أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي بداي - شبح جديد يتجول في أوربا وأمريكا؟















المزيد.....

شبح جديد يتجول في أوربا وأمريكا؟


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 17:51
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


منذ عام 2008 والمجتمعات الأوربية والمجتمع الأمريكي تقف مذهولة أزاء الازمة المالية والاقتصادية التي بدأت بشكل “مفاجئ” وأوقفت نموها الاقتصادي، وشلت قطاعات انتاجية بكاملها ومن ثم القت بملايين الناس الى عالم البطالة بما يذكّر بفترة الكساد الكبرى في عشرينيات القرن الماضي. ومع هذا الذهول بقي سؤال اساس بدون إجابة: اين إختفت المليارات وكيف يمكن لبنوك عملاقة، هي عماد النظام الرأسمالي، أن تشهر إفلاسها؟.
بقي الأوربيون خاصة، ينظرون منذ اكثر من خمسين سنة الى مجتمعاتهم بأعتبارها مجتمعات الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي التي يحرسها نظام سياسي ديموقراطي رصين قائم على حقوق المواطنة المتساوية وفصل السلطات وصيانة حقوق الأنسان. وحتى قبل أن يكتب "فوكوياما" كتابه عن نهاية التأريخ ليمجد الرأسمالية كنظام ابدي لا عال يعلو عليه، كان الأوربيون يعتقدون أنهم قد وصلوا شاطئ الأمان الذي لاعودة منه الى أيام المجابهات والأزمات الأجتماعية .

الا أن الأزمة الأخيرة بعمقها وابعادها التي مازالت مجهولة قد سقطت كحجر ضخم في بركة المسلمات الأوربية الراكدة منذ زمن.الآن بعد ستة أعوام على بدء الأزمة جاء "توماس بيكيتي" Thomas Pekitty الأستاذ في "كلية الاقتصاد في باريس" ليثير عبر كتابة " رأس المال في القرن الواحد والعشرين" ضجة تعدت الأوساط الأكاديمية الى قطاعات جماهيرية واسعة في أمريكا وبلدان أوربية كثيرة إمتدت من الطلاب والصحفيين والاعلاميين ورجال المال والاعمال والأقتصاديين وعلماء الأجتماع لتنتهي برجال الدولة. ولربما يشكل نفاد الكتاب من المكتبات بسرعة فائقة إستثنائية ، رغم أنه ليس رواية مغامرات بوليسية، ولا حكايات سحرية مثل حكايات "هاري بوتر" ، ولا مذكرات نجمة سينما من هوليود أو يوميات بوش عن حرب احتلال العراق وما تتضمنه من أسرار وخفايا ظاهرة جديدة بذاتها. فالكتاب هو كتاب إقتصاد ببيانات وارقام وتحليلات وجداول وكان من المنطقي وهو بهذا الصفة أن ينتشر في أوساط محددة كباقي كتب الأقتصاد ذات الشعبية المحدودة لكن النتيجة المفاجئة للكثيرين التي توصل اليها الكتاب بعد بحث مضن كانت من الأهمية أن تلاقفته الأيدي وطارت شهرته في الآفاق.

أراد "بيكيتي" المولود في 1971 والاقتصادي المميز، بعد حصولة المبكر على شهادة الدكتوراه من فرنسا أن يدرس الأقتصاد العالمي من الموضع الذي يتحكم بالاقتصاد العالمي فرحل الى الولايات المتحدة لكن صورة الاقتصاد الأميركي لم تكن قد توضحت أمام عينيه و لم يتمكن من الحصول على مايروم فعاد الى باريس ليبدأ مع مجموعة من زملاءه ومنهم ”إيمانول سايز” من جامعة كاليفورنيا رحلة الغوص في أرشيف أكثر من 25 دولة بادئاً من عام 1771 منتهياً باقتصاد القرن الواحد والعشرين . أي أن المؤلف درس وحلل بعمق وصبر معطيات أكثر من مئتي سنة من البيانات المفصلة المتعلقة بتطور الرأسمالية في العالم الغني وبعض الأسواق الناشئة الكبيرة، من حيث النظام الضريبي وتوزيع الثروة ومستويات الدخل ورواتب الموظفين في فترة صعود وتطور الرأسمالية حتى وقتنا الحالي. ويظهر كتاب "بيكيتي" مشابهاً من حيث اسلوب البحث والعرض لكتاب “رأس المال” لكارل ماركس، وفي حين تنبأ ماركس بانهيار الرأسمالية بوصفه نتيجة حتمية لتناقضاتها وهو ماسيقود الى بناء الجنة على الارض بقيادة البروليتاريا ، لايرى "بيكيتي" في المستقبل أي نظام جديد بديل بل هو يتحدث عن نمو بطئ يحصل خلاله أصحاب رأس المال الموسرون على حصص أضخم وأضخم من الثروة العالمية والدخول أي مزيداً من تعميق الفوارق في المعيشة داخل مجتمعات أوربا وامريكا وهو ما يعتبره أمراً غاية في الخطورة . ويمكن إعتبار النتيجة التي توصل اليها "بيكيتي أشبه بجرس إنذار : " أن عهد الفوارق الطبقية والأجتماعية الحادة الذي شهده العالم الرأسمالي في القرن التاسع عشر مازال قابلاً للتكرار". مجتمعات الرفاه والنمو المتصاعد وفقاً لبيكيتي مهددة من قبل الرأسمالية ذاتها التي تسير بخطى حثيثة نحو تركيز معظم الثروة بيد قلة قليلة تتحكم بمصير الكثرة الباقية بحيث أن خطر عدم المساواة سوف يصل إلى المستويات التي تسبب الاضطراب الاجتماعي الشديد.

وينبه " بيكيتي" الى أن الدرس الذي تعلمناه من أحداث القرن العشرين هو إمكانية النمو السريع بدون تعميق الفوارق خلافاً لما كان عليه القرن التاسع عشر ولكن بشرط وجود تدخلات سياسية. وينبه "بيكيتي" أن الديموقراطية لاتنمو ولا تزدهر في مجتمع تتعمق الفوارق بين أبناءه باستمرار، إذ يحذر في مقابلة صحفية له من اننا اذا لم نفعل شيئاً ضد تركز الثروة بيد القلة سنصل الى نتيجة مدمرة هي تمركز 99 % من الثروة بيد 1% من السكان ويتسائل:كيف تقود مثل هكذا بلد ديموقراطياً حين تتحكم قلة قليلة بكل شئ؟ في أمريكا ، يستحوذ الآن 10 بالمئة فقط من السكان على 50 بالمئة من الثروة ويتشارك الباقون وهم 90 بالمئة في النصف المتبقي ، حول ذلك يقول" بيكيتي" أن فرق الدخل في بداية الرأسمالية كان بين المالكين والعاملين أما الآن فهو بين العاملين أنفسهم حيث أن راتب موظف القمة عام 1950في امريكا( مثلاً مدراء الشركات واعضاء المجالس القيادية في البنوك) كان اكثر من راتب الموظف المتوسط بعشرين مرة أما الأن فيزيد عليه بأكثر من مئتي مرة. وتؤكد أرقام " بيكيتي" ان اللامساواة في ملكية الثروة في امريكا قد عادت مثلما كانت عليه الحال في بداية القرن العشرين . وقد كشف إحصاء "اوكس فام انترناشيونال" ان اغنى 85 شخص في العالم يملكون اكثر مما يملكه 3.5 مليار انسان. وفي هولندا يملك اغنى الاغنياء ونسبتهم 1% 373 مليارد من الثروة. منذ 2009 (وهو زمان قعر الازمة) ذهب 95% من نمو الدخل في امريكا الى 1% وهم أغنى الاغنياء. ويكمن سبب زيادة حدة اللامساواة في رأي "بيكيتي" الى أن النمو الاقتصادي في وقت الازمة يسير بوتيرة أبطأ كثيراً من نمو الفوارق فارباح العقارات والاسهم في اوقات الركود الاقتصادي(0%) هي بحدود 5% ولمعالجة ذلك يقترح "بيكيتي" نظاماً عالمياً تصاعدياً للضرائب أشبه بالخيال المفيد كما يسميه، فوفقاً لهذا النظام يتوجب اتخاذ اجراءات رادعة بحق الدول التي تسهل لجوء الرأسمال اليها باعفاءه من الضرائب ، كما يتوجب ان يمنع راسمال الدول النامية من الهرب الى سويسرا ولندن وباريس وغيرها من مراكز المال بل يتوجب ان يستثمر في البنى التحتية لهذه الدول.

لقد صدر كتاب "بيكيتي" في وقت أزمة طويلة وركود لم يسبق لهما مثيل تعيشه أمريكا وأوربا والأقتصاد العالمي كله . بدأت هذه الأزمة في القطاع المصرفي عام 2008 وأمتدت الى سوق العقارات فأدت الى يقضة إجتماعية تجسدت بموجة تشكيك بمسلمات الحياة التي ألفتها أوربا خاصة بعد الحرب العالمية الثانية وذلك بعد أن أمتدت يد " الدولة" الى البنوك المفلسة والموشكة على الأفلاس بقصد تأميمها وهو ما يتناقض مع أهم مبادئ الأقتصاد الحر التي تعلمها ملايين الأوربيين في مدارسهم الأولية ، الامر الذي قابلته وسائل إعلام اوربية وامريكية ببث صورة لكارل ماركس وهو يبتسم ساخراً من العالم الرأسمالي وتحتها عبارة: الم أقل لكم ذلك قبل أكثر من مئتي عام؟

وخلال السنين الخمس الأخيرة تنبه الأوربيون تدريجياً الى أن مكاسب مثل الرخاء والنمو وتطور الخدمات الاجتماعية ليست محصنة ولا مقدسة ولا هي ببعيدة عن التهديد ، وبدأ الكثير من الحقائق بالظهور بعد أن غطت عليها أصوات معارك إعلام الحرب الباردة طيلة عقود. فالأوربي الذي كان ينظر الى أنظمة الضمان الأجتماعي والصحي التي سنت في أعقاب الحرب العالمية الثانية بأعتبارها ثمرة طبيعية لتطور "الرأسمالية الناضجة"، بدأ الآن يكتشف أنها كانت بمعظمها ردود افعال على ماكان يتم تقديمه للناس على الجانب الآخر من قبل الطرف المنافس الاتحاد السوفياتي وبلدان اوربا الشرقية التي الغت وجود طبقة ملاك وسائل الانتاج واعادت توزيع الثروة داخل المجتمع بشكل خدمات إجتماعية شبه مجانية مثل الصحة والاسكان والتعليم والنقل والثقافة المفتوحة للجميع، فهل هناك شبح ما في القرن الواحد والعشرين يتجول في أوربا وأمريكا؟ سننتظر!



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد منزوعة الكرامة
- -عبد الستار ناصر- المبدع الذي إغتالوه طفلاً
- قصة كارلوس
- تضامناً مع سجّاد البرئ ضد أبيه المتوحش
- ليتك ما إستشهدت ياأبا عبد الله
- حاجتنا لحزب وطني يساري ، سرّي، ويُخيف!
- إنظروا كيف سيخرب الإسلاميون مجتمعنا
- مزعجون أينما حللنا
- أنا وصدام والكويت
- شعب نائم يستحق هذه العمائم
- جائزة التحرر من الإتفاقات لنوري المالكي
- مابعد المزعطة
- خفايا حصول الشهرستاني على -جائزة التحرر من الخوف-
- رؤية شخصية لماضي وحاضر الحزب الشيوعي العراقي
- العلاقة بين السيدة -سيبيلا ديككر- و-نوري المالكي -
- حيرة العراقيين بين القمة والقمامة
- 69 عام ..عمر الدكتاتور القاتل
- يالها من مزعطة!
- ياصاحب أشرف العمائم
- حوار حول الاقليات


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - علي بداي - شبح جديد يتجول في أوربا وأمريكا؟