أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكرد دعاة حرب أم سلام؟ 2/2















المزيد.....

الكرد دعاة حرب أم سلام؟ 2/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 21:34
المحور: القضية الكردية
    


ثقافة الكرد
مر الشعب الكردي بجميع المراحل المذكورة سابقاً في (مقالنا الأول) واعتنقوا أديان الشرق جميعها، وشربوا من منابع الثقافات كلها. عبث المارون والمحتلون والمستبدون بمجتمعهم وأوطانهم قدر ما استطاعوا وبأقذر الأساليب، حدثت على خلفيتها وضمن جغرافيتهم أبشع الجرائم، وذاقوا وعلى مر التاريخ المرارات كلها، فترسبت في أعماقهم شذوذ معظم الثقافات المتنافرة مع ثقافتهم الأصلية وطبيعتهم المسالمة، تظهر واضحة من خلال طرق صراعاتهم المستدامة مع القوى المحيطة أو المحتلة لكردستان، حيث الصبر والجلد في الحروب، ومعظمها كانت ولا تزال دفاع عن الذات، تتنافى ومفاهيمهم وبنيتهم الثقافية السلمية والهادئة، والتي تعكسها هدوء جبالهم، والخلفيات الدينية التاريخية التي نبعت من أحضانهم.
كانت اجتياحات القبائل التركية والمشكلة للإمبراطورية العثمانية، آخر الاجتياحات على الشعب الكردي، تحت خيمة الدين، والذين سادوا بعد القرون الطوال من طغيان وهيمنة القبائل العربية الجاهلية باسم الإسلام. فساد الإسلام بين الكرد دينا، وطبعت عن طريقها ثقافة غريبة عليهم، حرفت الكثير من مفاهيمهم، وتشوهت نوعية العلاقات، ففي عمقها لم تكن تعكس ثقافة النص الذي كان يقرأ عليهم، بقدر ما كانت تعكس ثقافة القبائل العربية البدوية العائشة على الغزو، والتي تناقضت وطبيعة الكرد الجبلية الوادعة والمسالمة.
دراسة التاريخ، تبين، بأنه لم تظهر على الخلفيات الدينية للشعب الكردي، أو ثقافاتهم الماضية، أية حروب أو مجازر، ولم يحاولوا نشرهما بالقوة، وفي الفترات الزمنية الطويلة التي كانت أديانهم فيها سائدة، كانوا يجنحون إلى الطرق السلمية في نشرها، وحينها هيمنت المفاهيم الباطنية في الروحانيات كنزعة دينية، وساد بها الهدوء مع الذات، وقد كان حب السلام من ركائز معظم أديانهم السابقة، فكان ينهجها مع نفسه والعالم المحاط، ولم يحرفوا في مفاهيمها مثلما حرفت القبائل العربية الجاهلية في الإسلام. وبعكسهم ظل الكرد قانعين في محيطهم، يعتنقون الديانة الأزداهية، المتطورة إلى الإيزيدية، ومثلها الزرادشتية الخارجة من رحمها، والمانوية. وما انتشرت منها في الجغرافيات المجاورة حدثت بالدعوات السلمية، أو حملها أبناء الشعوب الأخرى لمجتمعاتهم.
ويسير في هذا المنحى الديانة المسيحية، باستثناء أن روادها اللاحقون، مثلها مثل الرواد المسلمون اللاحقون، الذين غيروا مسارها الإنساني إلى حيث العنف، والحروب، فملأوا صفحات التاريخ بالجرائم والمجازر، والقتل، وفعلوا البشائع بالبشر تحت مفهوم نشر السيادة الإلهية، أو القصاص من الذين يعارضون مفاهيم الإله. برز الطغاة الذين سيطروا تحت خيمة المسيحية، وسببوا في حرق أكثر من خمسين ألف أمرأه في أوروبا وحدها، اتهموا بدخول الشيطان إلى جسمهن، اعتمدوا فيها على تأويلاتهم المغرضة لنصوص من الإنجيل، وفي تاريخ الإسلام السياسي حوادث لا تقل عنها بشاعة، ووقائعها، حدث ولا حرج.
الديانات الثلاث المعروفة بجنحها للسلام والمحبة دون العنف، ونشر الخير في الأرض، الأزداهية-الإيزيدية، والزرادشتية، والمانوية، كردية الأصل والمنبت، هم أصحابها، منهم ومن جغرافيتهم نبعت، أنبيائها وروادها ومبشريها الأوائل، فكانت ثقافتهم وتلك الأديان متلائمة، فكانت تطفح بمفاهيم السلام ونبذ العنف، ولم تنشر إلا بتلك الطرق، معابدهم كانت مراكز تدعوا إلى الخير والمحبة، والعبادة والتقرب من الله بذاتية روحانية غطت عليها الباطنيات، دون أن يفرضها الأخرون، أو يرضخ الأخرون لها.
وعلى بنية هذه الأديان تراكمت المعرفة الإنسانية وحب السلام بينهم، وهم روادها ودعاتها، وعلى مدى قرون طويلة، تشبعوا من مفاهيمها، وتراكمت ثقافاتهم على أسسها، حيث الهدوء والسلام والخير ونبذ العنف، إلى أن اجتاحتهم أديان ومفاهيم من خارج بيئتهم، فكان الدمار الثقافي والصدمات الكارثية، والصراع الحاد بين العنف القادم والسلام المقيم، بين دعاة الحرب ونشر المفاهيم الدينية بالغزوات والحروب وإرضاخ البشر بالعنف، وبين المجتمعات النازعة إلى الهدوء والسلام، والإيمان بإله الخير والرحمن.
أسباب ظهور التصوف بين الكرد
اجتياح القبائل العربية تحت راية الدين الإسلامي، كانت أحدى أوسعها وليست آخرها، الذي قاده شريحة من البشر يحملون راية العنف في الإسلام متراسا للسيادة والطغي ونهب الشعوب، متناسين منابعها الأساسية، ومعهم ثقافة قبائلهم البدوية، حيث الغزوات والشر، تحت عباءة المفاهيم الإسلامية، المستمدة من سيرة تاريخية لبدء الإسلام، ونصوص دون أخرى، وتفسيرات، لمفاهيم السبي والنهب والقتل، تتماشى ورغباتهم وتفسيراتهم، المتعارضة والثقافة الكردية، فطال الصراع، بين ثقافة القبائل العربية البدوية الغازية، والثقافة الكردية المبنية على دياناتها الباطنية، في معظمه، فكانت النتيجة، ظهور التأويلات العميقة، للإسلام، وتدوير للتفسيرات المباشرة، وإلغاء لركائز التجسيد في القرآن، ليطفوا عليها من ثقافتهم السلمية، الباطنية، التاريخية الدينية، فظهرت الصوفية، وفي الحقيقة أن أغلب وأعمق وأوسع مذاهبها خرجت من بين الكرد، فكانت ولا تزال معظم التكيات الإسلامية في كردستان صوفية بطرق قناعاتها وتبشيرها، وأوسع مذهبين، القادرية والنقشبندية، ظهرا بين الكرد وينتشران في جغرافيتهم. ولا شك لهذه خلفية ثقافية، مدعومة بنزعة داخلية، وهي حب السلام، والتقرب من الله بروحانية خالية من العنف.
تتبين هذه الحقيقة من خلال دراسة التاريخ الكردي، الذين لم يغزوا يوما جيرانهم لنهب ولم يدمروا ممتلكات الشعوب المجاورة، حتى عندما كانوا يعتلون مراكز القوة والهيمنة، ومعظم حروبهم ظهرت داخل جغرافيتهم، أو على التخوم منها، وكانت حروب دفاعية عن الذات والأملاك والعرض، حتى أن أبشعها والتي جرت بين الإمبراطوريات المجاورة لمنطقتهم أو التي كانت تحتلهم، حاولوا النأي عنها، علما أنهم استخدموهم كأدوات في تلك الحروب، كالتي جرت بين الإمبراطوريتين، الفارسية واليونانية. فتتبع مسيرة الإمبراطورية الساسانية والتي تفرز كردياً، يعرف أن ملوكها لم يغزوا ولم يخلقوا الحروب المدمرة كما فعلها ملوك الفرس بعدهم، ومثلها الحروب بين الصفويين والعثمانيين.
الثقافة ذاتها لا تزال سائدة، بين الكرد، دعاة السلام والتآخي، يطالبون مستعمريهم من السلطات العروبية والتركية والفارسية بحل قضيتهم سلميا، ينأون عن خوض الحروب معهم، رغم إنها تفرض عليهم، والسلطات المستعمرة لجغرافيتهم تخلق العنف بكل الطرق ضمن جغرافيتهم، وبين مدنهم، ليظهروها للعالم أن الكرد إرهابيون، يحبون القتل، متناسين أن كل ما يجري هي ضمن الجغرافية الديمغرافية أو السياسية غير المعترفة بها دولياً، ولا علاقة لتلك السلطات بها إلا كاستعمار، وكم ومن الاعترافات تحتضن النفاق والخبث، وتسير تحت أجنحة المصالح والغايات الدونية.
حروب الكرد حاضرا، واتهام الأخرين لهم بالإرهاب، أو القتل، ليست سوى دفاع عن الذات، والهاربون من مناطق الثغور بعد اقتراب الكرد لتحرير مناطقهم، مخططات تأمريه لتشويه أوجه السلام للكرد، ورغبتهم بالعيش أحرارا، والتمعن في جغرافيتهم، على خلفية الكارثة السورية والعراقية، سنجد أنها الأكثر نزعة إلى السلام، وأكثرها احتضانا للنازحين والمهاجرين، دون أن يتباهوا بها أو يطالبوا المجتمع الدولي بالمساعدات والدعم المادي كتركيا، التي لتا تدفع رغيفا أو خيمة دون أن يتلقى مقابلها، مالا من الدول الكبرى.
وندائنا هنا للعالم الحر، والقوى المحبة للسلام والحرية، وأطراف من المعارضة السورية، الجنح إلى الطرق التي تجلب السلام، ومعرفة أن كل ما تنشره تركيا والسلطات الاستبدادية عن الكرد وبينهم السلطة السورية والعراقية وقسم واسع من المعارضة العروبية الإسلامية ليست سوى تشويها للحقائق، ومحاولات لوضع قناع بشع على الوجه الكردي المسالم، فالكرد لم يكونوا يوما من مثيري الحروب، ولن يكونوا، يحملون السلم في ثقافتهم، ويؤمنون بها، وكل ما ينشر عنهم ليس سوى خبث ومؤامرات لاستمرارية استعمارهم، ومحاولات لطمس قضيتهم المتصاعدة.
وفي النهاية فإن إله الخير ينتصر على الشر في الديانات الكردية الثلاث، ويسود السلام، ومثلهم في جميع الأديان. والذات الكردية ومنذ الأزل، ترفض الحروب وتجنح إلى السلام وستبقى كذلك إلى الأزل.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
11/3/2016



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد دعاة حرب أم سلام؟ ½
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء السابع عشر
- كيف ستحل مشاكل الشرق الأوسط
- حتى أنت يا سلامة كيلة..!؟ 2/2
- حتى أنت يا سلامة كيلة..!؟ 1/2
- ومضات من ماضي نصران (مذكراتي) الجزء الثاني
- فيدرالية سوريا لا تعني التقسيم
- ظهور الأوجه البشعة
- الاحتمالات في الهدنة السورية
- هدنة الأمل والنفاق
- عندما يكون عدوك قوياً وخبيثاً
- مصير سوريا
- سوريا بين التجزئة والفيدرالية
- سوريا منصة الرحمان والشيطان
- تحريف التحريف
- مذكراتي
- أحزاب غربي كردستان
- ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء السادس عشر
- من صنع أردوغان - 2/2
- من صنع أردوغان - 1/2


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكرد دعاة حرب أم سلام؟ 2/2