أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - تواضع القاضي















المزيد.....

تواضع القاضي


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 5203 - 2016 / 6 / 24 - 17:31
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تواضع القاضي
عنوان هذه المادة مستمد من إحدى القواعد أساسية لأخلاقيات العمل القضائي الثمانية التي اعتمدتها وثيقة الشارقة وثيقة الشارقة حول أخلاقيات وسلوك القاضي المنبثقة عن المؤتمر الحادي عشر لرؤساء أجهزة التفتيش القضائي في الدول العربية المنعقد في الشارقة عام 2007 حيث ذكرت ثمان قواعد وعلى وفق الآتي (الاستقلال ، التجرد ، النزاهة ، موجب التحفّظ ، الشجاعة الأدبية ، التواضع ، الصدق والشرف ، الأهلية والنشاط) وسوف لن أتولى شرح هذه القاعدة وإنما سأكتفي بنقل مارد عنها في الاتفاقية أعلاه إلا أن الواجب يحتم ان أوضح لماذا هذا الاختيار لمفردة واحدة من اجمالي القواعد وحقيقة الامر ان لاحظت ان التواضع سمة العلماء والكبار والأنبياء والأولياء وقيل فيه الكثير منها التواضع رأس العقل والتواضع زكاة الشرف وغيرها وورد ذكر فضل التواضع في القرآن والنهي عن الاتيان بنقيضه التكبر ومنها ما ورد في سورة لقمان (وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِى الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) وغيرها من السور الكريمة وفي الحديث النبوي الشريف (لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر) لذلك رأى المختصون في السلوك القضائي ان يكون التواضع من السمات الملازمة للقاضي أينما حل وأينما تواجد حيث ورد في مقدمة الوثيقة ان (القضاء مهنة شريفة، قديمة حديثة، لا غنى عنها في أيّ مجتمع إنساني، وقد أضفى عليها الناس قدراً كبيراً من المهابة وشيئاً من القداسة، نظراً لما يُسندُ إلى القضاة من صلاحيات هامة وخطيرة. إذ أنهم يصدرون أحكاماً قطعية لها أثر كبير على أمن المجتمعات وحياة الأفراد ومعتقداتهم وحرياتهم وأعراضهم وكراماتهم وممتلكاتهم وأموالهم، والتزاماتهم وواجباتهم. ونظراً، لقدسية الواجبات الملقاة على كواهل القضاة وأهميّة الإختصاصات المسندة إليهم، وجلال المهام المنوطة بهم، وخطورة الصلاحيات التي يمارسونها وأثرها الكبير والمباشر على الفرد والمجتمع والدولة، فقد ترسّخت في ضمائر الحريصين على حقوق الإنسان وسيادة القانون، ومبادئ الحرية والعدالة والمساواة من كافة الأمم والشعوب كثير من المبادئ والقيم والأعراف والتقاليد التي يجب أن تحكم سلوك القضاة، والمزايا والصفات والقدرات والمكنات التي يجب أن يتحلّوا بها، ليحصلوا على ثقة الناس واحترامهم وتقديرهم وليطمئن الخصوم إلى أحكامهم وقراراتهم ويثقون بها ويقبلونها، لأنهم وثقوا بكفاءاتهم وقدراتهم وعدلهم ونزاهتهم وأمانتهم وحيادهم واستقلالهم) لذلك وضع المختصون هذه القواعد ولم يترك لعنوان المصطلح ( التواضع) ان يكون عاما سائباً بل تم ضبطه بتوضيح ذكر في صلب الاتفاقية حيث قامت اللجنة المنبثقة عن المؤتمر والمكلفة بصياغة الاتفاقية بتحديد هذه القواعد مجتنبه تكرار الأفكار الذي من الطبيعي حصوله أحياناً نظراً لتقارب الآفاق بين بعض هذه القواعد وأفردت لعنوان التواضع مواصفات وصور تعبر عنه وجعلت من التواضع القاعدة السادسة وهذه الصفات للتواضع او صوره وكما ذكر في الوثيقة قد أُجمِلت بخمسة نقاط وعلى وفق الأتي ( 1ـ عدم الإستعلاء، 2 ـ البساطة والإبتعاد عن الغرور والتكلّف والرياء ، 3 ـ الهدوء ، 4 ـ العلم القانوني بحر محيط وجب أن ينهل القاضي منه دائماً (التواضع العلمي)، 5ـ الإبتعاد عن المجاهرة بصفته القضائية قصد استغلالها (عدم استخدام النفوذ) أو التصدّر في تعامله مع الآخرين) وهذه ايضاً ورد لها شرح وعرض مقتضب لبيان ماهيتها وعدم تركها للاجتهاد والتأويل وعلى وفق الآتي :ـ
1. عدم الإستعلاء: أمام المهمات الجسام المُلقاة على كاهل القاضي، وبالنظر إلى المنزلة المعنوية الرفيعة التي يتمتّع بها في المجتمع انطلاقاً من هذه المهمات ذاتها وممّا تستوجبه من مؤهلات وتضحيات ومزايا، يُطرح السؤال اللاحق: هل يصحّ للقاضي أن يركب مراكب الإستعلاء والتكلّف والغرور، وسائر المواقف ذات الأبهة والبهرجة؟ إن التقاليد القضائية المتوارثة كابراً عن كابر، والتبصّر في جوهر العمل القضائي، وتغليب ثقافة الإنفتاح والواقعية والنزعة الإنسانية التي يقتضي أن تكون ملازمة لطبيعة هذا العمل... إنّ هذه جميعاً تقدّم الجواب المنشود الآيل إلى أنّ التواضع هو من السمات الأساسية في شخصية القاضي المميّز. وليس في التواضع ما ينال من إباء القاضي. فكلاهما من معدن واحد هو سموّ النفس التي تُنير بسطوع مناقبها دون أن تقع في الخيلاء الفارغة.
2. البساطة والإبتعاد عن الغرور والتكلّف والرياء: والبساطة وجه من وجوه التواضع. وهي، من هذه الزاوية، وعلى نقيضٍ مما قد يعتقده البعض، سبب من أسباب قوة الشخصية التي تُمهّد الطريق لاتّخاذ الموقف المؤاتي، والقرار الصائب. فكل تعقيد في المظهر، وفي الأسلوب، وكل فظاظة في القول والتصرّف، وابتناء للأبراج العاجيّة، قد ينتهي إلى نتائج سلبية أبرزها إضاعة الطريق إلى جواهر الأشياء، وتوسيع الهوة بين القاضي والناس مما قد يؤدّي إلى زعزعة الثقة بأحكامه.
3. الهدوء: والهدوء وجه آخر من وجوه التواضع. وهو من أمضى الأسلحة القضائية نفاذاً. فالغيظ والغضب والحماسة والغليان، عواطف جارفة، وعوائق في الطرق الموصلة إلى العدالة، وباب إلى فقدان السيطرة على النفس، وعلى الموقف.
4. العلم القانوني بحر محيط وجب أن ينهل القاضي منه دائماً (التواضع العلمي): وللتواضع وجه آخر هو الإقرار بأن العلم عموماً، والعلم القانوني خصوصاً، بحر محيط. وهذا ما يُعرف بالتواضع العلمي الذي يحتّم على القاضي ألاّ يكتفي بما حصّله من المعارف وما عالجه من المسائل، بل أن يسعى إلى اكتساب المزيد مهما توسّعت ثقافته وتكثّفت تجاربه. ولا يغيبَنّ عن باله أنه قد يكون محاطاً بمن يُضاهونه أو بمن هم أوسع منه علماً وتجربة، وهذا ما يدعوه أكثر فأكثر إلى مضاعفة الجهد، واجتناب المباهاة.
5. الإبتعاد عن المجاهرة بصفته القضائية قصد استغلالها (عدم استخدام النفوذ) أو التصدّر في تعامله مع الآخرين: إن التواضع بوجوهه الجمّة يمكن أن يتمثّل في العديد من المواقف التي تواجه القاضي. فعليه، في الحياة اليوميّة، وفي رحاب المجتمع، ألاّ يسعى إلى التصدّر، وإلى المجاهرة بصفته ليظفر بالتقدير، تباهياً يُسيء إلى مركزه وإلى معاملة من يخالطهم معاملة الرئيس للمرؤوس، وإلى استغلال موقعه لإنجاز معاملة خاصة، وإلى مخالفة القوانين لتأمين حاجاته أو تحقيق رغباته. وينطبق ذلك على كل ما يعود بالنفع على أفراد أسرته وسائر المرتبطين به برابطة قربى أو مودة. وعليه، في هذا الخطّ، ألاّ يسمح لهؤلاء باستغلال موقعه لاجتناء المكاسب الخاصة. وعليه، في المجالس القضائية، أن يُحسّن مخاطبة المحامين، والمتقاضين، والمعاونين، وسائر الذين يحتكّ بهم، وأن يستظلّ القانون لا المزاج الشخصي لدى اتّخاذ القرار، وألاّ يُستثار، وألاّ ينزع إلى الإنتقام إذا صدرت عن سواه تصرّفات غير لائقة. وعليه، مع زملائه القضاة، أن يكون سَلِسَ المعشر، مُتقناً فنّ الإصغاء، غير مُتجبّر حتى ولو تفاوتت المراكز، ومجتنباً كل مباهاةٍ بقدراته ومناصبه.
وبعد هذا العرض فاني لا أروم سوى التذكير لان الذكرى تنفع احيانا وأولهم نفسي ومن بعد ذلك الزملاء الكرام الأفاضل لان الوثيقة تضمنت جملة مؤثرة تكاد تكون حكمة أو قول مأثور إذ ورد فيها الآتي :ـ
(إن هالة القاضي، في نهاية المطاف، لا تتكوّن بفعل اصطناع المواقف، بل بفعل البساطة العميقة التي تنشر ظلالها عليه وتجعله محطاً لأنظار الناس، ولإعجابهم به، وبالقضاء.)
القاضي
سالم روضان الموسوي



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم القضائي بعضه قانون و كله لغةٌ وأدب
- الادارة القضائية .... ادارة ميدانية
- يجب ان يكون التخارج بين الورثة لمورث واحد
- لايجوز لمحكمة الاحوال الشخصية اصدار حجة ضبط الوقف لان الضبط ...
- السياسة القضائية في العراق
- الدفع في الاختصاص المكاني (بين حكم القانون والتطبيق القضائي)
- ماهية الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية (طلب تأييد الحضانة إ ...
- الإطار الدستوري للعمل القضائي في العراق
- الحق الدستوري لرئيس الوزراء في حل مجلس النواب
- الوصي المؤقت والولي الجبري ... جدلٌ قانوني
- عقد إيجار دور السكن المبنية بعد عام 1998 بين القانون المدني ...
- مصادفة موعد جلسة تلاوة الحكم والنطق به يوم عطلة رسمية ( وجهة ...
- مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا والتوافق مع الدستور
- التعاون الدولي في المجال القضائي
- مفهوم وسائل الإعلام في قانون العقوبات ((مواقع التواصل الاجتم ...
- موقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك) يعد من وسائل الإعلام المش ...
- الثابت القضائي والمتغير السياسي
- تصحيح القرار التمييزي في القضاء المستعجل
- كتاب جريمة اثارة الفتنة الطائفية ...... دراسة تحليلية مقارنة
- القضاء بين الإصلاح والتجريح


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - تواضع القاضي