أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - بناء السياسة بدلالة مركز خارجي















المزيد.....

بناء السياسة بدلالة مركز خارجي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 5057 - 2016 / 1 / 27 - 08:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في الغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979 كان الحزب الشيوعي العراقي من أكثر الأحزاب الشيوعية حماساً في تأييد ما فعله الكرملين في كابول. عندما شكّل الحاكم الأميركي بول بريمر للعراق المحتل عام 2003 ما سمي بـ«مجلس الحكم» كان أمين عام الحزب الشيوعي العراقي أحد الأعضاء في ذلك المجلس.

كان الشيوعيون العراقيون نموذجاً في الحالتين لانتقال الكثير من الشيوعيين العرب، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، من مركب الكرملين إلى مركب البيت الأبيض. لم يكتف أمين عام الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد البياتي، وهو الذي كان خليفة عزيز محمد (عام 1993) الذي أيد السوفيات في غزوهم لأفغانستان، بذلك، بل كان مؤيداً وقابلاً لاحتلال بلاده من قبل الأميركي قبل أن يختار مقعداً خلفياً في باص الاحتلال الذي احتاج إلى غطاء محلي كان الشيوعيون، مع القوى الاسلامية الشيعية والحزب الاسلامي (الفرع العراقي لجماعة الاخوان المسلمين) وحزبي البرزاني والطالباني، من المتحمسين لتقديمه إلى المحتل الأميركي. لم يكتف حميد البياتي ببناء السياسة بدلالة مركز خارجي جديد، وهو كان قد فعل هذا منذ التحالف مع المتعاون العراقي مع الأميركيين وأجهزتهم، أي أحمد الجلبي (منذ النصف الأول من التسعينيات)، بل كان أيضاً في دور المتعاون مع المحتل مثل الماريشال بيتان مع المحتل الألماني لفرنسا ومثل سعد حداد وأنطوان لحد مع الاسرائيلي المحتل لجنوب لبنان.
هنا، لم يختلف البياتي عن سلفه: دشّن عزيز محمد تسلمه دفة قيادة الحزب الشيوعي العراقي عام 1964 عبر تبني وثيقة فرضها السوفيات على القيادة الشيوعية العراقية المجتمعة في براغ سميت بـ«وثيقة آب»، فيها خط جديد لحزب خارج من صدام دام مع العروبيين، من الناصريين والبعثيين وحركة القوميين العرب بدءاً من أحداث الموصل في آذار 1959 وصولاً إلى المجزرة التي ارتكبها البعثيون ضد آلاف الشيوعيين العراقيين عقب استيلائهم على السلطة عبر انقلاب 8 شباط 1963. فرض الكرملين تلك الوثيقة بعد زيارة خروتشوف للقاهرة في أيار 1964، التي تدعو لملاقاة حكم العروبيين في بغداد، بزعامة عبد السلام عارف المقرب من الرئيس عبد الناصر، من قبل الشيوعيين العراقيين على غرار ما فعل الشيوعيون المصريون الذين خرجوا من السجون إثر تلك الزيارة وقاموا بحل حزبهم من أجل الذوبان في «الاتحاد الاشتراكي».
كانت تلك الوثيقة سبباً لاضطراب داخلي تنظيمي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، كانت ذروته انشقاق «جماعة القيادة المركزية» في أيلول 1967، قبل أن يفرض الكرملين ثانية على الشيوعيين العراقيين ملاقاة الحكم الثاني للبعث بعد انقلاب 17-30 تموز 1968 في جبهة أُعلنت عام 1973 كانت مثل «الجبهة الوطنية التقدمية» التي ضغط السوفيات أيضاً على الشيوعيين السوريين عام 1972 للدخول فيها. ذلك كان بمثابة كأس الانتحار للحزبين الشيوعيين في بغداد ودمشق، فيما كانت «وثيقة آب» كأساً غير مميت ولكن مؤدٍّ إلى الاعتلال والفرقة.
صحيح أن الحزب الشيوعي العراقي لم يغير اسمه ولم يتخلَّ لفظياً وشكلياً عن الماركسية إلا أنه كان نموذجياً في إعطاء مثال لطريقة ونهج بناء السياسة على مركز خارجي جديد هو ليس فقط بديلاً من الكرملين بل هو البيت الأبيض، منافسه القديم.


كان الكثير من الشيوعيين العرب في تحولاتهم الإيديولوجية – السياسية في حالة انتقال من المركز السوفياتي القديم إلى المركز الجديد الذي راهنوا واستندوا عليه في بناء «الليبرالية الجديدة».
الأخيرة كانت بمثابة الرداء الجديد لهم في مراهناتهم على الدبابة الأميركية المحتلة لبغداد، لكي تكون في مهمتها المعلنة لـ«إعادة صياغة الشرق الأوسط» انطلاقاً من «البوابة البغدادية»، و«كاسحة» للأنظمة القائمة من أجل «الوصول لنظام ديموقراطي».
هذه النزعة لا تقتصر على الشيوعيين العرب: بعد صدامهم مع الرئيس عبد الناصر عام 1954 راهن «الاخوان المسلمون»، منذ بدء الخلاف السعودي - المصري عام 1957، على مركز خارجي استندوا إليه ضد الرئيس المصري، وهو الرياض. استند «الاخوان» في صدامهم مع السلطة السورية أثناء أحداث حزيران 1979 - شباط 1982 على مركز «بغداد - عمان» كجدار استناد، وفي تفسير آخر انطلقت عملية رسم السياسة بدلالته. أيضاً نجد هذه النزعة عند أقرب الأحزاب الاسلامية الشيعية للنموذج الإخواني، أي «حزب الدعوة» في العراق، لما مد خيوطاً مع شاه ايران ضد سلطة بغداد في الستينيات والسبعينيات ثم الخميني بعد وصوله إلى السلطة عام 1979 كجدار استنادي ضد صدام حسين في نزعة اختلط فيها العداء العنيف للسلطة القائمة في بغداد مع تبني «حزب الدعوة» لمبدأ «ولاية الفقيه». من أجل الدقة، في هذه الحالات الثلاث الأخيرة إذا استثنينا حالة «حزب الدعوة» مع الخميني، فإن الاستناد لمركز خارجي ولو كان يؤدي لبناء السياسات معه، وليس بدلالته كما في حالة عزيز محمد مع خروتشوف وبريجنيف، إلا أنه كان أقرب للضرورة وللمنفعة والحاجة السياسية ولم تكن عملية تختلط فيها «العقيدة» مع «السياسة»، وبالتالي لم تكن عملية بناء السياسة تتم بدلالة المركز الخارجي بل العملية مقتصرة على نوع من التنافع المتبادل، مثلما جرى في أفغانستان 1979-1989 بين واشنطن و«الاسلام الجهادي» قبل أن يجرى الطلاق في التسعينيات ثم يحصل الصدام في 11 سبتمبر 2001. كانت وضعية «الاخوان المسلمين» السوريين مع أردوغان عام 2011 أقرب لحالة الشيوعيين العراقيين مع الكرملين من قربها لحالتهم مع صدام حسين والملك حسين في فترة 1979-1982، وعلى الأرجح كان أردوغان يفكر تجاه رياض الشقفة آنذاك بطريقة تفكير طهران نفسها تجاه «حزب الدعوة» و«المجلس الأعلى للثورة الاسلامية» و«فيلق بدر» في فترة 2002 - 2003.
في هذه المرحلة الراهنة، هناك بعض اليساريين، من «الممانعين» أو من بعض المستمرين بماركسيتهم، من الذين ينظرون إلى بوتين وكأنه استمرار للينين وستالين وبريجنيف، وإلى الكرملين الحالي وكأنه استمرار لكرملين المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي. بغض النظر عن تكسر أوهام هذه النظرات في «فيينا1 و2» وفي القرار 2254 من حيث تجسيد هذه المحطات الثلاث لمدى التوافق الروسي - الأميركي، فإن تلك النظرات تعبّر عن نوستالجيا قديمة إلى «ماض معين»، وعن استمرار لنزعة قديمة لا يستطيع أصحابها حتى الآن الشفاء من نزعة بناء السياسة بدلالة مركز خارجي.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود القوى الإقليمية يواكب انكفاء واشنطن عن الشرق الأوسط
- المنتصرون عام 1989... وتداعي قوة أفكارهم
- سطحية الإلحاد العربي الحديث والمعاصر
- فلاديمير بوتين وروسيا الجريحة
- نزعة الاستعانة بالخارج: عن «الجلبيين» العرب
- كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟
- أربعة أعوام من أداء المعارضة السورية
- لا خرائط جديدة
- فكر القتل
- الوظيفية السياسية للتيار الماركسي العربي
- هل من مستقبل للتيار الماركسي في العالم العربي؟
- وظيفية الفكر السياسي
- الانقسام التركي
- فراغ السلطة
- باراك أوباما إذ يدير ظهره للشرق الأوسط
- الشيوعيون العرب في مرحلة مابعد السوفيات
- لماذا الإنخفاض في مستوى المعارضة السورية؟.....
- السياسة كشكل
- قوة النظام القديم
- اثنا عشر عاماً على غزو العراق: الكسوف العربي الجديد


المزيد.....




- استمعوا الى تسجيل سري بين ترامب ومايكل كوهين عرض في المحكمة ...
- ضجة تصريح اتحاد القبائل -فصيل بالقوات المسلحة-.. مصطفى بكري ...
- من اليوم.. دخول المقيمين في السعودية إلى -العاصمة المقدسة- ب ...
- مصر.. مصير هاتك عرض الرضيعة السودانية قبل أن يقتلها وما عقوب ...
- قصف إسرائيلي على دير البلح يودي بحياة 5 أشخاص
- مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين
- ذكرى التوسع شرقا ـ وزن الاتحاد الأوروبي في جيوسياسية العالم ...
- كييف تكشف تعداد القوات الأوكرانية المتبقية على الجبهة
- تقرير إسرائيلي: قطر تتوقع طلبا أمريكيا بطرد قادة -حماس- وهي ...
- مصدر عسكري: القوات الروسية قصفت مستودعا للطائرات الأوكرانية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - بناء السياسة بدلالة مركز خارجي