استياء رسمي من الحزب الشيوعي السوري - جناح الفيصل بسبب مواقفه السياسية

أخبار الشرق

الحوار المتمدن-العدد: 385 - 2003 / 2 / 2 - 14:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

دمشق - أخبار الشرق (خاص)

علمت أخبار الشرق أن الأوساط الرسمية السورية لا تُخفي استياءها في هذه الأيام من الحزب الشيوعي السوري - جناح يوسف الفيصل الحليف ضمن إطار الجبهة الوطنية التقدمية، بعدما بدرت عن الأخير بعض المواقف الخارجة عن نهج الجبهة، والمطالبة بالانفتاح على المعارضة المحظورة.

وحسب مصادر وثيقة الاطلاع، فإن اقتراحات نوقشت لتقليص عدد نواب الحزب في مجلس الشعب القادم، بعد اتخاذه مواقف سياسية لا تدور في فلك السياسة الرسمية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم. وسيضم مجلس الشعب بعد انتخابات 2 آذار المقبل 250 نائباً، منهم 163 نائباً عن الجبهة الوطنية التقدمية مقسمون على 131 نائباً بعثياً والباقون من باقي أحزاب الجبهة السبعة، بينما سيحصل المستقلون على 87 مقعداً فقط.

ومعروف أن جناح يوسف الفيصل طالب مراراً خلال العامين الأخيرين بإقرار قانون للأحزاب السياسية في سورية، يشرع العمل الحزبي وينظمه، واعتبر قانوناً كهذا ضرورياً في إطار مسيرة الإصلاح الاقتصادي والإداري التي تسير بها البلاد. ويرى الحزب في القانون وسيلة لشرعنة الحريات السياسية وتحريك "طاقات المجتمع الكامنة باتجاه بناء الوطن، والإقلاع بمشروعات التنمية، واستنهاض حماسة الجماهير وشدها طواعية إلى ساحة الفعل والتأثير على أداء الدولة، وتصحيح الخلل فيه متى حصل".

غير أن مصدر الاستياء في قيادة الجبهة الوطنية التقدمية من الحزب ليس الدعوة إلى وضع قانون الأحزاب هذه، وإنما بروز تيار داخل الحزب يدعو إلى المصالحة الوطنية التي لا تستثني حتى جماعة الإخوان المسلمين المعارضة المحظورة منذ مطلع الثمانينات.

وتوضح المصادر المطلعة لأخبار الشرق أن موقف الحزب الرسمي الذي أُعلن عقب مؤتمر الحوار الوطني السوري الأول الذي عُقد في لندن في آب 2002، والذي قام على إدانة المؤتمر والتشكيك في توقيته؛ لا يعبر عن مجمل المواقف السياسية داخل أروقة الحزب، حيث تدور حوارات ترى في "الميثاق الوطني" الذي أقره مؤتمر لندن "فتحاً سياسياً في سورية"، وتشد على يد "اليساريين" الذين شاركوا في المؤتمر وفي التوقيع على الميثاق وتصفهم بأنهم "كانوا على صواب".

وقد وجد بعض هذه الأفكار طريقه إلى النشر في مقال افتتاحي لصحيفة "النور" الأسبوعية الصادرة عن الحزب، كتبه دانيال نعمة (86 عاماً)، أحد القيادات التاريخية للحزب الشيوعي السوري وعضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية؛ نُشر مؤخراً، واحتوى على أفكار جريئة وتلميحات لافتة. إذ عبّر نعمة في المقال عن اعتقاده بأن دور الدولة في قيادة المجتمع يعني إعداد المؤسسات والأجهزة المختصة على النحو الذي يدفع بها للقيام بالدور المنشود وليس لكبحه أو لجمه "ونعني هنا أن يفسح في المجال لممارسة الحرية والديمقراطية والشفافية وأن يكون بإمكان أبناء الشعب أن يدلوا دون خشية أو وجل على الفساد مشخصاً وليس مجرداً".

وحمل المقال نقداً مبطناً للطريقة التي يُدار بها الجيش السوري وميزانيته، كما دعا إلى الانفتاح على المعارضة الإسلامية دون أن يذكرها بالاسم. إذ يقول نعمة "عندما نشير إلى دور الدولة ونشدد عليه، فإننا نعني أن تستمر الدولة في نهجها في توطيد قدرات البلاد الدفاعية، ونتمنى أن تكون بالطرق الأكثر جدوى وفعالية وحداثة، ونعني دورها ودور دبلوماسيتها في توسيع رقعة الأصدقاء وتضييق رقعة الأعداء وفي التركيز على العدد الأكثر خطورة ونعني اهتمامها بمكافحة البطالة وبتحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وتحسين الخدمات والاهتمام بالتعليم والصحة".

وفي موضع آخر من المقال يدعو نعمة إلى عدم تجاهل ما سماه "الآخر الحضاري المرتبط هو أيضاً بحب الوطن والمكافح ضد الامبريالية والصهيونية ومحاولات الهيمنة"، في تلميح مهم إلى الإسلاميين السوريين. كما يتضمن المقال دعوة صريحة لإشراك المجتمع بكل طبقاته وفئاته وشرائحه وجماعاته وأفراده في البناء لأن الدولة لن تستطيع أن تحقق أياً من أهدافها بغير ذلك.

وكانت صحيفة "النور" الشيوعية نفسها وجهت نقداً قاسياً إلى مؤتمر لندن في شهر أيلول الماضي، وجاء في مقال افتتاحي، علمت أخبار الشرق أن كاتبه هو "حنين نمر" عضو المكتب السياسي للحزب؛ اتهامات للمشاركين في المؤتمر بالعمل ضد سورية بالتزامن مع الضغوط الأمريكية عليها.

فتحت عنوان "أين تصنع الديمقراطية؟"، اتهم مقال الصحيفة "مؤتمر لندن" بأنه "يشكل إساءة بالغة للأهداف الديمقراطية التي يتعلق بها شعبنا، والتي يسعى لإحقاقها جميع الوطنيين المخلصين ضمن الجبهة وخارجها". ووجّه المقال الافتتاحي أسئلة عدة إلى المشاركين في مؤتمر لندن من إسلاميين وقوميين ويساريين (بينهم شيوعيون)؛ قائلاً "عن أية ديمقراطية يتحدثون وقيادة مؤتمرهم معقودة لمن هم بعيدون عن الديمقراطية بعد المريخ عن القمر، بحكم تكوينهم الفكري المنغلق، وبنيتهم التنظيمية المؤسسة على إلغاء الآخر، أي آخر، فكراً وتنظيماً بل ووجوداً، بحكم تاريخهم الذي لا يمكن طي صفحته بتصريحات تذهب وتأتي مع الريح، دون أن تقترن بأي نقد ذاتي أو مراجعة فكرية وسياسية عميقة وجادة لتاريخهم هذا؟!"، وذلك في إشارة انتقاد واضحة إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية، هي الأعنف التي يوجهها الحزب الشيوعي السوري.

وجاء في مقال الصحيفة "بودنا أن نسأل: ألم يسمع هؤلاء بما يسمى "قانون محاسبة سورية" الذي حدد موعد البدء بمناقشته يوم 12 أيلول الجاري، أي بعيد مؤتمرهم بأيام معدودات؟ ألا يثير فيهم هذا التوقيت شيئاً ما، وهم لا شك يعرفون أن من يهيئ لهذه المحاسبة هم عصبة من غلاة المتطرفين والمتصهينين القابعين على سدة الحكم في واشنطن الآن؟".

وشككت "النور" في توقيت عقد مؤتمر لندن واصفة من شارك فيه بأنه أُصيب "بعدوى مؤتمرات المعارضات الخارجية، ولم تعد تعنيه على ما يبدو، إلا الأضواء والاستعراضات السياسية، كائناً ما كانت الجهات التي تجيرها لحسابها وتستغلها لمصلحتها، غافلاً أو مستغفلاً ظروف زمان هذه المؤتمرات ومكانها". وتساءلت الصحيفة الشيوعية "وإلا ما معنى أن يعقد مؤتمر سُمي بمؤتمر المعارضة السورية، دعت إليه جماعة الإخوان المسلمين في لندن، في نفس الوقت الذي تقرع فيه بريطانيا والولايات المتحدة وحدهما طبول الحرب ضد شعب العراق، وتقترب ساعة الصفر مع كل طالع شمس، وفي الوقت الذي تطلق فيه التهديدات ضد سورية؟!".

يُذكر أن حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية لم يتخذ أي موقف سياسي رسمي من مؤتمر الحوار السوري المذكور، الذي عُقد بين 23 و25 آب الماضي. وكذلك لم يصدر عن الحكومة السورية أي رد فعل رسمي، غير أن انتقادات عنيفة وتشكيكات شنتها أطراف في السلطة عبر الصحافة العربية على المؤتمر والمشاركين فيه.

ومعروف أن الحزب الشيوعي السوري، الذي تأسس في الثلاثينات من القرن الماضي تعرض لانقسامات عدة، وينضوي جناحان منه (جناح الراحل خالد بكداش بقيادة زوجته وصال فرحة بكداش، وجناح يوسف الفيصل) في الجبهة الوطنية التقدمية (ائتلاف يضم ثمانية أحزاب على رأسها حزب البعث الحاكم). بينما يعتبر الجناح الثالث الأبرز بقيادة المحامي رياض الترك والمعروف باسم الحزب الشيوعي - المكتب السياسي، في صفوف المعارضة، وهو عضو في التجمع الوطني الديمقراطي المعارض (يضم خمسة أحزاب قومية ويسارية محظورة). ويتخذ جناح الترك موقفاً متعاطفاً مع مطالب جماعة الإخوان المسلمين بالديمقراطية والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

 

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل