أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حَمَّش - واحةُ الخالصين














المزيد.....

واحةُ الخالصين


عمر حَمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 5149 - 2016 / 5 / 1 - 21:45
المحور: الادب والفن
    



واحةُ الخالصين

قصّة


عمر حَمَّش

عادت جبالي حامتْ، وخلتُها لا محالة ساقطة .. هرولتُ هرولةَ فَارٍ؛ فكانتِ الدُنيا ذاتَها .. إسفلتٌ يترنحُ، عَرباتٌ تمضي، ووجوهٌ أعتمتْ في شمسِ نهار .. كنتُ أضرِبُ إلى مَفرَجِ كروبي .
صعدتُ الإسفلتَ وهو المطروق بلا صعود؛ حتى وصلتُ الفسحةَ الدائريّة المُعَبَّدة، عبرتُها مراوغا، ولم أتبين ملامحَ لأحد؛ خلتُ المارينَ فارين مثلي؛ وكلٌّ إلى مأمنِهِ يشدُّ الخطَى.
اجتزتُ ما تبقى من عَمارٍ، وقد ساقتني ساقاي؛ فكنتُ المسوقَ المطيعَ إلى فُرجةٍ في سورٍ كَلِح، تهدّم في غيرِ موضِع.
فوق طرقةِ الترابِ؛ صعدتُ سلمَ السماء، وقد تجهمتِ فوق هامتي الجبال ..
عبرْتُ؛ فتنفس قلبي في مرأى الأجداثِ المصطفة، وقد حسبتَها عادت عرفتني؛ فابتسمتْ.
رمقني صمتُ الأشواك المهيبُ، وشرع خطو عينيَّ يتحسس تحتَ البلاطِ مضربَه، فكنتُ كنفّار؛ جاء يدعو الراقدين لموعدٍ، وقد خفق صدري لبزوغِ رؤوسِ الشواهدِ.
عدتُ أقولُ:
هذا فلانٌ، وذاك فلان .. هامستهم همسا، وخاطبتهم صياحا، ليس يسمعُهما سواي، والموتُ عاد يتلقطُ المغادرين فرادى، ويحصدُ جمعا، وهدرتِ الطائراتُ، وتبعثرتْ أجساد، ووجدتني أًصيحُ، وأجمعُ عظاما من جديد، ورأيتُ جريَ النعوش، ذاتَ النعوشِ مُحَمَلَةً بالأشلاء، وبالهتاف، وعادتِ الأمنياتُ أمامي تٌذبح، ومفجوعةً تموت، ووقفتُ أرمقُ الملامحَ الأخيرة؛ وهي تهوي في حُفَرِ السَفرِ الساكنة ..
لم أقوَ على استبقاء وجهٍ بعينِه، فالوجوه تزاحمتْ فوق الشواهدِ، وترنحتْ، وقد عبرتْ كلابٌ، وتقفّزتْ قطط .. وامتطّ نباحٌ، وماج مواء، وحسِبتُ كلَّ هذا ندبا، ورثاءً، وقلتُ:
وربما اعتراضا على تجرؤِ تطفلي ..
في كلِّ هذا شدتني أشجارٌ عنيدة، أنبتها الموتُ، وأزهارٌ شوكيّةٌ، خلقتْ تخصصا لمهابةِ الموقف، وزادته فرادة، فاتسقتُ أنا، حتى أحسنتُ، وتماهيتُ مع قداسةِ مشهدِ واحةِ الخالصين .. وانطلق من أعلى جمجمتي خيطُ دخان، سرعان ما انفلت؛ ليشتدَّ، ويمسي عمود مدخنة مرجل ..
صرتُ أتنقلُ – مفلتا دخاني - وضربتُ في الصمتِ، وضربتُ، حتى خَفَت أحمالي، وصرتُ بوزن ريشةٍ تلاعبت، وقد أثملها صمتٌ مريح، لا يقطّعهُ إلا النباحُ، ثمَّ المواء، كلازمتي لحنِ لن يدركه سواي، آتيه؛ فيستقبلني؛ ألقي عليه أحمالي، فيلقي سمفونيته .. ويقولون: مشعوّذ.. يقولون: مجذوب .. مسحور .. أو مجنون .. يقولون ما يقولون .. لا شيء يمنعني؛ أنْ أهرّبَ رأسي من الجبالِ الحائمة، كلما تداعتْ، وأن أكونَ مع كلِّ هذا الحبِّ في جنةِ واحةِ الخالصين ..






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إطعام


المزيد.....




- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حَمَّش - واحةُ الخالصين