أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مهدي جعفر - قصة و عبرة !!














المزيد.....

قصة و عبرة !!


مهدي جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 5230 - 2016 / 7 / 21 - 19:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قبل أيام كنت مع أحد صغار العائلة ، فمر من أمامنا طفل و هو يبكي بحرارة ، ففاجئني قول هذا الصغير عن الآخر الذي يقهقه باكيا ، حيث قال لي " يبكي كالبنات " ، اندهشت فعلا فأخدت مجموعة من الأسئلة الهوجاء تحط في ميناء والهتي ، من بينها ما الداعي الذي جعل هذا الطفل يشبه من يبكي من الذكور على أنه أنثى ، كيف ؟ أ ولا يبكي الذكور أيضا ؟ ... فأخدت أبحث عن جذر هذه النظرة الإستعلائية اتجاه الأنثى و من يبكي .

المعلوم أن الإنسان يسلك أي سلوك كيف ما كان وفق "فكرة" معينة ، لذلك استهليت بحثي عن تاريخ الأنثى عند العرب ، فهؤلاء كانوا بدو يعيشون في الصحراء من استعلت مكانته الإجتماعية كان تاجرا حيث كان لقريش مثلا رحلتان في العام ، رحلة الشتاء و كانت صوب اليمن ، و رحلة الصيف التي كانت الشام مضيفتهم فيها ، و من ناحية أخرى من حطت مكانته في المجتمع كان صعلوكا إما عبدا أو رحالة يرعى الإبل و الغنم ، و أكيد هذه " المهام " ، يشغلها الذكر و ليس الأنثى ، تعمدت أن أصفها "بمهام" و ليس "مهن" ، ففي القيم البدوية عند العرب لا يصح أن تقول عن شغل الرجل "مهنة" و ذلك لأنهم يعتقدون أن أصلها "مهانة" و عليه الرجل لا يمتهن بل يغزو و يسطوا و يأتي برزقه بالسيف و كان شعارهم في ذلك " الحق بالسيف و العاجز يبغي شهودا " حيث للسيف مكانة مهمة في تاريخ العرب و له أكثر من مئة اسم ووصف في اللغة العربية .

هذا من ناحية الذكر ، أما الأنثى فكانت تدفن و هي لم تنظر بعد نظراتها الأولى إلى الوجود ، أما إن عفي عنها و فلتت من هذه الجناية التي ارتكبت في حقها ، فكانت لا تصلح إلا للجنس و العجين و الطبيخ ، و بالتالي اجتمعت كل خصال الشهامة و الشرف و القوة عند الذكر ، في حين ثم لطم الأنثى بالضعف و الهزول و العجز و الشتيمة ، إلا على ما شذ و ندر من المهام داخل البيت فقط . هنا نشأت فكرة "المرأة لها نصف عقل الرجل و أن الشيطان يشاورها في مخططاته قبل تنفيذها " ، هذا فظلا عن أن أبشع الشتائم عند البدو العرب هي أن ينادى الرجل باسم أمه ، و كمثال من التاريخ ، نجد أن الصحابي "" عمار ابن ياسر " كان عبدا مظطهدا من قبل قريش قبل اسلامه و عندما دخل الإسلام و صار في نفس مقام قريش من الصحابة صاروا يعيرونه بأمه حيث كانت أول شهيد في الإسلام ، حيث وقعت مشاتمة بينه و بين "" عبد الله ابن أبي سرح "" يوم بيعة * عثمان ابن عفان * ، فقال عمار لأحدهم بايع "" علي ابن أبي طالب "" لو أردت أن لا يختلف المسلمون ، فقام ابن ابي سرح و قال بايع عثمان لو أردت أن لا تختلف قريش ، فسبه عمار بأن الأمر للمسلمين و ليس لقريش فقط ، فرد عليه عبيد الله ابن ابي سرح ( لقد عدوت طورك يا " ابن سمية " ) يعني عيره باسم أمه فضحك عليه الآخرون ... و قال عنه " مروان ابن الحكم " شاكيا به لعثمان ( إن "ابن سمية "جرأ عليك القوم ، فاقتله و أنا ناكل به من بعدك ) ... و في وقعة " صفين " بين معوية و علي ، قال معاوية ابن ابي سفيان ( هلكت العرب إذا اتخدت خفة العبد الأسود "ابن سمية" ) ... و مرة سب عمار ، خالد ابن الوليد فجاء هذا الأخير للنبي فقال له ( أيسبني ابن سمية يا رسول الله ، لو لا أنت ما سبني ) من هذا كله يتضح أن العرب إذا حطوا و استهزؤوا و ازدرؤوا بأحد نادوه باسم أمه ، لكن كيف عالج هذه القيم البدوية نبي الإسلام ، فقد كان يقول لعمار ابن ياسر ( ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية ) ، حيث يدعوه باسم أمه مذكرا إياه بأنها أول شهيدة في الإسلام و أن لا يكترث لبداءة قريش ، و لم يكون يدعوه باسم امه لأنها كانت عبدة حبشية بل يناديه باسمها لشرفه البعيد و العالي بشهادة أمه .

من بعد هذا كله نرجع إلى صغيرنا و نحلل قوله حلى ضوء هذه القرائن ، فنجد أن القيم البدوية لم تغادر بعد أفكارنا و أفعالنا و تربيتنا و تنشئتنا الإجتماعية عموما ، فلازلنا نلقي على الأنثى كل منقصة و مقبحة فأصبحت مستضعفة في أدهاننا ، رغم مؤهلاتها العقلية و الفيزيائية التي يمكن أن تفوق بها الرجل أحيانا ، فالسيف الذي تفوق الذكر به على الأنثى سابقا أصبح يوضع في المتاحف فقط ليتفرج عليه السياح . و خرجت المرأة من قوقعتها هذه و شاركت الرجل و قاسمته في كل شيء في الأرض و السماء ... فكفانا من قيم البدو التي يجب أن تتلاشى في مجتمعاتنا في طريقها نحو الإنقراض . و علينا بالمقابل التشبع بقيم الحضر و إعادة صياغة تنشئة اجتماعية تضع بين ثنايا أفكارها التربوية خصوصية الظرفية ، و اعتبارات الزمن الذي نعيش فيه . فنحن نحيا في القرن 21 ، لكننا لا زلنا نفكر و نسلك و نتصرف على شاكلة من عاش في الجاهلية .



#مهدي_جعفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانية علمانية ... حديث شريف !!
- الإنقلاب أولى النتائج العكسية للسياسة الطائشة لأردغان
- -تهافت -فكرة الإله- بين سداجة المؤمنين و جموح الفلاسفة و الع ...
- الربيع العربي ( مخلفات ، أرقام و إحصاءات صادمة )
- عبقرية ألبرت أينشتاين قياسا بعبقرية العلماء و الفلاسفة اليون ...
- - ما لم نفهمه من شعار داعش باقية و تتمدد -
- - المرأة العربية عقلية دون الظرفية المعاشة .-


المزيد.....




- سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا ...
- أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د ...
- النساء لا يتملّكن.. مصريات محرومات من حيازة الأراضي الزراعية ...
- فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
- دراسة: تدمير آثار الملكة حتشبسوت لم يكن بسبب كونها امرأة
- الناشطتان الإيرانيتان نرجس محمدي وشيرين عبادي تطالبان بوقف ف ...
- بليز ميتروويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البر ...
- جلسة نقاش عن حلقة بنلف في دواير من بودكاست راقات
- أول امرأة وأفريقية تتولى المنصب.. كيرستي كوفنتري تتسلم المفت ...
- “بالخطوات” التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالجزائر 2025 عبر ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مهدي جعفر - قصة و عبرة !!