أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - لعبة الاسياد والعبيد















المزيد.....

لعبة الاسياد والعبيد


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 21:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سيداً انا بإرادتي وعبداً انت بإرادتي. مازق
لا مخرج منه. ستبقى دمية، بقائك وفنائك
تحركها اناملي. انت لست انت، ما دمت انا
الأقوى. فالأرض وما عليها ملكا لي. أنا من
يرسم قدرك، انها مشيئتي.



عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية تشكل مجلس الامن الدولي، فيه خمس دول يؤلفون الأعضاء الدائمة العضوية في المجلس وهم: الولايات المتحدة الامريكية، وفرنسا، وبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، والصين، والاتحاد الروسي -حاليا-. هذه الدول تمثل القوى الأعظم في العالم، المحتكرة له والمهيمنة عليه في معظم مجالات المعرفة، والاقتصاد والسياسة الخ.... يشكلون دول مركز في دائرة المكون العالمي، يلي دائرة المركز في الأهمية، دول أقرب الى الحضور المعرفي، والتطور التقني، والعلمي، وصيانة الحريات الفردية، وحقوق الانسان لدول المركز من دول دائرة المحيط التي تشكل اغلبية سكان العالم.
دول المركز تتقاسم العالم، بينها تفاهم متبادل شبه دائم، ومناطق نفوذ متفق عليها. دول المحيط تتقاسم الهموم بينها صراع دائم اما محلي او إقليمي. فيها السلطة تسعى للحفاظ على مكانتها. الدول العظمي تتضامن مع زعماء دول المحيط او مع شعوبها حسب مصالحها. يهمها دائما عدم استقرارها، فلو تم فلن يتم الا لبعض حين. فتسعى لهدمها بكل الوسائل المتاحة.
دول المحيط - دول نامية - رسم الاستعمار حدود وهمية لها، ونصب عليها زعماء. كلاهما - الزعماء والحدود - يخضعان للتغير حسب ظروف العرض والطلب العالمي النفعي لمصلحة دول المركز. دول يبتليها الجهل والامية، والفقر والمرض، والبطالة، والفساد العام. وتنعدم فيها الحريات، وترتبط بدول المحور كمستودع ثروات، وسوق واسعة لاستهلاك منتجاته. تكثر فيها الايدي العاملة الرخيصة، فتستغلها الشركات الضخمة العابرة للقارات. فيها يلهث الفرد ليصارع من اجل بقائه والحصول على وظيفة، وسكن، وشريك حياة، وعدالة، ومساواة، وعلاج صحي الخ...
دول المحيط تنقصها الخطط التنموية، والابداع، والابتكار، ويتسلط عليها مفهوم الخضوع للحاكم ولرجال دين، يزرعون في عقله منذ صغره تفوقه الديني التقليدي على كل المكونات الدينية في العالم. بذلك يغيبون بقصد وبدون قصد روح العصر- القرن الحادي والعشرون- من مبدئيين مهمين: أولهما. " ان النخب الثقافية، مفكري الامة هم أساس، وسياج البناء الحضاري للوطن"، وثانيهما: “أن الدين جاء لكل زمان ومكان ليملئ الانسان بالروحانيات ". بذلك تفقد شعوبها جوهر سعادتها، لتسقط في اتون الجوع، والعري، والمرض، والعوز الخ... والاستثناء الوحيد الذي يتمكن من العيش ببحبوحة هم اقلية من أصحاب رؤوس الأموال وحاشية الزعم وزمره من الاحزاب. كما تزداد في هذه الدول سنويا ديونها، يضاف اليها فوائد الأموال المقترضة من بنوك دول المركز. لتقع فريسة بيد دول المركز، ولحساناته ليتكرم، ويعطف على رعاياها ويقدم لهم معونات، ومساعدات تحت مسمى انساني بشكل مستمر، ودائم.
العالم، لعبة اسياد وعبيد. اللعبة، ليست مباراة ودية عالمية بين فرق تتسابق فيها الدول لإحراز المرتبة الأولى في القيم، والأخلاق، والعلاقات الإنسانية. بل صراع مرير طاحن يتخطى كل القيم البشرية ويدوسها من اجل اخضاع الدول واستعبادها، وإذلالها، والسيطرة عليها بطرق شتى بدأ من اللين الناعم البناء، وانتهاء بالقسوة الخشنة المدمرة، وتقسيمها ان دعت الضرورة لذلك. لعبة الاسياد والعبيد، لعبة الأقوياء ضد الضعفاء، ليصبحوا فيها تابعين بيد حفنة من الدول التي تتحكم في العالم. انها لعبة الانسان منذ فجر التاريخ. من سماتها الانتقال وليس الثبات، والدليل سقوط حضارات، وامبراطوريات، وممالك وعروش. انها لعبة بقاء الجنس البشري شئنا او ابينا، رضينا او رفضنا، فاللعبة قائمة مستمرة لانهاية لها.
الصراعات، والحروب التي جرت في الماضي، وتجري في الحاضر، وستجري في المستقبل سببها الاقتصاد - راس المال وحركته – فعلينا ان لا ننخدع بالأباطيل التي تروج على انها حروب عرقية، او دينية الخ... هي حروب وصراع للاحتكار وللسيطرة على موارد الدول الضعيفة وتقاسمها بين الدول القوية ومن يدور في فلكها، خاصة في عالم اليوم تلك التي لها عضوية دائمة في مجلس الامن. فهي التي تسير العالم وتتقاسمه، وتوزعه، وترسم حدوده بتوافق بينها، واتفاق على إدارة شئونه. مهما تصاعدت حدة التوتر بينها فإنها لن تتقاتل، فهناك حكام، ودول، وشعوب، وجنود - مرتزقة - متوفرون ينتشرون في كل بقاع الأرض يقومون بهذه المهام نيابة عنها، يمكن نقلهم بسهولة للقيام بما يخططون، ويوفرون لهم المال والسلاح والدعم اللوجستي، والسياسي، حنى في مجلس الامن أيضا، للتغطية على جرائمهم.
الدول التي تعيش هذه العبودية العالمية قليلا ما تشعر بها، لأنها غير مثقفة، ومخدرة وفق اجندة خارجية، وداخلية صارمة محكمة، تخضع لحكام مسيرون من دول المركز، ولفكر عالمي ومحلى متزمت صلب ثابت اجتماعيا، وتربويا، وثقافيا، ودينيا الخ... لا يعير اهمية للحريات. اي نهضة داخلها تدعوا للتغير تقمع بصرامة، بمنهجية خبيثة على انها ضد ثقافة المجتمع بكل عناصره. وضد كل من يقوم على ادارته، معززة من قبل السادة في حال أرادوا بقائهم، او عزلهم في حال التخلص منهم. لذلك تميل هذه الدول الى المحافظة على تقاليد الماضي. شعوبها دائما أقرب الى الجهل والامية من غيرها، على الرغم من توفير سبل الحياة ذات التقنية العالية، مقابل عدم توفر الثقافة التي أدت الى الوصول لهذه التقنية. مما يؤدي الى وجود فروق طبقية وبطالة متصاعدة وانعدام الخطط التنموية، وارتفاع صاروخي في المواليد.
ضمن هذا الزخم العالمي يقع عالمنا العربي في قلب دول المحيط، التي لا يملك أحدا فيها استقلال القرار في خوض لعبة الاسياد والعبيد. دول فيها يعد الانسان نفر، رقم على هذه الرقعة من الأرض مسلوب الإرادة. ما يزيد الأمور سوأ هو اخضاع الزعماء لشعوبهم وممارسة ضغوطهم عليهم بكل الوسائل المتاحة على معظم مظاهر حياتهم. فتتولد صراعات تتوهج قوة واشتعالا، فلا تلبث ان تخمد بسرعة لتعود الى المربع الأول... لماذا لم يكتب لها النجاح؟ لأنها لا تقوم على مبادئ ثورية، وأسس فكرية صحيحة، لان شغلها الشاعل هو تغير النظام وليس تغير حياة المواطنين. هذا النمط من الحياة يفقد فيها المرء بصيرته لفترة، ليعاود من جديد صراعه من اجل البقاء. صراع يتلوه صراع. صراع مستمر، معركة لا تتوقف فلا نهاية لها اقلها لعقود قادمة. الى ان تتحقق تطلعات الشعوب المقهورة في سعيها للظفر بالحريات وبناء مجتمع علماني.
لعبة الاسياد والعبيد، لعبة اقتصاد عالمي، كوكب الأرض مساحتها، اليابسة والماء والسماء رقعتها، ثروات الأرض النفيسة وجغرافيتها هدفها، التنقل عبر ألام الشعوب سياستها، تقسيم العالم الى طوائف، واديان، واعراق، وطبقات استراتيجيتها. يمتلكون قوة المعرفة، وراس المال، وترفيه شعوبهم والاعلام العالمي. يتمتعون بحرية مطلقة في تسخير كل من هم دونهم لمصلحتهم، وتقسيمهم البشر الى أعراق، وطوائف، ومجموعات. يستثمرون في تعين، وحماية قادة هنا وهناك ليكونوا اتباع ومناصرين لهم لتحقق أهدافهم المرسومة. هذه القوة تجمع الاضداد، بواسطتها تُحكِم سيطرتها بالقول بالفعل وبالعمل. فيها يأنس الالحاد بالأيمان، ويمتزج التسامح بالانتقام. ويعانق الحب الكراهية، ويذوب العطاء بالسرقة، ويبتسم الكذب للصدق، وتغمر الشعوب بإنسانية مبالغة تتشح بالأحقاد. اما نحن العرب فسنبقى مخدوعين، مضللين، هم يصنعون السلاح والحروب، وهم من يحدد نهايتها واوقاتها ويضعون الحلول السلمية والقرارات والمعاهدات بين الدول المتنازعة. وهم يعملون على تطبيقها، او المماطلة بها، او التغاضي عنها.
الكرة الأرضية تتسع لكل شعوب الأرض، لكن استيعابهم قائم على مدى تبعيتهم للقوى العظمى. فكل ما تقوم به الشعوب من نضالات في معظمه ما هو الا تطلعات المقهورين الباحثين عن حريتهم في نفق الظلم الإنساني. بعض من أولئك ستحركهم قوى محلية وخارجية بما يتناسب ومصالحها لإفساد مشاريعهم الثورية، كي تبقى فيها امنيات المواطنين "امنيات مواطن خائب"، يحمل مصيره لمستقبل مجهول. فمنذ ظهرت الحياة على الارض، يسير البشر على هذا الإيقاع الثابت، على هذه الوتيرة ينتقلون من حرب لأخرى. التاريخ البشري شاهد على هذه الدراما المتكررة عبر الزمن، شاهد على هبوط وصعود الحضارات. الحضارة مثلها مثل الانسان تمر بمراحل الطفولة، يتبعها المراهقة، ثم الشباب ومهما عمرت لا بد ان تشيخ، وتذوى وتموت وتدخل متحف التاريخ. الحضارة تنتقل من مكان لأخر، وليست ملكا ابديا لاحد.
دول المحيط لا تملك حق اختيار مصيرها كما تريد، بل كما تريدها، وتراها، وتخطط لها دول المركز فالاستقلال الوطني لن يتحقق ما دامت الانقسامات تبارك من قبل دول المركز، واستقرارها يكمن بالتبعية الشبه كاملة لها. سيبقى السؤال الخالد، الوجودي، المُلح، المهم، الذي ستستمر الأجيال العربية الحالية، والقادمة في طرحه، متى سنبنى حضارة حديثة؟ حضارة تربط الاصالة بالحداثة، وتسعى لإيجاد مكان لها تحت الشمس. بديلا عن حضارة تحتضر تعيش في قسم الإنعاش العالمي، تعيش في الماضي.
سيستمر المسلسل اللاإنساني في دهائه وخبثه لا يردعه واعز أخلاقي، او ضمير. واضعا المصلحة الذاتية فوق كل اعتبار انساني، فوق جراح الإنسانية المعذبة. انه عالم الشيطان. عالم يحركه بضع افراد يسيطرون على الاقتصاد العالمي وراس المال. من واجب الفلاسفة، وعلماء الاجتماع والنفس والسياسة الخ... تفسير العالم على أسس علمية صحيحة، ووضع حلول إنسانية له تكفل لجميع البشر السعادة، والسلم العالميين، والعمل على تطبيقها.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرر عقلك
- أعراف المجتمع تقيد المرأة
- الفساد لا يبني وطن
- كافر انت!؟
- استقلال العقل ضرورة حضارية
- دين وأخلاق
- العلمانية حل للإنسانية المفقودة
- حوار المواطنة أهم من حوار الأديان
- خطاب ديني وطني وَحْدَويّ
- أخي العربي.. مثلك أنا
- الإنسان صناعة الإنسان
- الله والعقل واستمرار والوجود
- النقد بابٌ للحريات وللتقدم
- متدين، أم مؤمن؟!
- الإعلام المرئي يحرض على الإرهاب
- ماذا بعد ضرب داعش؟
- داعش والأبجدية
- مسلمون ومسيحيون معا
- ما هذا الوطن؟؟؟
- مهزلة فكر وثقافة


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - لعبة الاسياد والعبيد