أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال مهدي صالح - من قتل الله















المزيد.....

من قتل الله


جمال مهدي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5235 - 2016 / 7 / 26 - 15:35
المحور: الادب والفن
    


من قتل،،، الله،،،

( العالم ليس كبيراً بما فيه الكفاية ليسعني انا وبيكاسو )

في 13 من ديسمبر عام 1922 اقدم الرسام الكبير جون وليام كودوارد،،،على الانتحار،،وترك رسالة يشرح فيها معاناته والاسباب التي بموجبها اقدم على إنهاء فجيعة الحياة،،وكانت هذه الجملة الصادمة،،مؤشر يوازي شاهد قبر،،ضم في داخله ،،جثة عريقة ربما تمتد سنين ولادتها الى عصر اليونان الذهبي،،وحتى زمن بيكاسو،،،كان الرسام كودوارد ( بالمناسبة ترجمتها : نحو الله ) ،،من أساطين المدرسة النيو كلاسيكية التي اعادت للفن هيبته ،،في محاولة انتشاله من الانحدار الاخلاقي،،في تصور الخروج من القيود،،تمثل النيو كلاسيكية ،،الفن الالهي من خلال التفخيم لمظاهر الجمال الالهي،،وردة فعل اخلاقية مرتبطة بمرجعيتها الإلهية ،،في إطار الجو الفكتوري،،على الثورة الفنية التي ابتدأت على يد بول سيزان من خلال كسره للقيود الأكاديمية وفق أطروحته ،،الي مفادها ( كل الأشكال في الطبيعة عبارة عن مخروط وكرة واسطوانة ) ،،وبذلك فتح باب الشيطان ،،واعد العدة للهجوم على الله،،،فتسارعت الأحداث على يد الانطباعيين ،،لتخرج الامور عن السيطرة،،على يد سورات اعتماداً على نظرية الضوء،،والحركية التي اضفاها فان كوخ ،،على سكونية اللوحة،،حتى جاء زمن بيكاسو احد اهم القتلة المشتركين في اغتيال الله،،،
لماذا يعتبر بيكاسو اهم فنان في التاريخ ؟.
ليس لان لوحاته ذات قيمة جمالية،،رغم انها لاتخلو من بعض البعد الجمالي،،،وليس لانها ذات مضمون اخلاقي ،،بل العكس انها تمزيق للقيم الجمالية،،وتفكيك للجسد الفني بصورته الإلهية الجميلة،،مجمل أعماله بمثابة البيان الرسمي للتأبين ،،على القيم الجمالية،،و أعلان تمرد الانسان على الله،،وانفصاله عن خالقه،،انها القطيعة ،،والضياع ،،،،والرجوع الى التيه،،ولكنه تيه عظيم،،
بعد كل هذا نرجع لنبحث في أهمية ،،مشروع بيكاسو ،،ولسعة المشروع وخطورته وغرابته،،،وفعاليته الإجرائية ،،كان من الصعوبة بمكان،،وضع الأُطر ( تأطير الشيء او الفكرة،،وضع سياقات محددة ،،يكون البحث ضمنها ) ،،الا ان عبارة ،،صديقته غوترويت،،وصاحبة الفضل بتعريف الوسط الفني على بيكاسو،،وترويج أعماله ،، عندما قالت بعد ان تم سؤالها ،،عنه ،،،في حينها كانت الطائرة قد دخلت الخدمة في نقل المسافرين الا انها كانت حصراً على الأغنياء والمهمين،،ولم يتسنى للأغلبية. ارتيادها،،،قالت ( عندما تطل بنظرك على الارض من نافذة الطائرة،،تشاهد الارض والمدن بصورة مختلفة،،وتختفي الصور الجمالية المألوفة،،تصبح لديك الأشكال خطوط عشوائية،،تدحض الخيال ،،وتنظر الى العالم بغير الصورة التي رسخت في الذهن وتم الاعتياد عليها على انها من المسلمات،،،،هكذا هو بيكاسو رائي في طيارة شاهد العالم الذي نألفه،،،بصورة مختلفة وجسده في لوحاته،،،) ،،نعم. تكمن عبقرية بيكاسو،،،في كونه فهم العالم وفق التصورات المجردة،،،ليسبق بذلك كل المفكرين ومدارس الحداثة وما بعد الحداثة،،من بنيوية،،وتفكيك،،،لوحاته عبارة عن مجموعة خطب مركزية،،للبنيوية،،،والتفكيك،،،لقد سبق الشكلانين الروس في اللغة،،والسويسري دي سوسير،،،وسارتر في الوجودية،،،ورولان بارت وفوكو،،وشتراوس،،في بحوثه الانثربولوجية ،،البنيوية،،وتقدم على دريدا وتشومسكي ،،،وبول ريكور،،،بل وتقدم على كل نتاجات التاريخ الحديث والمعاصر،،،الأدبية والفكرية،،،هنا تكمن أهمية بيكاسو،،،ليست في المعطيات الجمالية وإنما في معطيات ،،عصر تنامي الرأسمالية وما رافقها من انساق اجتماعية جديدة فرضتها علاقات الانتاج،،التي افضت الى آلهة جديدة ( الرأسمالي ،الآلة ،السلعة ،السوق ) و الذي تمت فيه القطيعة مع الله،و كانت اعمال بيكاسو رسائل،،،على شكل نبؤة ،،لما سيحل في العالم،،وانهيار الانسان فيه،،،في اخطر مقوضات الحياة ،،الا وهو الاغتراب،،،لقد استوعب بيكاسو كل طروحات نيتشه الارتيابية،،وكذلك الجدل الهيجلي،،،وسلط الضوء لعملية تأطير الله ضمن ملكة العقل لعمانؤيل كانت ،،مستنداً على اكتشافات عصر الأنوار ونظرية التطور لداروين ،،،مقترباً ،،من ماركس وأطروحات الانتاج وعلاقاته،،ونبؤته الحتمية بفوضى الانتاج،،وفوضى الأخلاق كإحدى المحصلات لهذه. الفوضى،،،كل هذه الفلسفات ،،والنظريات ،،وما رافقها من تغيرات جوهرية في العلاقات الاجتماعية،،والمفاصل الأدبية المهمة مثل الارض اليباب. ل إليوت وعوليس لجميس جويس ،عبر عنها بيكاسو في أعماله ،،فاللوحة الفنية،،هي عبارة عن خطاب،،يتوفر فيه الاسناد والهوية،،و هما وظيفتي الخطاب،،لذلك يفضي الى معنى،،وكل لوحات بيكاسو،،موضوعاتها تمثل واقعة ،،وبالتالي فائض معنى،،في الحقيقة ،،أعطت كل اعمال بيكاسو معنى،،عن الحداثة وما بعدها،،وامتازت لوحة الجرنيكا،،،بفائض المعنى ،،لتكون اهم لوحة في تاريخ الفن،،اذ عملت كخطاب تأويلي عمل على تحشيد الرأي العام بالضد من النازية والفاشية ودكتاتورية فرانكو،،بالاضافة الى التوثيق التأريخي بطريقة ميثولوجية ،،كما عملت لوحته آنسات أفنيون ،،ولكن ليس بقدر الجرنيكا ،،إذاً من قتل الله،،،و مؤسساته ،،التي انبثقت من الأديان الكبرى،،اليهودية والمسيحية،،الراعية للسلطة السياسية ،،والفنون والأدب والفكر بمجمله،،لقرون طويلة،،،
لقد عمل كلٍ من ديكارت ،،وفق الكوجيتو ( انا أشك إذن انا موجود ) ،،ومارتن لوثر،،بحركته الإصلاحية ،،وهيجل في روح التاريخ ،،ولحقه هوسرل لينتزعا الروح الإلهية من الميتافيزقيا،،وكانت ،،على تقيد الله في العقل المحض،،رغم اعتراض نيتشه،،الذي اعتبر كانت مجرد لاهوتي بلباس فيلسوف،،هؤلاء كلهم ،،عملوا على وضع الله في أُطر محكمة،،ليأتي بعدهم القتلة الحقيقيَّيْن ،،وهم ،،دارون وفرويد وماركس ونيتشه المتطرف بموقفه ضد الاله ،،و بيكاسو،،الناطق الإعلامي ،،لهؤلاء القتلة،،ان انتزاع فكرة الله ،،وهالتها من العقل البشري هي بمثابة ،انتزاع الماهية من الانسانية،،لقد شكلت فكرة الله في العقل الوئام ،،والتصالح للانسان مع نفسه و مع الجماعة ،،و التعايش مع الطبيعة،،وتقبل فكرة الموت المفزعة،،على اعتبار الحياة الاخرى،،لذلك عمل الفنان على تفخيم الجمال،،وإضفاء ،،السحر الخلاب في تجسيد الطبيعة،،تماشياً مع المنظومات القيمية الجمالية،،الا ان هذا التغيير الدراماتيكي ،،تم على يد هؤلاء ،،وانا شخصياً لمست من متابعتي الحثيثة للفن الحديث،،وعلى رأسه بيكاسو،،الفنان الأهم وصاحب الريادة فيه،،تاثيرات نيتشه الارتيابية على كل اعمال بيكاسو،،وكأني ارى رسالة نيتشه موجهة بشكل شخصي الى بيكاسو ( الفن هو المهمة الاسمى والنشاط الميتافيزيقي الحقيقي في هذه الحياة ) ولكن اي فن ؟ ،،انه على قاعدة نيتشه ،،انه نفي للحياة بأسم قيم
يفترض انها تتجاوز الحياة،،انه عمل وهمي وخطر وشاذ،،،
الوقوف بالضد من الله،،،هو اخماد للروح المقدسة،،التي بلورت الضمير الإنساني ،،عبر تأريخه،،،

جمال قيسي / بغداد 7/5 / 2016



#جمال_مهدي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخليج الغريب
- تراجيديا البنفسج
- الشرق الاوسط الكبير والحرية -قراءة في بعض معطيات الخطاب الام ...
- الطائفية الاصول والتمثل
- العلمانية في العراق اختلال البنية وظمور الوظيفة
- صناع التاريخ
- ثقافة الكراهية - رؤية عراقية
- جدل المرجعيات والوطنية المغيبة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال مهدي صالح - من قتل الله