة, وهناك قطاعات متعددة يمكن للادخارات ان تتجه اليها. من ثم فهناك منافسة بين هذه القطاعات لجذب الاستثمارات (الادخارات) اليهاحيث يمكن للمستثمر ان يودع امواله في المصرف كأدخارات (قابلة للسحب ونقلها الى شكل آخر) أو ان يستثمرها في البورصة كما يمكن ان يستثمرها مباشرة في شراء عقار او الدخول في مشروع تجاري او صناعي...الخ لكلمات اخرى , فان ربحية قطاع معين يعد مؤشرا نسبيا لجذب الاستثمارات (الادخارات) اليه.



وفي حالة عدم العمل وفق ذلك فان ذلك يؤدى الى استثمارات في غير موقعها الامثل اقتصاديا مما يؤدى لهدر الاموال وتحقيق الخسائر وتشويها متعمدا لخارطة الاستثمار في الاقتصاد القومي. وهذا يسمى في علم الاقتصاد بالتوزيع الامثل للاستثمارات ضمن الحقب الزمنية المختلفة. ولدينا مثال رائع لدولة رفضت على اسس عقائدية احترام مبدأ سعر الفائدة وهذه الدولة هي الاتحاد السوفيتي. فالشيوعيون الذي حكموا الاتحاد السوفيتي اعتبروا ان الفائدة على الاستثمارات تمثل ظاهرة بورجوازية رأسمالية يرفضها الفكر الاقتصادي الاشتراكي رفضا كليا. وعليه فقد قام المخططون في الاتحاد السوفيتي ولمدة تزيد عن ستين سنة بتوزيع الاستثمارات في قطاعات الاتحاد السوفيتي بدون الرجوع لسعر الفائدة واستبدلوه بمعايير رياضية خلفيتها النظرية تتمثل بالفكر الاشتراكي.

ماذا حدث في الاتحاد السوفيتي بعد ستين عاما من الاستثمار بعيدا عن سعر الفائدة؟

لقد اكتشف قادة الاتحاد السوفيتي انهم استثمروا مواردهم خلال الستين سنة المنصرمة في القطاعات الخطأ مما نتج عنه تشويها كليا في الاقتصاد السوفيتي ادى الى انهياره وانهيار الفكر الاقتصادي والعقائدي الذي يقف خلفه.

النظرية والتأكيد الرياضي لصحتها

تتمتع جميع النظريات العلمية بامكانية تقديم تأكيد رياضي لصحتها. وهذا الامر ليس مقتصرا على العلوم الطبيعية مثل نظرية الثقوب السوداء للعالم البريطاني ستيفن هوكين. حيث ان الانسان غير قادر على اثبات صحة مثل هذه النظرية تجريبيا ومن ثم يتم القبول بصحتها الرياضية (mathematical validity ).

وقد قدم ستيفن هوكين الاثبات الرياضي لصحة نظريته. والكلام نفسه ينطبق على جميع النظريات الاقتصادية. حيث يمكن تقديم اثبات رياضي يبين صحة النظرية وحالات النظرية تحت ظروف مختلفة. وهنا يمكن ان نجد اثباتا رياضيا لصحة نظرية التوازن الاقتصادي العام وكذلك للنظرية الحدية اضافة الى النتائج المختلفة للسياسات المالية والنقدية. اما محمد باقر الصدر وبسبب جهله بطرائق البحث العلمي لم يتطرق الى الخلفية الرياضية لجميع ادعاءاته وفشل في اعداد او حتى تهيئة فرضيات يمكن ان تؤسس مستقبلا لنظرية لها اساس علمي.

دور الصدر وحزب الدعوة الطائفي في تدمير العراق

لقد انشأ محمد باقر الصدر حزب الدعوة الشيعي. واليوم يتفق العراقيون على ان حزب الدعوة سبب خرابا في العراق اكثر بكثير مما سببه حزب البعث. فالخراب الذي سببه حزب البعث لا يتعدى خرابا ماديا اما حزب الدعوة فقد شق وحدة الصف العراقي ودمر البلاد وانشأ اقاليم وعقلية فئوية افقدت الشعب العراقي وحدته وتحول العراق الى دويلات متناحرة تتقاتل مابينها خدمة للسيد الفارسي. ونجد ان عائلة الصدر لها تاريخ طويل في العمالة والخيانة وتدمير العراق.

يضاف لهذا المنجز المتميز هو قيام حزب الدعوة الطائفي بنشر الفساد الاداري في العراق وتعميقه لدرجة حقق العراق مستويات قياسية عالميا ووصل لمستوى ايران بالفساد وكما اكدت ذلك منظمة الشفافية الدولية ( Transparency International(,. لقد حققت ايران تحت حكم الملالي والمعممين اعلى مراحل الفساد والتفسخ الاجتماعي. وقد قاد هذا الفساد الشيطان خميني ومن بعده الشيطان خامنئي. والؤال الان هو ماذل حقق الشيطلن خميني؟ ولماذا ثار على الشاه؟ هلل اطلق رصاصة واحدة على اسرائيل؟ بالعكس فقد كشفت جميع المصادر المحلية والعالمية ان اسرائيل كانت تمد ايران بالسلاح والذخيرة طوال الحرب العراقية الايرانية. وكنت انا اول المشككين باعلام الطاغية صدام عندما كان يتهم ايران بالتعاون مع اسرائيل. والان وبعد كل هذه السنين انكشفت الحقائق وفتحت الملفات وتبين ان اسرائيل هي الداعم الاول لأيران طوال الحرب العراقية الايرانية.

هذه الحقيقة وحدها تفضح حقيقة حكم الملالي في ايران وتشير الى دور ايران الحقيقي في تدمير الدول العربية ونشر الفساد والمليشيات وتحقيق استراتيجية توازن الرعب بحيث تصبح الدول العربية فاقدة لسلطتها داخل وطنها وكما فعلت ذلك في لبنان والعراق واليمن. وارجو ان تفشل خطتها في البحرين. وتتفاوض ايران مع الغرب وخاصة مع الولايات المتحدة الامريكية طوال الوقت وتطلب من عملائها الاغبياء اتباع سياسة العداء الدائم لامريكا في الوقت نفسه. ونتمنى ان يصحى من النوم هؤلاء العملاء ليدركوا انهم كانوا مجرد اوراق تافهة تطرقها ايران متى ما اقتضت مصلحتها العليا.

والغريب بالامر ان المثقفين والكتاب العراقيين لم يتطرقوا للنتائج الخطيرة وراء انشاء حزب طائفي في بلد متعدد الاعراق والمذاهب والاديان مثل العراق. واليوم وبعد انقضاء هذه الفترة من تاريخ العراق يستطيع العراقيون ان يدركوا النتائج الخطيرة لما فعله محمد باقر الصدر والتي فتحت الباب لتقسيم العراق وشق وحدة الشعب العراقي و تنفيذ سياسة القتل على الهوية وتحويل العراق لحديقة خلفية لأيران.

.

وهنا نكون قد وصلنا لنهاية المطاف . وتطرقنا الى النتائج الخطيرة وراء انشاء حزب الدعوة الطائفي والذي يمثل مشروعا سياسيا ايرانيا يهدف الى تدمير العراق وتمزيقه وخدمة مصالح ايران التوسعية. اضافة لذلك تناولنا الجانب الفكري لمحمد باقر الصدر و اوضحنا ابتعاده الكامل عن طرائق البحث العلمي اضافة لعدم تخصصه بعلم الاقتصاد. ولكن طالما ان المذهب الشيعي مبني على اتباع وبصورة عمياء رجال الدين وكان محمد باقر الصدر احدهم فلا غرابة اذن ان نجد صورته وكتبه تنتشر على نحو واسع لدى عامة القطيع وتدار ندوات تناقش وتقدس جهله عدم تخصصه.

المرجعية الدينية في النجف الاشرف

وفي الختام يجب ان نشيد بدور المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف وعلى رأسها السيد على السستاني لدوره الثابت والمتواصل في رفض فكرة الدولة الدينية واصراره على بناء دولة مدنية حديثة (مبدأ فصل الدين عن الدولة) ودفاعه المتواصل عن جميع مكونات الشعب العراقي من السنة والاكراد والمسيحيين والايزيديين وغيرهما. ونحن نحمد الله على وجود مثل هذه المرجعية الرشيدة خلال هذه الايام الخطيرة من تاريخ العراق المعاصر. فهناك الكثير من رجال الدين العملاء الذين يدعون الى اتباع ولاية الفقيه , اي وجود رجل دين على رأس الدولة , وهي محاولات ايرانية متواصلة تهدف لبناء دولة دينية طائفية في العراق تتهم من يقف في طريقها بالعمالة للغرب و من جهة اخرى تصف عملاء ايران بالوطنيين. .

تجمع سومريون / سمير يوسف












#سمير_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجمع سومريون : موقع تجمع سومريون يدخل سنته الثانية
- تجمع سومريون : امريكا تدافع عن الشيعة وايران وعملائها يقتلون ...
- تجمع سومريون: عتاب شديد للسيد العبادي حول عدم ذكر جهود امريك ...
- تجمع سومريون : داعش واردوغان و دور ايران في اخفاء الحقيقة
- تجمع سومريون : امريكا تتحرك لحماية الشيعة في البحرين بطلب من ...
- محمد باقر الصدر وعلم الاقتصاد
- نيويورك تايمز: العالم يحصد ما زرعه السعوديون
- تجمع سومريون: حقيقة عبد الفتاح السيسي تنكشف في محاضرة لمسؤول ...
- وانفضحت حقيقة النظام الزائف في العراق
- تجمع سومريون: نتقدم بالشكر لوزير الخارجية الامريكي لعدم زيار ...
- متى نتخلص من عملاء ايران؟؟؟
- تجمع سومريون يحصل على وثائق تدين مسؤول كبير في الدولة
- لا يمكن القضاء على داعش واردوغان بالسلطة
- اكبر فضيحة رشوة في تاريخ الصناعة النفطية العالمية تذكر اسماء ...
- تجمع سومريون : سليم الجبوري يعلن الحرب على الحشد الشعبي عالم ...
- التطورات الاخيرة في الصناعة النفطية العالمية وآفاق تطور اسعا ...
- تجمع سومريون ... واخيرا توقف حسن نصر الله عن النفاق
- جمع سومريون...تعقيب على مقالة الاخ سجاد تقي كاظم
- تجمع سومريون ....لقاؤنا القادم في البيت الابيض والدعوة للمشا ...
- تجمع سومريون ...لقاؤنا امس مع البيت الابيض ومستقبل العراق


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير يوسف - تعقيب ورد السيد محمد باقر الصدر وعلم الاقتصاد