|
ظهور الأوجه البشعة
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 09:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحليلاتنا للهدنة السورية، وانتقاداتنا لمسيرتها وتطبيقاتها العملية، والتدخلات الدولية، لا تعني أننا ضدها. نؤيدها ونطالب بأن تكون: هدنة متكاملة الجوانب، وتستمر خارج الخباثة السياسية والدبلوماسية، وألا تبنى على مصالح الأشرار، كسلطة بشار الأسد والقوى الإقليمية الشريرة. ونطالب بأن تطبق: لخدمة الشعب السوري وليست لمصالح الدول الكبرى، وأجندات المتصارعين على السلطة. ونؤكد بأنها لن تكتمل: مع وجود سلطة بشار الأسد المسبب الرئيس في الكوارث التي حلت بسوريا وشعوبها وأدواته من المنظمات التكفيرية الإسلامية، فبزواله ستزول داعش والنصرة وغيرهما من المنظمات الإرهابية في سوريا. المناوشات الكلامية الحادة الجارية على مدى اليومين الماضيين، قبل وبعد ساعة الهدنة في سوريا، بين المتحدثين الرسميين باسم وزراتي الخارجية الروسية والأمريكية، حول الهدنة، والتي أصعدتها الروسية ماريا زاخاروفا، موجهة في لقائها الصحفي كلمات نابية إلى مارك تونير، قائلة أن تصريحات تدل على ” ...أولا، إلى غياب العقل، ثانيا، إلى قلة الأدب. لكن أهم شيء هو أن الوقاحة هي دليل أساسي على انعدام أي حجج". وتهجمها هذا كان على خلفية تبيان الأخير لخطة بديلة، في حال عدم نجاح الهدنة الجارية، معلنة بأن روسيا ليس لها علم بالخطة الثانية! وفي الحقيقة، لا يمكن أن تكون هناك خطة بديلة، تخص القضية السورية، ولا تكون لروسيا علم بتفاصيلها، فعلى الأغلب، المناوشات الكلامية، رد فعل إعلامي على خلاف الطرفين حول بعض النقاط الدارجة فيها، ومن ضمنها أرسال مجموعة من القوات العسكرية الأمريكية إلى سوريا، والتي ترفضها روسيا، لأن مآلاتها متنوعة، ستؤثر على الوجود الروسي بشكل أو آخر، ولربما على خريطة سوريا السياسية والجغرافية، ولربما في مجريات الحرب على منظمتي داعش والنصرة، والتي لقياداتها مصالح مشتركة مع سلطة بشار الأسد، قد تدخل في مواجهات مباشرة مع قوات سلطة بشار الأسد، وأغلبية الخبراء والمحللين السياسيين لا يستبعدون العلاقة المتينة بينهم، والكل يتذكر عمليات أطلاق النظام سراح المئات منهم من سجونه، وإيصالهم بسيارات خاصة إلى أطراف الرقة قبل تخلي قوات بشار الأسد لهم عن المدينة، وترك أسلحة فرقة كاملة لهم ومن ضمنها اللواء 93 وفوج الميلبية، ومنذ بدأ روسيا بالقصف على المعارضة لم تدرج داعش بشكل جدي حتى الأن، والاهم هنا ما قد تنتج عن دخول قوات أمريكية من معدلات للقوى الإقليمية في المنطقة وضمن سوريا، وفي مقدمتهم التدخلات التركية، والقضية الكردية. محادثات جنيف القادمة ستبنى على هذه الهدنة، وما ستبلغه المحادثات المسبقة لجنيف بين روسيا وأمريكا، والتي لا تزال غير واضحة النتائج اللاحقة لمرحلة ما بعد الهدنة، ولم تنفذ حتى اللحظة البنود المكملة للبيان، ومنها قضية المعتقلين، والمساعدات الإنسانية، والمناطق المحاصرة، وغيرها، إلى جانب حذر الطرفين، السلطة والمعارضة، حول من سيحضر المناقشات، وهل ستفرض روسيا ال ب ي د كممثل عن الكرد، أم ممثل حزبي، لطرف كردي، لها قوة وهيئة إدارية مسيطرة على منطقة جغرافية، ومن ثم قضية الحكومة المزمعة تشكيلها في الشهور الست القادمة، والتي ستكون من ضمن النقاط المهمة. أي عمليا، هناك شكوك في نجاح المحادثات، حتى فيما إذا جرت. خاصة وأن الهدنة لا تزال في بوتقة الصراع، بين القوى المحيطة بسوريا والمتكالبة عليها، البعض يريدها تسير كما هي ناقصة، والبعض ضدها لكنهم يريدون استغلالها بخباثة، فلمعظم الدول المتورطة في مستنقع سوريا أدوار معظمها لا تخدم الشعوب السورية، ومن بينهم الدولة التركية لأنها، على الأغلب، الأكثر تضرراً منها، لأن تأثيراتها مباشرة على داخل تركيا، بناءً على القضية الكردية، والكردستانية المحتلة من قبل تركيا. تركيا ذات الوجهين المتناقضين في مسيرة الهدنة السورية، وجه حقيقي خبيث ضد الهدنة، وكأنها عملية بينهم وبين الكرد، وليست هدنة تخص سوريا بشكل عام. ووجه مراوغ موافق للهدنة، رغم كرهها، تحاول الاستفادة منها بطرق ملتوية، علما أنها الأكثر ضررا بها وبالمنطقة، مع ذلك ستحاول بكل الأساليب جر الكرد إلى الحرب، لتدعي للعالم أن الكرد لا يلتزمون بالهدنة، ولا يلتزمون بجغرافية مناطقهم المتفقة عليها، وما حصلت في (كري سبي) تل أبيض، البارحة واليوم وفي أول يوم من أيام الهدنة، ودفعها لداعش وبهذا الحشد الكثيف على مهاجمة القوات الكردية، تثبت هذه الحقيقة، وهي نفس الخباثة التي استخدمتها مع حزب العمال الكردستاني عندما أرادت نقض مسيرة السلام التي كانت جارية بينهم، خلقت المشاكل وجرت الحزب إلى الدفاع عن الذات ومن ثم إلى الحرب، وأعلنت أن ب ك ك خرقت الاتفاقية. عملياً تركيا وسلطة بشار الأسد، في كفتي الميزان، حول المعادلة مع داعش، أو المنظمات التكفيرية، فهما ومن معهما أو ورائهما دعما هذه المنظمة وغيرها، واستفادا منها ومن غيرها، والجميع يتذكر إيصال داعش موظفي القنصلية التركية، الذي احتجزتهم في موصل، إلى الأراضي التركية عن طريق (كري سبي) تل أبيض، في الوقت الذي كانت داعش تذبح كل من يقع في أسرها، ومن هناك بدأت العمليات المشتركة والمصالح المتبادلة، بطريقة أو أخرى، وهم حتى الأن يستخدمونها لغايات، وروسيا أو أمريكا وأدواتهم، بحروبهم على داعش، ودون جدية القضاء عليها أو على النصرة، يدمرون البنية التحتية السورية، والأبشع أنهم يقتلون من السوريين، أكثر بكثير مما يقتلون من المنظمات الإرهابية، وقد جعلوا من سوريا المحرقة التي يجب أن تجتمع على أرضها كل المنظمات الإرهابية، فسوريا ثارت لإسقاط نظام فاسد، استغلتها القوى الإسلامية السياسية لبلوغ مآربها، والتقطتها القوى الإقليمية لتسيير أجنداتها، ووجدتها الدول الكبرى بؤرة مناسبة لإحداث تغيير في العمق الإسلامي السياسي بشكل عام والراديكالي بشكل خاص. فتركيا ستستمر على دعم داعش من جهة وستضربها من جهة أخرى، ومثلها ستفعله روسيا وسلطة بشار الأسد، الأول سيفعلها مادامت القضية الكردية مثارة في الأروقة السياسية والدبلوماسية، والثانية، مادامت هناك معارضة وطنية تطالب بإسقاط النظام أو تغيير السلطة، وبها ستتمكن هي وروسيا إدراج أية منظمة أو حركة سياسية معارضة وطنية ضمن قائمة الإرهابيين، فيما إذا حاولت الاستفادة من الهدنة وقامت بالمسيرات السلمية المناهضة لسلطته كبداية الثورة بدون محاربة المنظمات التكفيرية كداعش والنصرة، أي عمليا ستغير من وجهة الشارع الذي كان يناهضه إلى حرب ليست بحربه. وفي الواقع العملي الهدنة، على الأغلب لن تبلغ مداها الكامل ليستفيد منها السوريون، ونتمنى أن نكون مخطئين في رؤيتنا والتي نرى بأنها ستستمر ناقصة، لتبقى منافذ الولوج من خلالها مفتوحة لهم، وتصبح عملية عودة اللاجئين شبه مستحيلة في هذه الأجواء، والتي ستثيرها تركيا في كل مناسبة سانحة، تحت حجة مساعدة النازحين، للدخول إلى المنطقة الكردية، متناسين الدمار والبنية التحتية الكارثية، وشحة المساعدات الإنسانية، وإن وجدت ستمر من تحت أيدي القوى المسيطرة، وسلطة بشار الأسد. هدنة ترقيعيه، لكنها مع ذلك، أن استمرت فهي أفضل من عدمها، وعلى الأغلب الحل السياسي القادم، والذي إذا صدر من جنيف، سيكون ترقيعياً أيضا وعلى سوية الهدنة، والحالتين لن يكتملان بوجود الأوجه البشعة، بدءً من سلطة بشار الأسد إلى المنظمات التكفيرية، وعبث تركيا وإيران والسعودية بالمنطقة، وسكوت أمريكا وروسيا المبطن. د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected] 28/2/2016
#محمود_عباس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحتمالات في الهدنة السورية
-
هدنة الأمل والنفاق
-
عندما يكون عدوك قوياً وخبيثاً
-
مصير سوريا
-
سوريا بين التجزئة والفيدرالية
-
سوريا منصة الرحمان والشيطان
-
تحريف التحريف
-
مذكراتي
-
أحزاب غربي كردستان
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان - الجزء السادس عشر
-
من صنع أردوغان - 2/2
-
من صنع أردوغان - 1/2
-
بوتين يتناسى الاقتصاد
-
مكانة الكرد ضمن الصراعات الإقليمية
-
غايات طمس التاريخ الكردي- 2/2
-
غايات طمس التاريخ الكردي- 1/2
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الأخير
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الثالث
-
هل الإسلام دينٌ للعرب - الجزء الثاني
-
الإسلام دين العرب - 1/2
المزيد.....
-
مسؤول صحي لـCNN: مقتل عشرات جراء غارة إسرائيلية على مقهى على
...
-
-أقود سيارة كهربائية لأنني فقير-
-
جدل في سوريا بعد حظر الحكومة استيراد السيارات المستعملة
-
الناتو يتحصن خلف -جدار المسيّرات- في مواجهة روسيا
-
القضاء البريطاني يرفض طلبا لوقف تصدير معدات عسكرية إلى إسرائ
...
-
موقع إيطالي: الهند وإسرائيل وستارلينك من يُدير لعبة التجسس ا
...
-
بسبب الجرائم في غزة.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلق عضو
...
-
غينيا تصدّر 48 طنا من البوكسيت في الربع الأول من عام 2025
-
كيف تفاعلت المنصات مع فقدان أوكرانيا مقاتلة جديدة من طراز -إ
...
-
-برادا- تقلد صنادل كولهابوري الهندية.. ومغردون: هذه سرقة ثقا
...
المزيد.....
-
الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
/ زهير الخويلدي
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
المزيد.....
|