أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - التوك شو وصناعة الجهل!














المزيد.....

التوك شو وصناعة الجهل!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 03:58
المحور: كتابات ساخرة
    



ليس كلُّ من يعرف تزدادُ معلوماتــُـه، فقدْ يعرف ليجهل، وقدْ يتعلم لتنحسر ثقافتــُـه، ويتابع لتبهت مفرداتــُـه!
برامجُ التوك شو الحوارية التي أصبحتْ المصدرَ الرئيسَ للمعرفةِ في العصر الالكتروني الذي نعيشه تبدو في الظاهر كأنها حوارٌ علىَ الهواءِ يُثري، ويرفع من شأنِ المعرفة، وتتسع به دائرةُ العلوم والمعلومات، فإذا به مصيدةٌ لتوسعة نطاق الثقافة الفــَـجــَّـة، والإيحاء أنَّ صراعَ أو حوارَ الديكة علىَ الشاشةِ الصغيرةِ يحمل معه فـِـكراً سياسيـًـا مُعاصرًا يُساهم في تـَـقــَـدُّم عالـــَــم المعلوماتية.

إنَّ حوارَ النرجسية الإعلامية التي تنــتــفخ بها الذاتُ ولو كانت مُجوَّفةً استبدلتْ الذي هو أدنىَ بالذي هو خير، وجعلتْ ثقافةُ الصُوَرِ المتحركة، والشخصيات الهزلية التي تزعم موسوعيتــَـها ومعجميتـَـها واطلاعَها علىَ الخبرِ قبل وقوعــِــه، وتحليله قبل أنْ ينقله الأثيرُ إلىَ أركان الأرضِ الأربعة حالةَ تقــَـدُّم مُتــَــأخر، وتراجُع دور الكتاب والمقال والتحقيق، فسطوةُ الفكر السهل، حزبي أو ديني أو مذهبي، أفسح المجالَ لكل من يعرف الحروفَ الأبجدية ويحفظ بعضَ التعبيرات، ويلتقط حفنةً من الفيسبوكيات، ويتذكر عناوينَ تويترية، أنْ يدخل حلبةَ المصارعة ولا تُغطــّـي سوءاتــِـه إلا عمليةُ التأهيل والتلميع والسحر الفضائي ورهبة السيرك الحواري القادر علىَ التخلص من كل ما يــُــنــَـشــِّـط ويـُـنعش الذهن.

إنَّ الذاتَ الضيقة والمحدودة للضيف والمضيف يعيد التلفازُ صياغتــَـها، وصناعتــَـها، وزركشتــَـها، وتزيينــَـها، وتلميعــَـها لتقتحم قضايا معاصرة وحديثة مليئة بعلامات الاستفهام الجماهيرية، فتسرق الزمنَ الجدّيَّ لصالح نفايات تراشُق النصوص والأخبار والمقتطفات المجزَّئــَـة والمقــَـطــَّـعة، لكن الجماهيرَ تلتصق مؤخراتُها بمقاعدِها، وتفتح أفواهــَـها علىَ آخرها، فقد أوهموها وخدعوها وزيــَّــفوا مصدرَ المعرفة فتلـفـَـزوه!
إنَّ الوعيَ الجماهيري المفترضَ أنه يُسهم في اعتدال مزاج وميزان المنطق والموضوعية يتعرض لهجمة شرسة يقوم بها فوضويون لسانيون يحصلون علىَ رواتبهم من إبليس شخصياً حتى لو كانوا دعاةَ فضيلة!

إنَّ العنصرَ الأولَ في حماية الجماهير من غوغائية التوك شو ،وهو الكتاب، تمكنت قوىَ الجهل الماضوي من جعله يقف خانعاً، ومهتزاً، وغير مرئي، فالحوارات تسابق بعضُها البعض، وصناعةُ الوجوه المألوفة تجذب عبدةَ الصندوق الملون، وإحلالُ الفنانين والمطربين والعُكــَـاظيــيــن محل حــَـمــَـلة مشعل الحضارة والنهضة، فابنُ رشد يحرقون كــُـتــُــبــَــه كل مساء مع إطلالة ضيف ومضيف و.. صرخات الهستيريين!
إن القوىَ الخفيةَ، المالية والسلطوية، لا تحتاج لاستيراد عبيد أو إغراء ضيوف بالشهرة وأصفار علىَ يمين حساباتهم في المصارف، فهم يأتونها صاغرين، ولن تختبر ذكاءَهم ومعلوماتــِــهم وثقافتــَــهم وقدرتَهم التحليلية أو حتى استقامة أساليــبـهم وثراء مفرداتهم، فالشاشةُ الصغيرة تتسع للكبار، وحلمُ الشهرة والثورة والمناهضة والمناكفة والمشاكسة وزعم مساندة السماء، والشرعية والجنرالات وعبقرية سيد القصر، تجعل رقابــَــنا جميعا، أو أكثرنا، مربوطةً بسلسلة إنحشر طرفُها في الاستديو ولو كنا جالسين في الدار أو المقهى أو الغُرزة!

خلاصة ومجموع برامج الحوارات المتلفزة، رغم احترامي لبعضِ بعضــِــها، أنها الغزو اللافكري الجديد، أعني السقوط من فوق المقعد!
لا تظنوا أنَّ التوك شو لا يسرق من الذهن عصارة وخلاصة ما فيه من دَســَــم، لكنه يُلاكم، ويهزم صانعَ الحضارات .. أعني الكتاب!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 17 ابريل 2016



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواد الأولية لصناعة الطاغية
- من عاش زمن أم كلثوم فقد عاش الدهر كله!
- رسالة مفتوحة لرئيس لا يسمع!
- الإعدام أو الرجم أو الجلد لفاطمة ناعوت!
- هل مصرُ ماتزال عربية؟
- خرافة نسخ الثورة!
- الديمقراطية البيضاء و.. الاستبداد الأسمر!
- باريس لا تحترق!
- تنشيط أمْ منشطات؟ الرقص في شرم الشيخ!
- عقولنا ألسنتنا ..الرجم في الحالتين!
- إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!
- نور الشريف .. مرة أخرى!
- رحيل سوّاق الأتوبيس!
- رسالة عشق لميدان!
- مراجعة مؤقتة لموقفي من الأردن!
- إذا كنتم تحبّون مصرَ فقاطعوا صحافتَها!
- من فضلك لا تقرأ، فالجهل معرفة!
- البراءة لمدة عشرين عاماً!
- اضحك فرئيسك يبتسم!
- الصراخ وحده لا يكفي!


المزيد.....




- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - التوك شو وصناعة الجهل!