أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - في الحاجة إلى درس الأستاذ محمد عابد الجابري **














المزيد.....

في الحاجة إلى درس الأستاذ محمد عابد الجابري **


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 5152 - 2016 / 5 / 4 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وظف الأستاذ محمد عابد الجابري آلته المنهجية، من أجل بناء مقاربات سياسية كانت دائما تتجاوز زمنها، بكثير، و على الرغم من دفاعه المستميت عن مشروع الوحدة العربية، باعتباره الرهان المستقبلي المنشود، فإنه ظل دائما يحافظ على مسافة بينه و بين التجسيد الواقعي لهذا المشروع، لما يعتريه من ضعف و تضعضع، كان نتيجة مباشرة لغلبة الإيديولوجي على الفكري.
وعندما نقرأ، اليوم، على إيقاع الربيع العربي ما كتبه الأستاذ الجابري، منذ زمن، فإننا نفهم جيدا القيمة الفكرية لمشروع الأستاذ، هذا المشروع الذي تمتع بقدر كبير من الحدسintuition الابستملوجي الذي مكنه من امتلاك أدوات فكرية قادرة على سبر أغوار المستقبل العربي، و من ثم منحه القدرة على استشراف الآفاق السياسية الممكنة.
و من خلال قراءته العميقة للمشروع الفكري/ السياسي العربي الحديث، سواء من منظور سؤال النهضة أو من منظور سؤال الثورة، كان الأستاذ الجابري منشغلا، أكثر، بالآفاق المستقبلية لهذا المشروع، و هي آفاق كانت تبدو له سوداوية للغاية، و ذلك لأن الفكر العربي الحديث لم يستطع هضم الحداثة السياسية بعد، فهو ما يزال مرتبطا بالابستمي القديم للسلطة، في علاقة بالنموذج السلطاني القديم، و ذلك رغم التشكيلات السلفية و الليبرالية و الاشتراكية، لأن جميع هذه التشكيلات تسعى إلى ربط السلطة بالواحد المنفرد، سواء أكان فردا أم حزبا أم طائفة، بينما الابستمي الجديد الذي يتحكم في المفهوم الجديد للسلطة يربط ممارستها بالإرادة الشعبية التي يمثلها الشعب، بمختلف تشكلاته الإيديولوجية و الدينية و العرقية، فهو الذي يحكم نفسه عبر ممثليه الذين ينتخبهم بإرادته الحرة، و في إطار التداول السلمي على السلطة يمكن للشعب أن يختار من يمثله من بين مجموع الخيارات المتاحة له بشكل حر.
لما يعود الأستاذ الجابري إلى قراءة الخطاب العربي المعاصر، من منظور أن الخطاب تعبير عن الواقع العملي، يقف على حقيقة جوهرية مفادها أن الفكر السياسي العربي لم يلج بعد زمن الديمقراطية، و ذلك رغم انفتاحه المبكر على تجاربها العملية و التنظيرية، خلال عصر النهضة العربية، و كذلك رغم ادعائه، في مرحلة لاحقة، أن الديمقراطية السياسية لا تصلح للعالم العربي، باعتبار أن الشعب لم يصل بعد مرحلة النضج السياسي الذي يمكنه من المشاركة السياسية.
و لذلك، فإن طابع الاستمرارية السياسية هو السائد، إذن، سواء اتخذت هذه الاستمرارية طابعا ماضويا أو حداثويا، فلكليهما سلفه الذي يمنعه من تحقيق قطائع حقيقية في زمنه السياسي، و من ثم يشجعه على الاستمرار على النهج القديم، بادعاء انه النموذج الوحيد الممكن و الذي يتلاءم مع العقلية العربية التي تفضل الاحتكام إلى رجل قوي يسوس أمورها بالعدل و يحافظ على وحدتها ( الكاريزما بالمفهوم القديم للسلطة) و تستند هذه الاستمرارية إلى تراث غني بالروح الاستبدادية التي تربط ممارسة السلطة بالواحد/المفرد .
إن تغيير الممارسة السياسية الاستبدادية قبل أن تكون ثورة، على المدى القريب، هي أساسا استراتيجية ثقافية، بعيدة المدى، تقوم على أساس تفكيك النسق الاستبدادي، فكريا، بهدف إعادة بناء نسق ديمقراطي ينطلق من نفس منظومة القيم التي يؤمن بها أبناء الأمة، ليس كما كان يتصورها الأجداد القدماء و لكن، كما يتصورها الأبناء في حاضرهم و من منظور انشغالاتهم المعاصرة، كل ذلك يجب أن يسايره مجهود فكري رصين، يقوم على أساس تنقية منظومة القيم هذه مما علق بها من شوائب الاستبداد التي تسربت إلى الثقافة العربية الإسلامية، إبان الغزو القيمي الفارسي الذي كانت نتائجه جلية من خلال الآداب السلطانية. لكن، هذا الحذر من السقوط في نزعة سلفية قديمة يجب أن يسايره حذر مماثل من السقوط في نزعة سلفية (معاصرة) في علاقة بمنظومة القيم الغربية، و ذلك لأن الديمقراطية ليست بضاعة يتم استيرادها بل هي، في الأساس، بناء قيمي متواصل الحلقات.
إن درس الأستاذ الجابري، اليوم، يفرض نفسه علينا، بقوة، و ذلك لأنه انشغل بالسؤال السياسي، في علاقة بالديمقراطية، ليس من منظور إيديولوجي يقوم على أساس الرفض المطلق أو الاندفاع المطلق، و لكن من منظور ابستملوجي يقوم على أساس تفكيك آليات إنتاج الخطاب و الممارسة، في علاقة بالثقافة العربية، سواء تعلق الأمر بالمتن التراثي القديم أو بالمتن الفكري و السياسي الحديث، و ذلك من منظور أن منظومة القيم ليست جامدة و لا مستقرة، و لكنها تسافر عبر الزمن و تمارس تأثيرها عبر العصور .
و لعل هذه المقاربة الابستملوجية هي التي يمكنها أن تنقلنا، اليوم، على وقع المد الثور من مرحلة صراع الإيديولوجيات من أجل التتويج الانتخابي، إلى مرحلة التفكير الجدي في صيغ جديدة لبناء ثقافة سياسية ديمقراطية تتلاءم مع الاندفاع الشعبي نحو المشاركة السياسية و الحرية و الكرامة، لأن هذه القيم لا تتحقق فقط عبر المسيرات الشعبية و الاعتصامات و الشعارات ... و لكنها كذلك في حاجة إلى ثقافة سياسية ديمقراطية تدعمها في نضالها، و ذلك من منظور أن الممارسة التي لا تستند إلى مرجعية فكرية هي، بالتأكيد، ممارسة عشوائية لا يمكن التنبؤ بعواقبها في النهاية.
** من خلاصات دراستي (الديمقراطية في الثقافة العربية .. من المقاربة الإيديولوجية إلى المقاربة الابستملوجية) المنشورة من طرف مركز مؤمنون بلا حدود للدراسات و الأبحاث .
http://www.mominoun.com/auteur/49



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمين معلوف شخصية العام الثقافية.. تتويج عربي مستحق لمثقف الن ...
- التحالف الفرنكو-عرقي في مواجهة ثوابت الوطنية المغربية
- أيها الفرنكفونيين المغاربة ! حزب الجبهة الوطنية اليميني المت ...
- الرموز العرقية بديلا للرموز الوطنية.. من العلمانوية العرقية ...
- بين الانفتاح و التبعية .. قراءة في التحذير الملكي للوزير الت ...
- الإيديولوجية العرقية في مواجهة ثوابت الوطنية المغربية
- التطرف العرقي في المغرب بين الوعي الشعبي و الإعلان الرسمي
- أوهام المثقف العرقي .. الأساطير في مواجهة حقائق التاريخ و ثو ...
- - شعار الانفتاح اللغوي في أفق فرنسة التعليم المغربي
- اللوبي الفرنكفوني و منطق اللعب بالنار .. توظيف المؤسسة الملك ...
- المشروع الفرنكفوني في المغرب من القوة الثالثة إلى حزب التقنو ...
- الفرنكفونية إيديولوجية اليمين المتطرف
- المشروع العرقي في المغرب .. من الرهان الكولونيالي إلى الرهان ...
- مشروع فرنسة التعليم في المغرب .. من التنظير إلى الأجرأة
- بين الفرنسية و الفرنكفونية .. النقد المعرفي لكشف الأوهام الإ ...
- الهوية المغربية و تحدي التحالف الصفوي-العرقي
- التناوب اللغوي في أفق تكريس الدكتاتورية الفرنكفونية
- الدعارة في فيلم عيوش بين المرجعية الكولونيالية و التوظيف الس ...
- بين الفن و العفن .. الحرب على نظام القيم في المغرب
- الهوية الوطنية و تحدي التحالف الفرنكفوني-العرقي


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - في الحاجة إلى درس الأستاذ محمد عابد الجابري **