أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلوم هشام - منزلة الإنسان في الثقافة الحديثة من منظور مرسيا إلياد















المزيد.....

منزلة الإنسان في الثقافة الحديثة من منظور مرسيا إلياد


دلوم هشام

الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنه من الضروري في هذا السياق أن نقدم تعريف للثقافة ، و في هذا المقام نلجأ فكريا إلى " أندريه لالاند " الذي رأى أنه ننظر للثقافة بالرؤى التالية :
-;---;-- الثقافة بالمعنى الضيق: حيث هي تطور أو نتيجة لتطور بعض الملكات - ملكات الجسد أو ملكات العقل - ، و هذه الرؤية قريبة للناحية المادية .
-;---;-- الثقافة بالمعنى الواسع: هي ميزة شخص متعلم و كان قد طور بهذا التعلم ذوقه، حسه التقليدي و حكمه ، و يرى " لالاند " أن المعرفة هي شرط ضروري للثقافة ، لكنها ليست شرطها الكافي ؛ حيث يعتقد أننا نفكر بميزة العقل خصوصا عندما نلفظ كلمة ثقافة .
و يذهب " إبراهيم مدكور " في " معجمه الفلسفي " إلى اعتبار الثقافة تطلق على كل ما فيه استنارة للذهن و تهذيب للذوق ، و تنمية لملكة النقد و الحكم لدى الفرد أو في المجتمع ، و تشتمل على المعارف و المعتقدات و الفن و الأخلاق ، و جميع القدرات التي يسلم بها الفرد ، و لها طرقو نماذج علمية و فكرية و روحية ، و لكل جيل ثقافته التي استمدها من الماضي و أضاف إليها ما أضاف في الحاضر ، و هي عنوان المجتمعات البشرية .
و يذهب " جميل صليبا " في " معجمه الفلسفي " إلى النظر إلى الثقافة من معاني عديدة ، أهمها :
-;---;-- الثقافة بالمعنى الخاص : و هي تنمية بعض الملكات العقلية ، أو تسوية بعض الوظائف البدنية و منها تثقيف العقل ، تثقيف البدن ....
-;---;-- أما عن معناها العام : فهي ما يتصف به الرجل الحاذق المتعلم من ذوق، و حس انتقادي و حكم صحيح ، أو هي التربية التي أدت إلى إكسابه هذه الصفات ، و يرى أنه من شرط
الثقافة هي أن تؤدي إلى الملائمة بين الإنسان و الطبيعة ، و بينه و بين المجتمع ، و بينه و بين القيم الروحية و الإنسانية .
من التحليل النفسي للثقافة، إلى التركيب النفسي للثقافة، ومن الكشف عن الفروقات بين الثقافة والعلم، إلى الكشف عن الارتباط بين الثقافة والحضارة، وبعد مناقشات ومقاربات مستفيضة وناضجة لأفكار وتصورات حول الثقافة تنتمي لمدارس فكرية وفلسفية رأسمالية وماركسية، ينتهي ابن نبي إلى تعريف للثقافة يصفه بالشامل، ويحدده بصورة عملية كما يقول، وهو أنها تعني (مجموعة من الصفات الخلقية, والقيم الاجتماعية، التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه
وبهذا التعريف تصبح الثقافة كما يرى ابن نبي ذلك المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته، والمحيط الذي يعكس حضارة معينة، ويتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر، ويعتبر ابن نبي أن هذا التعريف، يضم بين دفتيه فلسفة الإنسان, وفلسفة الجماعة، أي مقومات الإنسان، ومقومات المجتمع .
و بعد هذا التقديم للثقافة نحاول أن نقف عن واقع الثقافة الحديثة ، و منه نبرز مكانة الإنسان فيها و إننا في هذه اللحظات محظوظين ؛ لأننا بصدد معايشة هذا البحث ؛ و لأننا قبل أن نكون باحثين فنحن نتأثر بهذه الثقافة ، لذا فهذه اللحظات معاشة أكثر منها تأريخ لهذه الحقبة الزمنية ، و لربما في هذا المقام لا نجد عبارات تعبر عن واقعنا الثقافي مثل عبارات" ميشال مسلان" الذي رأى و هو يعرض أفكاره حول الانبعاث الأسطوري المعاصر ، إذ أورد أن السينما و عصر الصورة كوحدة أساسية لثقافتنا الحديثة ، جعلت الإنسان الحديث واقع في كينونة ثقافة الاستهلاك التي تتميز بتوجه فردي للإنسان ، و مع مناشدة الإنسان الحديث و توقه للسعادة ، فإن الثقافة التي تكفلت له ببناء مشروع السعادة في رواق منزوع القداسة ، حيث تقذفه دون توقف في مستقبل خالي من أي وعد أخروي ، حيث لا شيء يؤيد رغبته في القرار ، و في ظل هذا الوضع المقرف الذي وصفه " ميشال مسلان " بهذه الصفة ، فلم يبقى للإنسان إلا الموت كمنقذ له من هذا الوضع المتعفن ، و ذكر " ميشال مسلان " إلى أنه لا يوّلد بهذا الوصف التشاؤم ، و لا يلوم وسائل الإعلام ؛ كون الواقع الحديث مقّدم للإنسان كيّ يستغله كما شاء ، إيجابا أو سلبا .
إن هذه القراءة للواقع الثقافي الحديث ، تؤدي بنا إلى البحث عن سبيل لاكتشاف منزلة الإنسان في الواقع الثقافي الحديث ، و هنا نشير إلى أن الإنسان الحديث من الناحية السياسية يمثله في أغلب دول العالم نواب منتخبون ، و لعل هذا ما يبرر لنا إبراز مكانة الإنسان في الثقافة الحديثة انطلاقا من النخبة الفكرية التي عبرت عن انشغالاته ، و سنحاول أخذ أبرز الأسماء التي تحدثت عن منزلة الإنسان و تموقعه في الواقع الثقافي و حتى السسيوثقافي الحديث .
و لعل البداية تكون مع " زكرياء إبراهيم " في كتابه " مشكلة الإنسان " الذي اعتبر أن حضارتنا الراهنة تميل إلى اعتبار الإنسان مجرد حزمة من الوظائف ، و يصف هذا العصر بعصر الآلة ، فكل نظرة ثقافية تنساق وراء هذه الآلية المسيطرة ، و لهذا فهو يرى أن الإنسان قد أصبح في نظر نفسه و في نظر الآخرين مجرد ظاهرة خارجية ، يمكن قياسها و معاينتها و إصلاحها و التحكم في سيرها و انطلاقا من هذا الطرح تساءل " زكرياء إبراهيم " : أنه كيف يكون للبعد الداخلي أي وزن بالنسبة للإنسان الحديث ، في ظل نظرة المجتمع للفرد بوصفه مجموعة من الوظائف الحيوية والنفسية و الاجتماعية .
و لو توجهنا إلى " إريك فروم في كتابه الموسوم بـ " الإنسان بين الجوهر و المظهر " فإنه يصف المرحلة التي يعيشها الإنسان اليوم ، أشبه بالمرحلة الانتقالية ، و يصف وضع الإنسان الحديث في واقعه السسيوثقافي بأنه بين الإيديولوجيات المخدرة ، و يصف الإنسان الذي آمن بالوعد العظيم المتمثل في السيادة على الطبيعة ، بأنه مخدوع ، و كذا وعده بتحقيق السعادة و الحرية الشخصية غير المحدودة، لكن انقلبت الأمور ؛ لما تم إحلال الطاقة النووية محل طاقة الإنسان و الحيوان ، و من ثم إحلال الحاسبات الإلكترونية محل المخ البشري ، هذا ما أدى إلى سيادة ثقافة الاستهلاك .
إنها أكبر خدعة آمن بها الإنسان الحديث داخل نسقه السسيوثقافي ، لرّبما هذا ما أراد قوله " إريك فروم " ، واصفا أن الوعد كان مجرد وعد ، لهذا فهو يرى أن إشباع كل ما يعني الإنسان من رغبات بغير قيود ، لا يوصل لحياة طيبة ، و ليس هو السبيل إلى السعادة و لا حتى إلى المتعة القصوى ، إن حلمنا بأن نكُون السادة الأحرار لواقعنا قد أفل و انتهى ، و ظهر ذالك عندما فسرنا الحلم الذي رأيناه في واقعنا ، و المتمثل في أننا قد أصبحنا مجرد تروس في الآلة البيروقراطية ، و أن الصناعة والحكومة و أجهزتها الإعلامية ، هي التي تشكل مشاعرنا و أفكارنا و حتى أذواقنا و تتلاعب بها كما تريد ، إنه كابوس و لم يكن حلم ، هذا الذي أراد " إيريك فروم " التعبير عنه .
و توصل " ألان تورين في كتابه الموسوم بـ "براديغما جديدة لفهم عالم اليوم " إلى أن العالم المسمى " اجتماعيا " انهار و زال ، و لا يفاجئنا ذالك طالما أن الملاين من الناس يعبرون على عن أسفهم لانقطاع الروابط الاجتماعية ، و انتصار فردانية مفككة ، و لهذا فقد اجتاحتنا قوى لا إجتمعاية : هي قوى المنفعة و العنف و الخوف ، و يرى أنه ما يزيد الطين بلّة ، و ما زاد من حدّة هذا الاضطراب و القلق : هو ضياع معالمنا المعهودة ، و برؤية تحليلية يواصل " ألان تورين " الحديث عن الإنسان داخل نسقه السسيوثقافي الحديث ، معتبرا أن التنشئة الاجتماعية اتجهت نحو التقهقر ، أي أفول الاجتماعي على حد تعبيره ، و تغلغل بذالك العنف بألف شكل و شكل في كل مكان ، مطيحا بكل المعايير و القيم الاجتماعية ، و بنبرة حزينة يورد " ألان تورين ": أن الثقافة الحديثة جعلت الإنسان لم يعد مؤمن بالتطور ، و إنما يؤمن بالقلق حيال تفكك المدن و المناطق الريفية بفعل العنف الاجتماعي ، إن الإنسان الحديث أصبح يعيش غيبوبة لا واعية هكذا أراد السوسيولوجي الفرنسي توضيحه و إيصاله إلى مسامعنا .
و بنبرة تفاؤلية لمسناها و نحن نقلب صفحات معجم مصطلحات الثقافة و المجتمع و الموسوم بـ" مفاتيح اصطلاحية جديدة " و هو عمل جماعي ترأسه " رايموند وليامز " و هو ناقد و مفكر إنجليزي عاش بين" 1921 و 1988 "، و الشيء الجميل الذي يميز هذا المعجم أنه جمع بين رواد مختلفين من شتى أرجاء العالم نحو : " طوني بينيت " و هو أستاذ و عالم اجتماع في الجامعة المفتوحة في أستراليا ، و كذالك " لورانس غروسبيرغ " و هو أستاذ دراسات الاتصال في جامعة كارولينا الشمالية ، و كذالك " ميغان موريس " و هو أستاذ كرسي الدراسات الثقافية في مركز " كوان فونغ " بجامعة " لنغنان " .
و بالعودة إلى المضامين التي جاءت في هذا المعجم، نجد أن الثقافة في نظرهم أصبحت وسيلة تحقيق رفاهية البشر و أصبحت ذات أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان، كيف لا ؟ و هي تطوره في عصر يفرض حداثة معينة ، و قد تتبع مؤلفي هذا المعجم توجهات الثقافة ، خاصة الحديثة منها و شكل هذا المعجم منبر إعلامي لتقديم رواد تحدثوا عن واقع الثقافة الحديثة وواقع الإنسان في هذه الثقافة ، و مما في جاء في هذا الصدد ، أن الحقيقة الحديثة فوضت الثقافة إلى أن تكون هي أفضل ما عرف و ما قيل ، و كان لها دور في تفعيل حياة الناس استهلاكيا و أكاديميا ، و أصبحت عنوان حياة الإنسان الحديث .
و يصف " فراس السواح " في مؤلفه " دين الإنسان " وضع الإنسان الحديث في أروقة الثقافة الحديثة المنتشرة ، بأن هذا الإنسان وصل إلى أقصى دراجات الفردية و العزلة التي تقطعه عن بقية البشر و عن الطبيعة ، و يرى بأن الإنسان هو محتاج إلى العمل على إقامة توازن دقيق بين وعي صحوته و وعي غيبه ، و هذا من أجل أمر مهم نبه إليه " فراس السواح " و هو : تحقيق استقلال كافي يساعده على التعامل بكفاية مع محيطه و بيئته و تنمية تقنياته المختلفة ؛ و هذا من أجل هدف حدده " فراس السواح " و هو : أن يحافظ الإنسان على حالة توازنه النفسي و الروحي مع الكون .
و بالعودة إلى " مرسيا إلياد " فإن الثقافة الحديثة في نظره ولّدت إنسانا لا دينينا ، و هو بذالك يضطلع بوضع وجودي جديد ، رافضا فيه أي نداء يصدر عن التعالي ، و هو بذالك يرفض أي نموذج عن الإنسانية خارج شرط الوجود الإنساني ، و بذالك صوّر المقدس على أنّه العقبة الأولى التي تقف أمام حريته ، و هو لا يعتبر نفسه إنسانا إلا إذا حرر ذاته جذريا من أسر الخرافة و الزيف ، و إنه لن يصبح حرا إلا عندما يقتل أخر إله ؟؟؟ ، و يصف " مرسيا إلياد " هذا الوضع بأنه نتيجة سلخ القداسة عن عالم الوجود الإنساني ، و رغم هذا يرى " مرسيا إلياد " بأن هناك بصيص أمل تمثله بعض السلوكيات الدينية التي تصدر عن هذا الإنسان الوليد من ثقافة الانسلاخ عن القداسة ،و هو الإنسان اللاّديني ، فقد توصل " مرسيا إلياد " أن هناك سلوكيات ما زالت تصدر عنه تتجلى في البهجة التي تصحب السنة الجديدة ، و الزواج ، اكتساب وظيفة جديدة ....، و مثل ذالك في الأفلام الحديثة و التي تتناول مسألة الخير و الشر و البطل و الوحش، و كلها مفاهيم صاغها الإنسان الديني القديم .



#دلوم_هشام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكمة الفلسفية لمرسيا إلياد


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلوم هشام - منزلة الإنسان في الثقافة الحديثة من منظور مرسيا إلياد