أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي بداي - ثمن فقدان إحترام الذات














المزيد.....

ثمن فقدان إحترام الذات


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 5265 - 2016 / 8 / 25 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إفترض لغرض إكمال هذا المقال، أن القضاء العراقي قد إلتقط خيوط الفساد وتابعها فأنزل العقاب بالسارقين ، وإفترض أكثر ( فقط لكي تشعر ببعض الفرح) أن هذا القضاء قد تنزه فعلاً، و حكم بحل الأحزاب التي تقف وراء الفساد ، وهي كل الأحزاب التي تقود دفة السفينة المنهوبة منذ 2003 ، كيف ستسير الأمور؟ لاطريق غير التحضير لإنتخابات جديدة، وقبلها تأسيس أحزاب جديدة. ولكن من سيبني الأحزاب الجديدة ويفوز بالجلوس في عش الصقور؟ أنها ذات القوى المتخلفة التي سرقت فأضحى بأمكانها شراء كل شيئ ضمن أخلاق مجتمع/ سوق لايعترف الا بمن يدفع أكثر....
تلك هي نتيجة طبيعية لايمكن توقع غيرها، تصنعها عوامل موجود مثل قوانين الفيزياء فلايوجد مايفسر تغلغل الفساد أفقياً وعمودياً في مجلس النواب العراقي ذي الأغلبية الإسلامية المؤمنة المنتخبة من قبل الأغلبية المسلمة المؤمنة، وفي الحكومة التي تسندها المرجعيات الدينية والعشائر ، سوى أن هذا المجلس وهذه الحكومة هما تمثيل إجمالي لواقع شعب يتعامل مع الفساد من رشوة وتحايل على القانون كمسلمات طبيعية . ليست تلك مسبة ولا هو إكتشاف جديد، لكنه حقيقة مرة متجاهلة رغم أنها الأكثر سطوعاً في حياة العراق فتعرض نفسها بوضوح في باب كل مؤسسة وعلى وجه كل موظف. الرشوة والعمولة بشكل التحايل على قانون الضرائب ، وشراء الشهادات الدراسية، ودفع براطيل التسجيل بالكليات وللحصول حتى على أصغر الوظائف في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وغلق كافة الأبواب أمام أية محاولة للقيام بمشاريع تطويرية مالم يفتحها مفتاح الرشوة ، ومايرافق ذلك من إتفاقات وتاكتيكات مرسومة بحرفية عالية هي حقائق يومية تشكل ملامح العراق منذ أكثر من عقدين. و الفساد نشاط وعرف يومي إجتماعي محترم ومقدر في العراق الحالي ومعترف به من قبل مجلس النواب، والحكومة، ويحظى بتأييد عام من قبل الأغلبية على كل المستويات من رئيس البرلمان وحتى آخر فرّاش في أصغر مستوصف صحي ومن أصغر مرجعية دينية الى أكبرها .
كيف حدث ذلك؟ هل هي ظاهرة إجتماعية جديدة؟ ولمَ يشكو الجميع منها ويمارسها بذات الوقت؟ من يحلها إذن إذا كان الكل مشترك بهندستها؟
الحقيقة أن المجتمع العراقي قد ولج مرحلة الديموقراطية من بوابة الحصار، وبأخلاقيات مرحلة الحصار وتلك لم تكن سوى ثمرة ماغرس قبل أربعة عقود عندما بدأت رحلة فقدان إحترام الذات الطويلة ، من أيام دخول الناس في حزب البعث وجيشه الشعبي أفواجاً لأسباب إرتزاقيه خالصة لاعلاقة لها بفكر البعث ولا بفلسفته. سنين طوال إنهمك العراقيون خلالها بإيجاد المبررات للأشتراك بابشع عملية سطو على كنوز مجتمعهم التي راكمها عبر كفاحه الطويل متمثلة بأخلاق نصرة المظلوم ومساعدته في كفاحه ضد السلطة الظالمة، وما أسموه بالغيرة العراقية ، فتحولوا في زمن البعث الى مطاردين له. وعندما تطوع الملايين ليتخلصوا من مخزون القيم التي تلقوها بالبيت والمدرسة فيتحولون الى شرطة سرية تكتب التقارير وتوقع بمن يراد الإيقاع به ، كان من الطبيعي أن يفضى بهم ذلك فيما بعد الى يوم يُؤخذ فيه أطفالهم لحضور حفلات رمي الرصاص ليمزق أجساد أقاربهم ومعارفهم، ثم ليجعلوا ذلك في اليوم التالي موضوع الأنشاء المدرسي. رفع العراقيون رتبة صدام من شقي وبلطجي محلي معروف، الى نصف إله وقائد قومي وهم يعرفون ما فعلوا، فوجدوا أنفسهم مجبرين على الرضوخ لكل ما يطلبه منهم وأصبحوا بعدها عبيداً له بارادتهم، كلهم يعرفون أنه لا يتورع عن تحطيم حزب البعث والعراق كله من أجل نفسه، وكلهم يعرفون أن صدام عندما يقرر خوض حرب لايلتفت لخسائر ولا لعواقب مستقبلية على البلاد . لكن حالهم أصبح حال من ينسج كذبة ليسوقها على غيره ثم تدور الدورة فيجد نفسه مرغماً على تصديقها والتنظير لها.
بعد عقود من خداع النفس، و بعد مران طويل من أجل تحطيم آخر الفواصل بين العيب واللاعيب، الجائز وغير الجائز، المشروع واللامشروع، المخجل وغير المخجل، فقدت قطاعات واسعة من الشعب إحترامها لنفسها. أضحى كل مايمكن الحصول عليه بأية وسيلة كانت مشروعاً، وورثنا مجتمعاً كاذباً مرائياً مريضاً بكل شيئ. مواطننا الآن يخرج للتظاهر ضد الفساد وهو قد عاد للتو من تسجيل إبنه في كلية الامام الكاظم دافعاً ثلاثة آلاف دولار ثمن تزوير شهادة المحروس الذي لم يجتز الإعدادية، وبعد بضع سنين سيدفع مثلها لكي يُعيّن محروسه محامياً ويتدرج في سلم الغش و الكذب فيدخل إن قدر له الله ذلك مجلس النواب فيرفع رأس أبيه و عشيرته ويقود مسيرة هذا الشعب التائه ! هو يرفع يده ضد الفساد الذي لم ينل حصته منه! ذلك هو السر الذي يديم حركة مجتمع "شيلني واشيلك" الذي يجعل السراق قادة لا قدرة لأحد على التحارش بسلطتهم. من أين سيأتي الحل إذن؟ ربما يتعين علينا إنتظار جيل نقي لم يتلوث بجرثومتي البعث والطائفية ، وذلك بعد أن يتقدم علم الوراثة ويلج آفاقاً جديدة أبعد من إستنساخ الخروف دوللي...



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة تموز في العراق ونشوء -المدّور الأجتماعي-
- شبح جديد يتجول في أوربا وأمريكا؟
- بلاد منزوعة الكرامة
- -عبد الستار ناصر- المبدع الذي إغتالوه طفلاً
- قصة كارلوس
- تضامناً مع سجّاد البرئ ضد أبيه المتوحش
- ليتك ما إستشهدت ياأبا عبد الله
- حاجتنا لحزب وطني يساري ، سرّي، ويُخيف!
- إنظروا كيف سيخرب الإسلاميون مجتمعنا
- مزعجون أينما حللنا
- أنا وصدام والكويت
- شعب نائم يستحق هذه العمائم
- جائزة التحرر من الإتفاقات لنوري المالكي
- مابعد المزعطة
- خفايا حصول الشهرستاني على -جائزة التحرر من الخوف-
- رؤية شخصية لماضي وحاضر الحزب الشيوعي العراقي
- العلاقة بين السيدة -سيبيلا ديككر- و-نوري المالكي -
- حيرة العراقيين بين القمة والقمامة
- 69 عام ..عمر الدكتاتور القاتل
- يالها من مزعطة!


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي بداي - ثمن فقدان إحترام الذات