أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمان حلاّوي - رأي ٌ في مفهوم الوطن والمواطنة















المزيد.....

رأي ٌ في مفهوم الوطن والمواطنة


جمان حلاّوي

الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 07:46
المحور: المجتمع المدني
    


رأيٌ في مفهوم الوطــن والمواطنــة


جمـــان حـــلاّوي

إن غموض العديد من المصطلحات في الكثير من الأحيان أو تناولها كلاما ً من خلال سياق التعامل الحياتي دون الوقوف والتفكير التحليلي في معناها كما نشأت على أساسه الكلمة او المصطلح وما يحويه من مضامين عصيّة ، ربما على العامة ، يقود ذلك الإعماء إلى التأويل والاجتهاد الذي يتقاطع بالنتيجة مع الآخر وليبدأ الخطر من هنا إذ يتحول الموضوع إلى خلاف تناحري وعداء فكري عنيف وبالتالي إلى تقاتل غير المبرر . والتاريخ مليء بأمثلة ٍ ساطعة سجلتها الكتب وتكلمت عنها بإسهاب كونها قد مسّت أسس دين الدولة آنذاك وتجاوزت خطوطه الحمراء وثوابته ؛ كالخلافات التأويلية بين فرقة المعتزلة ( أو علماء الكلام ) من جهة وبين علماء الجبر الظاهرية المجسّمة من جهة أخرى في تأويل تفسير القرآن وموضوع الجبر الإلهي والاختيار العقلي بالنسبة لأفعال المؤمن . وكان أكثرها عنفا ً وقسوة هو الخلاف على مسألة خلق القرآن : هل هو مخلوق أم أزلي ، ومسألة تجسّد ظهور وجه الله المفترَض يوم القيامة في الآيتين 26 و27 من سورة الرحمن ( كلّ من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).. الخ إذ لا أريد الخوض في هذا الموضوع الطويل والشائك الذي تسبّب في انشقاق صفوف المسلمين ، وتكتّل المذاهب وتصفية أئمة الأمة ومفسريها من خيرة علماء المسلمين جسديا ً، وزعزعة آمن الدولة الإسلامية وتهدّد سلامة حدودها من أعداء ٍ استغلوا ذلك ، إذ شارفت الأمة الإسلامية على شفير هاوية لا قرار لها إبان الحكم العباسي خلال خلافة المأمون ومن جاء بعده لأن أساس التأويل هو أساس خلافي تتبعه المصلحة الذاتية والمذهبية في أغلب الأحيان ، وهو بعيد كل البعد عن العلم التجريبي إذ لا وجه مقارنة بينهما مطلقا ً .
المهم في الموضوع القصير هذا هو مفهوم الوطن الذي لم يكن بمنآى عن التأويل الذي سبب في تفتت أمم ٍ واندراس شعوب .. فمصطلح (الوطن) حين يُطرح كمرادف توضيحي لعلاقة ما ، أو بسبب حالة متأزمة ، أو لتوضيح أمر مطروح لا يمكن حلّه إلا أن يكون مصطلح الوطن هو الحكم والفيصل في الموضوع ، في هذه الحالة ومن خلال المعايشة يتم تناول المصطلح دون الرجوع إلى التفسير العلمي بل حسب التفسير السياقي للمحيط الضيق الذي يعيشه الفرد فيفهمه ويتم التعامل مع الموضوع على أساس ذلك دون أن يحيد عنه . فتكون الأفكار الضيقة هي ذات الشأن الأعلى ليتم سحق ما كانت غيرها من الأفكار الأخرى . إن قصر النظر في هذا الموضوع يقودنا إلى تأويلات ينتج عنها تصادمات فلسفية تؤدي إلى صراعات وقتال متجاوزا التناحر الفكري نزولا إلى الشارع ...

ما هو الوطن ، وماذا يجب أن نفهم من هذا المصطلح ؟
قبل الدخول والخوض في هذا الموضوع يجب أن نبحث عن الجذور : هل أن جميع الكائنات الحية لها وطن ؟ أم هو مُدرَك مرتبط بمفهوم الوعي أي إخضاع الحالة المؤثرة إلى تمثيّل وتحليل واستنتاج ليكون الناتج هو تشكيل لحظي لرد فعل تركيبي (انتقائي تحديدا ً ) مختلف عن صيغة الفعل تماما ً وبنفس قوة الفعل وتأثيره داخل حيّز الدماغ (حسب قانون الفعل ورد الفعل الفيزيائي : لكل فعل رد فعل مساوي في المقدار ومعاكس في الاتجاه وعلى نفس خط التأثير ) . . وان مراحل نضوج الوعي واتساعه بدأت تنشط بتكامل العقد العصبية للكائنات الدنيا متحولاً إلى أدمغة بسيطة لا تمتلك أسباب الاستنتاج والتفكير ألاستباقي إضافة إلى انعدام مفهوم التخيّل وخلق مكونات مندمجة خارج مفهوم الطبيعة كحالة معنوية اعتبارية لامادية مطلقا ًفي الكائنات العليا اللبونة ، لينضج ويتخصص في الكائن الأعلى : الإنسان . فما قبل الوعي لم يكن هناك وطن بهذا المفهوم البسيط غير المعقد . لكن حين اكتمل الدماغ وبدأ يتجاوب مع الطبيعة ويتحاور معها بل ويتصارع مع جبروتها وقسوة قوانين حركتها التي هي الأضخم والأعنف بالنسبة إلى حجمه وقابلية تحمله ، إضافة إلى فقدانه لأسباب البقاء الأخرى التي فقدها كالمخالب والأنياب والجلد السميك والفرو الذي يحمي الكائن من تقلبات الجو القاسية بدأ يفكر كحالة رد فعل ، ساعده في ذلك كبر الدماغ وتخصصه واستيعاب معلومات تخزينية في مواطن مختلفة منه تتجاوب مع بعض بإشارات نبضية منطقية غاية في الدقة والتشذيب قادرة على استلام المؤثر الخارجي بسلاسة و تمثّيله وتحليله أي إرجاعه إلى مسبباته وبالتالي استنتاج رد الفعل المناسب كفعل انتقائي غير سلبي . كل ذلك جعله في حالة من الايجابية أمام الطبيعة ومن ثم البقاء والصمود واتخاذ موقف الندّية وتغيير محيطه بما يلائم حاجاته وأسباب حمايته لينتقل إلى المستويات العلوية من التفكير معتبرا ً مفهوم البقاء والطعام هي من ضمن الحاجات البديهية التي توفرها له الطبيعة بصورة مادية ملموسة ليفكر في مفاهيم اعتبارية أخرى كالكتابة والفنون كمفهوم وواقع استقرار ، فالتجأ الإنسان أول الأمر إلى الكهوف ، وكان بالتالي هو إنسان الكهوف وقام بشحذ الصخور الصوانية وعمل أسلحة للدفاع عن الفرد ( وعن المجموع )، واصطياد الغذاء للفرد ( وللمجموع ) . وبادروا إلى تحديد أصوات لغوية تخصهم تشذّبت بمرور الوقت والتمرين ليتم التفاهم فيما بينهم .. من هنا ظهرت أولى بوادر مفهوم المواطنة ، وكانت الأم تحتضن الجميع وتسهر على راحة الجميع وبالتالي توجه الرجال وتواسيهم فعملوا لها المنحوتات والتماثيل أخرجتها الاكتشافات الاركيولوجية بأبهى صورها كامرأة حبلى ذات أثداء ممتلئة بشكل ملفت وورك ضخم كبير ، دون تحديد ملامح الوجه .
ثم خرج الإنسان من كهفه ليستغل مواد الطبيعة القاسية نفسها لحمايته ، فشيّد الأكواخ من أخشاب الغابات ، وصنع الزوارق و العجلات . لقد سخّر الإنسان الطبيعة لصالحه فكان متوازنا ً معها ممتلكا ً قوتها مسخرا ً جبروتها لصالحه فتجاورت الأكواخ وشُيّدت القرى المسيجة . إن هذا الاستقرار ألموطني قاد إلى تعلم التدجين فالحيوان يتبع موطن الدفء والطعام فتعايشت الكلاب والخيول والدواجن مع الإنسان. وقاد الاستقرار إلى اكتشاف الزراعة ليدخل الإنسان في حقبته النيوليثية (العصر الحجري الحديث ) وبالتالي تحولت التجمعات القبلية الكهفية إلى عوائل مكونة من أب وأم وأطفال إذ لم تكن القبيلة مجموعة عوائل (وهذا خطأ وقع فيه الأغلب ) بل أن انحلال القبيلة الكهفية إلى تجمعات قروية قد فتتتها إلى عوائل ، لذلك ظهرت سطوة الرجل وتسيّده للموقف الحياتي وتحول المجتمع النيوليثي (العصر الحجري الحديث ) إلى مجتمع ذكوري ( بطريركي ) بعد أن كانت التجمعات القبلية الكهفية تجمعات امومية ( مطريركية ) أو ما يسمى بالمشاعة البدائية في العصر الباليوليثي (العصر الحجري القديم ) .
إن سيطرة الرجل على زمام الأمور ورغبته العاطفية في احتضان زوجه وأطفاله وتفتت التجمعات المشاعية أدى إلى تناحرات وصراعات بين العوائل انتهت إلى اتحادات قروية وُضِعَت على أساسها نصوص ٌ قانونية للالتزام بها وبناء السجون لزجّ من يخالف عقوبة ً لتجاوزه أو تخاذله ، وأسوار خارجية محكمة للدفاع عنها ضد الخطر الخارجي الذي يطمع بممتلكاتهم ومحاصيلهم .
وبالتالي فان مفهوم الوطن قد ظهر بظهور الوعي وتناميه وتشكّل التجمعات الإنسانية التي تجمعها أفعال من الماضي مشتركة تشكل تاريخها الوطني الذي تعتز به ، ولها ارض تحتضنها وتحميها وتقدم لها المحصول والخيرات لديمومة بقائها وتكاثرها ، ولها بالتالي مصالح مشتركة متجاوزين بذلك تقاطع الفلسفات التي يحملها أفراد هذا المجتمع إن اختلفت ، فالوعي الإنساني لا حدود فلسفية له وبالتالي فلكل فرد أو جماعة فلسفتها و معتقدها وعقيدتها لكنها تشترك مع الآخرين بذلك المفهوم الكبير الذي يجمعهم جميعا ً هو مفهوم المواطنة . وأنا هنا وكما تلاحظون لم أتطرق إلى اللغة فهي كالمعتقد تمثل فئة ما داخل المجتمع وبالتالي فكل مجتمع يحوي على عدد من اللغات حسب ظرف وجغرافية التجمع الصغير داخل المجتمع المتوسع هذا بسبب من اتساع رقعة الأرض لكن تأثيرها الفلسفي اقل وطأة من تأثير المعتقد بكثير لذا لا تأثير ملموس لها في الخلافات الفلسفية آنفة الذكر لكنها سلاح ٌ قوي وفتاك يستعمله الغازي الخارجي ( تحديدا ً ) في طمس هوية شعب ما لهذا فالسيطرة الاستعمارية لنظام ما على مجتمع ما يبدأ بتغيير لغته وبالتالي محو هويته ومسخه وتهرئته وتشتيته كما حصل في فرنسة الجزائر ( الاحتلال الفرنسي للجزائر من 5 يوليو 1830 ـ 5 يوليو 1962 ) حيث أصدرت فرنسا في 8 مايو 1936 قرارا ً باعتبار اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر ، ويأتي هذا القانون في سلسلة قوانين سنّها الاحتلال الفرنسي لمحاربة اللغتين العربية والأمازيغية ، وبالتالي محاولة درس هوية المجتمع الجزائري وجعل اللغة الوحيدة للبلاد هي اللغة الفرنسية ، وتحويل لغة الإدارة والحكم إلى اللغة الفرنسية أيضا ً .
لهذا لا يمكن أن نستغني عن مقولة (لورنزو فالا ) العالم الايطالي (1406ـ 1457 ) حيث يقول:
( إن الشعوب المستَعبَدة تتخلص من نير الأسلحة بسهولة أكثر من تخلصها من نير اللغة ! )
وبالنتيجة نستنتج أن ( المواطنة ) هي الدافع النفسي الواعي والمُدرًك لأفراد من البشر (تحديدا ً) جمعهم ولم تزل تجمعهم صلات التاريخ المشترك والأرض المشتركة والمصالح المشتركة وبالتالي الدفاع المشترك في درء خطر القوة الخارجية الغازية التي تحاول تفتيت هذا التجمع .
ونكون قد توصلنا إلى مفهوم الوطن فهو الأرض (الموجودة ماديا ً تحديدا ً) التي تجمع هؤلاء البشر حاملي الصفات المشتركة في التاريخ والأرض والمصالح المشتركة بعيدا ً عن أي معتقَد أو لغة .

......................................................................................




المصادر :
ــــــــــــــــ 1ـ المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية / د . محمد عمارة
2ـ الوعي ونشوء فلسفة الترميز ( بحث انثروبولوجي )/ جمان حلاّوي
3ـ موسوعة تاريخ الأديان ( ج 1 ) / فراس السوّاح




#جمان_حلاّوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم الكبرى في الديانات القديمة
- ردا ًعلى كتاب إحسان وفيق السامرائي ، وما جاء فيه
- مهرجان الفلم الوثائقي اللقطة الشجاعة
- كتاب التربية المسيحية
- لماذا الحوار المتمدن ؟
- ألطقسيّون
- قراءة جديدة لقصائد مليكة مزان
- مفهوم الدولة والنقابة ( عرض تاريخي )
- كراسي ( مشهد كوميدي )
- صناديق
- ماهيّة الايديولوجيا الدينية
- حدث ذات صباح في البصرة ( سيناريو فلم قصير )
- أغتصاب ( مسرحية )
- المجنون( مسرحية)
- صراع الأضداد والفن
- التحليل المادي للآيديولوجيا الدينية
- المفهوم الماركسي للدولة
- انتماءات لامنطقية
- الملامح الحقيقية للفكر الديني
- ثنيوية الذهنية والسلوك البشري


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمان حلاّوي - رأي ٌ في مفهوم الوطن والمواطنة