أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق آلتونچي - في اللغة و التطرف القومي (3:6 )















المزيد.....


في اللغة و التطرف القومي (3:6 )


توفيق آلتونچي

الحوار المتمدن-العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 16:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اللغة و التطرف القومي

(3:6 )


الجزء الاول :


المنهل التاريخي










الحركات القومية وما يطلق عليها في الادبيات القومية باليقظة وبعث القوم من جديد جديدة على المجتمعات الانسانية. خذ مثلا مجتمعا غربيا ك الامبراطورية الرومانية فستجد ان مواطني روما هم في الواقع خليط من مواطني جميع المناطق التي احتلتها الامبراطورية الرومانية في افريقيا واسيا وفي اوربا. كذا نجد هذا المجتمع المفتوح في الامبراطورية العثمانية فالموطن العثماني كان ينتمي الية جميع قوميات وشعوب المناطق التي كانت تحت نفوذ الدولة العثمانية. نرى كذلك انعكاسات ذلك في تركيبة المؤسسة الحاكمة توجد تعددية عرقية وقومية. هذه الخاصية اختفت بعد تفشي الفكر القومي بين اركان الخلافة العثمانية و ولاياتها خاصة في ايامه الاخيرة.

حسب عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي الذي يعتبر بحق الاب الشرعي لعلم الاجتماع فهو يذكر في مقدمته - كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر سنه 1377 ما مفاده " أن الدول المستقرة تنهار من جراء عاملين: أولهما أن تنشأ مطالبة من الأطراف ، وهذه الولايات التي تطالب بالاستقلال لا تبدأ بمطالبها إلا إذا تقلص ظل الدولة عنهم وانحسر تيارها ، واما السبب الثاني لانقضاء الدولة المستقرة فيأتي من دعاة وخوارج في داخل هذه الدولة المستقرة" .... هذا ينطبق اعلى انهيار الدولة العثمانية.

كما كنت قد اسلفت يجب دوما التفريق بين الانتماء اللغوي والانتماء ألاثني و العرقي وحتى العقائدي الديني للإنسان. الانتماء اللغوي والثقافي مكتسب بينما الاصول الاثنية للإنسان ثابتة انظر مثلا الى الاطفال اللذين يتم تبنيهم في الغرب فرغم انسلاخ وانصهار الفرد من لغته وثقافة ابوية الاصليين يبقى على الاقل في مظهره الخارجي من اسيا او افريقيا. سآتي الى هذا الموضوع بالتفصيل لاحقا حين اعالج موضوع ألاجئين الشرقيين الى الغرب.

لا ريب ان للتاريخ مكانة مهمة في حياة الشعوب لكن الاديان لعبت دورا اساسيا بصورة عامة ولكنه لم يعتمد على قومية واحدة بل جاءت في الاساس عالمية وإنسانية الاستثناء نراه في النص المقدس عند المسلمين اي القران الكريم الذي انزل باللغة العربية وهناك عدده ايات تؤكد عربية النص رغم عالمية الدين. التعصب للقوم او الى العشيرة منبوذ لما يحمل في طياته من حقد وكره وعداء للآخرين المختلفين. ربما اذا نضرنا الى ماسي الانسانية بصورة عامة لنجد ان التعصب للقوم او الدين وحتى الى فكر سياسي معين كان السبب الاساسي لويلات الانسانية من حروب ونزاعات.

اعتمدت الافكار القومية العنصرية دوما على التاريخ بصورة عامة وبصورة خاصة على التاريخ الامبراطوري للشعوب الداعية الى التفوق العرقي او العسكري مثال ذلك اعتماد الفاشيين في ايطاليا عى تاريخ الامبراطورية الرومانية والقوميين الاتراك بالعثمانية وبدور الاتراك وقوتهم العسكرية وباسهم وتفانيهم في القتال والقومية العربية تتفاخر ب الامبراطورية الإسلامية العربية وفي اليونان ب الامبراطورية الإغريقية اليونانية وكذا في اليابانية والصينية والاسبانية والفارسية والعثمانية وهكذا.

نظرة للماضي بتفاخر و عاطفية دون التوجه الى الحاضر وحقائقه المؤلمة ورفع كل سلبيات الماضي بل تحويلها بجرة قلم الى ايجابيات ونصر مبين بعيون الحاضر لكن بعاطفية احادية التوجه فكل المجازر والحروب والويلات والدمار التي خلفتها يتفاخر به القوميين ويشيرون الى بطولاتهم ومدى تقدم وشجاعة مقاتليهم متناسين المجازر والويلات والدمار التي مني به الطرف الاخر اي العدو الذي يتباهى بدوره كذلك بأبطاله. هناك حقيقة مفادها ان هناك امم تفتخر بإبطالها حتى لو كانوا مجرمين وسفاحين بل يسمون ابنائهم بأسمائهم والشوارع والمدن ويرفعون لهم النصب والتماثيل. هذه الامم تعبد القوي والشدة والعنف لان ابطالهم كانوا من عداد المنتصرين.

هذه النظرة الاحادية لم تأخذ بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعية الثقافية والفكرية السياسية التي كانت سائدة انذاك من ناحية ومن ناحية اخرى مدى تأثير التطور العلمي والتقني في المجتمعات الحديثة اليوم. جميع تجارب تطبيق الفكر القومي في الحكم باءت بالفشل في الغرب او في الشرق. لا بل ادى الى نتائج كارثيه على المجتمعات البشرية من حروب عالمية ومحلية دائمة لحد يومنا هذا. هذا المنهل التاريخي ادى فيما ادى الى نمو شعور عدائي عند هذه شعوب تجاه القوميات الاخرى.
لان المنهل التاريخي كان ارثا دمويا يعادي الشعوب بل غازية محتلة للدول الجارة وللشعوب الاخرى وحتى الى درجة اعتبارهم اقل منزلة ووصولا الى السبي والعبودية و التهميش والتهجير القسري ومحو الهوية الثقافية وربما وببساطة يمكن اعتبار التاريخ مجموعة من المجازر ضد الانسانية او مجازر ثقافية تؤدي في نتائجها الى ابادة شعوب وثقافات بأكملها من على الثرى وما الى ذلك من نتائج مأساوية للحروب.

هناك مجازر ثقافية تتمثل في عملية هدم الاثار الانسانية وحرق المكتبات وحرق الكتب في الساحات العامة ومصادرة الفكر الانساني وقتل الادباء والمفكرين والعلماء. يجب ان لا ننسى بان القوميين تاريخيا استخدموا جميع الاسلحة المتطورة في حروبهم والمستقبل سيكون اكثر سوداويا اذا علمنا بانهم لا يتوارون في استخدام حتى القنبلة الذرية والأسلحة المتطورة كما استخدمت في الحرب العالمية الثانية وفي الصراعات المحلية ربما كان اخرها استخدام الاسلحة الكيماوية في مدينة حلبجة الشهيدة في كوردستان العراق. استخدم ها هنا المجاز الثقافية كمصطلح لما حصل مع العلماء والأدباء والمكتبات من حرق كتب وقتل. هذا العداء يتحول في ضمير الامم الى عائق طبيعي للحوار الحضاري مستقبليا حيث يكون عاملا اساسيا في عدم التفاهم والتوصل الى السلام والحوار الحضاري.

العداء بصورة عامة يتفشى اكثر بين الشعوب المتأخرة علميا وحضاريا وذو مستويات عالية من تفشي الجهل اما الشعوب المتعلمة والمتنورة فتراها قد تعددت تلك المراحل وتتعامل بشفافية وتسامح مع الاخر المختلف حتى لو كان عدوا لدودا في الماضي الى درجة ان تلك الدول الاعداء قبلت ان تتوحد دولها مع عدو الامس ومثال على ذلك دول الاتحاد الاوربي وحتى ولايات الولايات المتحدة الامريكية التي توحدت بعد حرب اهلية طويلة شرسة. علينا ان لا ننسى ان من يعتبر بطلا قوميا ومغوارا في شعب ما قد يكون مجرما وقاتلا بنظر قوم اخر. طبعا يقوم الاول بنصب التماثيل وتعظيم ابطالهم في حين كما اسلفت يعتبره الاخرون عدوا طاغية. القوميين مهووسون برسم الخرائط وهم يمدون حدود بلادهم ويغالون في حجمها وامتدادها وثرواتها.

المتعصب التركي القومي مثلا يرى امتداد حدود دولته الى حدود اي بلد فيه اخر تركي. تراهم يبحثون بالمنظار عن بني جلتهم حتى في المريخ. وتلك ديدن كل القومين ومن اي قوم كانوا. يعتمد القومين الاتراك علي تاريخ نزوحهم من اواسط اسيا الى اناضوليا اي تركيا الحالية. الجدير بالذكر بان الاتراك السلجوقيين كانوا قد اسسوا دولتهم بين اعوام 1077 الى 1307 اي قبل العثمانيين في اجزاء من تركيا الحالية اي بيزنطيا لهذا يسمون في التاريخ بالسلاجقة الروم. كان آر طغرل وهو من قبائل الاغوز قد ضل الطريق مع اعوانه اللذين رافقوه في هجرتهم من اواسط اسيا حسب الاسطورة بين شعاب جبال اناضول وكادوا ان يموتوا جميعا عطشا لكنهم لاحوا ذئبا رماديا يتسلق الجبل فقال كبيرهم تتبعوا هذا الذئب فانه سيقودكم الى عين الماء وبذلك نجوا من الموت عطشا وهؤلاء هم من يقال عليهم آل عثمان بعد دخولهم الى الاسلام حيث غير اسمه الى عثمان وولي من قبل السلاجقة واليا على منطقة متاخمة لبحر مرمره على الجهة الاسيوية سنه 1227. وهناك رواية اخرى عن كيفية دخولهم الى الاسلام عن طريق السلاجقة لا مجال لذكرها الان.


السلطان السلجوقي صورة

حب المرء لقومه ليس بشعور عاطفي غريب على البشر فالكل يحب قومه ويتفاخر بانجازاته وعبقرية ابنائه وبتاريخه المجيد. الغريب ان لا يدع هؤلاء الاخرين ان يكون لهم نفس الشعور تجاه اقوامهم بل يعادوهم ان افصحوا عن شعورهم وانتمائهم القومي. هذا التناقض يؤدي دوما الى الخصام والعداء وينتهي بالحروب خاصة بين العائلات التعددية الانتماءات. العائلة التي تصاهرت وتزاوج ابنائها مع قوم او حتى طائفة و دين اخر يتحول ابنائها وبقدرة قادر الى مجموعه عنصرية تكره وحتى تعادي ابناء اخواله او اعمامه.

هذا طبعا ليس بغريب في الطبيعة الانسانية التي تحبذ الانتماء الى القوي خاصة هؤلاء المنتمين الى حضارة وقيم البداوة والتي يسميها د. علي الوردي ب "وهاب نهاب". هناك نظريات اخرى في تحليل الحضارة البدوية وقيمها احدى النظريات تتحدث عن مجرمين تم ابعادهم خلال مئات السنين من مراكز المدن في بلاد الرافدين وتم سوقهم جميعا الى الصحراء فتكونت ما يسمى اليوم بقيم البداوة.

ان التاريخ مليئة بحوادث مؤسفة وحروب طويلة قادها عائلتين متنافستين على الحكم ينتمي ابنائها الى نفس الارومة وربما حتى اخوان اختلفا على من يتولى كرسي العرش حتى في الغرب والشرق. لكن تلك الحروب والنزاعات لم تكن مقتصرة على امة واحدة او قوم معين دون غيرها فالسلوك البشري واحد فيما يخص سطوة كرسي الحكم على السلوك البشري وممارساته " من ملك أستأثر " قول حكيم ينسب الى الامام علي رضي الله عنه.

لا ريب ان التاريخ يعطينا ايضا دروس بليغة حين يكون الصراع حتى بين ابناء قوم من ارومة واحدة وربما الاقرب لنا نحن ابناء الشرق الصراع التركي - التركي وانعكاساتها لحد يومنا هذا بين اتراك حوض بحر قزوين من التوركمان والاذريين و اتراك الدولة العثمانية ومخلفاتها. الى درجة ان اسماعيل شاه الصفوي نادى الى تغير الانتماء من المذهب السني في ايران الى الشيعي ومن ثم في العراق وما يطلق عليها اليوم بالشيعة الصفويه كي يتمكن محاربة ابناء جلدته من العثمانيين ونجح في ذلك اي نجاح حيث انهزم جيش الصفويون أمام الجيش العثمانيين عام 1514 في المعركة الشهيرة "جالدريان". نرى انعكاسات ذلك الصراع الى يومنا هذا.

كنت قد اشرت في القسم الاول من هذه المادة الى كيفية انتشار المد القومي بين شعوب الامبراطورية العثمانية. رغم ان الدولة العثمانية كانت تترك رعاياها في الولايات التابعة لها على وضعهم القائم من ناحية العقيدة واللغة والعبادات. هذا ما يبرر اليوم وجود لغات متعدة في المنطقة ووجود معظم العقائد الدينية التي بقت جنبا الى جنب مع الاسلام.
فإذا قارنا مثلا بين الشعوب الايرانية وتاريخ المد القومي فيها مع كرديف لها اي اللإمبراطورية العثمانية لوجدنا فرقا كبيرا فيما تسمى باليقظة القومية. يعتبر عامل الانتماء التاريخي احد اهم اسباب ديمومة الدول واعني بذلك ان المجتمعات التي تتكون من تركيب طائفي تعددي هي عرضة دائما للانفصال. لذا يمكن القول وبسهولة بان تركيب ايران الطائفي الاغلبية شيعية ملتزمة بتقليد الفقيه كان سببا مباشرا لاستمرارية كدولة موحدة لحد يومنا هذا ولم تكن هناك ثورات حقيقة انفصالية اذا استثنينا هنا الكرد واغلبهم من الطائفة السنية. وكنت قد اشرت في القسم الاول الى ثورة عرب الاهواز والسبب الطائفي في اخماده.

اما الخط القومي الاكثر تأثير وديمومة لحد يومنا هذا في الشرق فقد قادها ميشيل عفلق المشبع بالثقافة الفرنسية وقد نسخ فكرة الانبعاث القومي الايطالي ل مازيني وترجمها الى القومية العربية ورغم كونه مسيحيا ارثودوكسيا اختار و بدهاء الاسلام دينا لحزبه وسمى ذلك بالرسالة الخالدة للأمة العربية واعتمد على التاريخ الاسلامي كمفخرة للقومية العربية ولكنه طبعا باختيار وانتقائية للحوادث والأشخاص التاريخية الايجابية وبإتقان مع تغير الاهداف التي نادى بها الاتحاد الاشتراكي العربي في مصر وتبديل احد تلك الاهداف وطبعا بنسخ الاهداف الايطالية اي الوحدة والحرية الاستقلال وذلك بتغير الهدف الاخير الى اشتراكية طبعا.

علينا ان لا ننسى في سياق الامور بان الكلمة اي الاشتراكية كان جزء من الحزب النازي الهتلري الالماني و كلمة نازي هي اختصار لاسم الحزب القومي الاشتراكي الالماني اي حزب ادولف هتلر. هذا الحزب اي البعث موجود ولحد يومنا هذا وبصور مختلفة في معظم الانظمة العربية وتحكم فقط في سوريا وفي العراق اخذ تسمية جديدة بعد 2003 اي العوده. يبقى ان نعلم بان استخدام الشدة والعنف ضد كل المعارضين واستخدام اجهزة الصدامية (بكسر الصاد) و امنية واستخباراتي في قمع جميع الاصوات المخالفة والمعارضة ومحو وجودهم الانساني بعد اتهامهم بالعمالة تلك سياسة اتبعها القومين دائما اينما حكموا. هذه السياسة ادى الى اعتبار كل مخالف عدو للنظام يجب ان يتم الغائه حتى لو تطلب ذلك القتل ونرى في امثلة في جهاز الاستخبارات العسكرية النازية المعروفه باسم (اس اس ) مثال احتذي به في العراق في فترة حكم حزب البعث. هذا الجهاز ساق خيرة رجال ونساء العراق الى المقصلة والى سوح السجون وجرب بهم طرق وحشية في التعذيب وانتهاك ابسط حقوق الانسان. يجب ان نذكر هنا للتاريخ بان هذا الجهاز لم يبقى في مهماته الامنية بل تحول الى جهاز الحكم وأصبح الحاكم المطلق للدولة والحزب.

بذلك تحول جميع منتسبين الدولة ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية الى بعثين حتى لو لم ينتموا الى الحزب فهناك فقط جبهة واحدة في الوطن وتلك هي التي يقودها البعث اي ان الشعب العراقي هم بالفطرة بعثيين وان لم ينتموا رسميا الى الحزب.

اما الراية والعلم فهم يقدسونها كما يقدسون الاشخاص والرموز في اناشيدهم التي تفتخر في مضمونها بالقومية وتنادى على الاكثر بالسيطرة على الشعوب الاخرى ورسم خرائط خيالية لأوطانهم. الجدير بالذكر في هذا السياق ان مؤلف النشيد الوطني البعثي كان شفيق الكمالي و قد قتل مسموما لاحقا بعد الافراج عنه وخروجه من السجن من قبل البعث حسب الرواية المتداولة وكان النشيد الوطني الرسمي لدولة العراق من الفترة ما بين 1981 الى 2003 يذكر بانه لحنها متأثرا بنشيد امريكي في نهاية احدى افلام الامريكية عن الحرب وهو موسيقار مسيحي لبناني اسمه وليد غلمية.

هذه بعض كلماتها.
بابل فينا و آشور لنا
و بنا التاريخ يخضل ضياء
نحن في الناس جمعنا و حدنا
غضبة السيف و حلم الأنبياء
حين أوقدنا رمال العرب ثورة

المنهل الانتقائي لحوادث التاريخ عند القوميين وتضخيم تلك الحوادث واصفاء الايجابية على الحدث كي تتحول الى مفخرة عندهم حتى لو كان على حساب مجازر وهلاك شعوب وانمحاء ثقافات ادى الى تسويق ما سمي ب مشروع "إعادة كتابة التاريخ العربي" بعيون قومية جديدة يعتمد في الاساس الى عروبة الحدث والأشخاص واستخدام مصطلحات جديدة ك الاحتلال الفارسي والاحتلال العثماني والمغولي كأن جميع شعوب العراق القديم تحولوا الى قطيع من الاغنام يحكمهم المحتل منذ ألاف السنين.
الوحدة كهدف تاريخي رفعه القومين العرب في توحيد امه العرب في دول واحدة باءت بالفشل في معظم تجاربها المتواضعة التي بدأت بالاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن ابان الحكم الملكي وتلاه بين العراق وسوريا ومصر بقيادة افكار الاتحاد الاشتراكي العربي واتحادات اخرى بين دول المغرب. هناك كذلك احلاف سياسية غير قومية ك حلف بغداد بين ايران، باكستان ، تركيا والعراق وبقيادة بريطانية وأمريكية سنه 1955. كل تلك التجارب فشلت ومن المعروف ان الاحزاب القومية في اوربا هم اشد المعرضين مع الاحزاب الشيوعية لأي اتحاد بين الدول الاوربية رغم وجود فارق لغوي وتاريخي وسياسي بين انظمة الدول الاوربية تبقى تجربة الاتحاد الاوربي رائدة ولا يعرف لحد الان مستقبلها امام القوة الاقتصادية للدول المتطورة وتأثيرها على القرار الاوربي بعد انفصال المملكة المتحدة عام 2016 من الاتحاد الاوربي ووجود شعور بالإحباط في السياسة المركزية للاتحاد.

ربما تأخذ دول اخرى ببادرة ترك الاتحاد مستقبلا تحت تأثير المباشر للأحزاب القومية والعنصرية المتطرفة والمعادية لوجود المهاجرين في بلادهم سآتي الى شرح الموضوع لاحقا حين اعالج وجود المهاجرين مكن منطقة الشرق الاوسط في المحيط الاوربي.
يجب ان لا ننسى ان فكرة توحيد اوربا تاريخيا كانت من اهداف النازية الالمانية ولكن تحت هيمنة وقيادة العنصر الجرماني وقبلها كان من احلام نابليون بونابرت الذي كان له افكار مشابهة امتدت خارطته لتشمل حتى دولا في الشمال الافريقي واعني مصر طبعا.

تلك حالة واضحة في التاريخ المعاصر في عملية الالتفاف على الشعور القومي للناس بتغير شعورهم الى انتماء الطائفي كي يستغلوا كوقود حرب. الشرق الجديد اليوم وما يدور علي ترابها من حروب ونزاعات هي انعكاسان مباشر لذلك الارث التاريخي. الجدير بالذكر ان الصراع الحزبي السياسي المعاصر في الشرق يعتبر ليس إلا احد نتائج تلك التطورات التاريخية بكل تناقضاتها. العنصرية هو انتماء لا ينحصر فقط بانتماء قومي لعنصر او قوم بل يتعداها الى انتماء موسع يشمل فيما يشمل على فكر متعالي مطلق في اكثر الاحيان والى ثقافة يعتبر الشدة والعنف والقتل مبررا للوصول الى اهداف الامة. هذا الانتماء المتعالي المطلق لا يرى ابدا إلا الامور الايجابية في انتمائهم فهم الاحسن والأفضل والأدهى والأجمل وكل من ينتمي الى الطرف النقيض سيئ سلبي.

التاريخ يجب ان يبقى عاملا ايجابيا للشعوب كي يتمكنوا من بناء حاضرهم وتخطيط مستقبلهم. التاريخ بكل سلبياته وايجابياته فنار للشعوب ينير حاضرهم ومستقبلهم لعدم تكرار الاخطاء الماضي والأجداد الكرام. اما لبس الماضي بهالة من الايجابيات دون ذكر السلبيات او حتى احتمال وجود زيف في التوثيق سيؤدي الى نتائج كارثية تخدر عقول الشعوب وترفع بأحلامهم الى درجة الهذيان. مع مراعاة ان التاريخ عادة كتبت بأمر السلطان والحاكم ولا يعكس الحقيقة المطلقة .

ان تحويل التاريخ المزور الى حقيقة للشعوب خاصة اذا عرفنا حقيقة مفادها ان التاريخ كتبه الحكام والسلاطين واحيانا المتفوق والمحتل المنتصر. هذا التاريخ الهش في مصداقيته يستغل من قبل الحركات القومية لا تؤدي الى تقدم مجتمعاتها بل ستتحول لاحقا الى عامل يخدر عقول شعوبهم. هذه العملية ستؤدي الى التعالي وعدم رؤية الواقع بل يعيش تلك الشعوب في عالم غير واقعي يبنون احلامهم على اسس تاريخية هشة وبذلك يعادون جميع الشعوب وتفح بوابة جحيم الحروب وإبادة البشر.


في الجزء الثاني سأقوم بتحليل الاحتلال العسكري والاحتلال الثقافي وتثيرها في انتشار القوميات والأفكار القومية و محاولة فهم الاحتلال الثقافي والعسكري ودور الاستعمار في تأجيج الافكار القومية السلبية.

سأكتفي بنشر هذا القدر من الموضوع وسأنشر الكتاب بالكامل قريبا وعلى الانترنت بنسخة مجانية.
الصور لا تظهر في الموقع



#توفيق_آلتونچي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اللغة و التطرف القومي (القسم الاول 2:6 )
- في اللغة و التطرف القومي (المقدمة 1:6 )
- الاديب عطا ترزي باشي والرحيل بصمت


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق آلتونچي - في اللغة و التطرف القومي (3:6 )