أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مالك الحافظ - أن تكون سوريّاً














المزيد.....

أن تكون سوريّاً


مالك الحافظ
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 04:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في نوفمبر الماضي من العام الفائت حصلت هجمات باريس الانتحارية وحينها وجدت السلطات الامنية الفرنسية جواز سفر بقرب احدى جثث الارهابيين وقيل أن ذاك الجواز كان يحمل الهوية السورية؛ ذلك الخبر وبتلك الجزئية المحدودة انقلب الى حالة من التندر عند شريحة واسعة من السوريين؛ فلقد أصبح إلصاق التهم بمن قهرتهم كل اوجاع الارض سهلاً الى اي درجة ممكن ان تروق لمن يكيل لهم بذلك.
فذلك ان تكون سورياً فيمكن ان يوجد جواز سفرك في اي مكان يروق لحظك العاثر الى ان يجدوه في اعماق بحر قرر ان يحاصرك في طريق هروبك من الموت الى الموت بعد ان اقتنصك مهرب نهم استغلك حتى اخر قرش وتركك لمصير مواجهة هذا البحر اعزلاً بين فكي كماشة الغموض والمجهول.
لقد بلغ عدد السوريين المشردين في داخل وطنهم ما يزيد عن الثمانية ملايين ومازال يعاني جميع من بقي في البلد مهجراً كان ام منتظراً بصيص امل يحافظ على بقائه في ذلك المكان الذي نشأ فيه ونشأت معه ذكرياته بحلوها ومرها.
لكن ان تكون سورياً بهذه المقاييس فيعني ان تبقى حبيس الاخطار من تشريد الى نزوح الى قصف هاون وطيران متعدد الجنسيات والانواع؛ فمن نجا من القصف قد لا ينجو من النزوح والمبيت ربما في العراء ان لم يسعفه القدر بمركز ايواء ليقف هذا القدر قليلاً الى جانبه في ظل الوجع الذي لم يستطع هذا القدر ان يمنعه عنه وعن السوريين؛ فيما من استطاع تفادي معضلة النزوح والتهجير فقد لا يستطيع تفادي مفخخة او شظايا متفجرة بينما ينتظر طابور الحاجز العسكري لاي قوة عسكرية او فصيل يسيطر ويحكم قبضته على قطعة الارض التي شكلها من روحها وعاش فيها وعائلته وجيرانه في سنين خلت بما يحفظ ذكرياتهم التي كستها العتمة وبددها الضباب؛ ويتجاوز ذلك الحاجز بعد انتظاره لساعات عدة.
أن تكون سورياً يعني ان تتحمل كل تلك النوازل واكثر منها من ضنك العيش الى قهر المهانة والمذلة التي لم يستطع القدر كفها عنك.
واما من يواجه قدره ليرحل مهاجراً هارباً من اوجاعه او آوياً الى ملاذ اكثر امناً يبتعد فيه عن ضجيج الحرب والنار؛ فيلقى ما يلقاه ان كان من ذلك البحر المتعطش ليلتهم روحه قبل جسده ولكن ان استطاع تجاوز ذلك التحدي فإن التحدي الذي سيليه في بلدان الاندماج واللغة الغريبة ليس اقل وعورة.
أن تكون سورياً يعني ان تتحمل نظرات الشفقة الممزوجة بالحنق على ما قد يمكن ان ترمى به من تهمٍ جزافاً في دولة ما لم تكن في يوم من الايام أن تلجأ لها او حتى ان تمر بها برحلة او زيارة.
فإن ارتفع سعر الماء او الخدمات المعاشية فيا ايها السوري انت السبب وإن تخاصم اب وابنه وتلبدت السماء بالغيوم ولم تمطر فأيضاً لا احد غيرك يكون السبب؛ فكيف لو حلت من قدرك مصيبة اخرى عليك فيضرب الارهاب العابر للقارات بلد من هذه البلدان الممتدة على دائرة هذه الكرة الارضية والتي يصادف وجودك عليها فيا حسرة وياندامة على تلك الساعة التي استقبلوك بها.
نعم فإن كنت سورياً فقد اصبحت ماركة مسجلة للحسرة والبؤس والشقاء فلا ارض جديدة ممكن ان تستقبلك من غير "فيزا" سيصعب الحصول عليها لانك فقط سوري.
وان تكون سورياً يعني أن تتألم أضعاف ماتتألمه حين تصادف ابن بلدك يحاربك في اي شيء تسعى الى الحصول عليه ولا يكتفي بذلك بل يتعدى الى ما هو اكثر من ما يمكن ان تلقاه من الغريب عن سوريتك.
أن تكون سورياً يعني أن يتدخل بشؤونك كل دول العالم ترمي الحطب لنار الحرب في بلادم ولكنها تدعي السلام وتدعو الى حفظ كرامتك وانهاء معاناتك.
ولكن لكي تكون سورياً تسعى من اجل سوريتك ولا شيء غيرها فيجب ان ترى ان الوقت قد حان لترمي ما في القلوب من ضغائن وترى ببصيرتك بأنه ليس للسوري الا السوري وان نار الحرب لن تبني البلد.
فالحل لن يبدأ الا بك انت؛ فمسار السلام يبدأ من طاولة الحوار السوري التي تؤمن بها انت وتدعو اليها.

*مالك الحافظ - صحفي سوري مقيم في الاردن
Email: [email protected]



#مالك_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو صفر مشاكل تركية؟
- اشكال الهوية ما بعد الاستعمارية
- نحو جنيف2 والمعارضة الوطنية السورية


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مالك الحافظ - أن تكون سوريّاً