أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا القنبر - عندما يخذل الشّتاء الأطفال














المزيد.....

عندما يخذل الشّتاء الأطفال


رنا القنبر

الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


رنا القنبر
عندما يخذل الشّتاء الأطفال
الياسمين يحاور مواسم الصّقيع والحزن مجدّدا، ينادي الفرح ولا يستقيل حتى بعد سقوطه على أعتاب جراحه، إنّه الفلسطينيّ المعذّب وذاكرة أطفال ما لبثوا أن كانوا أطفالا، حتى كبروا مع أنين الثكالى والمقهورين، مع صرخات وطن مبتورة أطرافه، كما قالوا الكتابة تنشأ من الفقدان، نعم فقدنا ما نحبّ ومن نحبّ في ظلّ معركة غير عادلة، أبطالها أطفال كبروا وتجرّعوا الحسرات تلو الحسرات، الطفلة شهد محمد تحاور كلّ ما هو مقيم داخلنا نحن الفلسطينيين، كتبت المتوقّع والهواجس التي لازالت تعترينا كلما رأيناهم في بدلاتهم الخضراء، الماء و"الأكامول" مسكّنات لآلام الأسرى، ومسكّناتنا نحن الانتظار والأمل فجمعينا أسرى، أسرى جراحنا وذكرياتنا، والسّجان نفسه عدوّ لا يفهم سوى لغة الدّم، والتّعذيب، والحرمان.
بدأت معانات الطفلة ياسمين وهي في السّابعة من عمرها بعد اقتحام منزلها واعتقال أخيها الكبير حسام، بعد أن كان مطاردا، وبعيونها التي تتربّص كلّ ما يدور حولها دوّنت ما حدث ذلك اليوم الشّتائي الحزين، الأسلحة والقنابل والدّمى المهشّمة حصيدة ما تبقى من ذاكرة، فارث الطفولة لم يسلم من الأيادي حاقدة، فتقوم ياسمين بمحاولة اصلاح الدّمى التي اشتراها لها حسام، وتكبر ولا زالت دمى الطفولة مهشّمة وأصوات حقدهم تدور وتدور في رأسها . فتضعنا الكاتبة أمام التّأثير النّفسيّ وأبعاده على الطفل الفلسطينيّ، والمشاهد الذي يراها يوميّا وكلّ هذا كفيل بأن يزعزع أمنه واستقراره النّفسيّ، فالطفل الفلسطينيّ يتجرّع منذ صغره كأس المعاناة ومرارة الواقع الأليم .
نقلت إلينا معاناة الأسرى في سجون الاحتلال ومعاناة ذويهم في الزيارات والانتظار، وهنا تمنّيت لو أشارت الكاتبة إلى ما يحدث داخل السّجون على لسان حسام، ولو بنبذة صغيرة تنقل إلينا واقعهم المرير، خصوصا وأنّ القصة تسلّط الضّوء عليهم، من خلال حكاية أسير اعتقل لمدّة أحد عشر عاما ..ولكن القصة مكتملة بجميع عناصرها والسرد جميل وسلس، تحدّثت الكاتبة عن معاناة أمّ الأسير المريضة، والتي ربّما تموت في أيّ لحظة دون أن ترى فلذة كبدها، وذلك يحدث كثيرا، وأحيانا العكس حيث يموت الأسير داخل السّجون قبل أن يرى والدته وتراه، استطاعت شهد أن تحاور جلادها بالأمل وتتمرّد على واقعها بالفرح، فالأعراس الفلسطينيّة في ظلّ الاحتلال والأسر هي رسالة تحدٍ، فالفرح والزغاريد لا يمكنهما مغادرة البيت الفلسطينيّ، فتضعنا الكاتبة أمام الفلسطينيّ المحبّ للحياة، ويمارس حياته الطبيعيّة رغم الظروف والمحن .
الكتب والحوارات الأدبية ومواصلة حسام الأسير المحرّر لتعليمه الجامعي، رغم تجاربه القاسية هي لفتة جميلة من الكاتبة، فأظهرت الصّورة الايجابية للشّباب الفلسطينيّ الواعي والمثقّف. وصورة الأخ المحبّ الذي يفرح لفرح أخيه بل وأكثر رغم معاناته في الأسر،ولم تنس الكاتبة الاستعانة بالحكاية الشعبيّة والحديث عن أجواء العائلة والمشاكسات وروح الدّعابة في البيت الفلسطينيّ .
الشّتاء وخذلانه والحزن والفرح والسّعادة التي لا تكتمل، وولادتها مجدّدا من رحم الأحزان والمآسي، فالأرض لا زالت تنجب، بهذا لخصت الكاتبة أحداث قصّتها الصّغيرة .
لم تكن النّهاية كما توقّعت، ولكن لكي أكون منصفة لجيل الكاتبة الصّغير سأقول: "من لم يمت بالسّيف مات بغيره" مع أنّني تمنّيت أن تكون النّهاية أجمل من ذلك .
أودّ التّنبيه لعبارة ذكرت بالقصة وهي كلمة "معبر" الأفضل لو قالت حاجزا، فالحاجز هي الكلمة الصحيحة، وهي تعبّر عن قساوة ما صنعه الاحتلال، فهناك تجتجز أحلامنا، وهناك ضاقت بنا السّبل.
وأخيرا أن تكتب طفلة بهذا العمر قصّة جميلة من حيث السّرد والمضمون، وعناصرها المكتملة، فهذا يعني أنّنا أمام جيل يعي تماما كلّ ما يدور حوله، جيل يعرف الشّكل الآخر للمقاومة، جيل القلم والفكر.



#رنا_القنبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الأنا والآخر في الرواية الفلسطينية- في ندوة اليوم السابع
- كتاب يوميات كاتب يدعى -x - في ندوة اليوم السابع
- يوميات كاتب يدعى X والعالم الافتراضي
- رواية -بورسلان- في اليوم السابع
- رواية بورسلان وفلسفة السياسة
- اليوم السابع تحيي ذكرى سلمان ناطور
- كرمة خولة سالم في اليوم السابع
- رواية البلاد العجيبة وعدالة حكم النساء


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رنا القنبر - عندما يخذل الشّتاء الأطفال