أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمان حلاّوي - منى الصرّاف .. ذاكرة الذات ( قراءة في ديوان - قلب يتعرق - للشاعرة منى الصرّاف )















المزيد.....

منى الصرّاف .. ذاكرة الذات ( قراءة في ديوان - قلب يتعرق - للشاعرة منى الصرّاف )


جمان حلاّوي

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 22:43
المحور: الادب والفن
    


منى الصرّاف .. ذاكرة الذات

( قراءة في ديوان " قلب يتعرق " للشاعرة منى الصرّاف )


( قلب يتعرّق ) هو ديوان شعري للشاعرة العراقية منى الصرّاف . من يقرأه يشعر أنه أمام بيبلوغرافيا عن الذات التي تبرز طالبة الحياة والحب لكنها تخبو امام هذانات وصراع مرير محتدم ، وإثرة مسعورة لسرقة الحياة والوجود والنور ، لكنها لا تلبث أن تسمو وتتنوع . و تستمر الشاعرة على طول الخط الدرامي للديوان باستخدام أدواتها الفنية بحذق في تشريح الذات وإبراز قوتها و كبواتها للبحث من خلال ذلك عن معنى للوجود وللحياة :

أماكن بعيدة
أخذوني إليها
حكاياتهم ملونة
عن قصيدة ( كان لي )
ثم :
نهاري طويل
مصدر للدموع
أنا أشيخ

عن قصيدة ( شيخوخة )

إنها تجيد وصفَ التفرد .. في جعل كينونتها متفردة في ذاتٍ تتعرى ؛ تخرج مكامنها من شبابيك مشرعة ، دون أسرار ، فما كان في العمق كان يتلألأ :

عارية هي روحي
حد النخاع
أبواب ، شبابيك مشرعة
تتأرجح
دون أسرار
في العمق
كان كل شيء يتلألأ
عن قصيدة ( مزاد )

وتبرز حقيقة الذات حين تتلو لغة النهضة والاستبسال رغم الهزيمة ، وكان العنفوان هاجسا ًحين كانت هناك أوراق لم تزل رابحة :

أوراق أخرى رابحة
قلم محني الظهر
مهزومة
في كل شيء
نهضت من جديد
لأجني ثمار الفوز
بدأت بإزالة غبار
انكساراتي
عن قصيدة ( قلم محارب )

نلاحظ كمتلقين لشرائح قصائد ( قلب يتعرق ) أن الشاعرة منى الصرّاف تتعامل مع الذات وكأنها مكوّنٌ أحادي أوحد يتلوى في وسط أتون محتدم يحيطه ويحاول ابتلاعه لكن الصراع التناقضي بين السلب والإيجاب يجعل هذا الفراغ المتأين لا يسمح أبدا بالصِّدام الفعلي فكانت الذات صامدة والمحيط يستشيط ويتلوى يكرّ ثم يلوذ بالهزيمة والفرار .

تكورت سطحيتي
اصبحت حفرة
فوهة بركان
مسافة بيننا
ثملت
هوت نجوم غافيات
التصقت بجدران ليلي
احتضنني القمر
سحابةً مجنونة
امطرني خمراً
مختوما بنار
عن قصيدة ( قمر )

وبالتالي تنكشف لعبة الخاسر بين الذات الواحدة ، وبين الجبر والغاية الأولى . فالذات تخسر معركة لكنها لن تخسر حربا ؛ إنها حبلى بالكثير:

نشوة حبلى
عن قصيدة ( قمر ) ،
ثم :

الرب رمى الزهور بوجهي
شيء مات
الخاسر يقف بعيدا
أصبحت ماضيا
كبيرا أم صغيرا
الفائز يأخذ المجد
عن قصيدة ( قواعد )

وفي عنفوان النشوة والمديح للذات كانت الشاعرة متفاخرة بطرف الصراع الدرامي بين ذاتها وبين المحيط بكل جلاء ووضوح :

لستُ أوهاما
أباطيل
بل هي حقيقتي
دون تزييف وتغير
تجاوزتُ الواقع
اسطورة تناقلت
مشافهة
لم يمسني قلم
حكايات ليلية
عن قصيدة ( لا مدى )

عن انكسارات كثيرة تتكلم ، وعن أحلام تكونت على الرغم من خسارة الذات الأخرى :

الثلج يذوب
قطرة قطرة
خريف عمر
عن قصيدة ( فراشة )

ثم :

مظلمة
شمسي
تسلقت
العتمة رأسي
غادرت جسدي
من
منكم
عرف
بسعادتي !
عن قصيدة ( قلب يتعرّق )

ولم تقبل بالمصالحة ولا المهادنة تلك الذات العنيدة ، ولم تتقبل معنى الربح كوهم كاذب :

مُدَّت لي يد للمصافحة
كمن يأذن بالدخول
شعرت بريبة وحذر سحبت يدي
شيطان أنت يا وهم
لن تدركها .. روحي
عن قصيدة ( وهم )

وعن الإيثار تتحدث الذات البطلة كما عرفناها وتكشف من خلال جمل شعرية واضحة مفعمة بالثقة كرمها وأعطياتها على الرغم من الصعوبات واحتدام المعارك واحتراق الأرض كما هي الصور الشعرية لأبطال ملاحم العصور الغابرة . تستخدم الشاعرة منى الصراف مصطلحات وجمل شعرية غاية في البساطة لكنها مؤثرة وحساسة :

من الصعب سأنفذ
من الظلمة
من المستحيل
سأنفذ
نعم ارضي محروقة
من احتراقها
سأمنحك خبزاً وعسلاً
وسأوزع عشقي
ألوانا ً وأجنحة فراشات
عن قصيدة ( اختراق )

وفي أحايين أخرى تحتوي الشاعرة المشهد الشعري بمحاولتها أن تهزم الندّ في صراعها الأزلي الذي يتابعها ويشاطرها حياة بدأت وانتهت بالبؤس ، هو من ضمن المحيط القاسي الذي يدور حولها في هذا الأتون الثقيل الهلامي المتفسخ :

أحيانا اشتهي أن أعلمك
كيف يكون البؤس حقا
قدماك وحتى رأسك تغوصان
في الوحل ..
العهر لا إرادة له
كل بطريقته
..........
وجوه كالمسوخ
الكل يقذف ما فيه
وتتأرجح النيران فيك
.........
وشكواك عن حياتك الطاهرة أسقمتني
عن قصيدة ( عهر )

ثم :
أراك
ساعة حائط
جامد وتتحرك
بتُّ أراك بوضوح
ليلك كنهارك
عيناك مسمرتان كالأبله
..........
بائس انت
لا تشعر بالاهانة
رميتك بحذائي
انطلقت آخر زفراتك
لملمتُ هشيمك
بازدراء
قذفتك من نافذتي
عن قصيدة ( ساعة )

ولا يخلو ديوان قلب يتعرق عن مغازلةٍ تكبتها ذات منى الصراف بكل لوعة غربة العشق عن قلبها المتعرّق فالذات عاشقة على الرغم من صور بطولاتها الكبرى تارة وهزائمها المتكررة تارة اخرى ، هي إنسان في قلب شاعرةٍ ذات صوتٍ أخّاذ مُبهِر:

يا إله العشق من غيرك يشفق
بكل رحمة وحنان
تعال قمري أضيء لي نافذتي
اهرب من عتمة الليل
وكن هنا شاهداً لحبّ
كم أوجعني كم اضناني
عن قصيدة ( ربيع )
ثم :
شمس أشعلت بدمائنا نيرانا
جمال لا يدركه سوى فنان
تجاوزنا حدود الزمان والمكان
كنت احملك في قلبي كل ليلة وأنام
هل تسمع ما اسمعه انه صوت كمان
يدعو العشاق للحضور
للاحتفاء للسرور
عن قصيدة ( زمن للعشق )

نلاحظ من خلال قصائد العشق لمنى الصراف في ديوانها الشعري ( قلب يتعرق ) انها جاءت في الزمن الماضي ، وما هي إلا استذكار لحب قديم انتهى وظلت اللوعة في تلك الذات الإنسانية التواقة لحياة ملؤها الحب داخل صراع درامي محتدم دوما وأبداً افقدها معشوقيها وأحالها تائهة في غربة قاسية مريرة :

اعرف أن للعشق
ارتحال
كما هي روحي
فراشة
انهكها
التجوال
مع كل ريح
..........
أتلمس الضوء
أعيش
وأفكر
بجدوى الهواء
عن قصيدة ( عرجاء )

ثم :
دعني أستنشقك
روحي تسافر في عطرك
أحلام وأشرعة
تجوب دمي
..........
اسكر برائحتك المجنونة
المسك
أعضك بين أسناني
آكل أحلامي
عن قصيدة ( أنا بك )
ثم :
أحببتك بعمق
أحببتك بحرقة
بت أناشدك حبا
لكل العاشقين
بروح تترنح
.........
اهمس يا روحي
ذهب النوم عنك
خذني أتوسل إليك يا نوم
ضمني إلى صدرك
عن قصيدة ( حب يترنّح )

ثم :
اقبرني حبيبي بيدك
أريد أن أموت
وأنت تعشقني
قبلة
لا تخف من ثلج يذوب
بفمك
عن قصيدة ( ثلج ونار )

ثم حين تصرخ الذات في ذلك القلب الذي يتعرق كأنه صرخة بوجه الوجود الذي جاء منه جميع العشاق من خلال لغة الشاعرة الآسرة المهيمنة على جميع فصول الديوان وقصائده المتنوعة ضمن ذلك الدفق الانثوي الحاني على الرغم من صعوبة الفراق وقساوة الظلام وجحود العاشقين وسطوة الرب وجحود المقربين وخيانة المنافقين ، وانكسار المتعاضدين في محرقة تدور ضمن اتون مستعر اسمه الحياة ، فتصفع الحياة من خلال تقريعها :

أيهما أكثر احتراقا
نارك حين يصبح رماد
أم رمادي
الذي أشعلته جمراً
أيهما أكثر عشقا
ولادتك من موت
أم موتي بولادة

ثم تعود وتحنو عليه ، وتكشف عن حبها رغم معاناة وجحود :
نوري مكتسب من الشمس
كنور القمر
ونورك شمس
أحرقت قلبي
وغطت
على نوره
واستعر
عن قصيدة ( شمس )

لكن الشاعرة تعود إلى رشدها فالعشق شحيح والعاشق وهمٌ في دنيا أرضها جهنم وسمائها نار وسعير :

الحب هنا شحيح
غراب
عشق مذبوح
كلمات ترتجف
بعتمة ليل
سهول خرساء
جبال تمطر بكاء
تلال مكسورة الظهر حدباء
أشجار مقطوعة خواء
صحراء تزحف لقلوب
تائهة عتماء
عذابات لا تنتهي
أفق يملؤه السواد
عن قصيدة ( صحراء )

لذا كان العشق في ارض لامصداقية فيها هي صفقة تقام على موائد ٍ من أجساد العاشقين ، وكانت خاتمة الديوان :
أيها العشق
موتنا معك ليس اكبر خسائرنا
صفقات أقيمت على جثثنا
ويقال لا صفقة تقام مع القتلة
قاتل أنت .. يا عشق

ديونُ شعريٌ يستحق القراءة لشاعرة أبهرت من قرأها بقصائد تعبر عن حالة مجتمع أصيب بانتكاسات وهزائم وتشتت انحسرت فيها روح الإيثار والإخلاص والحب الحقيقي ، وماتت فيها الحياة ، وتحولت فيها الأرض إلى شتات يتقاسمها الذئاب والأوغاد ..
حين يهان العجوز في بلادي
من اجل لقمة عيش
والطفل يلملم من ازبالها
كسرة خبز
والمرأة ذليلة مكسورة
بلا صوت
رجال مزدوجي الشخصية
أمراض نفسية
ساسته بنات هوى
جاؤوا من ارصفة منسية
...........
اخترعوا لهم حربا بأيدي داعشية
واناشيد حماسية وطنية
شخصيات هزلية
كلهم حرامية
عار أصبحت بلادي بكم
مشوهة ، ممحية
عن قصيدة ( كسرة خبز )

جُمان حلاّوي



#جمان_حلاّوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب الروائي العراقي من خلال تجربتي في الرواية
- آراء حول تقنيات نص روايتي ( أرض الجنة )
- معالم فن التشكيلية ( بسمة نمري )
- مفهوم الأسطورة ونشأتها
- رأي ٌ في مفهوم الوطن والمواطنة
- الأم الكبرى في الديانات القديمة
- ردا ًعلى كتاب إحسان وفيق السامرائي ، وما جاء فيه
- مهرجان الفلم الوثائقي اللقطة الشجاعة
- كتاب التربية المسيحية
- لماذا الحوار المتمدن ؟
- ألطقسيّون
- قراءة جديدة لقصائد مليكة مزان
- مفهوم الدولة والنقابة ( عرض تاريخي )
- كراسي ( مشهد كوميدي )
- صناديق
- ماهيّة الايديولوجيا الدينية
- حدث ذات صباح في البصرة ( سيناريو فلم قصير )
- أغتصاب ( مسرحية )
- المجنون( مسرحية)
- صراع الأضداد والفن


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمان حلاّوي - منى الصرّاف .. ذاكرة الذات ( قراءة في ديوان - قلب يتعرق - للشاعرة منى الصرّاف )