أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي محمد علي العطار - مسرحية - بيت الدمية-(1)















المزيد.....


مسرحية - بيت الدمية-(1)


علي محمد علي العطار

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 20:56
المحور: الادب والفن
    


تأليف:- هنريك ابسن (1828-1906) *
إخراج:- جعفر السعدي
على قاعة مسرح الشعب 16 – 21 آذار 1962

الممثلون حسب ضهورهم على المسرح
• نجلاء داود (هيلين)
• هناء عبد القادر (نورا)
• جعفر السعدي (تور فالد هيلمر)
• سهام السبتي (لندا)
• كاظم الزيدي (الحمال)

(1) أبسن ، هنريك : بيت الدمية ، تر : كامل يوسف ، (القاهرة : دار مصر للطباعة ) ، (د.ت).
* كاتب نرويجي ولد لعائلة ثرية فقدت كل ما لها وهو في الثامنة من عمره فأضطر ليشارك في أعالة عائلته الكبيرة ، كتب أولى مسرحياته الشعرية (كاتالين)(1848) مستوحيا موضوعها من الثورات الصناعية التي سادت أوربا عين سنة 1851 مديرا للمسرح الوطني في (بركن) ، قدم 145 مسرحية متنوعة لمختلف الكتاب الغربيين ، أمتاز أسلوبه بالواقعية وسمي (أبو المسرحية الواقعية ) .

• هادي مهدي القزاز (كروجشتاد)
• محمد فائق الآلوسي (د. رانك)
• الطفلة مي جعفر السعدي
• الطفل عطيل جعفر السعدي
• مدير المسرح (سعدون جاسم)
• م. مدير المسرح كاظم الزيدي
• الانارة والمكياج والمؤثرات الصوتية (عبد المرسل الزيدي)
• الديكور (سعدي السماك)
• تصميم الملابس (تروى متلمان)

مسرحية " بيت الدمية"
أن مسرحية بيت الدمية تظهر موقع الحقيقة والزيف في الزواج، ويمتاز ابسن انه شاعر حتى في كتاباته النثرية وبالشحنة المتسمة بالخيال التي تضفيها الحقيقة على أعماله والتي تجعله مفعما بالحيوية، وفيها يركز الكاتب على الحيوية الإنسانية في شخصية الزوجة نورا والتي يجب أن لا تقمعها آراء المجتمع التقليدي وهذه الصفة التي تمتع بها ابسن في كونه ثائرا في المسرح وزعيماً سياسياً محرضاً. إذ نادى بحرية المرأة ومساواتها بالرجل، وأثار ثورة في أوربا وجعل من نفسه مصدرا للنقد والتجريح عندما جعل نورا تترك بيت زوجها وتصفق الباب خلفها تلك الصفقة التي اهتزت لها أوربا، فهي بمثابة ثورة اجتماعية ومشعل الدراما الواقعية فالعرض المسرحي عند ابسن مبني على العرض،والعقدة والمناقشة ولابد من المناقشة في المشكلة التي تتناولها المسرحية، فالمتلقي يذهب للمسرح لا من اجل التسلية بل ليرى نفسه على المسرح .

ملخص المسرحية
نورا وهيلمر زوجان سعيدان تزوجا من عدة سنين ولهما أطفال، في المشهد الأول يتضح لنا منذ دخول نورا وهي حاملة هدايا العيد وشجرة الميلاد وزوجها هيلمر جرى تعيينه مديرا للبنك وهذا معناه أن حياة العصفورة نورا ستكون افضل في الإسراف. ولكنها تخفي سرا عن زوجها وتخاف أن تفشي بسرها الذي ربما يحطم سعادتها، والسر هو عبارة عن اقتراضها مبلغا من المال من كروتشاد الرجل العامل في البنك لكنها زورت توقيع والدها. وكان هيلمر مريضا اضطرت لمساعدته وادعت أن النقود هدية من والدها، ونورا تسدد الدين كلما يعطيها زوجها المال دون علمه، وفي إحدى المرات تزورها صديقتها كريستينا وتفشي نورا بالسر لها ، لكن كروتشاد يهدد نورا بإفشاء السر لزوجها هيلمر لأنها زورت التوقيع ويضع الرسالة في صندوق البريد. وتحاول كريستينا إقناع كروتشاد والارتباط به في علاقة غرامية تضحية ووفاء لصديقتها نورا. ويستلم هيلمر الزوج الرسالة وتثور ثائرته على زوجته نورا، واخذ يحتقرها لما فعلته من تلويث لاسمه وسمعته. ويقرر أن يحرمها من تربية الأطفال وهنا تتحول السعادة الزوجية إلى ظلام وتشعر نورا بالذنب وتواجه صراعا مريرا وتتخذ قرار الانتحار. وفي نفس اللحظة تأتي الوصيفة برسالة بعثها كروتشاد يبرئ فيها نورا من تهمة التزوير. وهذه الرسالة تغير مجرى الأحداث وسلوكية الزوج هيلمر العدوانية تجاه زوجته نورا، ويحاول التراجع والاعتذار ونسيان ما حصل. ولكن نورا تواجه زوجها بالرفض وتقول له انه لا يفهمها وهي لا تفهمه، وأنها مجرد دمية فارغة الرأس غير قادرة على فهم الرجل. والزوج يعتذر وقرار نورا النهائي أنها تركت البيت وحطمت الوهم الذي رافقها طوال الفترة السابقة.
تطرح ظاهرة اجتماعية اكثر منها ظاهرة أدبية، حيث تكمن الإثارة فيها في علاقتها بالدفاع عن قضية المرأة التي كانت الموضوع الأساس الذي تم تناوله في القرن التاسع عشر في أنحاء أوربا، لذا نرى أن السعدي قد تعاطف مع المرأة لما رآه من غبن في حقوقها فقد أحس بضرورة تناول مثل هكذا موضوع فاخذ بقراءة مسرحية بيت الدمية قراءة دقيقة وحاول أن يقف أمام كل عبارة من تلك المسرحية، ليحلل ما فيها من مفاهيم وقيم تنسجم مع واقع المجتمع حيث اضطهاد المرأة،لذا حاول إيصال أفكار المؤلف بشكل صادق وآمين لأنه يرى في النص الحقيقة التي يسعى وراءها المؤلف فهو كما عرف عنه حريص على نقل أفكار المؤلف ضمن النص المقدم ولا يعمد أو يجيز لنفسه أن يكون مخرجاً مفسراًُ لنص، لذا كان اختيار هذا العمل رغبة لدى السعدي في تقديم مشكلة واقعية قائمة في اغلب المجتمعات في تعاملها مع المرأة، فالسعدي يرى في المرأة أساساُ في استمرار الحياة فلولا المرأة لما استمرت الحياة لذا كان يسعى في هذا العمل الى تعريف ماهية المرأة في حياة الرجل فضلاً عن سعيه إلى ما يريد أن يقوله المؤلف بحق المرأة في ظل مجتمعات تحاول طمس هوية المرأة، فهو حينما يرسم صورة المرأة (نورا) داخل هذه العائلة التي تبدو من الخارج أنها تملك حياة سعيدة وهادئة، ولكن في الواقع هذا الهدوء يخفي وراءه الكثير، ولا سيما في داخل نورا، فهي تخفي عن زوجها حقيقة المال الذي اقترضته من اجل مرضه والسفر إلى الجنوب، ولكن عندما تتعقد الأمور ويكشف زوجها الحقيقة، تظهر حقيقته هو، فالمؤلف يسعى هنا إلى إظهار حرص المرأة تجاه زوجها في محاولة منها لشفائه في حين يحاول إظهار صورة الزوج (هيلمر)حينما يكتشف الحقيقة كيف يصبح فهو يسعى لجعل المتفرج يفكر ويقارن بين كلا الصورتين، وبالنتيجة تكشف نورا حقيقة حياتها التي تجهلها، وعندها تخلع ثوب الدمية وترحل تاركه الزيف وراءها لتبحث عن حقيقة ذاتها وهذه المسرحية من المسرحيات الواقعية والاجتماعية في نفس الوقت والتي أراد ابسن من خلالها أن يكشف عصره ويظهر ما فيه من زيف وخداع.فهذه المسرحية تدافع عن المرأة وتوضح التأثير السلبي للرجل، لذا نرى أن السعدي حاول إعطاء أهمية لدور المرأة في المجتمع الذي تسوده نظرة سوداء تجاه المرأة فقد استطاع أن يعطي صورة المرأة في تلك المسرحية عندما اسند الدور إلى الفنانة (هناء عبد القادر) حاول معها أن تجد نفسها في تلك الشخصية كي تستطيع تأدية الدور بالشكل الصحيح ولكن السعدي يبقى محافظاً على النبرة الخطابية رغم أن العمل لا يحتاج إلى ذلك كونه يمثل مشكلة واقعية قد تحصل في كل المجتمعات وتدور أحداثها في مكان محدود وضمن مجموعة بسيطة من الأفراد فهو قد يكون تقليدياً بعض الشي لما تلقاه من أستاذه الشبلي ومع ذلك فهو يحاول تطبيق ماتعلمه عن ستانسلافسكي في تعامل مع الممثل فهو يحث الممثل على دراسة الشخصية بكل أبعادها النفسية والبيئية وكذلك التاريخية وصولا إلى الشخصية نفسها كي يحصل الاندماج في الدور فهو يعطي الاهتمام للمنظر وبهرجته استطاع السعدي أن يصل الإيهام بالطبيعة من خلال استخدام الديكور فضلاً عن الإضاءة في نقل ما يريد أن يعطيه من أجواء في تسلسل الأحداث.
على الرغم من أن تلك الفترة لم تكن تتوفر فيها الإمكانات والتقنيات بالمسرح مثلما هي في الوقت الحاضر ولكن السعدي استطاع بالإمكانات المتوافرة أن يصل إلى ما يريد أن يقوله المؤلف ضمن المنهجية الإخراجية التي درسها وحاول تطبيق منهجيه ستانسلافسكي ضمن فكرته عن النص فضلاً عن الممثل. نرى نورا متزوجة من هيلمر منذ ثمان سنوات ولديها ثلاثة أطفال، فعمرها في الأقل خمسة وعشرون عاما مع بداية المسرحية وعلى مدى الفصل الأول نرى نورا هذه المرأة المتزنة المنسجمة مع حياتها الزوجية فهي تحضر لعيد الميلاد وتهم بإحضار هدايا وحاجيات الأولاد، وتبدو محبة للمال وتعرف كيف تقنع زوجها بإعطائها المال فهي عصفورته وارنبته التي لا يستطيع ألا أن يدللها، أذن هي تحمل وجهين وجه المرأة التي تحب أطفالها وقادرة على إدارة منزلها واطاعة زوجها، والوجه الثاني الطفلة التي تأكل البسكويت سرا أو تحب أن تكون هذه الارنوبة التي تستمتع بان تجد من يداعب وبرها، وبين هذين الوجهين تظهر مجموعة من صفاتها فهي امرأة مطيعة تحب بشدة هذا المنزل الذي تريده، هذا فضلاً عن محبتها وخوفها الظاهر على زوجها كما أنها تملك إحساسا كبيرا بالمسؤولية ومستعدة للقيام بأي شي في سبيل سعادة عائلتها، إذ ترى إشارة بالنص على أطفالها لا يحزنون،فهي إنسانة إيجابية، فهي لا تساعد فقط عائلتها،فعندما تحتاجها صديقتها القديمة في أيجاد عمل لا تخيب ظنها وتقنع تورفالد بذلك من خلال حديثها مع صديقتها مدام ليند. نستنتج أنها سعيدة تعد نفسها تملك مقومات الحياة التي تريدها، ومن خلال المقارنة
بين امرأتين نجد ان مدام ليند تمثل المرأة العاملة العملية التي تسعى لأثبات وجودها معتقدة أنها تملك خبرة في الحياة لأنها عاشت حياة نضال، ولكن مع ذلك نجدها خالية العاطفة، على عكس نورا المرأة التي رغم أنها لا تملك خبرة مدام ليند ألا أنها تملك عاطفة واحساساً كبيرين تفيض منهما على كل من حولها،كما ان هناك فرقا جوهريا بين الشخصيتين، فمدام ليند تعمل من اجل ذاتها أما نورا فتعمل من اجل الآخرين وذلك واضح عندما تتحدث نورا عن الدين للمدام ليند وكيف تضحي وتبذل جهودا كبيرة لتسدده دون أن يشعر تورفالد وكيف أنها تحرم نفسها الكثير من الأشياء التي تحبها كي لا تحرم من تحبه من أشياء يحتاجها,هكذا نرى أن السعدي استطاع أن يصل إلى نقل الصورة الحقيقية والصادقة للفكرة التي تبناها ابسن لصورة المرأة في مجتمع ساده اضطهاد لحقوق المرأة حيث استطاعت الفنانة هناء عبد القادر أن توصل الشخصية على وفق ما رسم لها واستطاع السعدي من خلال صلته بالأطفال وكذلك بهناء عبد القادر كونها في الحقيقة أختاً لزوجة السعدي وان الأطفال الذين لعبوا الدور كانوا بصلة وثيقة بالفنانة هناء، حيث برزت أهمية هذه الصلة في الدور نفسه حيث نرى انسيابية الحوار والانسجام الحاصل بين هناء عبد القادر والأطفال يؤكد الدور الذي لعبته بصفتها أما لهم. فضلاً عن ذلك الدور الذي لعبه السعدي بصفته زوج نورا يعطي انسجاما آخر، نرى ان هناك انسجاما وليس هناك أي تكلف في التحاور حيث استطاع السعدي أن يؤدي الدور بواقعية تامة دون أدنى تكلف وخلق صلة الربط بين الشخصية والأخرى. واستطاعت الشخصيات الأخرى أن تصل بأدوارها ضمن الخطة الإخراجية التي رسمها السعدي في ذهنه وفقا لفكرة المؤلف فهو لم ينسلخ عما ذهب أليه ابسن بل جاء مؤكدا لما يريد أن يقوله ضمن سلسلة أحداث المسرحية.
يرى الباحث أن انتقاء المخرج السعدي لمسرحية بيت الدمية، جاء انسجاما مع أنشاء مسرح عراقي من ناحية، ولكي يطابق معالجته الإخراجية مع الأسلوب الواقعي لهذه المسرحية وتطبيق طريقة ستانسلافسكي بأهميتها في تدريب الممثل وبناء الشخصية في واقعية الإخراج المسرحي وتوفير عناصر الإمتاع فيه من ناحية أخرى، إذ وضع نصب اهتمامه تحليل أفكار المسرحية وأفعال الشخصيات وعلاقتها وتبرير كل فعل يجري على المسرح وفقا للدوافع النفسية لذا يعد السعدي أحد الذين اسهموا بتأسيس ملامح الاتجاه الواقعي في المسرح العراقي، لقد ترك السعدي للممثلين حرية الحركة داخل بيئة العرض، بعد أن حولهم من طبيعتهم الخاصة إلى طبيعة الدور، زمانا ومكانا وطور فيهم المهارات الفنية من خلال محاولته تحليل الشخصيات وتفسيرها لتتضح نقاط الغموض فيها، لذا جاءت دلالات العرض ومفرداته تمتلك مبرراتها المنطقية الكاملة، لارتباطها الحي بفكر المؤلف منطلقة من ثنايا النص.
حرص السعدي في أثناء التدريبات على المبدأ الذي نادى به ستانسلافسكي تاركا للممثلين حرية الحركة بما تمليه عليهم دوافعهم وعلاقاتهم ولم يكن يوجه أحدا منهم على القيام بحركة ألا إذا عجز عن اكتشاف الحركة المناسبة والسلوك المناسب، مؤكدا التطابق والفهم الكامل للحوار والانتباه والتركيز والتسلم والتسليم بين ممثليه،معززا فيهم القدرة على التجانس والتكيف والتواصل وهذا التواصل والتجانس سيخلق مجتمعا صغيرا نموذجيا على خشبه المسرح وبذلك يعطي الممثل الحس الاجتماعي والواقعي والإنساني في الأداء.
فالرؤية الإخراجية لمسرحية بيت الدمية أعطت المخرج مديات مفتوحة في تناول قضية المرأة محاولة لرفع الحيف الذي أصابها في مجتمعات رفضت إعطاءها حقها في الحياة أسوة بالرجل،وهكذا نجحت الرؤية الإخراجية للمخرج السعدي في تحقيق أثرها في المتلقي وكذلك في الممثل نفسه في تعامله مع المخرج، واستطاعت أن تنتقذ الواقع المعاش في المجتمع العراقي الذي ساده القهر للمرأة ولحقوقها واستطاع أن يوصل رسالة بان للمرأة حقاً في العيش الرغيد ويجب أن ترافق الرجل بكل جوانب الحياة لتحقيق حياة هانئة سعيدة.
نرى نورا عندما تسألها ليندا لماذا لم تخبر تورفالد الحقيقة .
"ليندا : أفي نيتكِ الا تكشفي له عن الحقيقة ابداً ؟
نورا : ( مفكرة وعلى شفتيها شبه أبتسامة) وربما : في يوم من الايام : بعد عدد من السنين ، عندما يذوب جمالي . لا تسخري مني ، أعني عندما يفتر حبه لي ، وأفقد بعض مالي من تأثير عليه ، ويتبدد سحر الشباب ، ويتلاشى وقع الكلمات ... " (1).
نورا تجيب ليندا عندما يذوب جمالها وتفقد تأثيرها الجسدي عليه ، وهنا نحصل على نتيجة مهمة هي أن نورا تعيش بإرادتها حياة الأرنب التي يرسم نورفالد طريقها،فهو لا يمكن أن يتصور أن نورا قادرة على جلب المال، فهي بالنسبة له امرأة فقط لا تعرف ألا العناية بالأطفال والعناية

(1) ابسن ، هنريك : بيت الدمية ، المصدر السابق ، ص 47 .


بنفسها لتكون دائما الدمية الجميلة، فهو لم يتصور أبدا أنها تشتري لنفسها الملابس الرخيصة لتوفير القليل من المال لتسديد الدين أما هي فلا يمكن لها أن تخبره لأنه الرجل وهو من يجب أن يحضر المال كما انه لا يمكن لكرامته أن تتصدع إذا احس انه مدين لها، فهي تدرك انه من يملك السيطرة ولا تعارضه في ذلك. وهكذا كانت حياة نورا قبل أن تتعقد الأمور،بحضور كروتشاد وهو الشخص الذي استطاعت بواسطته الحصول على المال من البنك، وهو ألان مهدد بان يفصل من البنك الذي يديره تورفالد، وجاء يطلب مساعدة نورا كي لا يحصل ذلك، وعندما تطلب من تورفالد عدم طرده تكتشف أن ذلك مستحيل، فهو بالنسبة لتورفالد موظف فاسد،وهنا يبدا منعطف الصراع في حياة نورا ولا سيما بعد أن يخبرها بتزوير التوقيع فضلاً عن وجود خطا في التاريخ، وهنا تبدا الصراعات في داخلها،فهي لا تستطيع إقناع زوجها، ولا تستطيع أخباره الحقيقة، كما أنها خائفة على موقفها أمام زوجها وخائفة عليه أيضا أن يفقد وظيفته بسبب غلطتها، فهي اخطر مرحلة من مراحل تطور نورا، فهي ألان على الحافة، على الرغم من ذلك تسيطر على كل شي، ولا تشعر تورفالد بأي شي، بل تستمر بان تكون الزوجة المطيعة التي لا يشغل بالها إلا الفستان الذي سترتديه في الحفلة التنكرية ولكننا نجد كيف أن نورا وسط الخطر وعدم التوازن استطاعت أن تجد طريقة لتفرغ غضبها وتعبر عنه وذلك عبر الرقصة عندما لم تجد طريقة لمنع تورفالد من فتح البريد واكتشاف الحقيقة ونرى في الفصل الثاني في نهايته تصبح انسانة جديدة فهي تقول


" أربع وعشرون ساعة حتى منتصف الليل التالي عندما تنقضي الحفلة. أربعة وعشرون، وسبع، وإحدى وثلاثون ساعة هي كل ما بقي لي من الحياة" (1).
فهي تشعر أن ذاتها على منعطف التغير ومن ثم لا بد لحياتها أن تتغير أيضا، فنورا التي حررت ذاتها بالرقص،لن تبدأ من جديد من النقطة نفسها. وتأتي ذروة المسرحية، فها نورا وبعد أن رقصت للمرة الثانية بنفس الطريقة السابقة، فهي إذا اعتادت على حريتها وستصعب عليها القيود من ألان فصاعدا، وهنا يكون التعرف والانكشاف الكبيرين تورفالد ونورا, تورفالد سعيد بدميته الجميلة التي سحرت الجميع بجمالها وحضورها ورقصتها، بينما هي خائفة تنتظر لحظة الحقيقة، نورا تفقد رغبتها بالمقاومة واستسلمت ولم تمنع تورفالد من فتح البريد، تنفجر الحقيقة أمام تورفالد المخيفة فها هو يعد ثمان سنوات زواجه خدعة وزوجته منافقة وكاذبة ولا تملك أي شي من الدين والأخلاق وهي بالضرورة غير جديرة بأن تكون أماً وتدير عائلة فهي ليست ألا طائشة ولا تقدر المسؤولية.
فهكذا واجه تورفالد تضحية نورا، لقد انتهى كل شي، ومن ثم فنورا ترمي ثوب الدمية، وترتدي حقيقتها كونها كائناً أنسانياً وترحل وهي تصفع الباب ورائها. وهكذا استطاع السعدي أن يرينا واقعية حدث في مجتمع ما وقد يحصل في أي مكان. واستطاع أن يترجم الأحداث وفقا لما مرسوم لها، وان يوظف أفعال الشخصيات وفقا لما فسره النص ليصل إلى هدف المسرحية
(1) أبسن ، هنريك : بيت الدمية ، المصدر السابق ، ص111.

وبعد دراسة القيم الفعلية والعاطفية والمجردة في النص ليدرك خفاياه بحسه المسرحي خالقا له حضورا شموليا للعرض بكل عناصره ومستلزماته، ليجسدها بشكل واقعي يتناسق مع واقع وتطلعات المجتمع. فقد أستطاع السعدي أن يوظف التشكيل الحركي للممثلين بما يخدم العمل المقدم ، وكان يؤكد على الممثلين أثناء التدريبات على المبدأ الذي أعتمده ستانسلافسكي تاركاً للممثل حرية الحركة بما تمليه عليه دوافعه وعلاقاته ، وكان يؤكد على الممثل محاولة أكتشاف الحركة المناسبة والسلوك المناسب للشخصية المؤداة . فالشكل المسرحي يعتمد على الحركة الجميلة والفعل على المسرح . فضلا عن أستغلال الديكور بما يخدم العمل المسرحي ولم يبتعد السعدي عما سعى اليه أبسن حيث أهتم بالديكور فضلا عم أستغلاله للفضاء المسرحي أضافة الى الموسيقى عدها الجزء الاساس في المسرحية فالجو العام يجب أن يؤخذ بالحسبان ، فقد سعى السعدي أعطاء الجو العام بما يطابق الحدث التأريخي للحادثة فضلا عن محاولة أسقاط واقعه المعاش على تلك الاحداث . (1)
الاطار العام للعمل تجسيد المنظر المسرحي ككل مرئياً عيانياً بأعتماده على الخامات الرئيسية كقطع الاثاث والاكسسوارات وصولاً الى أستكمال العناصر الفنية التي تخضع في أخراجها الى المنطق السليم والتبريرات المقنعة للممثل أولا والمشاهد ثانياً . استطاع المخرج السعدي أن يقدم عرضا واضحا وصريحا لحالة اجتماعية، وانعكاسا لصورة في المجتمع، تنبع من صراعات اجتماعية والدفاع عن قضية المرأة وحقها في الحياة
(1) مقابلة ، عبد الرزاق ، اسعد : عن سيرة فنية للراحل جعفر السعدي 27 كانون الثاني 2007 ، كلية الفنون الجميلة ، قسم المسرح .
لتحقيق مبدا العدالة في التعامل بين الرجل والمرأة. استطاعت الرؤية الإخراجية لمسرحية بيت الدمية للمخرج السعدي أن ترينا ظاهرة اجتماعية تعنى بحقوق المرأة بمجتمعات سعت لطمس هويتها. وان ترينا الصورة الحقيقة لها لتشكل صورة جديدة في مجتمع جديد.



#علي_محمد_علي_العطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية - رقصة الأقنعة- (1)


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي محمد علي العطار - مسرحية - بيت الدمية-(1)