أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فريدة موسى - امرأة هشة ورجل عصابي














المزيد.....

امرأة هشة ورجل عصابي


فريدة موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 23:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



أتصور أن مجتمعاتنا الشرقية المستغرقة في سبات عميق منقسمة على نفسها بين احترام المرأة الأم وإجلالها وبين انتهاك حقوق المرأة الزوجة، الحبيبة، الصديقة. ولعل ذلك الانقسام هو السمة العامة لكل ما يتعلق بالقيم التحررية والإنسانية، فالشعوب التي تتابع بشغف أخبار وفضائح المشاهير هي نفسها التي تهرع للتبرك بالأولياء الصالحين في كل مناسبة. المرأة ذلك الكائن الساقط من قيد الإنسانية في مجتمعات العالم الثالث هي التي تتحمل القاسم الأكبر من المسئوليات، بل إن صورة المرأة المعيلة التي تحمل على عاتقها مسئولية أسرة كاملة أضحت صورة منتشرة بشكل كبير، فهي تعمل لتتكسب رزقها أياً ما كانت مؤهلاتها العلمية، وأيضاً هي التي تشرف على تنظيم الشئون المالية والإدارية للعائلة. ولا يمكننا أن نغفل دورها في تربية الأطفال الذي تبذل فيه عمرها بأكمله. ولأن تلك المجتمعات تؤسس وترسخ فكرة تبعية المرأة لرجل فإن المجتمع بأكمله ماكينة تفريخ نساء ضعيفات ذوات ملامح نفسية هشة ورجال عصابيين مشوَّهي الأفكار مرتعبين من فكرة ظهور المرأة على الساحة ومنافستها لهم في شتى مجالات الحياة العلمية والمعرفية. ولأن الاعتراف بالمرض هو أول خطوة في طريق العلاج لهذا يجب أن نعترف جميعاً أن نسبة كبيرة بشكل مرعب من رجال هذه المجتمعات لا يعترفون بحقوق النساء ولا يحترمون إنجازاتهن العملية، وبناء عليه في المقابل فإن نساء هذه المجتمعات يلجأن إلى مهادنة الرجال بُغية مواربة الباب أمام النزاع السلطوي المستتر بين الفريقين، فلا يتوقفن عن تملق الكائن الذكوري الأقوى بغية نوال رضاه والسير في ركابه لتستمر الحياة بهدوء، خاصة أن أي امرأة تفكر في السير ضد التيار والخروج من القطيع فإن المجتمع يلفظها ويكيل لها أبشع الاتهامات. واللافت في الأمر أن المرأة، برغم أن علاقتها بالرجل في تلك المجتمعات لم تعد رهن التبعية المادية، أصبحت تقتسم معه كل المسئوليات بل وتزيد عليه أحياناً، إلا أنها مازالت تؤثر البقاء في الظل، فـ«ظل رجل أفضل من ظل حائط»، حسب تلك المقولة المترسخة في قناعات العامة مهما اختلفت درجاتهم العلمية. ولعل أكثر الكائنات ظلماً لقضايا المرأة هي المرأة ذاتها. فتلك المرأة التي تعاني من خيانة أو قهر أو ظلم رجلها هي تلك التي تفتخر بقدرة أخيها أو ابنها على قهر وقمع امرأته، متوهمة أن ذلك سمة من سمات قوة الشكيمة ودليل على الرجولة وقوة السيطرة. وهكذا تستمر دورة الحياة، نساء يلدن نساء ويربيهن بنفس الطريقة العقيمة، فالولد هو صاحب الكلمة على أخته التي لو اعترضت لسمعت من أمها الكلمة التاريخية التي تتوارثها الأجيال (هو الرجل ويجب أن تمتثلي لرأيه فهو يعرف عن الحياة أكثر منك). ولسنا ندري لماذا أصبح الرجل يعرف عن الحياة أكثر؟! وما الدليل البيولوجي على كونه أكثر قدرة على الإلمام بخبايا الأمور؟! وكأن المرأة خُلقت بتصميم منقوص دوره فقط تسلية وإمتاع الرجل والمثول لطاعته دون مناقشة أو اعتراض. وبالطبع فإن بعض الموروثات الدينية المغلوطة لهذه المجتمعات تدعم تلك النظرية، فالنساء من ذلك المنظور ناقصات عقل ودين وخُلقن فقط للتسرية عن الرجل وإنجاب الأطفال وتولي مهام الطبخ والتنظيف وغيرها. وبينما المجتمعات الغربية المتقدمة تتغير سمات الحياة والعلوم والمعارف والتكنولوجيا فيها بسرعة الضوء مازلنا نحن تحت ركام أفكارنا المغلوطة ننتهك حقوق بعضنا البعض، بل نستعبد بعضنا البعض ونقتطع من الحياة نصفها الأجمل لنعتبره عورة وعاهة ونقيصة. المجتمعات المتقدمة تعتذر كل يوم للنساء عن أخطاء الماضي التي مورست ضدهن ونحن نتفنن في صنع قيود جديدة لقهر نسائنا وإعادتهن لظلام قبور الجهل. لماذا يخاف الرجال في المجتمعات المتخلفة من خروج النساء من القمقم؟! لعل السبب الرئيسي هو إحساسهم بأن تلك السلطة التي توارثوها جيلاً بعد جيل ستذوب في بوتقة الأفكار التقدمية الخلاقة التي تهدف للمساواة بين الجنسين على غرار المجتمعات المتقدمة التي أصبحت المرأة فيها تقود الشعوب اجتماعياً وعلمياً وفكرياً، تلك المجتمعات التي تعتبر المرأة ثروة قومية بينما نحن نعتبر صوتها ووجهها وجسدها وفكرها عورة يجب أن تستتر لأنها ما إن تظهر يظهر معها الشيطان، وكأن الشيطان ينقصه امرأة ليظهر.
وبين امرأة ضعيفة هشة تربت على تجرع القهر في صمت مخزٍ ورجل عصابي تربى على أفكار عنصرية فجة تنمو كل الأفكار الإرهابية غير الإنسانية لتأكل كل حلم وكل طموح مجتمعي يهدف إلى النهضة الشاملة وتخرج حاملة قبحها في مواجهة العالم محمولة على أعناق رايات الموت السوداء.



#فريدة_موسى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الديكتاتور


المزيد.....




- استطلاع: تزايد مشاعر عدم الأمان لدى النساء المسلمات في بريط ...
- الضفة الغربية: انطلاق فعالية القدس عاصمة المرأة العربية
- اللبنانية حنين الصايغ: رواية -ميثاق النساء- رسالة محبة للمجت ...
- امرأة تتقدم بشكوى ضد رجل مزق حجابها في فرنسا
- المرأة المغربية ومسألة المناصفة
- إقرار قانون العمل المرن عن بُعد.. إنجاز تشريعي ينقصه صياغة إ ...
- الجامعة العربية تبحث خطة الانطلاق الرسمية لمرصد تنمية المرأة ...
- فرنسا: رجل خلع حجاب امرأة في الشارع وعمدة البلدية تصف الاعتد ...
- من -وحام- امرأة حامل إلى ضجة عالمية.. شوكولاتة دبي تتسبب بأز ...
- فيديو رد ترامب على امرأة قاطعته بخطاب الـ100 يثير تفاعلا


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فريدة موسى - امرأة هشة ورجل عصابي