أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - لماذا أتت روسيا إلى سورية؟















المزيد.....

لماذا أتت روسيا إلى سورية؟


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 1950، وقبل عبدالناصر وشرائه السلاح من المعسكر الشرقي بخمس سنوات، دعا وزير الاقتصاد السوري معروف الدواليبي إلى عقد «معاهدة تعاون مع السوفيات» وشراء السلاح من موسكو كرد على الإنحياز الغربي لإسرائيل. كان الدواليبي من زعماء «حزب الشعب» وقريباً من «جماعة الإخوان المسلمين». وصفته الصحافة الأميركية آنذاك بأنه «أكبر زعيم عربي معادٍ للأميركيين». أطلق عليه لقب «الشيخ الأحمر». كانت إطاحة العقيد أديب الشيشكلي بحكومة رئيس الوزراء الدواليبي في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1951 على خلفية ما كشفته الوثائق الأميركية لاحقاً (انظر مقال دوغلاس ليتل: «الولايات المتحدة وسورية 1945-1958»، عدد شتاء 1990 من «ميدل إيست جورنال») من تأييد الشيشكلي السري لمشروع (قيادة الشرق الأوسط - MECOM-13 تشرين الأول/ أكتوبر1951) قدمه الرباعي: الولايات المتحدة - بريطانيا - فرنسا - تركيا، وعداء الدواليبي لهذا المشروع. أيضاً، قبل عبدالناصر بستة أشهر، وصلت دبابات «ت 54» إلى الجيش السوري في آذار (مارس) 1955 في الشهر الذي أعلنت موسكو حمايتها لدمشق في وجه تحشدات تركية - عراقية للضغط من أجل انضمام سورية إلى «حلف بغداد». وفي الخمسينات بنيت مصفاة حمص بمساعدة سوفياتية - تشيكوسلوفاكية وفي الستينات بدأ السوفيات في بناء سد الفرات. وعلى رغم الخلاف السوري - السوفياتي بسبب الدخول السوري العسكري إلى لبنان عام 1976 إلا أن دمشق لم تدر ظهرها لموسكو لمصلحة واشنطن التي أيدت العملية السورية في لبنان، بل رأينا معاهدة سوفياتية - سورية عام 1980 ثم تم تزويد دمشق أسلحة سوفياتية نوعية بعد قليل من حرب صيف 1982 في لبنان، في عهد يوري أندروبوف، كما أن التقارب الأميركي – السوري في مرحلة ما بعد غزو العراق للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990 لم يؤد إلى انفراط العلاقة مع موسكو التي دخلت مرحلة التفكك السوفياتي عام 1991 بل استمرت العلاقة مع الوريث: روسيا الاتحادية.
في عصر القطب الواحد الأميركي للعالم حصلت أول مجابهة روسية – أميركية بسبب دمشق في 4 تشرين الأول 2011 في مجلس الأمن الدولي حين استخدمت موسكو الفيتو للمرة الأولى في مرحلة ما بعد هزيمتها في الحرب الباردة (1947-1989). لم تفعل موسكو هذا ضد واشنطن في القرارات الدولية الخاصة بعراق 1990-1991 ولا ضد عقوبات مجلس الأمن على ايران (2006- 2010) ولا ضد العملية الخاصة بحلف الأطلسي ضد ليبيا عام2011، كما أن الكرملين تفادى المجابهة مع البيت الأبيض في أزمة كوسوفو - 1999 وفي غزو العراق - 2003: كانت الأزمة السورية مناسبة من أجل أن ترمي موسكو القفاز الحديد في وجه «القطب الواحد للعالم».
وأثناء زيارة وفد من «هيئة التنسيق» موسكو في نيسان (أبريل) 2012 أجاب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أسباب فيتو 4 تشرين الأول ثم فيتو 4 شباط (فبراير) 2012 بالتالي: «نحن ندافع عن موسكو في دمشق». قبل شهرين وفي مساء 4 شباط 2012، جمعتني سهرة مع الدكتور قدري جميل في بيته في مشروع دمر، استطعت من خلال عبارة قالها: «ستتكسر الموجة الإسلامية في دمشق» أن أفسر كلام لافروف بعد شهرين.
من بين مجموع سكان الاتحاد الروسي هناك 15 في المئة من المسلمين السنّة بينهم شيشان متمردون على موسكو منذ التسعينات كما يوجد خمس جمهوريات إسلامية سوفياتية سابقة متاخمة لروسيا. يبدو أن تقدير الكرملين في عامي 2011-2012، وبعد أن سيطرت «الأصولية الإسلامية الإخوانية» على الشارع وشاركت في السلطة أو تولتها في تونس والقاهرة وصنعاء وطرابلس الغرب، أن الانعكاسات ستكون في الداخل الروسي، أو على التخوم، وبإرادة أميركية وبإدارة تركية، إن امتد ذلك الى دمشق.
لذلك قام الروس بالمساعدة الفاعلة من أجل أن «تتكسر الموجة الإسلامية «عبر المنصة السورية. لم يكن هذا ممكن النجاح لولا تخلي واشنطن عن الإسلاميين بعد (11 أيلول / سبتمبر جديدة) ليست في نيويورك 2001 بل في بنغازي 2012 حين قام إسلاميون، أصعدهم الأميركيون للسلطة وساعدوهم في إطاحة القذافي، بقتل السفير الأميركي في ليبيا.
تمت ترجمة 11 أيلول الليبية بعد ثمانية أشهر في الكرملين في 7 أيار (مايو) لما تمت تولية أميركية للروس في الملف السوري، وتم نزع الملف من يد الأتراك. حصلت ترجمة فورية لذلك في دوحة 25 حزيران (يونيو) مع تنحي الأمير واستقالة وزير خارجيته ثم مع إطاحة حكم «الإخوان» في القاهرة بعد ثمانية أيام من الحدث القطري. كانت هذه الحركة الروسية في سورية هجومية من أجل الدفاع الوقائي في الخارج منعاً من ارتداد زلزال خارجي بتوابع على الداخل الروسي أو تخومه.
في المقابل كان هذا مثل الحركة المتعددة الأبعاد: ارجاع موسكو لاعباً دولياً في عالم ما بعد 1989. تثبيت وجود الروس في شرق المتوسط، وهو ما ترافق مع حصول موسكو على استثمارات في حقول غاز إسرائيلية وقبرصية. منع إمكانية مرور الغاز القطري عبر سورية أو الايراني عبر العراق - سورية كبديلين عن الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي. تطويق تركيا من الجنوب وهي التي كانت هاجساً لموسكو في آسيا الوسطى السوفياتية السابقة في عالم لغوي - ثقافي تركي يمتد من باكو إلى الشمال الغربي للصين، هذا إذا لم تذكر الحروب العثمانية مع القياصرة الروس.
ليست هناك، في هذا الصدد، عوامل عاطفية عند الروس بل عندهم استمرارية في الرؤية الستالينية للسياسة الخارجية بوصفها مجبولة بـ «توازن القوى»: على الأرجح لم يأتوا إلى سورية بحكم وجود مئة ألف سوري ولدوا من زواجات سورية - روسية، ولا بحكم التعلق بـ «أقليات» ضد «أكثرية»، ولا بحكم التوق إلى بلد يضم عشرات آلاف الخريجين المدنيين والعسكريين من الجامعات والأكاديميات السوفياتية والروسية. ليست هذه أسباب لرسم سياسة واستراتيجية عند الكرملين ديبلوماسياً وعسكرياً، رغم كون العوامل المذكورة يمكن أن تكون مساعدة في تحقيق الأهداف المرسومة، خصوصاً في بلد مثل سورية هو من أكثر البلاد العربية التي ما زال لليساريين فيها نفوذ تنظيمي - سياسي - ثقافي، بخلاف بلدان عربية تلاشى فيها نفوذ اليساريين بعد أن كان طاغياً كما في عراق 1958-1963.
في المجمل، لم يكن فلاديمير بوتين لينجح لو كانت هناك ممانعة عند باراك أوباما: من هنا التوق الروسي إلى إنجاح (جنيف -3) قبل مجيء رئيس أميركي جديد يمكن أن يقلب الطاولة على الكرملين، سواء كان جمهورياً أم من الحزب الديموقراطي. وفي المقابل رغبة أوباما في أن يكلل (جنيف -3) بالنجاح قبل انتخابات الثلثاء الأول من تشرين الثاني 2016 ليكون هذا مصعداً لنجاح مرشح الحزب الديموقراطي ضد دونالد ترامب. ليست روسيا في سورية من دون موافقة أميركية منذ 30 أيلول 2015 وهي التي ولتها الملف السوري بدلاً من الأتراك منذ 7 أيار 2013. روسيا ليست دولة عظمى بل دولة كبرى بأدوار إقليمية، مثل فرنسا في الشمال الأفريقي أو في أفريقيا الفرنسية السابقة أو في ليبيا 2011، ولكن بموافقة أميركية.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسار الحركة الشيوعية العربية:محاولة للمراجعة
- - السوريون في الأزمة -
- نموذج الحزبي الشيوعي
- الماركسيون السوريون
- بناء السياسة بدلالة مركز خارجي
- صعود القوى الإقليمية يواكب انكفاء واشنطن عن الشرق الأوسط
- المنتصرون عام 1989... وتداعي قوة أفكارهم
- سطحية الإلحاد العربي الحديث والمعاصر
- فلاديمير بوتين وروسيا الجريحة
- نزعة الاستعانة بالخارج: عن «الجلبيين» العرب
- كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟
- أربعة أعوام من أداء المعارضة السورية
- لا خرائط جديدة
- فكر القتل
- الوظيفية السياسية للتيار الماركسي العربي
- هل من مستقبل للتيار الماركسي في العالم العربي؟
- وظيفية الفكر السياسي
- الانقسام التركي
- فراغ السلطة
- باراك أوباما إذ يدير ظهره للشرق الأوسط


المزيد.....




- -ما تفعله اختطاف-.. فيديو يُظهر شابة متشبثة بشجرة وملثمون يح ...
- غموض وتساؤلات حول تداعيات قرار الحد من صلاحيات القضاة في الو ...
- مصر.. تحرك من السيسي بعد مصرع -عاملات اليومية- بحادث تصادم م ...
- الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء أحياء في غزة، و81 قتيلاً خلال 2 ...
- صحيفة: جدّ رئيسة الاستخبارات البريطانية كان جاسوسا لألمانيا ...
- انقسام في الولايات المتحدة بشأن نجاعة الضربات الأمريكية ضد إ ...
- هل نضجت ظروف اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة؟
- مسؤول عسكري أميركي: لم نستخدم قنابل خارقة للتحصينات في أصفها ...
- ويتواصل تدهور أوضاع الشعب التونسي
- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - لماذا أتت روسيا إلى سورية؟