فادي اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 1402 - 2005 / 12 / 17 - 10:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
بعد حصول الاخوان المسلمون علي 88 مقعد في انتخابات مجلس الشعب , ثارت مخاوف العديد من احتمالية وصول الاخوان للسلطة في المدي القريب نظرا للشعبية التي يتمتعون بها وهي شعبية لا يستطيع أحد انكارها .
والسؤال هنا من اين اكتسبت جماعة الاخوان تلك الشعبية ؟
هل اكتسبتها بسبب وجود برنامج واضح ينحاز لمصالح غالبية المصريين , ام جاءت نتيجة لتعاطف المصريين معهم نظرا للاسلوب العنيف الذي يتبعه النظام لمواجهة اعضاء الجماعة ,
ام جاءت تلك الشعبية كنتيجة لإستخدام الجماعة شعارات دينية تلعب علي عواطف المصريين مثل شعار ( الاسلام هو الحل ) .
في تصوري ان السبب الحقيقي لتزايد شعبية الاخوان يرجع الي تعاطف الشارع المصري معهم بسبب قمع النظام لهم وبسبب استخدامهم شعارات دينية ايضا , وبسبب مؤسساتهم الاجتماعيه.
كما يجب الا ننسي ان هناك العديد من الاصوات التي ذهبت لمرشحي الاخوان هي اصوات نكاية في الحزب الوطني ومن اجل اسقاط مرشحيه فقط وليست تعاطفا مع الاخوان بالضرورة , وكان من الطبيعي ان تذهب تلك الاصوات لقوة المعارضة الاكبر والموحية بالقدرة علي مواجهة الحزب الحاكم .
ولم يكن في رأي لبرنامج الاخوان الانتخابي دورا ملموسا في تزايد شعبيتهم , رغم انه برنامجا مفصلا إلا انه تناسي الكثير من مشاكل المصريين وأزماتهم فقد تعامل البرنامج مثلا مع الشعب
المصري بأعتباره شعبا من المسلمين فقط , فقدم لهم حلول لمشاكلهم من وجهة نظر إسلامية وتناسي ان هناك مواطنون اقباط لن يقبلوا بحل مشاكلهم بتلك الطريقه نظرا لأختلافهم دينيا مع المسلمين .
كما تحدث البرنامج كثيرا عن المرأه وأهمية دورها في المجتمع ولكنه في الكثير من بنوده يدعو الي التمييز بين المرأه والرجل فالبنات مثلا يجب ان تدرس التدبير المنزلي كمادة أجبارية " ضرورة ان يكون هناك خصوصية في تعليم البنات , علي هيئه بعض المقررات الإضافية المعنية بتربية الابناء واقتصاديات إدارة البيت ودور الام في المجتمع " وقد هرب البرنامج من حق ولاية المرأة علي الرجل في المواقع السيادية في الدولة . كما يدعو الي الفصل التام بين المرأه والرجل فمثلا يدعو الي الفصل بين البنين والبنات في مراحل التعليم المختلفة .
كما يتحدث البرنامج عن سياسات اقتصادية تتبناها وتدافع عنها الجماعة كسياسات السوق المفتوح والخصخصه وهو نفس ماذكرته مبادرة الاخوان للأصلاح التي اطلقوها في عام 2004 " 1- نحن نعمل على تشجيع القطاع الخاص، وذلك من خلال برامج مدروسة للخصخصة ومن ثَمَّ نعتمد تحرير التجارة والانفتاح أسلوبا رئيسيّا لعلاقاتنا مع الدول الأخرى "
وهي سياسات في اغلبها لا تخدم مصالح الاغلبية المطحونه في الشعب المصري , بل وهي نفس السياسات التي ينتهجها ويدافع عنها الحزب الحاكم منذ ما يقرب من 30 عاما و التي ادت الي افقار وتجويع المصريين .
ورغم ان الاخوان لا يقدمون بديلا حقيقيا للنظام الحاكم , ورغم المخاوف الموجودة لدي الكثيرين من صعودهم للحكم , فهناك من يطرحون المسأله في صيغة " هل الاخوان افضل ام الحزب الوطني؟ " .
وفي تقديري ان هذا سؤال ظالم جدا وغير منطقي ايضا .
فلماذا دائما تكون لنا حرية الاختيار محكومة بثنائيه لا تساعد علي الابداع والاجتهاد والعمل ؟ ولماذا دائما نفترض انه لا يوجد بديل اخر لهما ,
ولماذا لا نحاول خلق بديل وطني جامع يستهدف بناء دولة حديثه و ديمقراطية علي اساس
المواطنة المتساوية لكل من يعيشون علي ارض الوطن ؟
ودائما مايقال علي لسان الاخوان او علي لسان الحزب الحاكم انه لا وجود لأحزاب المعارضه
في الشارع المصري ,
وان تلك الاحزاب ليست لها شعبية في حين ان شعبية الاخوان المسلمون جارفة و في راي ان هذه المقولة بها القليل من الصحة والكثير من التجني . حيث ان شعبية اي حزب سياسي تأتي من وجود خطاب سياسي يتفهم العصر الذي نعيشه ويتوجه هذا الخطاب الي قطاعات من المجتمع ليرتبط بها ويدافع عن مصالحها كما يرتبط في نضاله اليومي مع تلك القطاعات .
ومن هنا فالحديث عن شعبية الأحزاب لابد ان بأتي في سياقه العام والخاص , اما شعبية الاخوان المسلمين فهي شعبية قائمه علي السمع والطاعه . اذن كيف يمكن انت نتحدث عن شعبية الأحزاب وهي التي يمارس ضدها قمع وتهميش منذ منتصف السبعينيات حين احتضن النظام الاخوان المسلمين لضرب حركات المعارضه اليساريه ,
وهو مانجح فيه الي حد كبير ونجني ثماره الان كما يجني النظام ايضا ثمار تهميش وقمع احزاب المعارضة المدنية وتنامي نفوذ الاخوان المسلمون .
وكيف يمكن الحديث عن الشعبية الجارفه لجماعة الاخوان دون ان نتحدث عن الثراء الذي تتمتع به الجماعة مقارنة بالموارد المادية الضعيفه للأحزاب الرسمية , فجماعة الاخوان تمتلك الكثير من الموارد التي تدر لها دخلا دائما يساعد في تنفيذ الاعمال الخدمية التي تقوم بها الجماعه مما يساعد علي ازدياد شعبيتها في الشارع المصري .
التي تم تمويلها عن طريق اموال البترول التي ظلت لسنوات عديدة تتدفق علي الجماعة وساهمت بشكل اساسي في تضخيم وتطوير جماعة الاخوان المسلمون .
وهي نفس الاموال التي لعبت دور كبير في تغيير الثقافه المصرية وتحويلها الي ثقافه خليجيه وهابية .
ومن وجهة نظري فأن السؤال ليس هو ( الاخوان ام الحزب الوطني ) وانما ما هو البديل لهما فلمواجهة فساد النظام والخشيه من تسلط الاخوان يجب ان تكون هناك حياة ديمقراطية حقيقية تسمح ببروز احزاب مدنية ذات شعبية ولها برامج واضحة , ونقطة البدء في هذا الطريق هي ان تناضل كافة القوي الوطنية الديمقراطية من اجل تداول السلطة واسقاط حالة الطوارئ وان تسعي لإنتخاب جمعية تأسيسيه لدستور جديد يفصل فصلا كاملا بين السلطات ويضمن المواطنة الكاملة لكافة المواطنين .
ومشوار الالف ميل يبدأ بخطوة اولي واحدة تنطلق من حوار القوى الوطنية الديمقراطية لتقويم مسيرتها في خلال الخمس سنوات الفائته والخروج بالدروس لتطوير العمل .
فادي اسكندر
#فادي_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟