أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - التنمية و النظام الاجتماعي التقليدي














المزيد.....

التنمية و النظام الاجتماعي التقليدي


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 23:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التنمية و النظام الاجتماعي التقليدي...

وردني سؤال من احد الأصدقاء عن مفهوم "النظام الاجتماعي التقليدي".... و احببت ان اربط هذا السؤال المهم مع فكرة التنمية.... لان هذا الربط ... او الافتراق ... قد لعب دورا رئيسيا في التطورات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية في الشرق الاوسط و العالم العربي بصورة خاصة منذ بناء الدولة الحديثة و بدايات ما يمكن تسميته ب.."مشروعية فكرة التنمية و الحداثة"...

مبدئيا... هذا المفهوم يؤشر الى نوع النظام الاجتماعي الذي نمارسه و نتعايش في ظله دون ان نطرح أسئلة حول أسسه الثقافية و الاخلاقية... و احيانا حتى و لا عن أسسه الاقتصادية و سياساته الاجتماعية.... من مميزات هذه النظم الاجتماعية التقليدية انها ظلت مهيمنة على مجتمع ما لفترات طويلة ان يحدث فيها تغييرات جوهرية ... و بذلك فهي تسير وفق نمطية معينة لا تخلق الكثير من المعوقات امام الأفراد و الجماعات المنتمية و ان كانت تفرض بشكل غير مباشر او تفترض سلوكيات معينة يلتزم الغالبية العظمى من المنتمين الى ذلك المجتمع...

السؤال الان... هل يمكن لمثل هذا النظام الاجتماعي التقليدي ان يقدم حلولا لازمات فجائية... او لرغبات التغيير و تطور المطاليب الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.... رغم ان هناك ديناميكية تقليدية للتفاعل مع الأحداث الا ان الغالب هو عدم تمكن النظام الأجتماعي التقليدي من توفير إمكانيات النجاح لأية تغييرات ثورية مفاجئة.... و لذلك يقف النظام الاجتماعي التقليدي في وجه التغيرات الجوهرية ... لكن كيف ستتم هذه المواجهة؟؟.. اعتقدان الطبيعة النمطية ستكون حاجزا امام إجراءات غير تقليدية في المواجهة... فالنظام الاجتماعي التقليدي يروم دوما على الحفاظ على النمطية الحركية في المجتمع و هذه الرغبة لن تتحق عن طريق ادخال إجراءات ثورية رادعة قد تطيح بالأمر العام للنظام الاجتماعي..

هنا لابد ان نفهم ميزة مهمة في النظام الأجتماعي التقليدي... و هذه تتعلق بنوع من التوازن القلق بين اتجاهات و تطورات قد تأخذ مسارات متطرفة سواء في الفكر او نمط الحياة اليومية ... بكلام اخر... النظام الاجتماعي التقليدي لا يوفر الامكانات الضرورية لتحسين حياة الناس.... لكنه في المقابل يوفر الضمانات الأدنى للحفاظ على حياة الناس... عدم السماح بموت الناس من الجوع ( الا اذا حدثت كوارث طبيعية او حروب او ما شابه... لكن في الحالة نمطية النظام الاجتماعي التقليدي يكون قد تم تدميره او وقفه عن العمل بشكل مؤقت او ربما دائمي)...

كما ان النظام الاجتماعي التقليدي يوفر ضمانات أساسية للتعايش السلمي بين الأفراد و الجماعات خاصة ان الميكانيزمات التغييرية قابلة لقراءة مساراتها و بالتالي قابلة للسيطرة... و بقدر ما تتمتع به هذه النظم بقيم السماحة و تقبل درجات متدنية من الخروج على العادات و التقليد الا أنها تواجه اي تغيير واسع بقساوة هائلة تتجاوز العقوبات النفسية من العزل و التجاهل الى عمليات انتقامية اجتثاثية عميقة تشمل المحيطين و أفراد العائلة و الأهل و العشيرة من غير المتورطين أساساً في عملية التغيير...

مجملا... يمكن القول ان النظم الاجتماعية التقليدية تتمتع بقدر عالي من التضامن الاجتماعي و قدر اقل و لكنه فعال من التكافل الاجتماعي.... اي اننا نتحدث عن نظام مبسط و ربما بدائي مما نسميه في اللغة العلمية النظام الاجتماعي الاقتصادي و الذي يعني ترابط النظام الاجتماعي مع الدورة الاقتصادية التي تكفل القاعدة الاساسية للبقاء على قيد الحياة مع هامش محدد للتفاضل و تحسن الأمور عبر ميكانيزمات مبسطة لتراكم الموارد.... و هذا يحد كثيرا من إمكانيات خلق قوى دافعة للتنمية الواسعة سواء تحدثنا عن المحور العمودي او الأفقي في العملية التنموية....

و هذه هي واحدة من اهم الإشكاليات في قضية بناء تنموية في الشرق الاوسط... ففي حين حاول البعض خلق تصور ان بالإمكان تطوير النظم الاجتماعية التقليدية كما فعلت اليابان بعد الحرب العالمية الاولى و تبعتها دول شرق اسيا التي سميت النمور الآسيوية و كذلك دول اخرى في شرق اسيا.... فان النظريات الغربية التي طبل لها الكثير من المثقفين العرب ذهبت الى ضرورة خلق تغيير جوهري في المفاهيم الثقافية و الدينية و غيرها كأساس أولي لبناء مسار تنموي حداثوي...

الذي حدث في النهاية هو طغيان عملية نزيف داخلي و نخر للنظم الاجتماعية التقليدية بحيث أفقدها القدرة على التواصل و البقاء الا في صور مشوشة و بقايا متناثرة فاقدة للانسجام و القدرة على التفاعل.... بينما حالت الصراعات الخارجية و الهيمنة الغربية دون بناء اي أساس واقعي لعملية تنموية حيث تتفاقم عمليات استنزاف القوى و الطاقات و الموارد بشكل تصاعدي و معها تنهار الامكانات و الأحلام ... في ظل هذا الشرخ المتسارع في الاتساع فان اي كلام عن خلق نوع من التوازن كلاماً عبثيّا عند الغالبية من طرفين تزداد الهوة الثقافية بينهما حتى لم يعد هناك مجال للالتقاء الا في ساحات الوغى و انهار الدماء و الجماجم المتساقطة و اغتصاب القيم و حاضناتها...

في مقالات مقبلة سنناقش بشكل ادق و اكثر تفصيلا العلاقة الجدلية بين الحداثة و التقليدية ...حبي للجميع..



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب و افريقيا: البحث عن طريق جديد للقاء..
- أوراق بروكسل...1
- الحياة المدنية...اشكالية..؟؟!!
- الاستعمار المستدام...
- الاستعمار اللولبي و العنصرية الحضارية...!!!..
- روسيا و سوريا: خطبة الوداع... و - دولة خلفاء جديدة-...؟؟..
- العيد و -ذبح عظيم-... هل يلتقيان..؟؟..
- موسم الهجرة الى المجهول المقدس..؟؟..
- أوراق اليونان...1
- مظاهرات العراق... نهاية الفوضى الخلاقة..؟؟..
- هل يدفع الكورد الثمن ... مرة اخرى..؟؟..
- الرمضان في أوروبا... محالة للفهم...
- هل الحق ... بلا هوية..؟؟!!..
- مصر و افريقيا... جدلية الانتماء و التنمية
- قادسية آل سعود..؟؟..
- بوتين ... سينتحر ام...؟؟..
- حرب -الأصنام- ..؟؟..!!.
- حرق طيار... ام حرق مرحلة من تطور داعش...؟؟؟..
- Charlie Hebdo و سريالية العجز...
- مانيفستو سعدي يوسف...


المزيد.....




- قمة ترامب - شكلا ومضمونا، كل شيء مقابل لاشيء
- سوريا: فيديو متداول لـ-انشقاق قوات من قسد وانضمامها إلى العش ...
- -لا يمكن رشوة بوتين لإنهاء الحرب-- مقال رأي في التلغراف
- جدل متصاعد حول التمييز.. دعوات في فرنسا لمقاطعة المنتجعات ال ...
- رجال الإطفاء يصارعون النيران للسيطرة على حرائق الغابات المست ...
- مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدل ...
- جعجع يؤكد دعم المؤسسات ويعتبر تصريحات قاسم تهديدا للبنان
- الليثيوم.. المعدن الحيوي يشعل سباقا عالميا في عصر الطاقة الم ...
- صحف عالمية: الطفولة تختفي بغزة وأطفالها يخضعون لجراحات دون ت ...
- “نظرتُ خلفي ولم أرَ أحدًا”.. ناج من فيضان مفاجئ يصف مصرع حوا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - التنمية و النظام الاجتماعي التقليدي