أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل كامل - اله المواشي وقصص اخرى














المزيد.....

اله المواشي وقصص اخرى


عادل كامل

الحوار المتمدن-العدد: 5246 - 2016 / 8 / 6 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


آله المواشي وقصص أخرى





عادل كامل
[1] آله المواشي
أدركت الغزالة إنها طوقت من الجهات الأربع؛ ذئاب تسد عليها الطريق، ونمور تتربص بها من الخلف، إلى اليسار اصطفت زمرة فهود، وعلى اليمين استعدت الكلاب البرية للهجوم...، ولأنها لم تجد من تخاطبه، بجوارها فوق الأرض، رفعت رأسها إلى السماء:
ـ إذا كنت، يا الهي، لا تقدر على حمايتي، ومنعهم من الهجوم علي ّ، وافتراسي....، فأنا سأسلم نفسي، من غير مقاومة، لهم!
ابتسم آله المواشي:
ـ ولكن لِم َ تعجلت ِ الشكوى، والتذمر...، حتى أني أحسست انك ِ توشكين على ...، الكفر، وارتكاب المعاصي؟!
ـ وهل باستطاعتي، يا الهي، أن افعل ذلك، وقد سلبت مني حتى الهواء؟
ـ آ ...، الآن لن أخلصك من غير ثمن!
فقالت الغزالة باستسلام:
ـ بعد أن أمضيت حياتي كلها مذعورة، فزعة، خائفة، اهرب من عدو كي أقع في براثن عدو أكثر شراسة، وأخس، وأكثر نذالة...، تطلب مني رشوة!
ـ لِم َ هذا الغباء...، وأنا منحتك قدرة الطيران!
ابتسمت بأسى عميق:
ـ آ...، وأنا لا أجنحة لدي ّ...، حتى لو كانت وهمية، وتطلب مني الطيران، كما تفعل العصافير والبلابل والغربان؟
ـ اقتربي مني...
ـ تقصد ..، اصعد إلى السماء، حيث مجدك العظيم، وأنت تراهم يحيطون بي، ويسدون علي ّ الطرق، والممرات، كأنهم آلات فولاذية برمجت للبرهنة باستحالة العثور على فجوة للخلاص منهم...!
ـ اكرر، أيتها الغزالة: اقتربي مني...
ـ أنا لا اقدر أن اقترب منك...، يا الهي، لأنك تراهم سيرسلونني إليك، ممزقة الأوصال..، وآنذاك، أرجوك، امنحني جناحا ً للطيران!

[2] الموت
رفع صوته قليلا ً يخاطب الموت:
ـ لا يعنيني أن أموت غدا ً..، أو بعد غد ٍ، ولا يعنيني إنني ربما كنت مت يوم أمس، أو قبل يوم أمس...، سأموت بعد ألف عام، أو إنني مت قبل ملايين السنين، لأنك ـ يا سيدي ـ لم تعد تعنيني مادام وجودك قد سبق وجودي، ومادام وجودك، سيدي، سيبقى بعدي أيضا ً!
ضحك الموت:
ـ ها أنا أصبحت لا أثير فزعك، ولا خوفك، حتى كأنك صرت تتندر علي ّ، بل وتتفلسف؟
ـ لا.. يا سيدي، فبعد أن لم تترك لنا منفذا ً للهرب منك، ولا للخلاص...، ولا للمصالحة، صار حضورك شبيها ً بغيابك، وصار غيابك، سيدي، تام الحضور، فعلى من أتندر...، وأتفلسف، ألا ترى إن المعضلة لم تعد تعنيني، وربما لا تعنيك أنت أيضا ً...، لأنك لا تقوم إلا بواجبك، أما أنا فلم أكن حرا ً إلا عندما أكون بين يديك!
ـ وداعا ً...!
ـ أيها العزيز...، لا تكن قاسيا ً معي، وتتركني في محنة السؤال: هل أنا عائد من الموت، أم أنا ذاهب إليه؟

[3] الموت جوعا ً
وهو في حفرته، سمع الأرنب من يناديه:
ـ أكاد أموت من الجوع...
ـ إذا كنت لم تستطع، في هذه الحديقة، أن تعثر على لقمة تسد بها جوعك...، فهل يتحتم علي ّ أن أتبرع بحياتي لك كي لا تموت ..؟
ـ لا ...، ليس هذا هو السبب، فلا يصح أن تتهمني بالكسل، والخمول، ولكن رائحتك هي التي أثارت شهيتي للطعام!
ـ أغرب عني أيها الذئب اللعين...
ـ ها ..، وأين اذهب، وأنا قررت أن أبقى عند باب حفرتك، حتى تموتين من الجوع، وحيدة..!
ـ هذا أفضل...، أن أعود إلى التراب، مثلما أنا عليه، بدل أن ترسلني ممزقا ً إلى السماء!

[4] غفران
ـ أتعرف انني أمضيت حياتي الطويلة من غير أن ارتكب ذنبا ً واحدا ً...؟
ضحك الآخر بتندر:
ـ على العكس مني تماما ً...، فانا ارتويت من الذنوب حتى كأنني لم ارتكب ذنبا ً واحدا ً!
فقال الأول يخاطب الثاني بشرود:
ـ لابد انك كنت مضطرا ً لارتكابها..، كي تجد مبررا ً للغفران ..؟
رد الآخر بصوت هادئ:
ـ يبدو لي انك لم تكن مضطرا ً لارتكابها، ولكن هل حقا ً لم تتذوق لذّة الخطيئة، ونشوة الآثام؟!
ـ آ ...، حقا ً إن الإثم الوحيد الذي لم ارتكبه، يا صديقي، في هذه الدنيا، هو انني لم اركب إثما ً...، ولهذا حرمت من تذوق نعيم الغفران!

[5] داعية
تجمدا تماما ًوهما يصغيان إلى مقابلة كانت تبثها شاشة الحديقة الكبرى:
سأل الصحفي واحدا ً من وعاظ السلاطين، بوصفه داعية:
ـ كيف رأيت الدنيا..؟
أجاب الداعية مسرورا ً بابتسامة رقيقة:
ـ رأيتها حلوة... عذبة... بالغة النعومة... والجمال!
وأضاف الداعية:
ـ حتى انك، عندما تكون معي في الفردوس، ستتذكر كلماتي، في هذا اللقاء، وفي قناتكم الكريمة هذه!
فقالت الحمامة لجارتها:
ـ يبدو إن هذا الداعية، الشديد الورع، فقد بصره، وبصيرته، ولم يعد يسمع، وليس له قلب، وبلا عقل...، وإلا كيف لم ير حديقتنا، وما جاورها، ولم يشاهد ما حدث للدواب، والبهائم، والأشجار، والحجر، والبشر...، وقد أصبحوا رمادا ً..، وتحولوا إلى نفايات، والى ذرات دخان اختلطت بالغبار!

[6] ممرات
ـ انظر...، بعد أن سرقوا أموال اليتامى، وبعد أن اغتصبوا حقوق الثكالى، والأرامل..، وبعد أن نهبوا ثروات الضعفاء، وأسرفوا في سفك الدماء، وبعد انتهاك الحرمات، والمحرمات، وشردوا السكان، وهجروا البهائم والطيور والناس...، ها أنت تراهم يبحثون عن ممرات أمنة لهم للدخول إلى الفردوس، وكأنهم أبرياء كما ولدتهم أمهاتهم، وكأن الفردوس اعد للأشرار أيضا ً؟
رد الآخر وهو مازال يراقب المشهد نفسه:
ـ ولكن الغريب انك لا تسمع إلا استغاثات الضحايا وهم يفتشون ويبحثون عن الممرات ذاتها...، لعلهم يحصلون على موضع قدم لهم!
ـ هذه هي المفارقة، بل هذه هي المحنة..!
ـ لم افهم؟
ـ إن الضحايا لا يستنجدون إلا بطغاتهم وقتلتهم ومن سرق مصائرهم لعلهم يحصلون على ممرات جانبية، حتى لو كانت بسعة ثقب في خرم إبرة؟
ـ لكني أرى غير ذلك!
ـ ماذا ترى؟
ـ لولا هؤلاء الضحايا، لكانت الطرق إلى الفردوس، تسمح لمن هب ودبّ!
6/8/2016



#عادل_كامل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة/ الماء والوحل
- قصة قصيرة/ هذه هي الخلاصة يا سيدي!
- تماثيل وقصص قصيرة اخرى
- انتصار وقصص قصيرة اخرى
- لغم وقصص قصيرة اخرى
- قصة قصيرة/ مياه زرقاء
- جفاف وقصص قصيرة اخرى
- فئران وقصص قصيرة اخرى
- قصة قصيرة/ حكاية فيل شارد الذهن
- في النحت العراقي الحديث/ خالد عزت
- قصص ليست قصيرة جدا ً
- قصة قصيرة/ الذئب فائضا ً
- قصة قصيرة/ الحمامة رأت
- مساحات وقصص قصيرة اخرى
- في النحت العراقي الحديث/ يحيى جواد/ تدشينات صاغت حداثتها
- زوال وقصص قصيرة اخرى
- المجد للفأس/ لمحات من تاريخ العبودية في بلاد ما بين النهرين
- صرخة وقصص قصيرة اخرى
- في النحت العراقي الحديث/ مكي حسين
- في النحت العراقي الحديث/ محمد الحسني


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل كامل - اله المواشي وقصص اخرى