أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - يوميات نصراوي: هكذا تعرفت على المناضل تيسير العاروري















المزيد.....

يوميات نصراوي: هكذا تعرفت على المناضل تيسير العاروري


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5238 - 2016 / 7 / 29 - 09:48
المحور: سيرة ذاتية
    


يوميات نصراوي: هكذا تعرفت على المناضل تيسير العاروري

نبيل عودة

قرات في مواقع الانترنت (27 – 07 – 2016) خبر وفاة المناضل الفلسطيني د. تيسير العاروري.
اعادني الخبر الى ذكريات مضى عليها نصف قرن تقريبا، وكنت قد نسيت اسم تيسير العاروري، لكن الخبر اعادني الى حادثة في مسيرة حياتي تعرفت بسببها على تيسير العاروري يوم كان طالبا في الاتحاد السوفييتي.
*****
تعوق استلامي لجواز سفري من الداخلية الاسرائيلية، لأني سجلت في طلب جواز السفر ان الهدف السفر للدراسة في الاتحاد السوفييتي.. وسؤل قريب لي من حاكم اللواء في وقته لماذا يريد ان يتعلم في الاتحاد السوفييتي وليس في اسرائيل؟ فرد عليه بأن يوفروا لي نفس الشروط من التعليم المجاني والمصاريف الشخصية وهو يتعهد ان يقنعني بمواصلة دراستي في اسرائيل. كان ذلك في اواخرعام 1968، حصلت على جواز سفري بعد تعويق استمرت سنة كاملة تقريبا. لذلك سافرت متأخرا لوحدي بدون المجموعة المخطط سفري معها. وصلت قبرص ولأسباب لا اعرفها قررت السفارة السوفيتية ان تسفرني بباخرة ركاب سوفييتية اسمها "ارمينيا"، وليس بالطائرة الى موسكو. رفاقي في موسكو انتظروا وصولي المتوقع لكني طبعا كنت على متن الباخرة اتجول في عواصم الشرق الأوسط وأوروبا.
خرجت الباخرة من ميناء فاماغوستا القبرصي باتجاة ميناء اللاذقية السوري، القوميسار في الباخرة (هو بمثابة ضابط سياسي) طلب من ان لا أتحدث مع الركاب عن جنسيتي الإسرائيلية، وان التزم كابينة القبطان عند وصولها الى اللاذقية او بيروت او الاسكندرية. طبعا لم اتوقع هذا المسار للباخرة، لو توقعته قبل الابحار لما قبلت الا ان اسافر بالطائرة الى موسكو.
بذلك فُقد الاتصال معي من اسرائيل ومن موسكو.. وعانيت إشكالية كبيرة حتى وصلت الى المعهد الذي سافرت للدراسة به.
طبعا لم انزل للموانئ العربية انما شاهدتها من غرفة القبطان حيث البسوني بلوزة بحار.. وكنت اخرس لا أتحدث أي لغة.
مع اقترابنا لميناء بيريوس اليوناني الذي يبعد عن اثينا عدة كيلو مترات. نشر اسمي بقائمة النازلين ترانزيت في ميناء بيريوس - نبيل عودة من اسرائيل - ضمن لوائح الركاب الذين سينزلون الى المدينة لمدة 8 ساعات. ثار جدل كبير بين المسافرين العرب ، خاصة بين وفد من المحامين العرب كان في طريقه لمؤتمر دولي سيعقد في طشقند. وقف رفيق عراقي يشرح لهم ان المسافر لا بد ان يكون رفيق شيوعي، ولكن الموضوع لم يعجب المحامين بان يزور إسرائيلي موانئ عربية، تسألوا من هو هذا الإسرائيلي المسافر معنا؟ تلفتوا حولهم وكأن للإسرائيلي شكلا مختلفا عن بقية الركاب. حافظت على صمتي، رد عليهم الرفيق العراقي بان تعبير إسرائيلي غير لائق لأنه عربي فلسطيني.
نزلنا لنزور مدينة بيريوس وسافرت الى أثينا مع زملاء من الباخرة دون ان أفصح عن اسمي وهويتي، وكنت نبيل عودة من رام الله .. ثم اخترت مناسبة جمعتني لوحدي مع الرفيق العراقي وصارحته بهويتي وشكرته على موقفه، قال انه مسافر برحلة عمل، لكن تبين فيما بعد انه كان من طلاب نفس المعهد الحزبي (اسمه الرسمي "معهد العلوم الاجتماعية"). طبعا بقي الأمر سرا بيننا.
ثم نزلنا في ميناء اسطنبول ، وبعدها ميناء فارنا البلغاري وبعد سبعة ايام من الضياع والبحث عني في نيقوسيا وصلنا ميناء اوديسا السوفييتي.
توقعت ان يكون في استقبالي من يقودني الى المعهد. نقلونا لبيت طلبة، ولم يفهموا ما الذي جاء بي الى اوديسا. اسمي ليس ضمن لوائح الطلاب. عبثا شرحت لهم اني قادم للدراسة الحزبية في معهد حزبي في موسكو. لم يفهموا شيئا. اعطوني مبلغ 40 روبل، وتذاكر سفر بالقطار الى موسكو مع عدد كبير من الطلاب العرب. السفر بالقطار استغرق كما اذكر يوما ونصف اليوم او يومان. في موسكو استقبل الطلاب مسؤول من جامعة موسكو، نفس الأمر اسمي ليس ضمن الأسماء، لم يفهموا علي ما الذي اريده.. ولأي هدف وصلت؟ استفسروا عن اسمي في وزارة التعليم العالي.. عبثا!!
نقلوني مع الطلاب الى جامعة موسكو، أخذوا مني جواز سفري ليبحثوا عن الجامعة التي انا مسجل ضمن طلابها. لكن لا اسم لي، وعبثا أحاول ان اشرح الى اين يجب ان أصل.
بعد اسبوع وانا في حيرة كبيرة، تذكرت ان الناشطة النسائية اوديت نمر (توفيت قبل اكثر من سنة) حدثتني عن صداقة قوية بينها وبين شيوعي اردني درس معها سنة في الجامعه الحزبية، اسمه الحركي الرفيق أحمد، وهمست لي ان اسمه الحقيقي تيسير العاروري، وهو رئيس اتحاد الطلاب الأردنيين في الاتحاد السوفييتي، طبعا لم تقل لي انه فلسطيني. ونبهتني مرات عديدة ان لا اذكر انه كان طالبا في المعهد الشيوعي وان اسمه الحركي "الرفيق أحمد". اعطتني هدية له هي عبارة عن كيلو زعتر بلدي أصلي من جبال الجليل لأنه يحب الزعتر.. وأن اسأل عنه في جامعة موسكو الطلاب الأردنيين بصفته رئيسا لرابطة الطلاب اسمه تيسير.
فورا فهمت بان تيسير العاروري هو الحل لمشكلتي، وهو الوحيد الذي سيفهم وجهتي الصحيحة.
بحثت عن طلاب اردنيين في مسكن طلبة جامعة موسكو. تعرفت على ثلاثة طلاب، قلت لهم دون ان اقول اني من اسرائيل، اني احمل رسالة من عمان للطالب تيسير العاروري واود ان التقي به، اخبرني احدهم انه كان رئيسا لإتحاد الطلاب الأردنيين وسينقل رسالتي له. بنفس اليوم مساء دخل طالب عرفوني عليه انه تيسير العاروري.
سلمت عليه وسألني عن الرسالة. قلت له بهمس اني اريد الوصول للمعهد الذي كان يدرس فيه الرفيق أحمد. أجابني بلهجة قاطعة أنه لا يعرف ما اريد منه ولا يعرف احمد ولا محمدين. دخلت لوهلة في حيرة شديدة. انا في جامعة موسكو منذ اسبوع ونصف، تائه ولا اعرف كيف اصل لمعهدي الذي تبين لي فيما بعد انه شبه سري، لأن بعض طلاب دول تسودها أنظمة معادية للشيوعيين يتعلمون في المعهد.
وقفت حائرا أمامه، فجأة لمعت بذهني قصة الزعتر، قلت له اني أحمل له هدية من اوديت نمر، وهي عبارة عن كيس زعتر بلدي من جبال الجليل. ضمني الى صدرة وهو يضحك ووشوشني ان انتظره غدا مع حقيبتي في الساعة الخامسة مساء سيحضر بتكسي وينقلني للمعهد. سألته ماذا مع جواز سفري المحجوز في ادارة الجامعة؟ قال لي لا تقلق، هذه ليست مشكلة ، معهدك هو الدولة كلها وسيعيد لك جواز السفر.
لم انم تلك الليلة وانا احلم بالخلاص من الضياع والوصول الى معهدي.
جهزت حقيبتي. سألني الطلاب هل ستغادرنا؟ الى اين؟ لوهلة لم اعرف بما أجيب، بعد تردد قلت اني سأتوجه الى مطار موسكو لأعود الى بلادي..
في الخامسة تماما شاهدت سيارة تكسي تقترب، لمحت تيسير العاروري بجانب السائق، نزلت بسرعة للشارع، وضعت حقيبتي بالمقعد الخلفي الى جانبي وانطلقت السيارة.
بعد سفر نصف ساعة تقريبا وصلنا الى بناية كبيرة من سبعة طبقات او ثمانية. قال لي تيسير انها مسكن طلبة المعهد. نزلنا، دخلنا لقاعة رحبه فيها حارس، عرف تيسير وقام مرحبا به، فجأة وجدت امامي سالم جبران ، تفاجأ من وجودي،بعد ان عانقني قال ان الجميع قلقون علي، يبحثون عني في نيقوسيا وكان خوفهم اني لم اصل للأراضي السوفييتية.
هذا ما اذكرة عن الرفيق أحمد – تيسر العاروري، فيما بعد التقينا مرتين، مرة في الناصرة ومرة في رام الله.
لكن تلك الحادثة لا يمكن ان تنسى.
وداعا د. تيسير العاروري!!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات نصراوي: بورسعيد عربية والقنال مصرية
- يوميات نصراوي: يحكون في بلادنا
- يوميات نصراوي: قصيدة -بطاقة هوية- لمحمود درويش
- لا تضعوا كل بيضكم بسلة أردوغان
- كمن يصطادون السمك في البحر الميت
- رؤية ثقافية فلسفية
- المكان الأكثر أمانا..لكل المتفلسفين!!
- قصص من أمريكا
- ملاحظات نقدية
- 1967: هل اللقاء بين شقي البرتقالة الفلسطينية كان بشارة خير؟
- اشكالية التطبيع بين مجتمعات في عداء سياسي وقومي
- التغيير ليس مرغوبا فقط لكن لا يمكن منعه
- رد هادئ على بيان متشنج لشباب التغيير:
- كل ما لا تستعمله زوجتي!!
- حوار مع دكتور أفنان القاسم: حول مشروعه عقد مؤتمر عربي عالمي
- العنف: هل هو ظاهرة ام نتاج واقع وموروثات اسطورية؟!
- الغابة السياسة
- البطركية الأورتوذكسية المقدسية امام امتحان صعب
- قصص ساخرة - (القسم الأول)
- التصدع السياسي: استجابة شرطية لواقع فاسد ومأزوم ...


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - يوميات نصراوي: هكذا تعرفت على المناضل تيسير العاروري