أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسام الدين العوادي - الإعجاز البلاغي في شعر المتنبي














المزيد.....

الإعجاز البلاغي في شعر المتنبي


محمد حسام الدين العوادي

الحوار المتمدن-العدد: 5264 - 2016 / 8 / 24 - 00:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أول ما يتبادر إلى ذهن من يسمع كلمة الإعجاز البلاغي هو الإعجاز البلاغي في القرآن وهذا يُفَسَّر بنشأة معظم العرب في بيئة إسلامية. وهذا الفهم ترجع بداياته إلى ضهور القرآن ولم يكن موجودا في الجاهلية عند العرب. المفهوم الحقيقي للإعجاز حسب معجم المعاني الجامع هو التالي:
أَعْجَزَ ( فعل ):
أعجزَ / أعجزَ في يُعجز ، إعجازًا ، فهو مُعْجِز ، والمفعول مُعْجَز
أَعْجَزَ فلانٌ : سَبَق فلم يُدْرَك
أَعْجَزَهُ عَنِ الفَهْمِ : جَعَلَهُ عاجِزاً غَيْرَ قادِرٍ عَلَيْهِ
أَعْجَزَهُ السَّيْرُ : فاتَهُ وَلَمْ يَقْوَ عَلَيْهِ
أَعْجَزَ في الكَلامِ : أَتَى بِإِعْجازٍ في التَّعْبيرِ ، بِأَبْلَغِ أُسْلوبٍ
أعجزه الأمرُ : صَعُب عليه نيلُه.
وبالتالي يمكن أن نطلق عبارة الإعجاز البلاغي على كلام معين تتوفر فيه شروط الإعجاز ولا نقتصر فقط على النص القرآني. ومن أشد الكلام إعجازا في التاريخ العربي هو شعر بعض الشعراء في الجاهلية والإسلام. أذكر منهم في هذا المقال المتنبي.
أبو الطيب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) "هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة."
إن كل عارف بتاريخ الشعر العربي يعرف أن المتنبي أعجَزَ أهل زمانه ومن تبعوه بأن يأتوا بمثل شعره، ليس هذا فقط بل أن بعض أبياته يتعذر فهمها بدون شرح أو تفسير. ويعتبر أغلب النقاد والشعراء المتنبي أعظم شاعر في التاريخ العربي كله. و كأن المتنبي صدق حين قال:
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي* وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي * وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي

وسأسمح لنفسي هنا بشرح وجوه الإعجاز في اشعار المتنبي مستدلا بأمثلة.

ومن روائع المتنبي:
أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ * إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ
وشرحها:
ألم: من التألم للمرض
ألمَّ: أي أحاط بي
ألم: الهمزة للاستفهام ولم نافية
ألمً: أي أحيط به
إن: شرطية
أنً: من الأنين
آن: مريض
آن: بمعنى حان
لي بشفائه: حان وقت شفائه
والمعنى العام:
«لقد أحاط بي ألم لم أعرفه من قبل إن جاء وقت شفائه من الله فقد آن ذلك له.»

كما قال مخاطبا سيف الدولة:
ما كان نومي إلا فوق معرفتي ... بأن رأيك لا يؤتى من الزلل
قل أنل أقطع احمل عل سل أعد ... زد هش بش تفضل أدن سر صل
ومثلما نرى قد يستحيل فهم البيت الثاني حتى نظن أنه بالله الفارسية. لكنه بالعربية وشرحه كما قال العكبريّ :
"الغريب: أمره بأربعة عشر أمرًا في بيت واحد. (أَقِلْ) من الإقالة وأقلته من عثرته وأقلته من البيع عند الندم فيه. (أَنِلْ) من الإنالة نلته وأنلته. (أَقْطِعْ) من الإقطاع أقطعته أرض كذا. (احمِلْ) من قولهم: حملته على فرس. ومنه حديث عمر ابن الخطّاب: "حملت على فرس في سبيل الله تعالى". وقوله (علِّ) من العلوّ والرفعة. و(سلّ) من السلوّ. و(أعِدْ) من الإعادة. و(زِدْ) من الزيادة. و(هِشَّ) من قوله: هششتُ إلى كذا وهو التهلّل نحو الشيء. و(بِشَّ) من البشاشة وهي الطلاقة، بششت بالرجل أبشّ. (تفضَّلْ) من الإفضال. (أَدْنِ) من الدنوّ. (سرّ) من السرور [قال أسعد: انظر الشرح]. (صِلِ) من الصلة وهي العطيّة."

هذا وللمتنبي حكما مشهورة يرردها الدهر إلى اليوم، وكأنه يعلم الغيب حين قال:
وَمَا الدّهْرُ إلاّ مِنْ رُواةِ قَصائِدي *إذا قُلتُ شِعراً أصْبَحَ الدّهرُ مُنشِدَا
فَسَارَ بهِ مَنْ لا يَسيرُ مُشَمِّراً * وَغَنّى بهِ مَنْ لا يُغَنّي مُغَرِّدَا
ومن حكمه المشهرة التي يعرف بعضها القاريء حتما:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
كما يقول:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
و يقول:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
وقال أيضا
ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وأيضا
من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد
و تأمل جمال قوله
لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
و يمكن إسقاط قوله التالي على المساواة بين الرجل والمرأة في عصرنا الحديث:
فما التأنيث لاسم الشمس عيب * ولا التذكير فخر للهلال


يُمكن الإعتقاد هناك إعجاز البلاغي بلاغي في النص القرآني، فهذا شيء سلم به متقدمون ومتأخرون من جهابذة اللغة العربية (معظم المسلمين) كما أنكره البعض (مسلمون مثل إبراهيم النظام وابن سنان الخفاجي وابن حزم وغير المسلمين طبعا)، على كل حال هذا لا ينفي أن هناك إعجازا بلاغيا في نصوص أخرى وقد تناولنا هنا شعر المتنبي. ربما نتناول مرة أخرى شعر امرئ القيس أو عنترة بن شداد أو غيرهم من المتقدمين والمتأخرين في تاريخ الأدب العربي.



#محمد_حسام_الدين_العوادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعدام ودموية الحكم في التاريخ العربي
- ظاهرة داعش، نتاج طبيعي لفكر مريض
- دعوا موطني


المزيد.....




- نجا بأعجوبة.. صاعقة تضرب قريبًا جدًا من رجل توصيل
- -هذا هو الهدف الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل في سوريا- - مقال ر ...
- كل ما تريد معرفته عن خليفة حفتر.. رجل ليبيا القوي وحلفاؤه في ...
- أضرار بالغة.. الهجوم الإيراني على مصفاة حيفا كبّد إسرائيل خ ...
- لوحة جدارية عملاقة في فرنسا تنتقد سياسات ترامب في مجال الهجر ...
- اكتشاف علمي سويدي يعيد الجدل حول تجدد خلايا المخ البشري
- فرنسا تطوي وجود عسكري استمر 65 عاما في السنغال
- القوات السورية تنسحب من السويداء وإسرائيل تقصف دمشق.. ما الت ...
- قتيلان وجرحى إثر هجوم على كنيسة كاثوليكية في غزة والبابا يدع ...
- ماذا تريد إسرائيل من قصف دمشق؟


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسام الدين العوادي - الإعجاز البلاغي في شعر المتنبي