أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد أحمد حرب - حوار مع عبد السلام أديب (3)















المزيد.....


حوار مع عبد السلام أديب (3)


أحمد أحمد حرب

الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 00:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حوار مع عبد السلام أديب ( 3 )

الرفيق العزيز عبد السلام أديب، أعتذر لتأخري في التفاعل معك حول ما تفضلت به في الحلقة الاولى من حوارك ، لقد بدلت جهدي لكي أطلع بتريث على مجمل ما جاء في إجابتك حول ستالين لأهمية هذه النقطة بالذات. إن كل الأفكار التي تقدمت بها تحاول أن تصيب هدفا واحدا هو أن النظرية الماركسية اللينينية هي أساسا من إنتاج ماركس انجلز لينين وما ستالين إلا مساهما من موقعه في تطبيق النظرية الماركسية اللينينية على ظروف الاتحاد السوفييتي، ولا أعلم إن أدركت أنك حذفت انجلز لتجد طريقا واسعا لحذف ستالين تحت مبرر الفهم السليم لعلاقة "المضمون بالشكل" والكف عن "الغلو في تشخيص الماركسية" من أجل " وحدة ماركسيين لينينيين مغاربة "، ومع ذلك فأنا لن أنطلق من هذه المقدمات ولن أعتبرها مسلمات وأتهمك بالتحريفي أو التصفوي لأن هذه التسميات لا أتلفظ بها بالسهولة الكافية، مع تأجيل التفاعل مع العنوان الأخير من مقالك حول أهمية تقييم تجربة الاتحاد السوفييتي.

جاء في مقدمة مقالك " إلا أنني أستسمح الرفيق أن أعبر عن وجهة نظري بطريقة قد تختلف عن وجهة نظره في بعض الجوانب ليس من حيث المضمون وانما من حيث الشكل فقط" وأنا لا أتفق معك في هذه الفكرة، فالاختلاف من حيث الشكل يجب بالضرورة أن يكون قد عثر على جذوره في مضمون وجهات النظر حول النقط الفكرية والسياسية موضوع النقاش وهذا ما أبانت عنه كل أفكارك اللاحقة حول الماركسية اللينينية وستالين وماو، فقط كان يجب اتباع نصيحة لينين " فتشوا تجدوا " ليتبين ذلك منذ الفقرة الرابعة حين اعتبرت كل من ينتقد ستالين هو عدو للشيوعية وهذه فكرة خاطئة، لأن ستالين إنسان شيوعي يخطأ ويصيب ويحق لكل مناضل انتقاد ستالين ومعلميه أيضا لكن السؤال المطروح: ما هو المضمون الطبقي لانتقاد ستالين والأهداف المتوخاة منه؟ فالإمبرياليون وخدامهم في الاتحاد السوفييتي انتقدوا ستالين بمرر عبادة الفرد لكن ليزيحوا من طريقهم الماركسية واللينينية وكل ما له علاقة بالقضاء على الطبقات الاجتماعية وهذا ما أبانته خبرة السنوات التي تلت وفاة ستالين، وأقتبس هذه الفقرة الطويلة من انتقاد التحريفيين لستالين الذي ورد في النسخة المحرفة لكتاب موجز تاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي:

"ولقد اتسم بأهمية كبيرة – الحديث عن المؤتمر العشرون - ما قام به الحزب لتوضيح المفهوم الماركسي اللينيني لدور الفرد في التاريخ على نطاق واسع، ولانتقاد عبادة شخص ستالين (...) ان الحزب الشيوعي يرى في نشاط ستالين جانبين، جانبا ايجابيا يقدره الحزب، وجانبا سلبيا ينتقده ويشجبه. عندما كان ستالين الأمين العام للجنة المركزية (وقد انتخب لهذا المنصب في عام 1922)، نفذ الشعب السوفييتي بقيادة الحزب الشيوعي ولجنته المركزية مهمة عملاقة من حيث اهميتها وصعوبتها – فقد بنى اول مجتمع اشتراكي في التاريخ، وحول البلد المتخلف سابقا في الميدان الاقتصادي الى دولة متطورة صناعية طليعية بين دول العالم. وابان الحرب الوطنية العظمى ( 1941-1945 )، اجترح الشعب السوفييتي، بقيادة الحزب، مأثرة خالدو: فقد هزم المانيا الهتلرية وحليفاتها، وذاد عن مكاسب الاشتراكية ومنجزاتها العظيمة، وانقذ البشرة من خطر استعبادها من قبل الفاشية. وبعد الحرب، بعث الشعب السوفييتي، بقيادة الحزب، اقتصاد البلد في اجل قصير وشرع يبني الشيوعية على نطاق واسع. ومع سائر قادة الحزب والدولة السوفييتية، نضال ستالين، كمنظم ونظري كبير، من أجل التحويلات الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، ورأس النضال ضد اعداء اللينينية – التروتسكيين والانتهازيين اليمينيين والقوميين البرجوازيين – وفضح مؤامرات ودسائس التطويق الرأسمالي، وعني بزيادة قدرة البلد السوفييتي الدفاعية. كذلك كانت له افضال كبيرة في تطوير الحركة الشيوعية العالمية والحركة التحررية برمتها. وكل هذا خلق له مكانة كبيرة وشعبية واسعة. ولكن، مع مر الزمن، اخذوا ينسبون الى ستالين جميع الانتصارا التي احرزها الشعب السوفييتي بقيادة الحزب الشيوعي. فنشأت عبادة شخصه تدريجيا. واستعظم ستالين شأن خدماته الشخصية فيما حققه الحزب والشعب السوفييتي كله من نجاحات، وآمن بعصمته عن الخطأ، وطفق يسيء استعمال السلطة. وفي هذا المجال اسهم بقسط كذلك بعض من صفاته الشخصية السلبية. فبدأ يبتعد عن المبادئ اللينينية للقيادة الجماعية ولقواعد الحياة الحزبية. وقد ارتدت الأخطاء التي اقترفها ستالين في المرحلة الاخيرة من حياته طابعا شديد الوطأة بخاصة. فقد وقعت اعمال تحد من الديمقراطية بلا مبرر، ومخالفات فظة للشرعية الاشتراكية، واعمال قمع لا مبرر لها بحق الناس الشرفاء. ان الاخطاء والتشويهات المقترنة بعبادة الفرد قد اضرت بقضية البناء الشيوعي." (الصفحات 412-413) أكتفي بهذا القدر من التشويه الذي طال شخص ستالين والذي اتبع في ذلك مثلا شعبيا مغربي يقول "ضربوا وبكا سبقوا وشكا"، أما الشيوعيين الماركسيين اللينينيين فسينتقدونه من موقع ثوري بناء يسعون عبره قولا وفعلا إلى تقوية وطن الاشتراكية الأول وتوسيع تحالف العمال والفلاحين أمميا وأذكرك بنقاش الرفيق ماو مع ستالين حول المادية الديالكتيكية وبالضبط صراع النقيضين.


كما قلت سابقا فإن فقرات العنوانين الأول والثاني " أصول النظرية الماركسية اللينينية " و " ملاحظات على مستوى المنهج " منذ بدايتها إلى نهايتها تحاول إثبات فكرة واحدة هي ان كل من يركز على الأشخاص الذين ساهموا في إنتاج النظرية الماركسية اللينينية وتغييب الشروط الموضوعية التي أنتجتهم يسقط في ما سميته "شخصنة" هذه النظرية والشخصنة من شأنها أن لا تمكن " كافة الماركسيين اللينينيين من الوحدة والتجمع على أساس أرضية صلبة " هذه الأرضية هي: حتى إذا لم يكن انجلز وستالين فإن ماركس ولينين هما الأساس أو الجوهر أو النواة الصلبة، ومن أجل إثبات هذه الفكرة حاولت إيجاد موقع لها صلب النظرية الماركسية اللينينية، فظهر لي أنك لويت عنق هذا العلم وأخرجت مقولاته من سياقها لكي تتوافق مع فكرة الوحدة المتينة للماركسيين اللينينيين.

إن القول أن أصل النظرية الماركسية هي الأعمال الفلسفية الأولى لكارل ماركس قول يجانب الحقيقة ولا يصيب كبدها. وحتى لو أغمضنا عين وفتحنا الأخرى مراعاة لطبيعة الفكرة إذ أنها تدخل ضمن الأفكار المبدئية القابلة للحل فإن مضمون الحوار يتطلب التدقيق أكثر في كل كلمة على حدة، إذ أن التركيز على ماركس وحده في وضع أسس الاشتراكية العلمية يبقى محاولة ذكية ليصبح انجلز غير ذو أهمية مبالغ فيها في نظر الرفيق أديب وهو ما عبرت عنه بالفعل، وقد سبق أن أشرت في الحلقة الأولى من النقاش إلى الدور الذي اضطلع به انجلز بالعبارات التالية: " ولا يختلف عاقلان مطلعان ولو قليلا على هذا التاريخ أن انجلز كان له دور بارز في هذه المرحلة وكذلك في المراحل الأخرى وكانت له إضافات غزيرة للماركسية بل توصل في وقت متقارب جدا لنفس الخلاصات العامة التي توصل لها ماركس مشيرا الى عامل العبقرية لدى هذا الأخير ولنطلع مثلا على "ضد دوهرينغ" الذي كان أحب الكتب للطبقة العاملة الروسية كما قال لينين و "ديالكتيك الطبيعة" و "الاشتراكية الطوباوية والاشتراكية العلمية" وسنشاهد روعة شرح قوانين الماركسية وتاريخ ظهورها وتحديد الأشكال الخمس لحركة المادة...إلخ حتى أصبح من المستحيل بالنسبة للمؤرخين والمفكرين الماركسيين وغير الماركسيين وعلى رأسهم لينين ذكر ماركس دون انجلز وقد وصفه لينين بأنه ابرز عالم و مرب للبروليتاريا المعاصرة في العالم المتمدن باسره (راجع ف.انجلز حياته وآثاره،لينين) لكنه هو نفسه يدرك أنه لم يكن من اكتشف هذه القوانين وبالتالي لا يمكن تسمية الاشتراكية العلمية بالماركسية الانجلزية، وكما أنه لا وجود لعلم اسمه الفيزياء دون النظريات العلمية المشكلة له، فإن علم الماركسية لا وجود له دون انجلز." فهذا ماركس يقول " ان فريديريك انجلز الذي اخذت اتبادل معه الآراء باستمرار عن طريق الرسائل منذ ظهور ملاحظاته العبقرية في نقد المقولات الاقتصادية ... قد توصل بسبيل آخر الى نفس النتيجة التي توصلت انا اليها...وعندما اقام كذلك في بروكسل في ربيع 1845، قررنا ان نصوغ نظرات"نا" معا - التشديد من عندي - خلافا للنظرات الايديولوجية للفلسفة الالمانية"(مقدمة مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي).

إذن، فلنقارن فحسب ما قلته وما جاء على لسان ماركس نفسه لتجد أن أصل النظرية الماركسية هو ماركس وانجلز معا دون أدنى امكانية للفصل فيما بينهما وهي الحقيقة التي عارضتها حين اعتبرت انجلز فرعا من الأصل الذي هو ماركس.

من المعروف كذلك أن الماركسية علم مبني على ثلاث ركائز أساسية أولها هو المادية الديالكتيكية أو كما يحلو للبعض تسميتها بالفلسفة المادية الديالكتيكية، فهي مادية لأنها تعترف منذ البدء أن العالم يتكون من المادة وأكد فيورباخ عن أسبقيتها في كتابه جوهر المسيحية، والمادة في تعريف لينين هي مقولة فلسفية تشير الى الواقع الموضوعي منعكسا في دماغ الناس ومستقر فيه (الاقتباس من الذاكرة ويمكن إيجاده في العديد من مؤلفات لينين) ونستنتج من تعريف لينين أن المادة لها طابع موضوعي مستقل عن وعينا، إن هذه المادة هي كذلك لأنها في حركة دائمة وفق أسلوب/طريقة/منهج ديالكتيكي (جدلي)، أي تسري وفق القوانين التي اكتشفها هيغل واقتبسها ماركس وطبقها على الواقع المادي الملموس، لهذا هي مادية ديالكتيكية، إن المادة هي في حركة دائمة بفعل حركة التناقضات المشكلة لها وهذا هو مضمون حركة المادة الذي يتخذ في كل مرحلة من مراحل صراع الأضداد نفسه شكلا معينا وهذا قانون طبيعي متحكم في سير وتطور كل أشكال المادة إلى جانب مجموعة أخرى من القوانين الطبيعية المترابطة فيما بينها كالجوهر والظاهر، الخاص والعام... والمسمات في الأدبيات الماركسية بالمقولات الماركسية، أما اكتشاف هذه القوانين فيسمى علم المادية الديالكتيكية، والماركسية حسب هذا التحليل هي علم أسلوب أو طريقة حركة المادة. ثاني ركيزة للماركسية هو الاقتصاد السياسي وهو علم أسلوب حركة المجتمع البشري باعتباره خامس أشكال حركة المادة واعقدها حيث تتفاعل داخله كل الاشكال الاخرى للمادة والمجتمع حسب علم الماركسية يسري وفق قوانين الديالكتيك التي ذكرت صفاتها العامة، بهذا المعنى يكون علم المادية الديالكتيكية هو علم المادية التاريخية في المجتمع حيث أصبح الاقتصاد السياسي علم، وماركس لما حلل المجتمع الرأسمالي توصل الى خلاصة أساسية هي أن صراع التناقضات داخل المجتمع الحالي هو بين طرفين رئيسيين هما الطبقة العاملة والبرجوازية، وعودة الى قانون الشكل والمضمون فان ماركس توصل الى الآتي "... وعندما تبلغ قوى المجتمع المنتجة المادية درجة معينة من تطورها، تدخل في تناقض مع علاقات الانتاج الموجودة او مع علاقات الملكية – وليست هذه سوى التعبير الحقوقي لتلك- التي كانت الى ذلك الحين تتطور ضمنها" (مرجع سابق) يتبين من هنا أن ماركس اكتشف التناقض بين قوى الانتاج (المضمون) التي تعرف تطورا مستمرا وعلاقات الانتاج (الشكل) القائمة على الملكية الخاصة والتي تقيد التطور الدائم لقوى الانتاج، وبالتالي فإن الفلسفة المادية كما أحبب الرفيق أديب تسميتها هي دراسة حركة المجتمع البشري مضمونا وشكلا، جوهرا وظاهرا، خاصا وعاما، ولا يمكن فصل هذه القوانين المترابطة فيما بينها ارتباطا عضويا، وهكذا تفقد الفقرة الثانية من العنوان الاول كل علميتها حين ترى أن الديالكتيك هو شكل حركة المادة وتضع حاجزا وهميا بين المادة والديالكتيك وكأن المادة هي المضمون والمنهج هو الشكل، وقد ترتب على كل ما تطرقت إليه اتهامي أنا وغيري من الماركسيين الذين يعترفون بأن الماركسية علم بــ " شخصنة " الماركسية ولو تطلب الأمر تقويل ماركس ما لم يقله مثل " لكن ماركس حذرنا من شخصنة الأشياء "، إن عبارة ماركس " ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم الاجتماعي بل على العكس من ذلك وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم " ( ماركس انجلز، مختارات في أربع مجلدات المجلد الثاني، مقدمة نقد الاقتصاد السياسي الصفحة 7 ) قد جاءت في سياق غير الذي ذكرته فماركس كان يقدم للقراء الكيفية التي ظهرت بها خلاصته الأساسية مباشرة بعد اصدار كتابه "مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل" حيث يبين أن العلاقات الحقوقية وغيرها لا يمكن فهمها إلا من خلال العلاقات الحياتية المادية للناس أو ما يسميه هيغل المجتمع المدني كما يمكن إيجاد هذه الموضوعة في الأطروحة الثانية من أطروحات حول فيورباخ ويمكن للقراء مراجعة ما أقول في الكتاب والصفحة المذكورة. إذن، لم يذكر ماركس أي كلمة شخصنة ولا حتى أي كلمة قريبة منها ولو قليلا وحتى إذا ما حاولنا استنباط مثل هذا المعنى فلن نستطيع ذلك. إن محاولة حرف المفاهيم الماركسية عن سياقها العلمي لن تؤدي في رأيي المتواضع إلى أي وضوح فكري وسياسي بل على العكس من ذلك ستساهم أكثر في نشر الضبابية الفكرية والسياسية وسنكون بذلك جزء لا يتجزأ من الأحزاب التحريفية والاصلاحية التي تحاول عبثا تذويب المفاهيم الماركسية وحرفها عن مسارها الصحيح لتصبح الثورة والكفاح المسلح والنظرية... مفاهيم مستحيلة الفهم على الجماهير الكادحة وطليعتها فما بالك العمل على تحقيقها. زيادة على ذلك فإن الضباب الكثيف الذي مازال يلف تعريفك للماركسية يمنعك من الرؤية تماما، فإذا ما سلمنا أن المادية الديالكتيكية هي قوانين حركة المادة فكيف يمكن التحكم في القوانين، القوانين تكتشف ويتم السير وفقها أو عكسها وفقط، فلو كان يمكن التحكم فيها لكان بالإمكان إزالتها تماما من الواقع وهذا مستحيل لهذا فعبارتك القائلة أن لينين تحكم في الفلسفة المادية والمنهج الديالكتيكي غير علمية وتحتاج للتدقيق بعض الشيء. تماما كما هي فكرة أن ماركس هو الأصل ولينين هو الفرع، والحقيقة أنني عجزت كل العجز عن إيجاد حل لهذه الفكرة العجيبة التي أطلع عليها لأول مرة.

ليعذرني الرفيق أديب إن قلت ان مجمل ما اعتمدت عليه كمسلمات علمية وصورته انه ينتمي للماركسية واللينينية يوصلك في النهاية حسب منطق الأشياء إلى نتائج خاطئة وتصبح المقولة الشعبية الديالكتيكية "قالو باك طاح ، قالو من الخيمة خرج مايل" منطبقة على كلامك تماما. فقولك أن " الخطر هنا يكمن في شخصنة النظرية الماركسية اللينينية بشكل مفرط بدل منحها طابعا موضوعيا" وقولك ان " النظرية الماركسية اللينينية هي من انتاج هؤلاء المعلمين الثلاثة أساسا انطلاقا من ما أتاحته لهم ظروفهم المادية التاريخية ومعرفتهم العلمية الدقيقة بهذه الظروف، حتى وان لم نقحم اسم انجلز في التسمية، ولم نقحم أيضا اسم ستالين فيها، فالنواة الصلبة أو جوهر الماركسية اللينينية هما ماركس ولينين، أما انجلز وستالين وعلينا أن نضيف أيضا أعمال كل من روزا لوكسمبورغ وماوتسيتونغ لإضافاتها الغنية الحاسمة للنظرية مما يجعلها تشكل مكملات عضوية طبيعية للنظرية الماركسية اللينينية بل امتدادا وتطويرا طبيعيا لها "، يدخل وفقط في نطاق الكلام الديبلوماسي العام خصوصا فور الاطلاع على تعريفك للماركسية اللينينية: " ترتكز الماركسية اللينينية على ثلاث مكونات رئيسية وهي، أولا، الاقتصاد السياسي ثم ثانيا، الاشتراكية العلمية وتعلم الصراع الطبقي ثم ثالثا، المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. ويوجد هذا الجوهر الموضوعي للماركسية اللينينية في صلب الأفكار التي طورها ماركس ولينين على الخصوص، مع إضافات وتفسيرات وتطبيقات باقي الثوريين. فالماركسية اللينينية ليست إيديولوجية دوغمائية جامدة، بل تشكل منظومة توجيهية حية من أجل تفعيل الحركة العمالية. وتكمن القاعدة الخلاقة للماركسية اللينينية في الديالكتيك المادي أساسا ".

1- إن الموضوعية، أي الاعتراف بالواقع كما هو، في اعتقادك هي عكس الشخصنة، لكن ألا تنطوي المطالبة بالحفاظ على موضوعية الماركسية اللينينية على كل الغرابة، فإذا ما ترجمت عبارتك إلى لغة مبسطة سأقول الحفاظ على القوانين الموضوعية/الطبيعية/المادية وإعطائها طابعا موضوعيا/طبيعيا/ماديا/. وهذا غير صحيح علميا لان الماركسية أصلا هي كما قال انجلز عكس الطبيعة كما هي.

2- إن الخطورة تكمن في اعتقادي في اعتبار انجلز وستالين غير ضروريين ومقارنتهما بالرفاق ماو تسي تونغ وروزا لوكسمبورغ، وهنا السؤال المطروح هو: إذا كانت الماركسية دون انجلز هي هي الماركسية فلماذا يا ترى كل معلمي البروليتاريا حتى ماركس والقادة الثوريون في العالم اجمع لا يستطيعون أن يقولوا ماركس دون انجلز، ونفس الشيء ينطبق على ستالين، فماو يركز دائما على ان الماركسية اللينينية هي نظرية ماركس انجلز لينين ستالين ومنظمة إلى الأمام لم ترفع راية لينين وستالين لغبائها بل لأن هذين القائدين هما جزء لا يتجزأ من الماركسية اللينينية ولا يمكن الفصل فيما بين الأربعة إلا إذا كنا نريد حرف الماركسية عن مضمونها الثوري السليم.

3- إن التعريف الذي قدمته للماركسية اللينينية هو في الأصل تعريف للماركسية فحسب وهنا يظهر الخلط بين الماركسية واللينينية، وحتى تعريف الماركسية تتخلله العديد من الفجوات والمفاهيم البعيدة كل البعد عن الماركسية مثل "الجوهر الموضوعي" للماركسية وهو مفهوم يذكرني بآخر مثله هو الجوهر الحي للماركسية لعبد الله الحريف و " المنظومة التوجيهية " و "تفعيل الحركة العمالية "، وفي هذا ابتعاد عن الماركسية وقوانينها، وسأثبت ذلك في الحلقة القادمة إن اضطررت لذلك.

لهذا يبدوا هدفك المبدئي الذي حاولت جاهدا الوصول إليه، أي الوحدة بأي ثمن، باطلا حين تقول " إن الابتعاد عن الغلو في شخصنة الماركسية اللينينية والبحث المتواصل عن جوانبها الموضوعية هو فقط ما يمكنه أن يوحد الماركسيين اللينينيين المغاربة. أما لجوء الكثيرون الى الشخصنة المفرطة للماركسية اللينينية فيشكل نوعا من التصفوية والطائفية المتمحورة حول ذات الزعيم. "، إن هذه العبارة هي خلاصة نهائية منطقية أمنتها المنطلقات النظرية الخاطئة التي اعتمدت عليها.

من يدافع عن ستالين أو أحد معلمي الطبقة العاملة لا يشخصن بالضرورة الماركسية اللينينية ويسعى بالتالي إلى " تمزيق وتشتيت وحدة الحركة العمالية وضرب تماسكها بسبب صراعات إيديولوجية جانبية " كما جاء على لسان الرفيق أديب ، فانجلز لما دافع عن ماركس كمؤسس للاشتراكية العلمية وأكد أنه لا وجود لخصم شخصي لدى ماركس بل على العكس له خصوم كثر على المستوى الفكري والسياسي وأن الفجوة التي تركتها وفاته ستظهر عما قريب لم يكن يشخصن ماركس أو يمركز النظرية حول ذات الزعيم ماركس، ولينين لما دافع عن ماركس وانجلز في مواجهة التحريفيين الأوائل كبقايا الهيجليين الشباب والبرودونيين والباكونينيين وغيرهم لم يكن يشخصن ماركس وانجلز مؤكدا أن الماركسية لم ترسخ مواقعها دفعة واحدة بل بنضال حاد وشاق وبني الحزب البلشفي وفق خلاصات هذا النضال ولم يكن لينين تصفويا أو يمركز النظرية حول ذات الزعيمين ماركس وانجلز، وستالين حين دافع عن لينين وخاض إلى جانب رفاق الحزب -قيادات وأعضاء- صراعا ضاريا من أجل تثبيت اللينينية ودحض تحريفية وتصفوية المناشفة والتكتليين والتروتسكيين لم يكن يشخصن لينين وحافظ على قوة ووحدة الحزب وجسد بكل تفاني التعاليم اللينينية (راجع قسم الرفيق ستالين المنشور على موقعي بالحوار المتمدن) ، وماو حين دافع عن ستالين ضد العملاء التحريفيين الجدد الخروتشوفيين وغيرهم مؤكدا سلامة رؤية ستالين للحرب والسلام والقوانين الجديدة للاشتراكية التي انكب الحزب الشيوعي الصيني على دراستها لم يكن يشخصن ستالين وأنجح الثورة الثقافية في الصين وفق تعاليم ماركس انجلز لينين ستالين، والماركسيين اللينينيين حين دافعوا عن ماو ضد التحريفيين الماويين وأكدوا على أن ماو ساهم وأغنى الماركسية اللينينية في مستوى اعتباره معلما للطبقة العاملة لم يشخصنوا ماو بل حاولوا الحفاظ على نقاء الأسس العامة للحركة الماركسية اللينينية العالمية وهذا هو المغزى التاريخي للدفاع عن معلمي الطبقة العاملة وعلى رأسهم ستالين، وبناء الحزب الثوري الماركسي اللينيني اعتمادا على مبادئ هذه التعاليم وهذا الخط العام.

أشير في الأخير أننا نحن الشيوعيون الماركسيون اللينينيون، عادة ما نكون عنيدين في كل الأمور من أبسطها إلى أعقدها، حتى أن القارئ والمتتبع البسيط لهذه النقاشات سيخيل له أننا مشاكسون نتصارع و "نتشاجر" على لا شيء، على أمور شكلية بحثة وسيوجه لنا دعوة فيها الكثير من الجدية "هيا اتحدوا أولا ثم تشاجروا ثانيا ما دام الشجار شيء حسن وحبيس بعض الأمور السطحية" والحقيقة أن في كلام هذا المتتبع العزيز شيء من الصواب لكنه يبقى أحادي الجانب، ففي معرض حديثه عن الصراعات السياسية داخل الحزب البلشفي والاحزاب الشيوعية أشار جوزيف ستالين إلى الأهمية العلمية التي يضطلع بها النقاش الفكري والسياسي في تطوير الحزب وأشار إلى منطلقاته الموضوعية الضاربة في قلب صراع الطبقات، لكنه رسم في نفس الوقت الحدود الممكنة لهذه النقاشات فأبان الفرق الجوهري بين الاختلافات والتناقضات المبدئية التي من الممكن التغلب عليها في مجرى النضال الطبقي للجماهير الكادحة كمسائل السياسة المعمول بها داخل الحزب والمسائل ذات الطابع العملي وبين الاختلافات حول المبادئ التي لا يمكن التساهل معها أو البحث عن خط "وسط" لحلها، هذا الخط الوسط هو خط الأحزاب والمنظمات الذابلة والمتقهقرة السارية نحو نهايتها المنطقية أي البيروقراطية والفراغ والتعفن والانعزال عن الجماهير الكادحة واحتقار الجماهير ونبد الثورة، وهذا ما أكدته تجربة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا الذي حول مؤتمراته إلى اجتماعات عرض الايجابيات وطمس الاختلافات فتوقف عن التفكير نهائيا ومات، وكذلك دروس الصراع الحزبي داخل الحزب البلشفي منذ المؤتمر الثاني مع ظهور المناشفة والبلاشفة مرورا بالانشقاق الكلي في المؤتمر الثالث وعبر لينين عن هذا الواقع بعبارته " مؤتمران حزبان " وصولا إلى المراحل اللاحقة من حياة الحزب بعد هزيمة ثورة 1905 وصراع 1907 مع مجموعة بوغدانوف ومرحلة إعادة بناء الحزب سنوات 1911-1912 وغيرها، وليعذرني الرفيق أديب إن قلت له إن مسألة ستالين بالنسبة لماركسي مثلي هي مسألة مبدأ، إن طريق الخط الوسط أو الخط المبدئي ليست طريقي ولا طريق أمثالي، لأن تاريخ نضال الشعوب المضطهدة ومن ضمنه تاريخ شعبنا المغربي أثبت دون شك أن المسألة لا تكمن في الوحدة الشكلية، الفوقية بل في استناد هذه الوحدة على أساس مبدئي.
إن أول خطوة يمكن أن يخطوها الشيوعيون المغاربة في طريق إيجاد هذا الأساس المبدئي لوحدة الماركسيين اللينينيين هي العمل على إعطاء المفاهيم الماركسية اللينينية مضمونها الحقيقي الثوري المبدئي والنضال الدؤوب الشاق ضد كل المفاهيم التحريفية التي تغلغلت في عقول وقلوب الشعب الكادح ومناضليه، وبدون إنجاز هذه المهمة لا يمكن بأي شكل من الأشكال السير في طريق بناء الحزب الثوري المغربي السري الماركسي اللينيني.

يتبع

أحمد أحمد حرب
08-04-2016



#أحمد_أحمد_حرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع عبد السلام أديب (2)
- حوار مع عبد السلام أديب (1)
- جواب على تعليق بصدد قسم الرفيق ستالين
- خطاب الرفيق جورج حبش في زيارته للشعب الصحراوي الشقيق سنة 197 ...
- على هامش تخليد الذكرى الثانية لاغتيال أحمد بنعمار
- قسَم الرفيق ستالين
- مجموعة من التقدميين المغاربة - الصراع الطبقي في المغرب
- ملاحظات حول كتاب الصراع الطبقي في المغرب
- الشهيد أحمد بنعمار: أهم الاحداث السياسية بالمغرب بعد الاستقل ...
- الحزب البلشفي وحركة التحرر الوطني
- الندوة الصحافية حول المؤتمر 15 وأعضاء اللجنة التنفيذية الجدي ...
- ملتمسات التضامن مع حركات التحرر الوطني - وثائق المؤتمر الوطن ...
- ملتمس حول الرجال الزرق - وثائق المؤتمر الوطني 15 لأوطم المنع ...
- ملتمسات التضامن مع المنظمات الطلابية الشقيقة والصديقة - وثائ ...
- بيان حول الوضع العربي - وثائق المؤتمر الوطني 15 لأوطم المنعق ...
- ملتمس حول المعتقلين الفلسطينيين بالمغرب - وثائق المؤتمر الوط ...
- رسالة من المؤتمر الى كل المناضلين المعتقلين السياسيين - وثائ ...
- مقرر لجنة الثقافة - وثائق المؤتمر الوطني 15 لأوطم المنعقد با ...
- قرار المؤتمر حول اللجنة التنفيذية والادارية والمهمات التي وك ...
- بيان حول الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في ظل القيادة السابقة(ن ...


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد أحمد حرب - حوار مع عبد السلام أديب (3)