أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فلاح علوان - لقد هزمنا في قطاع -الصناعة- هزيمة فعلية















المزيد.....

لقد هزمنا في قطاع -الصناعة- هزيمة فعلية


فلاح علوان

الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 15:00
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


الاعتراف بالهزيمة هو خطوة، ولكنها خطوة غير محددة الاتجاه، اذ ليس بالضرورة ان تكون الى الامام، وهي خطوة كئيبة في مطلق الاحوال، تنزع عن اصحابها قلق المواجهة والندية، وتبدلها بسكون وهدوء اليأس.
ان الهزائم تقدم دروسا، ولكن اسوأ الدروس هو ما يأتي متأخرا جدا، بحيث لا ينفع حتى للعبرة ، ولا نفع من الاعتراف بالاخطاء عندما تكون ساحة المعركة قد اصبحت ارضا وميدانا للغير، اي للمنتصر. ان النفع الاهم الذي يمكن استشفافه هو التخلص من عبء التفكير العقيم وتوقع التقدم والنصر بنفس الطريقة او اللاطريقة في التفكير، ونفس الطريقة في التعامل مع الاحداث، وبنفس النصال والحراب الزائفة والخائبة.
ان الامر الاهم هو ان فهم ابعاد هذه الهزيمة، هو اكبر بكثير من مجرد شرح حدث او عملية، ان ما حدث هو اولا وقبل كل شيء، نتيجة منطقية لمسار وقائع وسياسات من طرف السلطة، ونوع من الفهم والسياسة والفعالية من قبل العمال وممثليهم.
ياتي طرح الموضوع في وقت تشتد فيه الازمة الحكومية واقتراح "البدائل" من قبل هذا السياسي او ذاك الزعيم، وسط غياب شبه تام لدور الطبقة العاملة السياسي، في حين يعيش العمال والكادحون اوضاعا صعبة ومجهولة في ظل الازمة السياسية، ويبدو ظاهر الامر وكانه لا يتعلق بمصالح الجماهير وانها خلافات سياسية. ان من اهم ما يرمي اليه المقال بحث تراجع او غياب الدور السياسي المستقل للعمال.
ان طرح المسألة سيفتح اكثر من باب على جملة مواضيع هي بالاحرى موضوع واحد ذو وجوه وابعاد عدة؛ مدى قوة وتسلط الحكومة والطفيلية الرأسمالية الصاعدة، مدى ارتباط السياسة الاقتصادية الجديدة للدولة وخضوعها لسياسة صندوق النقد والبنك الدولي، مدى اتساع التخريب والتعطيل المنظم للانتاج والصناعة في القطاع العام، مدى قدرة التخطيط الموروث على الصمود بوجه النيوليبرالية، مدى انتظام العمال كطبقة ومدى تشتتهم، اي درجة ومستوى تنظيمهم كطبقة ودور ونفوذ التيارات السياسية داخلها، موقع ومكانة اليسار بين العمال وفي المجتمع، الاستعداد النظري والسياسي لليسار وللاشتراكيين في المعارك والمواجهات الطبقية، اولويات اليسار ودرجة فهمه للعقد المحورية في حياة العمال والمجتمع، المحتوى الطبقي الفعلي لليسار عدا عن شعاراته ووعوده، مدى فهم اليسار للتحولات الاقتصادية النيوليبرالية، ومدى قدرته على التعبير عن سياسة طبقية بوجهها، مدى تبني او اقتراب العمال من تصورات وطروحات اليسار؛ باختصار القول؛ هل لدى اليسار في العراق فهم طبقي ونفوذ بين العمال، وهل يعتبر العمال او قادتهم اليسار ممثلهم السياسي، او احد ممثليهم السياسيين؟
لا اريد لمقالي ان يكون تقييما لليسار، او لدور اليسار حصرا في هذه الحركة، والاحرى عدم حضوره، اذ ان هناك دوافع وعوامل موضوعية وعالمية وراء ما وقع وما يقع. ومن جانب اخر، اتوخى في الحقيقة غرضا تعبويا دعائيا اكثر منه تحليلي او استنتاجي من وراء المقال الحالي.
ولكن بمقدار ما يتعلق الامر بدورنا كعمال وكطرف في مسألة او ظاهرة، فانه يتعين الاشارة الى دور او الاحرى فراغ دور، من يعتبرون أنفسهم لسبب او اخر اطرافا في الحركة العمالية وفي السياسة، ويمارسون تأثيرا سواء سلبا او ايجابا على جموع العمال، مباشرة عبر التدخل، او بصورة غير مباشرة عندما يتوقع العمال الحل على ايدي اليسار او الاشتراكيين، باعتبار ان تعريف اليسار السياسي ووظيفتهم السياسية في المجتمع، هو الانخراط في النضال الطبقي، وشؤون وقضايا الحركة العمالية.
ربما سيتحفنا كاتب او كادر يساري هنا او هناك بمقالة تسرد ظروف التراجع ويستنتج ضرورة رص الصفوف ...الخ، ولكن هذا ليس الحل انه جزء من المشكلة، جزء من ايهام العمال بان هناك قادة ونظريين طبقيين، بحيث تترقب جموع من العمال " الحل" على ايدي هؤلاء اليساريين.
ان تناول الموضوع من منظور طبقي عمالي، لن يسمح لنا باللجوء الى نظرة تحكيمية بين مواقف مختلف التيارات التي نتناولها في سياق الحديث. بل على العكس سنتمسك اكثر بوضع كل موقف في موقعه السياسي المعبر عن محتواه.
ان تتبع مسار مواجهة العمال في قطاع الصناعة الحكومي مع السلطة طيلة سنوات، ستقدم لنا رؤية واستنتاجات يمكن الاستناد عليها في تقييمنا، وفي معرفة اين نقف. هذه المواجهة، اي المواجهة بين وزراة الصناعة والعاملين في الشركات، كانت الاوسع في نطاقها وحجمها من بين عشرات المواجهات العمالية البارزة في العراق، حيث كانت هذه الشركات تضم اكثر من 300 الف منتسب اي اكثر من ربع مليون بكثير، يعملون في 68 شركة كبرى يراد تصفيتها حسب سياسة صندوق النقد والبنك الدولي وبشراكة الحكومة والبرلمان والمتطلعين للثراء الفوري. وكانت هذه الشركات تشكل معقل ومركز ثقل هام جدا في الحركة العمالية الناشئة.
من جانب، عمال مركزون في مواقع عمل كبيرة جدا، مع نواة تنظيمات، وقادة ميدانيين، وخبرة سنوات من المواجهة، واستعداد لمواصلة النضال، ومن جانب اخر قضية مصيرية تخص مستقبل ومصير الالاف. جموع عمالية من مئات الالاف يواجهون سياسة رأسمالية عارية صرفة بقواهم الذاتية، اي مواجهة مكشوفة مع السياسة النيوليبرالية والخصخصة، لقد كانت معركة طبقية نموذجية.
لا يمكن الجزم بالانتصار في هذه المعركة عند حشد قوانا، فالمعركة مع الرأسمال لا تكسب في ميدان الانتاج حصرا وفي قطاع واحد بعينه، ولكن حين يتم التصدي لسياسة نيوليبرالية، وببرنامج يعري السياسة الاقتصادية الجديدة للحكومة وطابعها الرأسمالي الطفيلي الرجعي، واحباطها من قبل جموع من العمال المتمركزين في صناعات تضم جيوشا، وتنظيم الطبقة على اساس هذه المواجهة وعلى اساس مصالح طبقية، فان هذا سيعني ولوج العمال الى الصراع كطبقة لها استقلالها السياسي عن التيارات الحاكمة او المعارضة. هنا سيمكن اكتساب ارض للوقوف عليها، قاعدة او على الاقل نواة للتنظيم الطبقي من خلال المواجهة مع الرأسمال في مسألة تخص حياة ومستقبل مئات الالاف من العمال مباشرة، اي بأختصار طرح سياسة اشتراكية في مواجهة السياسة النيوليبرالية. والحديث عن عدم امكان النصر اوعن خسارة تلك المعركة، سيختلف تماما وبصورة جوهرية عن عدم خوضها اصلا.
وعند عدم انتهاج اي سياسة تجاه مسألة مصيرية تتطلب جواب اشتراكي، ما عسى ان يكون اليسار الذي يمكن ان نتحدث عنه في العراق؟ اذ بدون سياسة اشتراكية تجاه قضايا الطبقة العاملة، لا يمكن الحديث عن يسار عمالي في العراق او في اي مكان اخر، وحين نقول سياسة اشتراكية لانقصد مجموعة شعارات او هتافات.
لقد وصفنا المعركة قبل سنوات، وشخصنا مسار الحكومة وخطواتها وخطوات ممثليها، وسياسات المؤسسة الامبريالية التي تدير معركة تصفية الصناعة في العراق. لقد بدانا المعركة مبكرين وحددنا مواقع الخصم واستعداده وقدراته وسياساته واهدافه، وكشفنا محتوى وهدف مخططاته، واستعنا بشواهد تاريخية عديدة، وكتبنا كثيرا، وكان هذا وعيا طبقيا متقدما. لكن هذا لم يكن ليكفي، اذ لايكفي التشخيص الدقيق والفهم المنطقي والعلمي لظاهرة، ما لم يتحول هذا الفهم الى اوساط المعنيين والمنخرطين في المواجهة وان يتبنوه.
هذا ما طرحناه في منظمة نقابية هي اتحاد المجالس، وشاركنا في العديد من الانشطة والفعاليات على ضوئه، ووقف الاتحاد تماما مع تكتيك الفعالين العماليين الذين نظموا انفسهم في مؤتمر العاملين في الصناعة الذي انطلق في الاجتماع التأسيسي في نسيج الكوت.
ولكن هذه المواجهة تتجاوز مهام النقابات، كونها تتعلق بالسياسة الاقتصادية العامة والتوجه النيوليبرالي للدولة، ولم نتلق من الاحزاب السياسية تأييدا على هذا الطرح، وفي نفس الوقت لم نتعرض لنقد يفند ما ذهبنا اليه، عدا عن تقديم " نظرية" كورش مدرسي ورفعها بوجهنا في ذروة المواجهة، في اشارة من بعض قادة الحزب الشيوعي العمالي لرفضهم توجهنا وتبنيهم الطرح الذي يعتبر التوجه الاقتصادي سواء كان نحو رأسمالية الدولة المخططة او اقتصاد السوق هما شان الرسمال نفسه وليس للعمال التدخل، وقد انتقدنا هذا التصور في حينه. وعدا عن محتوى بحث كورش مدرسي، فقد رفع هؤلاء "القادة" بوجهنا في التوقيت الخاطيء تماما، بحثا مازال قيد الحوار ولم تتم البرهنة على علميته واشتراكيته.
الحزب الشيوعي العراقي كعادته يشيد بالطبقة العاملة وبالشهداء، ويدعو في الوقت ذاته للاستثمار وتطوير البرجوازية الوطنية، وهي نفس دعوة رئاسة الوزراء والبرلمان، ولكنه لا يجيب على سؤال " لماذا لا يبدأ المستثمرون المفترضون بالاستثمار قبل تصفية شركات وزارة الصناعة وهيكلة المصانع والمعامل وبيعها، اي تقسيمها بين المستحوذين الجدد؟ مالذي يمنع الاستثمار من مباشرة اعماله طيلة هذه السنوات؟ لماذا ينتظر " المستثمرون" خصخصة الصناعة الحكومية لكي ينطلقوا. وكيف سيمكن "للبرجوازية الوطنية" مواجهة الشركات العملاقة التي تزيح باستمرار من امامها خصوما وشركات بل دولا وحكومات، لا تشكل "البرجوازية الوطنية" المفترضة في العراق امامها سوى مبتدئ ضئيل؟ وكان موقف الحزب هو الموقف الاكثر غموضا وترددا ورجعية، كان ينتظر التظاهرة ليدعو اعضائه للمشاركة والهتاف، في الوقت الذي كانت سياساته وما زالت جزء من السياسة الحكومية العامة، وقد بادر الى تأسيس لجنة تنسيقية تحولت الى الاعداد لاجتماعات مع الوزير، وساهمت الى حد بعيد في تشتيت جهود عمال الصناعة وزرع الترقب والانتظار في صفوفهم، في الوقت الذي كانت السلطة تمرر سياسة تصفية الشركات بدأب واصرار.
ان الحديث عن الاستثمار والتطبيل له، هو تغطية وتمرير لتصفية الشركات وهيكلتها، انه جزء من الغطاء الاعلامي والتضليل. ان التحدث بأسم الطبقة العاملة والتدخل في تظاهراتها وترديد الهتافات، وتمرير سياسة نيوليبرالية في الوقت نفسه هو اشد السياسات معاداة وتضليلا للعمال، واشدها خدمة للرأسمال. وبالنسبة لمن يسير وراء هذه السياسة بحسن نية وبأستعداد للمساهمة في النضال وحتى التضحية، فانه كمن يسير رافعا لافتة حمراء، ويهتف متحمسا وهو مدمى الوجه مرضوض اليد او الاضلاع، تملأ وجهه الكدمات، ولكنه يسير بثبات وراء مصالح البرجوازية، وراء اخص مصالح الرأسمال واشدها وحشية، يسير راضيا بشعارات قيادته وحماس اقرانه واجواء الحراك والحضور بين العمال.
ان اشد انواع القمع لا تقدم خدمة للرأسمال مثل الخدمة التي يقدمها الانسان المتضررالمخلص المتصدي للفعالية والنشاط، ولكن المنساق وراء سياسات برجوازية المحتوى حتى النخاع.
الشيوعي العمالي اليساري والذي مازال يبحث عن متعهد للتظاهرات وللتصوير والتوثيق، هو الاخر كان يبحث عمن يمثله في نقابات لا ثقل لها، وكان موقفه بلا ملامح ولا تحديد في هذه المواجهة، واتحاد الشيوعيين الذي يسعى للنأي بنفسه عن بعض السياسات لم يبدر منه اي موقف ايجابي ولم يكن له موقف مفهوم.
اي ان اليسار كان يبحث عن نقابات وحركة عمالية ونشاط عمالي ليرتكز اليه او يستند عليه، بل ينتقي من بينها الموالي لخطه ولمجموعته، ولم يستطع تقديم سياسة للعمال والحركة العمالية خاصة في المواجهه الاخيرة. وعدا عن الشعارات ذات الطابع الايديولوجي لم يبدر عن هذه القوى تحليل علمي ولم تطرح سياسة طبقية محددة.
فاين سنجد اليسار العراقي اذن؟ واين سنجد موقفا طبقيا وعلميا على مسألة بهذا الحجم؟
وهنا يبرز سؤال، لماذا اذن لم يبادر القادة العماليون خارج اليسار الحالي الى قيادة الحركة ومواجهة السياسات الحكومية؟ ان هذا موضوع لبحث مختص وسؤال محوري يجب ان يطرح وان تتم الاجابة عليه.
لقد بادر القادة والنشطاء الى تشكيل مؤتمر العاملين في الصناعة، وهو تنظيم حي له رؤيته وتوجهه وثقله في اوساط العمال، ولكنه يعاني ضعف الانسجام النظري والفكري، ولم يستند بصورة حازمة الى الوسائل النضالية الطبقية رغم قدرة فعاليه على حشد الالاف وتنظيم تظاهرات في اكثر من مدينة في نفس الساعة.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان العديد من القادة الميدانيين والمحرضين العماليين، من المنتمين او غير المنتمين الى احزاب او تيارات سياسية، كانوا ينظمون زيارات مكثفة ومكررة الى سياسيين والى رجال دين خاصة، لـ "رفع" قضيتهم الى المسؤولين او التحدث بها في خطب الجمعة، او باخبار اعضاء برلمانيين بقضية الصناعة. وكانت هذه الممارسات خطأ فادحاً، فبالنسبة للناشطين العماليين ممن ينتمي الى حزب او تيار سياسي، كان هذا جزءاَ من نشاطه وسياسته المقصودة وليس توهماً، اما بالنسبة لباقي الفعالين الذين نظروا الى القضية وكأنها مجرد مسألة اجراءات يمكن حلها عن طريق تدخل احد السياسيين او "برلماني نزيه" او رجل دين فقد وقعوا في خطأ لايغتفر وفي الوقت الحرج بالذات؛ اذ لم يروا في البرلمان والسياسيين جزءا من نظام سياسي ذي اهداف وتوجهات، اي مصالح طبقية، ولم يدركوا ان ما يجري ليس اجراءات ادارية قابلة للتسوية، بل هو اخص مصالح الطبقة والسلطة الممثلة لها بوجه العمال، وان البرلمانيين والسياسيين ورجال الدين الذين يزورونهم لحل قضيتهم، هم اصل المشكلة، وهنا اتضح انه ليس كل ناشط ميداني ومحرض هو قائد عمالي. لقد انتصر الخصم البشوش وخسر المحرض العمالي المتحمس.
التوجه الاقتصادي الحالي سيعني فك ارتباط الصناعات المحلية بالانتاج الزراعي وبالصناعات الاستخراجية، وبالتالي تدمير اسس دورة انتاج مخطط منذ عقود، هو بديل الدولة المركزية والنظم السياسية السابقة بدرجة او اخرى لعدم تشكل السوق الداخلية. وهذا سيقود الى فقدان الاف فرص العمل، ورفع تكاليف الانتاج وزيادة اعداد الوسطاء والطفيليليين والسماسرة ...الخ وهو ما تحدثنا عنه في انتقادنا لمشروع الاصلاح الاقتصادي.
ان انهيار الصناعة سيفضي الى تحول جموع غفيرة من العمال الى باعة وكادحين وعاطلين عن العمل، خارج التجمعات الواسعة والكبيرة، وهذا يعني تغييرا هيكليا في جموع الطبقة العاملة. ان الكادحين يصبحون جموعا واعدادا غفيرة، في اوضاع الخراب الاقتصادي وتفكك وانهيار الصناعات، ويشبه الحال بداية تشكل الدولة المستقلة اوائل القرن الماضي، حيث كانت البروليتاريا في العراق تتألف في اغلبها من الكادحين.
ان جموع الشغيلة الكادحين، سيكونون باستمرار بحكم موقعهم الحياتي والمعيشي عرضة للخضوع الواسع للافكار القدرية، كونهم يعيشون وضعا معيشيا متقلقلا حرجا، غير محدد، ينافس بعضهم البعض حول المهنة، مكان الكسب، الصلة بالمسؤول الحكومي او الادارة، الصلة بالمتنفذين، التعرض اليومي للمصاعب والمخاطر، الانخراط في اعمال التجار والسماسرة المشبوهة، وعشرات التفاصيل الحياتية الاخرى التي تغذي باستمرار فردانيتهم وتنافسهم، وليس اتحادهم وتنظيمهم.
وبدون طبقة عاملة منظمة صاحبة برنامج ثوري للمجتمع، تشكل حليفا للكادحين كما حصل في روسيا خلال الثورة وتحالف العمال مع الفلاحين، فان جموع الكادحين ستكون عرضة اكثر فاكثر الى ان تصبح ميدانا مفتوحا لنشاط الاحزاب والتيارات البرجوازية وخاصة الاحزاب وتيارات الاسلام السياسي، وستكون من باب اخر سندا ايديولوجيا للبرجوازية يغذي الفردانية الرثة وروح الترقب والضياع.
ان بحث مسألة الكادحين بصورة علمية واستنتاج مقولات برنامجية منه، سيدعم ويقوي تنظيم العمال كطبقة، وهي مهمة يتعين على اليسار التصدي لها بلا تأخير، لانه بدون بحثها سيفقد الارضية التي يقف عليها.
حين نقول هزمنا لا نقصد ان العمال سيتوقفون عن الاحتجاج والمواجهة، وما دام العمال لم يلقوا اسلحتهم بعد، وماداموا وسط الميدان، فان تحولا ثوريا في مواقعهم قابل للحصول. ولكن الهزيمة هنا بمعنى خسارة فرصة مواجهة ذات طابع سياسي طبقي شامل، فرصة بناء وعي طبقي اشتراكي بين صفوف العمال الذين واجهوا السياسة الحكومية طوال سنوات، لا بين عمال الصناعة فقط بل في صفوف ملايين العمال الذين سيواجهون مصيرا مماثلا، اي ان يتصرف العمال كطبقة لها سياستها في مواجهة سياسة البرجوازية. وعندها فقط يمكننا الحديث عن الطبقة والنضال الطبقي، والدور السياسي للعمال في الحياة السياسية للبلاد.



#فلاح_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد -4-
- حول مقالات بعض الرفاق !!
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد -3-
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي اجتماعي جديد - ...
- التظاهرات الحالية في العراق مقدمة لمسار سياسي جديد
- ردا على مشروع الاصلاح الاقتصادي والخصخصة في العراق -2-
- حول مقابلة كورش مدرسي وشعار ضمان البطالة
- اين مركز الازمة في العراق؟
- المواجهة القادمة بين العمال والحكومة، تطور نوعي في الصراع
- الطائفية نتاج للصراع السياسي وليس العكس
- طائرات إسرائيل ومدافعها تطحن بيوت الفلسطينيين على ساكنيها
- حول أحداث نينوى
- حول قانون الإصلاح الاقتصادي ردا على تنظير مستشار المالكي للش ...
- اختزال اليسار إلى دولة مدنية ديمقراطية
- قيادة المنظمة العمالية أم السيطرة عليها
- لمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الاتحاد
- تشريعات ومفخخات
- همهمة الجماهير انذار مخيف للحكومة
- الاساس الاجتماعي للتشيع في العراق والناسيونالستية العراقية
- حول موجة التظاهرات الراهنة في العراق – فلاح علوان اجرى الحوا ...


المزيد.....




- FIR commemorates 50 years “Carnation Revolution” in Portugal ...
- كيف ينظر صندوق النقد والبنك الدوليان للاقتصاد العالمي؟- أحمد ...
- كتّاب ينسحبون من جوائز القلم الأميركي احتجاجا على -الفشل في ...
- مؤيدون للفلسطينيين يعتصمون في مزيد من الجامعات الأميركية
- “كيفاش نجددها” شروط وخطوات تجديد منحة البطالة الجزائر عبر ww ...
- تحذير من إلغاء ما بين 65 و75% من الرحلات.. المطارات الفرنسية ...
- إلغاء ما بين 65 و75% من الرحلات.. المطارات الفرنسية تستعد غد ...
- مطالب بالحفاظ على صفة موظف عمومي و بالزيادة العامة في الأجور ...
- “حالًا اعرف” .. زيادة رواتب المتقاعدين في العراق 2024 وأبرز ...
- غوغل تفصل عشرات الموظفين لاحتجاجهم على مشروع نيمبوس مع إسرائ ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - فلاح علوان - لقد هزمنا في قطاع -الصناعة- هزيمة فعلية